اتسبدال الجوامع بقاعات مفتوحة وغربلة الإسلام


سامي الذيب
الحوار المتمدن - العدد: 5238 - 2016 / 7 / 30 - 05:30
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

بعد العمليات الإرهابية في فرنسا وغيرها يفكر المسؤولون الغربيون كيف يمكن استئصال الفكر الإرهابي من (بعض) المسلمين المقيمين في بلادهم.
.
وهناك اتجاهان حاليا
.
الإتجاه الأول هو منع تمويل بناء المساجد من جهات اجنبية واغلاق المساجد التي يسيطر عليها الفكر السلفي.
فمن المعروف ان من يدفع يأمر وينشر افكاره ويضع شروطه على الجوامع التي يبنيها. والمقصود هنا خاصة السعودية مع فكرها الوهابي. مع أن الواقع يثبت أن ما يتم تعليمه في الأزهر من الروضة إلى الجامعة لا يختلف قيد انملة عما يتم تعليمه في السعودية. وقد قامت وسائل إعلام مصرية بكشف مضمون المناهج الأزهرية التي لا تختلف البتة عما تنفذه داعش.
وحاليا يتم تحويل أماكن عبادة المسلمين في الدول الغربية عن اهدافها، فاصبحت عشوش تفرخ الإرهابيين الذين يذهبون إلى العراق وسوريا مع الممارسات الإجرامية ضد كل من المسلمين وغير المسلمين، ومنها تخرج العصابات الإجرامية التي ترتكب التفجيرات وغيرها من اعمال العنف. وهناك تقارير تفيد بأن نصف اجهزة التشويش التي تباع في فرنسا تشتريها المساجد لمنع الشرطة من مراقبة ما يقال في خطب الأئمة.
.
ما الحل اذن؟ أرى انه من الأفضل استبدال الجوامع بقاعات عامة مفتوحة للجميع: الجمعة لصلاة المسلمين، والسبت لصلاة اليهود، ويوم الأحد لصلاة المسيحيين، ويوم الاثنين لصلاة البوذييين، ويوم الثلاثاء لإجتماعات الملحدين ألخ... وخارج ساعات العبادة والإجتماعات المخصصة لكل مجموعة، يمكن استخدام هذه القاعات للرياضة، والرقص الشرقي، وحفلات الزواج، والمحضارت، الخ.
.
فلا يمكن منع المسلمين أن يكون لهم مكان يحميهم من المطر والرياح والشمس لإنجاز صلاة الجماعة، ولكن ينبغي أن تراقب هذه القاعات العامة حتى لا تصبح أوكار للإرهابيين. ونحن نرى تخصيص أماكن للمتفرجين مقابل مبالغ رمزية كما في مباريات التنس أو كرة القدم. وهكذا يتم مراقبة كل ما يقال في تلك العبادات. وهذا يجب ان يتم لكل المجموعات دون تفريق بينها. ويجب منع كل صلاة تدعو للكراهية مثل صلاة الفاتحة إلا إذا تم تفسيرها تفسيرا مغايرا لما جاء في كتب التفسير المعتبرة ونقد تلك التفاسير.
.
ألإتجاه الثاني هو تعليم الأئمة في الدول الغربية ذاتها ومنع مجيء أئمة من الخارج. والسؤال المطروح ماذا سيتم تعليمهم؟ فإن تبعوا منهجا مشابها لما يعلمه الأزهر أو تعلمه السعودية، فالنتيجية ستكون كارثية. وأنا أرى انه يجب تعليم قرآن وفقا للتسلسل التاريخي مع الإشارة داخله إلى الآيات التي تخالف القوانين المدنية وحقوق الإنسان. كما يجب تعليم الأئمة إسلاما تم غربلته من كل ما هو مخالف لحقوق الإنسان والقوانين المدنية. وبدلا من تدريس الإسلام كما يدرس في المؤسسات العربية والإسلامية يجب تعليم الإسلام كما يراه محمود محمد طه، المفكر السوداني الذي تم شنقه في عام 1985 بناء على ضغوط من الأزهر والمؤسسات الإسلامية الأخرى.
.
هذه هي الشروط التي يجب أن يقوم عليها تدريب الأئمة والمعلمين ورجال الدين المسلمين في فرنسا وسويسرا وبلجيكا وغيرها. دون ذلك، يجب على الدول الغربية التحضير لحرب أهلية مثلما يحدث في سوريا والعراق وليبيا وأماكن أخرى.
.
أنه لا جدوى من إرسال طائرات لقصف الإرهابيين في سوريا والعراق وغيرها، في حين أن هؤلاء الإرهابيين هم نتاج الغرب ونتيجة جبنه في مواجهة الإسلام. يجب علينا أن نحارب الأفكار القاتلة في الإسلام، ليس في سوريا والعراق، ولكن هنا في الغرب، وهذا يعني إصلاح شامل للدين الإسلامي.

وينبغي أيضا أن يطبق ما ورد أعلاه في الدول العربية والإسلامية التي تعيش مأساة بسبب تعاليم الإسلام التقليدي. هذا هو السبيل الوحيد للتخلص من الإرهاب في تلك الدول وفي الدول الغربية.
.
والسؤال المطروح هو هل إذا غربلنا الإسلام من كل ما هو مخالف لحقوق الإنسان سيبقى إسلاماً. ألا يعني هذا انتهاء الإسلام؟
.
علينا هنا ملاحظة أن تصادم التعاليم اليهودية والفلسفة الرواقية إدى إلى نشوء الدين المسيحي. وتصادم التعاليم اليهودية والتعاليم المسيحية أدى إلى نشوء الإسلام. والآن تصادم المسيحية والإسلام سوف يؤدي حتما إلى نشوء دين جديد يلتزم بمبادئ حقوق الإنسان. دين يشبه في تركيبته خم الدجاج، مع حق الدخول فيه والخروج منه دون الخوف من الثعالب المتمثلة برجال الدين. دين بلا حد ردة، يكون لخدمة الإنسان، ولا يسخر الإنسان لخدمة الدين. دين بلا معابد ولا صوم غبي ولا دوران حول حجر أسود ولا صلوات ميكانيكية.
.
ويحضرني هنا نقاش بين السيد المسيح والإمرأة السامرية في الفصل الرابع من انجيل يوحنا انقله لكم:
قاَلتِ المَرأَة: «يا ربّ، أَرى أَنَّكَ نَبِيّ. تَعَبَّدَ آباؤُنا في هذا الجَبَل، وأَنتُم تَقولونَ إِنَّ المَكانَ الَّذي فيه يَجِبُ التَّعَبُّد هو في أُورَشَليم». قالَ لَها يسوع: «صَدِّقيني أَيَّتُها المَرأَة تَأتي ساعةٌ فيها تَعبُدونَ الآب لا في هذا الجَبَل ولا في أُورَشَليم. ... تَأتي ساعةٌ - وقد حَضَرتِ الآن - فيها العِبادُ الصادِقون يَعبُدونَ الآبَ بِالرُّوحِ والحَقّ فمِثْلَ أُولِئكَ العِبادِ يُريدُ الآب. إِنَّ اللهَ رُوح فعَلَى العِبادِ أَن يَعبُدوهُ بِالرُّوحِ والحَقّ».
.
وفي الفصل السادس من انجيل متى يقول المسيح
«وإِذا صَلَّيْتُم،فلا تَكونوا كالمُرائين،فإِنَّهُم يُحِبُّونَ الصَّلاةَ قائمينَ في المَجامِعِ ومُلْتَقى الشَّوارِع، لِيَراهُمُ النَّاس. الحَقَّ أَقولُ لكُم إِنَّهم أَخَذوا أَجْرَهم. أَمَّا أَنْتَ، فإِذا صَلَّيْتَ فادخُلْ حُجْرَتَكَ وأَغْلِقْ علَيكَ بابَها وصَلِّ إِلى أَبيكَ الَّذي في الخُفْيَة، وأَبوكَ الَّذي يَرى في الخُفْيَةِ يُجازيك.... وإِذا صُمتُم فلا تُعبِّسوا كالمُرائين،فإِنَّهم يُكلِّحونَ وُجوهَهُم، لِيَظْهَرَ لِلنَّاسِ أَنَّهم صائمون. الحَقَّ أَقولُ لكم إِنَّهم أَخذوا أَجَرهم. أَمَّا أَنتَ، فإِذا صُمتَ، فادهُنْ رأسَكَ واغسِلْ وَجهَكَ، لِكَيْلا يَظْهَرَ لِلنَّاسِ أَنَّكَ صائم، بل لأَبيكَ الَّذي في الخُفْيَة، وأَبوكَ الَّذي يَرى في الخُفْيَةِ يُجازيك».

النبي د. سامي الذيب
مدير مركز القانون العربي والإسلامي http://www.sami-aldeeb.com
طبعتي العربية للقرآن بالنتسلسل التاريخي مجانا من موقعي http://goo.gl/OOyQRD وورقيا من امازون https://goo.gl/nKsJT4
ترجمتي الفرنسية من امازون https://goo.gl/wIXhhN
كتبي الاخرى بعدة لغات في http://goo.gl/cE1LSC
للتبرع لدعم ابحاثي https://www.paypal.me/aldeeb