دجاج وإسمنت ومغانم أخرى !


عبدالله أبو شرخ
الحوار المتمدن - العدد: 5193 - 2016 / 6 / 14 - 20:25
المحور: القضية الفلسطينية     

دجاج وإسمنت ومغانم أخرى !

بعد الهزائم والانتكاسات والحروب الفاشلة، وبعد أن تقلص طموح البعض من تحطيم عظام إسرائيل إلى تحطيم شعب غزة، وبعد أن وصل سعر طن الإسمنت في أرض المقاومة والعزة من 560 شيكل إلى 1400 شيكل، وبعد أن ارتفع سعر كيلو الدجاج من 8.5 شيكل إلى 16 شيكل، وبعد أن صوت الخليج العربي لصالح إسرائيل لرئاسة اللجنة القانونية لمكافحة الإرهاب، لم يبق في غزة والضفة سوى قطبين لا ثالث لهما، طغاة وعبيد. طغاة يتاجرون بالمعاناة وينبهون مليارات الدولارات بمساعدة إسرائيل، وعبيد لا يجدون اللقمة ويدفعون وحدهم بصمت ثمن الجوع والحصار والسرطان !

سلطة أوسلو التي تتنازع حماس وفتح على مغانمها، تبيع التنسيق الأمني للاحتلال، مقابل رشوة هي الأقذر في تاريخ الأمم والشعوب. والتنسيق الأمني لا يشمل الضفة فقط، بل يشمل أيضاً اعتقال مطلقي الصواريخ في غزة !

سعر السلة الغذائية في الضفة وغزة وصل بالمتوسط إلى 86 % من الراتب، أي أن سعر الغذاء وحده يعادل 86 % من الراتب، فماذا تبقى للعلاج وتعليم الأبناء والسفر والسكن والملابس وفواتير الاتصالات والجوال وحضارة والبلدية ؟؟!

إن صراع حماس وفتح لا علاقه له بتحرير فلسطين، ولا بمصالح الناس ومعاشهم، ذلك أن سعر السلة الغذائية سببه الأساسي هو الضرائب الخرافية المفروضة على السلع. اتفاق أوسلو ونشوء سلطة التنسيق الأمني والأرصدة والفساد يعني أن نصف الشعب يعيش عالة على حساب النصف الآخر !!!

سعر السيارة المستخدمة موديل 2013 في إسرائيل يبلغ 5 أو 6 آلاف دولار، لكي تباع في غزة والضفة ب 17 ألف دولار !!! هذا هو اتفاق أوسلو. طن الإسمنت يباع في إسرائيل ب 460 شيكل لكي يباع في غزة حماس ب 1400 شيكل. تلكم هي المقاومة !!

لكن هذه اللصوصية التي ترقى لمستوى خيانة الشعب والوطن، تجد من يغطي عليها في منابر الإعلام المحسومة لصالح سلطتي فتح وحماس. كتاب وإعلاميون يمارسون الدعارة السياسية في متابعة تصريحات اللصوص والفسدة، لكنهم لا يكتبون عن انتشار الفقر والجوع وتفشي البطالة ومرض السرطان مع سوء الخدمات الصحية وتخلف التعليم المدرسي والجامعي.

أيها القاريء المنكوب .. أتوجه لك بالسؤال الأهم: هل وجود سلطة الحكم الذاتي أنهى الاحتلال ؟؟! هل انسحبت البوارج الحربية الإسرائيلية من سواحل غزة ؟؟! هل غادر الطيران الحربي الإسرائيلي أجواء غزة ؟؟! هل هناك شخصية قيادية بعيدة عن الصواريخ الموجهة ؟؟! ثم ما هي العملة المستخدمة في غزة والضفة ؟؟ أليست هي عملة الاحتلال ؟؟؟ ألا يمتليء جيب أبو مازن وجيب الزهار بالشواقل الإسرائيلية ؟؟! من أين نشتري الغذاء والفاكهة والإسمنت والسيارات والأدوية والكهرباء والمحروقات ؟؟! أليست إسرائيل هي المصدر ؟؟! لماذا إذن يتحدث كتاب الدعارة والتزييف عن " دولة " وعن " مقاومة " ؟؟!

في العام 1999 كتب الراحل إدوارد سعيد كتاب بعنوان " نهاية عملية السلام " أوضح فيه أن الاستيطان الذي رآه بأم عينه في ظل اتفاق أوسلو والتنسيق الأمني لا يمكن أن يؤدي إلى سلام. الراحل عرفات منع توزيع ونشر الكتاب في الضفة وغزة بمرسوم رئاسي. كان من الواضح في نهاية المرحلة الانتقالية فشل رهان المنظمة الخاسر على أن يقودهم اتفاق أوسلو إلى دولة في حدود 67، لكن شيئاً عقلانياً لم يحدث. لم يعلن عرفات فشل أوسلو وعن حل السلطة وتسليم غزة والضفة مرة أخرى لإدارة الاحتلال وكفى الله المؤمنين شر القتال. 23 عاماً من الحكم الذاتي للسكان دون أرض أو مياه أو ثروات أو معابر أو حدود. 23 عاماً من الاستيطان وبيع التنسيق الأمني واحتلال منابر الإعلام للدعارة والكذب وبيع الأوهام .. أوهام الدولة وأوهام التحرير !

ألم يحن الوقت لكي نقول كفى لهذا التهافت ؟ كفى للفساد .. كفى للحصار وإهدار الحقوق وكفى للجوع والفقر والبطالة وانهيار القيم والأخلاق على المستوى القيادي.

مطلوب حل سلطة أوسلو، وحل سلطة حماس، وحل الفصائل الفاشلة، وتشكيل قوة شرطية واحدة لحفظ النظام ومنع الفلتان الأمني، ثم وضع دولة الاحتلال أمام كافة مسؤولياتها تجاه الشعب الواقع تحت الاحتلال، فشعب غزة والضفة يحتاج إلى حقوق إنسانية تكفل حقه في الحياة الآمنة والمستقرة. يحتاج الحق في عمل والحق في العلاج والحق في السفر والتنقل والحق في تعليم نوعي والحق في ضمان اجتماعي للمرضى والشيوخ .. وطالما أن السلطتين لا تستطيعان توفير تلك الخدمات والحقوق للناس فلتذهبا إلى الجحيم !