التكفير .. للمرة الأخيرة


أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن - العدد: 5275 - 2016 / 9 / 4 - 23:38
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

التكفير .. للمرة الأخيرة
مقدمة :
1 ـ برغم كثرة ما كتبت عن ( التكفير ) فلا تزال الأسئلة فى نفس الموضوع تأتى ، ولقد مللت من كثرة الرجاء بأن يقرأ الأحبة ما سبق لى كتابيته ليجدوا الاجابة ، وحتى يوفروا وقتى وجهدى . ولكن ـ ربما بسبب كثرة المقالات والأبحاث والفتاوى والكتب ـ قد يجدون مشقة . ولهذا أضطر الى إعادة الكتابة للتذكير . وأكتب فى موضوع التكفير للمرة الأخيرة ، وقد جاءتنى فيه أسئلة كثيرة منها :
1 ـ ( أنت تسارع بالتكفير لمن يخالف معتقدات أهل القرآن ، ما هو الفارق بينكم وبين التكفيرين مثل داعش ؟ )
2 ـ : ( هناك من يسأل ماهو مصير السنة والشيعة والصوفية الذين لم يسمعوا عن فكر القرآنيين؟ هل يعقل بأن نسمي سني او شيعي ملتزم بدينة بأنه مشرك؟ لانه يذكر محمد وال محمد في التشهد والاذان مثلاً؟ )
3 ـ ( هل يجوز للمسلم أن يكفّر شخصا ما بعينه بسبب الخلاف العقيدى بينهما؟ . أقول هذا لأن صديقى مريد صوفى يتمسح بأعتاب الأضرحة و مغرم بالذهاب للموالد ، ويعتقد فى كرامات شيخه و شفاعته يوم القيامة . وقد نصحته ووعظته فاتهمنى بالكفر، واتهمته أنا أيضا بالكفر. وقد قرأت لك أن المسلم هو المسالم ، وصديقى هذا رجل مسالم فهو مسلم حسب قولك فى الاسلام الظاهرى السلوكى ،ولكن عقيدته فى تقديس البشر و الحجر لا تحتمل. وخصوصا فى حواراته معى ..فهل يجوز لى تكفيره فقد مللت منه ..)
وأقول :
أولا :
1 ـ التكفير للآخر أساس فى كل الأديان الأرضية والدين الالهى الحق أيضا . اليهودية تكفر المسيحية وأديان ( المسلمين )، والأديان المسيحية يكفر بعضها ، وكلها تكفر المسلمين ، والمسلمون يكفرون (غير المسلمين ) والسنيون يكفرون الشيعة، والشيعة يكفرون السنيين ، وكذلك الصوفية مع غيرهم . كل فريق يرى نفسه محتكرا الحق ، ويتهم الآخر بالكفر .
2 ـ داخل هذا التكفير المتبادل ـ فى الأديان الأرضية الكهنوتية ـ تتفاوت درجة التكفير . الصوفية والبروتستانتية أقل حدة فى التكفير ، بينما ترى الكاثولوكية ( فى العصور الوسطى ) والسنيين (حتى الآن ) يبالغون فى التكفير ويبالغون فى معاقبة من يخرج عن ملتهم بالقتل بتهمة ( الهرطقة فى الكاثولوكية ) وبتهمة ( الردة والزندقة فى الدين السنى ). والشيعة وهم خارج السلطة لا ينفذون عقوبة الردة ، وفى وصولهم للحكم ينفذونها ، كما يحدث الآن فى ايران ، وهم الذين حكموا بقتل سلمان رشدى . القبطية ( الارثوذكسية ) تعاقب المرتد بالتعذيب داخل الأديرة . السبب أن الكهنوت فى كل دين أرضى يتاجر بدينه الأرضى ويحتكر لنفسه الحقيقة المطلقة ، ويمقت من يخرج عن طاعته وسلطانه ، وحفاظا على سلطانه لا بد من التخويف والعقاب حتى يظل الناس مستعبدين له .
3 ـ ليس هذا فى الاسلام الدين الالهى الذى لا كهنوت فيه ، والذى تككون فيه العلاقة مباشرة بين الفرد وخالقه جل وعلا بلا واسطة ، وهو إن إهتدى فلنفسه وإن ضلّ فعلى نفسه . فى الاسلام تكفير ، ولكن مع إختلاف محورى عن تكفير الكهنوت. انه تكفير لصفات ( الذين كفروا ـ الذين اشركوا ، الكافرون ، الفاسقون ، المجرمون ..الخ ) وهذا فى إطار الدعوة الى الاصلاح ، مع التمسك بقاعدة أنه لا إكراه فى الدين ومرجعية الحكم الى رب العزة جل وعلا يوم الدين.
ولأنها دعوة للإصلاح ترى فى القرآن الكريم شيوع ألفاظ الكفر وملحقاته فى القرآن الكريم وعقوبتهم فى الجحيم ، وهذا بالتوازى مع شيوع صفات المؤمنين المتقين والنعيم الذى ينتظرهم فى الجنة . وتبشير هؤلاء وهؤلاء بالجحيم أو بالنعيم . ولأن رب العزة يخاطب بالقرآن البشر فى حياتهم فهى دعوة للإصلاح فى كل زمان ومكان ، ألا يفعلوا صفات الكفر وأن يتوبوا حتى لا يدخلوا الجحيم ، وأن يتمسكوا بصفات الذين آمنوا وعملوا الصالحات حتى يتحقق فيهم وعد الله جل وعلا بدخول الجنة . بل إن الدعوة لنبذ الكفر / الشرك تسبق الدعوة للإيمان ، أو تعزز الدعوة بالايمان برب العزة الخالق جل وعلا وحده ، يقول جل وعلا : ( فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256) البقرة )، فالمؤمن يبدأ بالكفر بالطاغوت. والطاغوت هو مقولات وأحاديث التقديس للمخلوقات التى يعبدها البشر سواء كانت من الأنبياء والأولياء والأئمة والأحبار والرهبان ، وبالكفر بالطاغوت يتحق الايمان برب العزة جل وعلا إلاها لا إله غيره. بل إن شهادة الاسلام الوحيدة ( لا إله إلا الله ) تبدأ بالكفر بكل الآلهة ( لا إله ) وتأكيد الالوهية لرب العزة جل وعلا وحده ( إلا الله ) .
4 ـ ونحن أهل القرآن نتمسك بهذا الهدى القرآنى فى دعوتنا فى الاصلاح السلمى :
4 / 1 : بالنسبة للأحياء نعرض صفات الكفر/ الشرك ( السلوكى ) ، ونراها تنطبق على الارهابيين الذين يقتلون الأبرياء عشوائيا ، وعلى المستبدين الذين يحكمون بمنطق ( إما أن نحكمكم وإما أن نقتلكم ) وعلى دُعاة الارهاب الذين يخدعون الشباب بالأحاديث على الأجرام الارهابى ، والذين يستخدمون دين رب العزة وسيلة للوصول الى السلطة وحُطام الدنيا ، من الشيوخ و السياسيين .
نستشهد بالقرآن الكريم ونطبق آياته الكريمة على هذه الأفعال والأقوال أملا فى أن يتوب الأشخاص ممن يقع فى هذه الأفعال وهذه الأقوال ، وأملا فى تبرئة الاسلام العظيم من التشويه الذى ألحقه به أولئك الارهابيون وشيوخهم .
4 / 2 : بالنسبة للموتى من الشخصيات التاريخية كالخلفاء ( الراشدين ) والصحابة ، نحن لا نعرف عنهم إلا من خلال التاريخ المكتوب عنهم ، والذى كتبه من يؤمنون بهم ، وبه تحولت هذه الشخصيات التاريخية الى جزء أصيل فى معتقدات أصحاب الديانات الأرضية ( السنة / الشيعة / التصوف ) . نحن نبحثهم تاريخيا بأسس البحث التاريخى والذى نحن مؤهلون له ومتخصصون فيه . وبه نكتشف المسكوت عنه من تاريخهم . ولأنهم إستخدموا الاسلام فى فتوحاتهم ، ولأنهم أصبحوا كائنات مقدسة باسم الاسلام بحيث أصبح الاسلام يتحمل وزر إجرامهم وإعتداءاتهم ومذابحهم وسلبهم ونهبهم وإستبدادهم كان لا بد من الاحتكام بشأنهم الى القرآن الكريم لتبرئة الاسلام ( دين السلام والحرية والعدل ) مما إرتكبه أولئك الخلفاء و( صحابة الفتوحات ) .
4 / 3 : بالنسبة للموتى من الأئمة السنيين والأولياء الصوفية وأئمة الشيعة ، لو كتبنا فى تاريخهم فإننا نتعامل مع تاريخهم المكتوب عنهم من أتباعهم ، ونبحث تاريخهم بمنهج البحث التاريخى .
فى بحث تراثهم ومؤلفاتهم . لا يهمنا ( ابن برزدويه ) المشهور بالبخارى ، ولا يعنينا فى شىء . يهمنا فقط كتاب ( البخارى ) ونفس الحال مع ( مالك بن انس ) يهمنا كتابه ( الموطأ ) وفى ( إحياء علوم الدين ) للغزالى و ( الأم ) للشافعى . ولأن هذه الكتب والأسفار تزعم الحديث بإسم الاسلام وتنسب للرسول محمد عليه السلام أفكارها وتشريعاتها فلا بد لنا من الاحتكام فيها الى القرآن الكريم لنبرىء الرسول والاسلام العظيم من تشريعاتهم المُسيئة للرسول والاسلام العظيم .
4 / 4 : فى كل عملنا الاصلاحى السلمى لا نزعم إمتلاك الحقيقة المطلقة ، بل نعرض عملنا للنقاش ، وفتاوينا معروضة للتعليق والنقد ، ولا زلنا نؤكد أن ما نقوله يقبل الخطأ والصواب . هذا بعد تخصص علمى إمتد لأربعين عاما وأنجز آلاف الفتاوى والمقالات والكتب والأبحاث.
4 / 5 : فى كل عملنا الاصلاحى السلمى لا نفرض رأينا على أحد . نحن نعرض ما نراه الحق ، ولا نفرضه ، بل نحترم حق كل إنسان فى فكره ومعتقده ، وبعد الدعوة الى الاصلاح نقول ما قاله الأنبياء لأقوامهم إعترافا بحريتهم فيما يقولون وما يفعلون : (قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (135) الانعام ) (وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ (93) (وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ (121) وَانتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ (122) هود ) ( قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (39) مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ (40) إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنْ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (41) الزمر )
4 / 6 : ونحن ننتظر الحكم علينا وعليهم يوم القيامة ، إيمانا بأن مرجعية الاختلاف الدينى هى لرب العزة جل وعلا وحده يوم الدين ، فهو جل وعلا وحده فاطر السماوات والأرض، وهو جل وعلا وحده عالم الغيب والشهادة ، وهو جل وعلا وحده الذى سيحكم بين عباده فيما كانوا فيه يختلفون : (قُلْ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (46) الزمر )
4 / 7 : ونحن أول من نفى اكذوبة ( حد الردة ) وأكد على الحرية فى الرأى والفكر والدين فى التشريع الاسلامى الحقيقى ، وكان هذا فى أوائل التسعينيات .
هذا عن دعوتنا الاصلاحية السلمية التى تهدف لتبرئة الاسلام من خطايا المسلمين ولإنقاذ المسلمين من حمامات الدم التى أغرقوا فيها أنفسهم .
ثانيا : فى الحوار مع الخصوم :
توقفنا عن الحوار مع خصومنا فى العقيدة لأن الحوار معهم يتحول دائما الى جدال فى آيات الله القرآنية ، والله جل وعلا ينهى عن الجدال فى آياته .
ولكن فى الاسلام اسلوبا راقيا فى الحوار ، يعلمنا فيه رب العزة كيف نتحاور مع الآخرين:
1 ــ يقول جل وعلا : ( قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24) قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ (25) قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ : سبأ 24 : 26 . ) فالمسلم لا يعطي لنفسه القرار المطلق بأنه على حق وفي نفس الوقت لا يتهم خصمه على طول الخط بأنه على الباطل ، وإنما يقول : واحد منا على الحق والآخر على الضلال : " وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ " . ثم يقرر مسئولية كل فريق على ما اختاره لعقيدته " قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ ". بل أن في الآية الكريمة من أدب الحوار مالا تتصوره أعظم الحضارات الإنسانية المتفتحة ، فالآية لا تثبت فقط التساوي في المسئولية الفردية على ما يختاره كل إنسان في عقيدته – وذلك في حد ذاته مكسب لو تعلمون عظيم – ولكن تزيد عليه الآية بأن على المسلم أن يتواضع فيصف أعماله بأنها إجرام بينما لا يصف أعمال خصمه بنفس التهمة " قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ " . لو قالت الآية ( لا تسألون عما أجرمنا ولا نسأل عما تجرمون ) لكان التساوي في الوصف والاتهام مقبولا . ولكن أدب الحوار القرآني يفرض على المؤمن به أن يتواضع وأن يرد السيئة بالحسنى فإذا كان خصمه مثلا يتهمه بالضلال والإجرام فعليه أن يرد بقوله " قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ . ". ثم في النهاية فالله وحده هو صاحب الحق في الحكم على عقائد الناس، وقد حدد لذلك يوما معينا اسماه يوم الدين حيث يجمع الخلق جميعا ثم يحكم بينهم على ما كانوا فيه يختلفون وعلى المسلم في حواره أن يرجئ الحكم عليه وعلى خصومه إلى الله يوم الدين " قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ "
2 ـ وآيات كثيرة في القرآن ركزت على أرجاء الحكم على عقائد الناس إلى يوم القيامة ومنها جاء الأمر للنبي عليه السلام نفسه بأن يترك الحكم لله وحده يوم القيامة " وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ (68) اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ : الحج 68 :69 " وذلك هو الجدال بالتي هي أحسن والذي تعلمه النبي من القرآن حيث يرجئ الحكم على الناس إلى الله يوم القيامة، فالله وحده هو الأعلم بمن ضل عن سبيله وهو وحده الأعلم بالمهتدين " ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ : النحل 125 " . وحتى في التعامل مع أهل الكتاب يقول الله تعالى للنبي " وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ : المائدة 48 ".
3 ـ ولكن فى مجال الدعوة و الهداية بالقرآن لا بد من الاحتكام اليه فى الفجوة والتناقض بين الاسلام وواقع المسلمين . وهنا تكمن المشكلة . فأكثر المسلمين يكررون ما كانت تفعله الجاهلية من تقديس القبور أو الأنصاب و الأولياء و الاعتقاد فى شفاعة البشر و النذر لغير الله ..الخ . وكل آيات القرآن الكريم فى الحديث عن الشرك والكفر تنطبق على معظم المسلمين فى عصرنا وعلى معظم المسلمين فى تاريخهم المكتوب و ترائهم المقروء. ولا بد فى دعوتهم الى الحق من الاحتكام الى القرآن الكريم بشأنهم . وهنا يكون المنهج ليس بالتكفير للأشخاص ولكن للافعال والأقوال وبالتوضيح القرآنى ، كأن تقول لصاحبك : من يفعل كذا ينطبق عليه قوله جل وعلا كذا . مع دعوته إلى قراءة القرآن بقلب مفتوح ابتغاء الهداية . وبعد التوضيح القرآنى تتركه وما يختاره لنفسه محتفظا بصداقته طالما لا يفرض عليك عقيدته ولا يؤذيك بسبب اختلافكما فى الاعتقاد .
أخيرا
خصومنا يعجزون عن الرد علينا . تعبوا من شتمنا وسبّنا وإستنفذوا كل قواميس الاتهامات ، فلم يبق لديهم سوى إتهامنا بأننا تكفيريون مثل داعش . يريدون إرهابنا بهذا الاتهام حتى نسكت وحتى تظل داعش وأخواتها ولواحقها يتمددون بلا صوت يدمغ إجرامهم بالكفر .
حسنا .. نحن فى طريقنا ــ بعون الله جل وعلا ــ سائرون ،ونقول لهم : (اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ (121) وَانتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ (122) هود ) .