هجص مالك فى سهولة دخول الجنة


أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن - العدد: 5287 - 2016 / 9 / 17 - 23:25
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

كعادته ـ سابقا فى الهجص ـ نجد من أحاديث مالك ما يجعل دخول الجنة متاحا لمن يقول بضع كلمات أو من يقرأ بعض السور من القرآن . ونعطى أمثلة :
1 ـ ( وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ، مَوْلَى آلِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ أَقْبَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَمِعَ رَجُلاً يَقْرَأُ ‏{‏قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ‏}‏ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏"‏ وَجَبَتْ ‏"‏ ‏.‏ فَسَأَلْتُهُ مَاذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ ‏"‏ الْجَنَّةُ ‏"‏ ‏.‏ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَأَرَدْتُ أَنْ أَذْهَبَ إِلَيْهِ فَأُبَشِّرَهُ ثُمَّ فَرِقْتُ أَنْ يَفُوتَنِي الْغَدَاءُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَآثَرْتُ الْغَدَاءَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ ذَهَبْتُ إِلَى الرَّجُلِ فَوَجَدْتُهُ قَدْ ذَهَبَ ‏.‏ ). هنا هجص يفيد بأن رجلا ـ مجهولا ـ قد وجبت له الجنة لمجرد انه قرأ ( قل هو الله أحد ).
2 ـ ( وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ ‏{‏قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ‏}‏ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ وَأَنَّ ‏{‏تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ‏}‏ تُجَادِلُ عَنْ صَاحِبِهَا ‏.‏ ). هنا الأخ حميد بن عبد الرحمن بن عوف يقرر أن (قل هو الله أحد ) تعدل ثلث القرآن ، وأن سورة تبارك ستدافع عن صاحبها يوم الحساب .الأخ (حميد ) يتحدث عن رب العزة فى غيب الآخرة ، ومع ذلك فإن المواشى حتى الآن تصدق هذا الهجص.
3 ـ ( حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُمَىٍّ، مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ‏"‏ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلاَّ أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ‏"‏ ‏.‏ ) ( وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُمَىٍّ، مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ‏"‏ مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ عَنْهُ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ ‏"‏ ‏.‏ ) هذه روايات هجصية ترتب الأجر الكبير على مجرد كلمات ، اى يمكن لأى ظالم مستبد طاغية أن يقولها ثم يواصل طغيانه وهو مغفور له .
4 ـ ويتكرر نفس الهجص نقلا عن أبى هريرة نفسه : ( وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، مَوْلَى سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ مَنْ سَبَّحَ دُبُرَ كُلِّ صَلاَةٍ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ وَكَبَّرَ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ وَحَمِدَ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ وَخَتَمَ الْمِائَةَ بِلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ غُفِرَتْ ذُنُوبُهُ وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ ‏"‏ ). هذا الهجص من أبى هريرة نفسه . هو الذى قرّر أن من قال هذه العبارات فقد غفر الله جل وعلا له مهما بلغت ذنوبه . الأخ أبو هريرة جعل نفسه متحدثا عن رب العزة .! وكفى بهذا إثما مبينا .!!.
5 ـ ( حَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ‏"‏ إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ مَلَكَيْنِ فَقَالَ انْظُرَا مَاذَا يَقُولُ لِعُوَّادِهِ ‏.‏ فَإِنْ هُوَ - إِذَا جَاءُوهُ - حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ رَفَعَا ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ - وَهُوَ أَعْلَمُ - فَيَقُولُ لِعَبْدِي عَلَىَّ إِنْ تَوَفَّيْتُهُ أَنْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ وَإِنْ أَنَا شَفَيْتُهُ أَنْ أُبْدِلَ لَهُ لَحْمًا خَيْرًا مِنْ لَحْمِهِ وَدَمًا خَيْرًا مِنْ دَمِهِ وَأَنْ أُكَفِّرَ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ ‏"‏ ). عطاء بن يسار من التابعين ،جىء به طفلا من السبى ، ولم ير النبى محمدا عليه السلام حتى يروى عنه . وطبقا لهذا الهجص فإن المريض إذا قال هذا الكلام فمات دخل الجنة . وإن عاش فهو مغفور له . وعلى رأى أوبريت الليلة الكبيرة من تأليف صلاح جاهين ( دى وصفة هايلة ). وبشرى لكل مجرمى وطُغاة العالم . مجرد كلمات ومصيركم الجنة .!
6 ـ. ( حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ بِلاَلِ بْنِ الْحَارِثِ الْمُزَنِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ‏"‏ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ مَا كَانَ يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ يَكْتُبُ اللَّهُ لَهُ بِهَا رِضْوَانَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلَمِةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ مَا كَانَ يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ يَكْتُبُ اللَّهُ لَهُ بِهَا سَخَطَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ ‏"‏ ‏.‏ ). فى هذا الهجص فإذا قلت كلمة يرضى عنها الله جل وعلا فستدخل بها الجنة مهما أجرمت، ولو قلت كلمة تغضب الله جل وعلا فستدخل النار مهما عملت من الصالحات.

7 ـ : ( وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يُلْقِي لَهَا بَالاً يَهْوِي بِهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلَمَةِ مَا يُلْقِي لَهَا بَالاً يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا فِي الْجَنَّةِ . ) وكالعادة فإن أبا هريرة هو الذى يقرر هذا متحدثا عن رب العزة فى هذا الهجص المالكى .
8 ـ على سُنّة مالك تنافست مصانع الأحاديث بعده فى تبشير الناس بالجنة بمجرد شهادة أن ( لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ) وبمجرد أن يكون فى قلبه ذرة من إيمان ، وحتى وإن زنا وإن سرق رغم أنف أبى ذر ..! بإختصار : الجنة مجانا ومن حق ( المسلمين ) مهما أجرموا ومهما ظلموا . ثم شفاعة النبى ، وقد جعلوه مالكا ليوم الدين .! ..
9 ـ هذا هجص يتناقض مع الاسلام والقرآن الكريم . ونعطى لمحة عن أصحاب الجنة وهم الذين آمنوا وعملوا الصالحات :( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (82) البقرة )
أولا :
1 ـ تكرر كثيرا فى القرآن الكريم ربط الايمان بالعمل الصالح ، بمعنى أن الايمان الصحيح يقترن به عمل صالح ، فيستحق الجنة من يموت وقد آمن وعمل صالحا . أى يستمر طيلة حياته مؤمنا مُداوما على عمل الصالحات الى أن يموت . وعمل الصالحات يشمل العبادات والأخلاق العالية والتمسك بالقيم الاسلامية من العدل والاحسان وعمل الخيرات ، والابتعاد عن الظلم ، والتوبة أولا بأول الى أن يموت متقيا ربه جل وعلا .
2 ـ العمل الصالح وحده لا يكفى ، إذ لا بد من أن يصدر عن إيمان خالص بالله جل وعلا وحده وباليوم الاخر . من البشر من لا يؤمن إلا بالدنيا لا يريد غيرها ، ولكن يعمل الصالحات . هذا يجزيه رب العزة خير الجزاء فى الدنيا التى يؤثرها ، ولكن لا جزاء له فى الآخرة إلا النار ، لأن الله جل وعلا سيحبط عمله الصالح يوم القيامة ، يقول جل وعلا : ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ (15) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (16) هود ).
3 ـ وفى نفس الوقت فإن الايمان وحده لا يكفى، فليس كل المؤمنين مفلحين طبقا لأوائل سورة(المؤمنون ) فالمفلحون هم الذين يخشعون فى صلاتهم ويقيمون الصلاة يحافظون عليها تقوى فى تعاملهم مع الناس .
4 ـ ولا بد فى الايمان أن يخلو تماما من تقديس البشر . مثلا : ليس الايمان بشخص (محمد )، ولكن بالقرآن الذى نزل على محمد : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (2) محمد).أى الايمان بالرسالة ، وهذا هو معنى الايمان بالله ورسوله .
5 ـ الذين آمنوا وعملوا الصالحات ليسوا ظالمين لأن الله جل وعلا لا يحب الظالمين : ( وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (57) آل عمران ).
الذى يأتى يوم القيامة مجرما فمصيره جهنم ، ومن يأتى يوم القيامة مؤمنا قد عمل الصالحات فمثواه الجنة : ( إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا (74) وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ الدَّرَجَاتُ الْعُلا (75) جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى (76) طه ) .
خاب يوم القيامة من حمل ظلما ، وأفلح من يأتى يوم القيامة وهو مؤمن قد عمل الصالحات : ( وَعَنَتْ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً (111) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنْ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً (112) طه )
6 ـ الاستمرارية فى عمل الصالحات هى التى تؤهل المؤمن لدخول الجنة ، يقول جل وعلا : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ (9) العنكبوت ) . لقد عملوا الصالحات مع إيمان مخلص بالله جل وعلا فأصبحوا ( صالحين ) للجنة . أى إستحقوا الجنة بما كانوا يعملون من الصالحات طيلة حياتهم الدنيا :( أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلاً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (19) السجدة ). ويقال لهم وهم فى الجنة : (وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمْ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (43) الاعراف ) بينما يقال لأصحاب النار : ( فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ (39) الاعراف )، فأصحاب النار يتعذبون بأعمالهم السيئة ، وما ظلمهم الله جل وعلا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ، لذا فإن من إهتدى فلنفسه ، ومن ضل فعلى نفسه . والضالون يأتون يوم القيامة يحملون اوزارهم على ظهروهم ليتم تعذيبهم بها ( قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ (31) الانعام ) .
7 ـ الاستمرارية تعنى أن يظل المؤمن متمسكا بإيمانه الخالص وعمله الصالح حتى الموت ، فيموت مؤمنا قد عمل الصالحات ، وتكون شهادته عند الموت أنه مات مسلما حقيقيا ، لذا يدعو المؤمن ربه جل وعلا بحُسن الختام : (رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ (193) آل عمران) (رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ (126 ) الاعراف ) (أَنْتَ وَلِيِّ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101) يوسف )
8 ـ بهذا سيكون المؤمنون الصالحون يوم القيامة محسنين قريبين من رحمة الله وبعيدين عن ناره ، يقول جل وعلا : ( إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنْ الْمُحْسِنِينَ (56) الاعراف ) . وبقدر أعمالهم الصالحة وإيمانهم الخالص يكون قُربهم من الدنيا ، فالدرجة العليا من أصحاب الجنة هى للسابقين فى الايمان والعمل وهم المقربون من الرحمن جل وعلا ، ثم يليهم أصحاب اليمين : ( فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (8) وَأَصْحَابُ الْمَشْئَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْئَمَةِ (9) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) الواقعة ). أما أصحاب النار فسيكونون محجوبين عن رب العزة ، فقد صدأت نفوسهم وإسودت من العصيان ، يقول جل وعلا : ( كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14) كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُوا الْجَحِيمِ (16) المطففين ).
9 ـ وبهذا فيمكن لأى إنسان أن يقرر دخول الجنة ، فيعمل لها صالحا وهو مؤمن ،ويظل على هذا حتى لحظة الاحتضار . والله جل وعلا قد وعد الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالجنة، ووعده حق : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ (8) خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ اللَّهِ حَقّاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (9) لقمان ). والله جل وعلا لا يخلف الوعد ولا يخلف الميعاد .
10ـ وبالتالى لا يستوى اصحاب الجنة واصحاب النار، يقول جل وعلا : ( أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (28) ص ) ( أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (21) الجاثية ) .
غير أن اصحاب الديانات الأرضية يصنعون أحاديث تجعل دخول الجنة مجانا أو بمجرد كلمات أو بعض عبادات يقولها المجرمون العثصاة ، ويتناسون أن الجنة تستلزم إيمانا حقيقيا مخلصا وعملا صالحا يؤهل لدخول الجنة .
أخيرا
1 ـ ليس الأمر بالأمانى بدخول الجنة بلا إيمان وبلا عمل لها ، فمن يعمل سوءا يُجز به ، ومن يعمل صالحا وهو مؤمن من ذكر أو إنثى يجد الجنة فى إنتظاره .
2 ـ إن من وسائل الشيطان أنه يقرن الآضلال بالتمنى ،فيكون الضال مملوءا بآمال دخول الجنة ، وهذا ما أعلنه الشيطان فى خطته للإيقاع بأبناء آدم،، قال : (وَلأضِلَّنَّهُمْ وَلأمَنِّيَنَّهُمْ ) وقال جل وعلا عن خداعه لأتباعه بالوعود والأمانى : ( يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمْ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً (120) النساء ) وقال جل وعلا عن مصيرهم الحتمى ( أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصاً (121) النساء ) وقال جل وعلا عن الذين آمنوا وعملوا الصالحات ولم ينخدعوا بوعود الشيطان وأُمنياته : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَار خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً وَعْدَ اللَّهِ حَقّاً وَمَنْ أَصْدَقُ مِنْ اللَّهِ قِيلاً (122) النساء ) أى هو وعد الله جل وعلا ، ومن اصدق منه جل وعلا قولا ؟!! . ثم يقول جل وعلا يحذر المؤمنين من الأمنيات الكاذبة : ( لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً (123) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنْ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً (124) النساء ).
3 ـ ويوم القيامة سيتبرأ الشيطان من اتباعه وهو معهم فى جهنم : (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلاَّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (22) ابراهيم )
4 ـ علينا أن نتذكر تحذير رب العزة لنا : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (33) لقمان )
5 ـ هل قرأ أئمة الأديان الأرضية هذا القرآن ؟
وهل كانوا يؤمنون بهذا القرآن أصلا ؟