برنامج انتخابي مقترح للمرحلة الفلسطينية الراهنة – صدمة لوعي الناخبين !


عبدالله أبو شرخ
الحوار المتمدن - العدد: 5257 - 2016 / 8 / 17 - 18:42
المحور: القضية الفلسطينية     

حالة السكون والجمود inertia case التي تعيشها المناطق الفلسطينية " المحتلة "، أي غزة والضفة، سببها حالة الشلل السياسي التي تعيشها الأحزاب والفصائل الفلسطينية كلها بلا استثناء. دولة الاحتلال بقيادة اليمين الصهيوني قامت بالالتفاف على حل الدولتين من خلال التهام أراضي الدولة المفترضة بالمستوطنات والطرق الالتفافية والجدار العازل. غزة محاصرة ومحتلة أكثر مما كانت عليه أيام الاحتلال المباشر، وتكفي الإشارة إلى الاحتلال الإلكتروني من خلال الجوال والاتصالات والإنترنت والتشويش الإلكتروني على الفضائيات، ناهيكم عن الحصار البحري المخيف لكل متر من شاطيء غزة !

لا طريق التفاوض حققت شيئاً، ولا طريق العنف المسلح حققت شيئاً، بينما الشعب الغلبان " والمستعمر " في غزة والضفة، ما زال يحاول بناء المدن للتوسع أو بالأدق يحاول التوسع داخل المدن، فنحن في غزة نعاني من القنبلة الديمغرافية البشرية التي كان إعلام الاحتلال مرعوباً منها طوال الانتفاضة الأولى، وللأسف تهالكت منظمة التحرير على حل مشكلة إدارة شئون السكان في المدن والمخيمات دون إنهاء الاحتلال وتلك كانت خطيئة أوسلو القاتلة، فقد استغلت إسرائيل الأمن من أجل تكثيف الاستيطان لا من أجل السلام.
بالمقابل، وبعد انهيار مباحثات كامب ديفيد 2000 بقيادة الراحل عرفات، تمردنا على أوسلو واعلنت كافة الفصائل العصيان الثوري المسلح الذي بدأ بالقنص وقذائف الهاون ثم تطور إلى الصواريخ البدائية محلية الصنع ثم إلى صواريخ " جراد " سورية أو صينية الصنع، والكل الفلسطيني يعلم أن صواريخنا العشوائية كانت تتخذ ذريعة لاعتبار إسرائيل في حالة الدفاع عن النفس، وهو ما منحها الضوء الأخضر من أمريكا والاتحاد الأوروبي لقتل الآلاف وتدمير آلاف المنازل وتهجير آلاف الأبرياء، على اعتبار أن الصواريخ تطلق من مناطق مأهولة أو شبه مأهولة. جربنا هذه المواجهات المدمرة ثلاث مرات والنتيجة هي انتظار " المقاومة " لرواتب ( قطر ) بموافقة ( إسرائيل ) !

لا حل سياسي ولا حل عسكري. الكل فشل، والكل ساهم في إفشال الكل، بينما الناس يتكاثرون ولدينا حصار مميت على قطاع غزة، المعبر الوحيد مع العالم مغلق، وحركة العمال إلى داخل إسرائيل معدومة كنتيجة مباشرة للعمليات ضد المدنيين أثناء الانتفاضة الثانية. لكن الناس لا ينتظرون، لدينا أعلى نسبة بطالة في العالم ولدينا فقر في العلاج والرعاية الصحية، وتقول الأنروا أن 80 % من سكان غزة يعتاشون على المساعدات. الحكومة " الربانية " في غزة لم ترحم الناس بالضرائب الخارجة عن القانون. طن الأسمنت في السوق السوداء الغزية وصل أمس إلى 1400 شيكل ( بدلا من 460 ). حالة من اليأس والاكتئاب تجتاح نفوس الشباب والخريجين الذين لا يمتلكون ثمن تذكرة الطائرة إلى تركيا، فيما معظمهم يتسول من أهله ثمن السجائر والمواصلات، ولا داعي للتذكير بتجارة المخدرات وشيوعها مثل الترامادول.
وعليه فإن أي تكتل سياسي في الضفة وغزة، يفترض فيه العمل على كسر حالة السكون والجمود من خلال إعلان برنامج انتخابي متكامل يشمل كل ما سيأتي من نقاط:

1- برنامج لفك الحصار والعزلة عن قطاع غزة بالكامل حتى لو أدى ذلك إلى التخلي عن طريق العنف " الفاشلة والمدمرة " وتسليم سلاح المقاومة، فالدول العظمى كاليابان وألمانيا استسلمت في الحرب العالمية ثم عادت ونهضت من جديد ونحن لسنا أكثر عظمة من الشعب الياباني ولا الشعب الألماني ! يتم التفاوض على فك الحصار كاملا بما في ذلك عودة التصدير إلى السوق الإسرائيلية وعودة العمال إلى العمل داخل الخط الأخضر.

2- تقوم الحكومة الفائزة بالتعاون مع دول عربية غنية لإنشاء المدن والمدارس والمستشفيات التي تلائم الزيادة السكانية، خاصة في غزة !

3- يقوم المثقفون ومن خلال وسائل الميديا المختلفة بعمل حملة توعوية كبرى من أجل الحد من خطورة الانفجار السكاني الذي يحتاج إلى أراضٍ جديدة ومدارس ومستشفيات ومصانع ومزارع، ولا يجوز أن يبقى شعبنا الفلسطيني عنواناً للتسول !

4- سياسياً، يجب توحيد كافة الجهود نحو مشروع حل الدولتين الممكن دولياً، ويجب مساندة الرئيس القادم ( أبو مازن أو غيره ) من أجل تحقيق هذا الهدف بالوسائل السلمية.

5- تقوم الدولة الفلسطينية الموعودة بثورة نوعية لبناء مناهج دراسية جديدة، ولا يجوز بأي حال تكليف العقول التي تعطلت بوباء الثقافة السائدة أن يعيدوا لنا إنتاج التخلف مرة أخرى، ذلك أن فاقد الشيء لا يعطيه. يجب تكليف فريق المناهج بالاطلاع على مناهج اليابان وفنلندة وألمانيا والدول المتقدمة. يجب أن تعود الموسيقى والرقص الشعبي " الدبكة " إلى الأنشطة المدرسية المقررة، فالفنون تهذب الأخلاق وترتقي بالوجدان وتنمي المشاعر الراقية، بدلاً من إنتاج المزيد من الغيلان !!!

6- إطلاق حرية التفكير والاعتقاد والإبداع أسوة بباقي شعوب المعمورة، كما يجب أن ترفع السلطة وصايتها عن ماكولات الناس ومشروباتهم وملابسهم، أيضا أسوة بباقي شعوب العالم !

7- التفكير مليون مرة في مدى خطورة بطالة الخريجين والعمل على حلها من خلال تبادل الخبرات والكفاءات مع الدول العربية مثلما كانت دول الخليج في السبعينات والثمانينات وما قبل حرب الخليج والاحتلال العراقي للكويت.

-------------------------------------------------------
أي تكتل سياسي، سواء فتح أو اليسار ( الفصائل الإسلامية غير مؤهلة حالياً )، أو حتى حزب جديد من المستقلين سيطرح هذا البرنامج السياسي والاقتصادي المقترح لفك حصار غزة والقيام بعملية تنموية شاملة تؤدي إلى القضاء على بطالة العمال والخريجين ثم تطوير وتحديث العملية التربوية والتعليمية، سأقوم شخصياً بتبنيه والكتابة المكثفة من أجل إقناع جمهور الناخبين به.

دمتم بخير