دليلك إلى حياة مقدّسة (الفصل السادس)


وفاء سلطان
الحوار المتمدن - العدد: 5247 - 2016 / 8 / 7 - 20:05
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع     

كثيرا ما نجحف بحق الناس عندما نقيمهم، وخاصة عندما نقيمهم وفقا لقناعة سابقة أو تصرف قاموا به، أو جهلا منّا بهم!
أو عندما يأتي التقييم كردة فعل، وليس بعد التدقيق والتمحيص!
لقد ولدنا وعشنا في مجتمعات قمعيّة، لا تعترف بالإنسان إلا إذا كان ضمن إطار معين!
الثقافة التي ابتُليت بها تلك المجتمعات تقولب البشر بطريقة تسّهل الهيمنة والسيطرة على أفكارهم وتصرفاتهم…
يكتسب البشر في المجتمعات ذات الثقافات القمعية مع الزمن نزعة لتقييم بعضهم البعض وفقا لأحكام “مسبقة الصنع” لا تستند إلى معرفة حقيقية أو واقع ملموس..
هذه النزعة تخدم غاية واحدة، وهي زرع الخوف لدى الفرد من الكل، فيضطر ليبقى ضمن الخطوط الحمراء التي ترسمها الثقافة القمعية، حتى يظل مقبولا من الجميع!
في تلك المجتمعات المرأة عاهرة إن فكرت بطريقة تختلف ولو قليلا عن المألوف…
الرجل ملحد إن شكّ بـ “الإعجاز العملي” لخرافة الإسراء والمعراج….
المسيحيون يعبدون خشبة…
العلويون نصيرية كفار…
الشيعة روافض ملعونين…
السنة نواصب...
ولكي تبقى المرأة “شريفة” (حسب قواميس الثقافة القمعية)، والرجل متدين، والمسيحي بلا خشبة، والعلوي خارج نطاق الكفر، والشيعة من “الراضخين” والسنة من “المؤمنين” يلتزم الجميع بالخطوط الحمراء تجنبا لأن تلوكهم الألسنة التي لا ترحم، فيقعون ضحية التقييم المجحف!
ليس هذا وحسب، بل تدفع تلك النزعة لتقييم الآخر بناء على “حكم مسبق الصنع”، تدفع الفرد لأن ينشغل بتقييم غيره، بدلا من أن ينشغل بتحسين نفسه والعمل على تطوير أفكاره وقيمه.
إصدار الأحكام الجائرة التي تطعن بالآخر تعطي الفرد الذي يصدرها إحساسا خلبيّا بالراحة والإستعلاء، يغطي إحساسا حقيقيا كامنا باللاوعي، إحساسا بالدونية والعجز وضعف الثقة بالنفس!
.....
قرأت على الفيس بوك حكاية، لست متأكدة من صحتها، لكنها تستحق أن أقف عندها في كتابي هذا.
يحكى أن رجلا كان يأتي إلى وظيفته كل يوم وهو يرتدي ساعة زهرية اللون تحمل صورة سندريلا، ذلك النوع الذي يخصّ الفتيات المراهقات دون غيرهن!
بدا غريبا إلى الحد الذي أصبح عنده مثار استهزاء رفاق الشغل، ولقمة سهلة يمضغونها في أوقات فراغهم، وما أكثرها في العالم العربي!
تجرأ أحدهم ذات يوم، وسأله بجدية، محاولا أن يخفي استغرابه واستهجانه للأمر،: إنها ساعة جميلة، من أين حصلت عليها؟
فاغرورقت عينا الموظف بالدموع، وقال وهو يختنق بحشرجته: إنها ساعة ابنتي الوحيدة التي غادرت تلك الحياة منذ سنة، ألبسها كي تذكرني دائما بها!
لم يكن تافها إلى الحد الذي يميّز نفسه بطريقة أنثوية صبيانية، لكنه أرأد أن يحمل في معصمه بعضا من أبوّة افتقدها!
من أنا؟ من أنت؟ كي نحكم عليه ونجعله موضوعا لثرثراتنا؟!
........
لقد عشت تجربة مماثلة من حيث المعنى، وكان ذلك في مستهل حياتي الأمريكية!
صدف أن اشتغل زوجي في إحدى الشركات، وكانت رفيقته في نفس المكتب شابة ايرانية من المهاجرين الجدد.
كنت وكلما توقفت في مكتبه لسبب ما، أفاجئ بتصرف تلك الشابة بطريقة وقحة للغاية، أو هكذا شعرت!
فما أن تراني حتى تستدير بسرعة صاروخية، وتتظاهر بأنها تلتقط بعض الأوراق من خزائن المكتب، قبل أن ترد تحيتي.
استهجنت الأمر، وتولدت لدي رغبة في معرفة سرّ سلوكها، رغبة لم تخلُ من بعض النفور…
تحول هذا النفور مع الوقت إلى نوع من الكراهية، لم استطع أن أسيطر عليه، حتى بلغ ذروته يوم قررت الشركة أن تقيم حفلة لعيد الميلاد، وطلبت من موظفيها أن يصطحب كل منهم زوجه.
في البداية رفضت الذهاب مع زوجي كي لا أضطر أن أقابل ذات الوجه الكالح، لكن زوجي اتهمني بالـ “ولدنة”، وأصرّ على اصطحابه لي!
من سخرية الأقدار، كان لزاما على كل شخص أن ينتقي بالقرعة اسم الشخص الذي يجب أن يحمل له هدية عيد الميلاد،
وإذ بتلك الشابة “تفوز” باسم زوجي، ليس هذا وحسب، بل كانت كرسيها ـ وبالصدفة المطلقة ـ مقابلة لكرسيّ على الطاولة نفسها.
بلعت اشمئزازي، وتظاهرت بأنني سيدة الاتكيت والأصول، رغم أن قوة خارقة كانت تدفعني لأصفعها كفا!
دار حديث بين أفراد الطاولة الواحدة، حديث يتعلق بالحياة الشخصية لكل منّا، حتى وصل الدور لتلك “العرافة” الايرانية، التي كهربت محيطي.
نظرت إلى الأسفل وكأنها تقرأ ورقة مرميّة على الأرض تحت الطاولة،
وتمتمت بصوت خافت: لديّ مشكلة تكاد تدمر حياتي، ألا وهي خجلي وخوفي من مواجهة الناس، لا أستطيع أن أنظر في عين الشخص الذي أتحدث إليه، وأهرب من المواجهة الإجتماعية….
لم تكد تنهي عبارتها تلك، إلا وشعرت بشلالات نياغرا تتسلل بصقيعها عبر كل مفاصلي، فتحول النيران المشتعلة داخي بردا
وسلاما!
ليس هذا وحسب، بل شعرت بموجة عارمة من الإحساس بالذنب كادت تغرقني لولم أكن أجيد فن العوم!
….
الخجل مرض نفسي، لست هنا بصدد التطرق له، لكنه كأي مرض آخر لا يمكن أن يكون مبررا لنتحامل على المريض بدلا من أن نتفهم وضعه!
لذلك، خرجت من التجربة بعهدة “عمريّة”: أن لا أحكم على أي تصرف قبل أن أتفهم أسبابه، كيف لا وأنا طبيبة أقسمتُ أن أدرس الأعراض كي أصل إلى المسببات، فأتعامل مع السبب لا مع العرض!
….
بقي أن أذكر، لقد حملت رويا لزوجي هدية، وكانت عبارة عن صحن من الخزف مزركش بعبارت فارسية، قالت أنها تعني “الصداقة أفضل من الأخوة لو عرفنا كيف نبنيها”!
لا تبنى الصداقة إلاّ على قبول الآخر ـ كما هو ـ دون إصدار أحكام لا تمت إلى حقيقته بصلة!
……..
عندما يبلغ الطفل عامه السادس عشر في أمريكا، يرقص فرحا، لأن ذلك العام يمنحه حق العمل قانونيا،
والثقافة العامة للبلد تشجعه على البحث عن فرصة عمل، كخطوة أولى لبناء استقلاليته، ولبدء اكتساب الخبرات، قبل الأموال!
معروف احصائيا، أن أكبر قوة عاملة في أمريكا هي المراهقون، وأكبر قوة استهلاكية هي أيضا المراهقون، وهذا يؤكد أهمية الإنسان بالنسبة لاقتصاد البلد في هذا العمر!
عندما يتقدم بطلب لأي جامعة، عليه أن يملأ حقل “العمل والخبرات” في الاستماره، وهو يعتبر حقلا هاما جدا يتوقف عليه القبول في الجامعة.
لقد تقدمت ابنتي فرح بأكثر من خمسين طلبا لأعمال مختلفة في اليوم الذي احتلفت فيه بعيد ميلادها السادس عشر!
أول عمل حصلت عليه كان مضيفة في أحد المطاعم المعروفة، وبدا العمل بالنسبة لها ممتعا للغاية، ناهيك عن حلاوة البخشيش الذي تحصل عليه بالإضافة إلى الراتب الأصلي!
فرح ورثت عن أمها قوة الملاحظة، ودقة التسجيل!
لم يمض يوم إلا وقصت علي حكاية من حكايا العمل التي تجبرك على أن تغمى من الضحك ولو كنت في مأتم.
ليست الحكاية نفسها هي التي تضحكك، بل اسلوب فرح في الرواية وحسن تقليدها للآخرين!
من حكاياها، أنه وفي أحد الأيام، باعتبارها هي من تستقبل الزوار وتقودهم إلى طاولاتهم،
طلب منها كرسون ـ وهو من يقدم الطعام للزبائن ـ راجيا أن لا تلتزم بتعاليم الادارة، وتجلب لطاولاته المزيد من الزبائن،
لأنه ملزم بدفع أجار شقته في ذلك اليوم، وينقصه بعض المال، أملا منه أن البخشيش سيساهم في تأمين ذلك المبلغ!
كان الركن المخصص لذلك الكرسون يقبع في آخر صف من صفوف قاعة المطعم، وكان الكرسون من العرق الأسود!
أشفقت فرح على زميلها في العمل، وقررت أن تمنحه مزيدا من الزبائن، فهو أب لأربعة أطفال وزوجته لا تشتغل.
وإذ بعائلة سوداء مكونة من خمسة أشخاص تدخل المطعم.
قررت فرح باعتبارهم خمسة أن تقودهم إلى ركن الكرسون الأسود، فالبخشيش عادة يتناسب مع العدد، وشعرت بالارتياح لأنها ستقدم خدمة لشخص هو بحاجة إليها…
تجاوزت الطاولات الأمامية، وقادت العائلة السوداء إلى الركن الخلفي الذي يعود لزميلها الأسود بناءا على رغبته!
لم تكد تشير للعائلة بأن تتفضل وتجلس على الطاولة، إلا وزأرت الأم بطريقة مرعبة:
(أنت شرموطة بيضاء، وليس تصرفك سوى تمييزا عنصريا ضدنا)
وتابعت تقول: لماذا لم تسمحي لنا بالجلوس في الركن الأمامي، أم أن السود مازالوا عبيدا في نظرك ولا يستحقون إلاّ الركن الخلفي!
تمالكت فرح نفسها كي لا تضخّم الأمر فيصل إلى الإدارة، وطلبت من السيدة أن تلتزم بالهدوء ريثما تتحدث لأحد من إدارة المطعم، ثم ركضت باتجاه زميلها الكرسون الأسود وأبلغته مأزقها!
همس الكرسون الأسود في اذن السيدة، فهبطت في مقعدها ووجهها يتصبب عرقا!
أرادت فرح أن تساعد رجلا أسود، فاتهمتها سيدة سوداء بالتمييز العنصري، لماذا؟
لأنها حكمت قبل أن تعرف ملابسات القصة!
خرجت ابنتي من التجربة بقناعة أنه من الضروري أن تعرف تفاصيل الحدث قبل أن تحكم عليه، وكلي أمل أن تلك “اللبوة” السوداء قد اكتسبت نفس القناعة!
…….
أنا من الساحل السوري، والأغلبية من سكان تلك المنطقة علويون…
في مستهل شبابي سافرت من مدينتي الساحلية إلى مدينة حلب التي تقع في الشمال السوري قريبة من الحدود التركية لألتحق بكلية الطب في جامعة حلب.
يومها كان المسافة التي تفصل بين مدينتي وحلب والتي لا تتجاوز المائتين ميل، أطول في أذهاننا من المسافة التي أقطعها اليوم عبر ست ساعات طيران من كالفورنيا إلى نيويورك!
ليس هذا وحسب، بل كان منشأي الجغرافي وصمة تميزني عن غيري….
كلمة “علوي” تبدو لمعظم سكان حلب في ذلك الوقت تعبيرا عن شخص قادم من كوكب آخر…
الحلبيون شعب دمث الأخلاق طيب القلب كريم اليد وذو نخوة وضمير…
لكن، ظلت تلك الوصمة تنقر على عصبي كلما تطرقت مع أحد منهم إلى تلك القضية، ولم يكن الأمر سهلا!
كانوا يمتلكون قناعة مطلقة أن المرأة الساحلية رخيصة ومباحة، وكانت محاولة اثبات العكس من قبلي مهمة في غاية الأهمية.
تطرقت لمواقف كثيرة تركت ندبات على جدار شخصيتي الغضة في ذلك العمر المبكر…
أحدها وأشدها قسوة، يوم سألتني امرأة حلبية وكنت أزورها في شقتها القابعة في نفس البناية التي كنت أسكنها: هل صحيح
أن العلويين ينامون مع محرماتهم؟
كان السؤال أكبر من قدرتي على المواجهة…
سقط عليّ كالصاعقة، فذبت تحت وهج نارها، ولم أعثر على لساني وسط حممي الذائبة كي أحركه…
خلال سبع سنوات من تواجدي في تلك المدينة، تكرر السؤال عشرات المرّات من قبل أشخاص مختلفين، ولم يكن وقعه في أية مرّة أخف من المرّة الأولى…
بدأت أفتش عن جذر الإشاعة، إذ أنني منذ نعومة أظافري أميل للبحث عن الجذور…
لكنني لم أوفق في التوصل إليه، لا سيما كنت يومها غضة وقليلة الخبرة..
تساءلت: ربما يكمن في الطبيعة الإجتماعية للسيدة العلوية، لا تتحجب، تصافح الرجال، تمشي في الشارع مرفوعة الرأس، لا تخاف من الرجل،
والتي تعاكس تماما طبيعة المرأة في حلب وخصوصا في ذلك الوقت!
غادرت حلب بعد تخرجي وأسقطت من ذاكرتي هذا السؤال، أو على الأقل حاولت أن أسقطه…
مرّ أكثر من عقد من زمن، كنت قد هاجرت خلاله إلى أمريكا…
أحد الأيام كنت أتصفح صحيفة تُنشر باللغة العربية في لوس أنجلوس واسمها “الوطن” لصاحبها السيد الفلسطيني نظام المهداوي، وإذ بي وجها لوجه مع “تقرير” عن العلويين في سوريا.
أول عبارة في التقرير “طائفة أهم مايميزها أنها تبيح لرجالها أن يناموا مع محرماتهم، أمهاتهم بناتهم أخواتهم”…
لم تصعقني العبارة عندها بقدر ما حفزتني لأبحث عن جذر تلك الإشاعة..
ربما لأنني كنت يومها قد أصبحت أشد عودا وأرجح عقلا…
لكن سرعان ما همدت رغبتي في أن أفتش عن جذر الإشاعة عقد آخر من الزمن تحت وطأة ضغوط الحياة ومشاغلها..
إلى أن أيقظت رغبتي مقالة أخرى بالإنكليزي قرأتها على صفحات أحد المواقع الإلكترونية!
مما زاد الطين بلة، كانت المقالة لكاتب يهودي أعتز به صديقا وأشاطره الكثير من أفكاره..
في مقالة له تناول الوضع في سوريا، وتطرق إلى نبذة عن العلويين، ومما جاء في هذه النبذة، أن أحد أسباب كره السنة لهم أنهم يحللون الجنس مع المحرمات!
هناك مثل بريطاني يقول: إذا قال عنك أحد حمار فتجاهله، وإذا قال عنك اثنان حمار فانظر وراءك علك ترى آثار حوافرك، وإذا قال عنك ثلاثة بأنك حمار فاحن ظهرك والبس خرجا!
اشتعلت الرغبة في البحث عن آثار “حوافر” العلويين أكثر مما كانت من قبل، رغم قناعة مغايرة تدعمها ثلاثين سنة من حياتي عشتها في المحيط العلوي!
من يدري ربما لا تستطيع السمكة أن ترى الماء الذي تسبح فيه؟؟؟
لكن، كلما مشيت خطوة في طريق البحث كلما تشبثت بقناعتي المغايرة!
.....
العلويون يختلفون عن أية طائفة اسلامية أخرى، في أنهم لا يشجعون الزواج من الأقارب، ناهيك عن ممارسة الجنس مع المحرمات، فأقل نسبة زواج من بنات الأعمام والخالات موجودة بين العلويين، هذا إذا كانت موجودة!
من النادر جدا، أن تسمع بأن علويا تزوج ابنة عمه أو خالته، وعندما تسمع بها تأكد أنهم لم يتربيا معا في نفس القرية أو الحي..
لم أسمع في حياتي بأن علويا تزوج زوجة أخيه الأرملة، أو أن امرأة علويّة تزوجت زوج أختها الأرمل. هذه الظاهرة شائعة في الطوائف الأخرى وخصوصا في حلب، بينما من المستحيل أن يتم ذلك في الطائفة العلوية!
إذن أين هو جذر الإشاعة، إذ لا دخان بلا نار؟؟؟؟؟
مرّت الآيام وتغير الزمن لنصل إلى حقبة الانترنت…
وداهمنا اليوتيوب والفيس بوك داخل أسرتنا، ليفضح ماكان مستورا….
واجهتني الانترنت بحقائق مرعبة وفي غاية الغرابة!
*استمعت لمجموعة “علماء” مصريين يناقشون موضوع نكاح الأم بالزنى والبنت بالزنى والابن بالزنى، ويثبتون شرعيته من كتبهم ومراجعم!
*استمعت إلى شيخ سني يحذر من جلوس البنت مع والدها على انفراد، كي لا تثير شهوته!
*استمعت إلى حوار مع شيخ سني حول إباحة ممارسة الجنس مع الأم بشرط أن يلف احليله بقطعة قماش،
(ويذهب الصحابة أبي حنيفة إلى أبعد من ذلك فيفتي: إذا وطئ الرجل أمه بدون أن يلف احليله بقطعة قماش
فلا حد عليه، أما الشافعي فيقول: يجب أن يلف احليله بقطعة قماش كي لا يقام عليه الحد!)
وهناك حوارات كثيرة يقشعر لها البدن بهذا الخصوص، لست بحاجة ذكرها ولا ذكر مصدرها، فاليوتيوب مليء بتلك القاذورات لمن أراد أن يبحث عنها…
.......
بيت القصيد فيما أشرت إليه سابقا، هو أنني توصلت إلى جذر الإشاعة التي يروجها بعض العامة من السنة والتي تقول: أن العلويين ينامون مع محرماتهم!
قبل كل شيء، يجب أن أشير إلى أن تلك القاذورات التي لا يقبلها خلق ولا عقل ولا منطق، والموجودة في كتب السنة، ليست معروفة من قبل أغلبية السنة، ولكنها معروفة من قبل ـ على الأقل ـ أئمتهم!
هي ـ بلا أدنى شك ـ مرفوضة من قبل الأغلبية الساحقة من السنة…
في مكان ما من هذا الكتاب أشرتُ إلى أن الإنسان، أي إنسان، بغض النظر عن منشأه وعقائده، هو في جوهره نقي وبلا شوائب.
قد تتراكم فوق جوهره الشوائب، لكن مهما كثرت هو في لحظة صحوة، لا بدّ أن يعرف الصح من الخطأ!
لذلك، لا شكّ أن هؤلاء الأئمة يدركون في عمق اللاوعي عندهم أن تلك الفتاوي مرفوضة قلبا وقالبا، لكنها ـ وباعتبارها موجودة في مراجعهم الدينيّة ـ هم ملزمون بقبولها!
تحت ضغط اللاوعي وعذاباته، يلجأون إلى ما يسمى في علم النفس “Defense Mechanism” آلية دفاع، يحاولون من خلالها أن يخففوا عنهم عذاب الوعي…
تدعى تلك الآلية “Projection”، الإسقاط!
كيف؟
هم يحاولون أن يتجنبوا صراعهم مع تلك الفكرة باللاوعي، فيلجأون إلى تجاهلها، ليس هذا وحسب، بل يلجأون إلى اسقاطها على غيرهم، كي يشعروا ببعض الراحة النفسية!
هؤلاء الأئمة من السنة، هم جذر الإشاعة التي تقول “أن العلويين ينامون مع محرماتهم”
وطبعا الكذبة ـ على حد قول أحد الأمركيان ـ تستطيع أن تلف العالم قبل أن تلبس الحقيقة حذائها!
انتشرت تلك الكذبة كالنار في الهشيم قبل أن يتسنى لوفاء سلطان أن تمسك قلمها!
….
لم أتطرق إلى هذا الموضوع من باب تبرئة العلويين، فالأمر أقل ما يعنيني!
لكن من باب، اثبات أنه ـ على حدّ قول المثل الشعبي ـ عندما تعرف السبب يبطل العجب!
نعم، الأخلاق تقتضي أن لا تحكم على ما تسمعه قبل أن تتأكد من مصدره وصحته!
التوصل إلى جذر مشكلة يسهل عليك تفهمها وبالتالي إيجاد حل لها، أو على الأقل التعايش معهاـ وهو أضعف الإيمان ـ!
لذلك، قبل أن تثور وتهيج، أنت ملزم أن تفهم القضية ـ أية قضية ـ من كل جوانبها كي تساهم في حلها أو التعايش معها!

ولذلك أيضا، لو قال عنك سبعة مليار بشري بأنك حمار، وأنت تعرف حقيقة نفسك، إياك أن تلبس خرجا، قبل أن تتقفى آثار حوافرهم أولا!
فالناس عادة ترى ذواتها في غيرها!
لكن عندما تجد آثار حوافرهم، وحكما ستجدها، تمسك بآدميتك!
….
لا تتهم أحدا بالعهر وكأنك نمت في سريره،
ولا تتداول حكما جائرا مالم تتأكد منه،
الأحكام الجائرة تتساقط عندما تصطدم باذن رجل حكيم،
فكن حكيما!
*******************