البعد التاريخي للصراع الطائفي بين السُنَّة والشيعة 4/5


غازي الصوراني
الحوار المتمدن - العدد: 5177 - 2016 / 5 / 29 - 20:52
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     


 
وحسبنا قراءة الشواهد التالية من الكتابات الرائجة اليوم في الأوساط النيو-وهابية:
- يقول عبد المنعم حليمة في كتابه "الشيعة الروافض طائفة شِرْك ورِدَّة" : "تضافرت الأدلة النقلية والعقلية والمرئية على أن الشيعة الروافض الاثني – عشرية طائفة شرك، خارجة عن ملة الإسلام، دينهم يقوم على الكذب والتكذيب والحقد الدفين على الإسلام وأهله"  [1].
-     "الرافضة طائفة (الشيعه) الرفض والشر، وهم في حقيقة الامر اعداء لأهل السنة، أولياء للكفار، لا يتورعون أبداً عن إشعال نار الفتنة بين المسلمين.. فهم أكذب الناس ورأس مال الرافضة الكذب" (أحمد منيرة، كتاب: التنبيه والتحذير من الشر المستطير).
-     "عن مكمن الخطورة في المذهب الشيعي أنه مذهب قد بني على الحقد والعداوة للمسلمين بذرائع متعددة، (عبد الرحمن دمشقية، كتاب: التكفير عند الرافضة).
-     "عن التقريب بين السنة والشيعة مستحيل إذ كيف يمكن الجمع بين الحق والباطل، والإيمان والكفر، والنور والظلام؟"  (عبد الله الموصلي، كتاب: حتى لا ننخدع ، المعروف أيضاً باسم: حقيقة الشيعة)[2].
-     "الشيعة هم ثغرة الخيانة والغدر التي دائماً تكون السبب في هزيمة الأمة الإسلامية وانتكاسها" (عماد علي حسين، كتاب: خيانات الشيعة).
-     "لقد تحول التشيع إلى وكر للحاقدين والناقمين والمرتدين عن الإسلام" (جمال بدوي، كتاب: الشيعة قادمون).
-     "الشيعة المارقة الرافضة ما زالوا يفتكون بالإسلام وأهله منذ اكثر من ثلاثة عشر قرناً مستخدمين أخبث فنون المكر والكيد والكذب والتزوير" (عبد الله إسماعيل في تقديم كتاب: حتى لا ننخدع) [3].
-     التشيع بذرة نصرانية، غرستها اليهودية، في أرض مجوسية" (الشيخ سفر عبد الرحمن الحوالي: الباطنية).
-     "إن الشيعة ليست إلا لعبة يهودية ناقمة على الإسلام وحاقدة على المسلمين" (الشيخ إحسان إلهي ظهير، كتاب: الشيعة والسُّنة) [4].
أما أبو مصعب الزرقاوي متحدثا عن الشيعة" يقول: الرافضة عقبة كؤود، فهم الحية المتربصة، والعقرب الماكر، والعدو الحاقد والزاحف، وهم السم الزعاف"، وهو يعتبر خطرهم مستمرا وأطماعهم لا حدود لها، ويضيف: "مع مرور الأيام كبرت آمالهم في أن يقيموا دولة للرافضة تمتد من إيران مرورا بالعراق وسورية إلى لبنان"[5].
 وبعد وفاة أبو مصعب ، استمر الموقف المعادي للشيعه، حيث اعتبر "تنظيم داعش" "أصحاب مذهب الشيعه مرتدين لابد من قتلهم لتشكيل هيئة نقيه من الإسلام"!![6]
 
ثانياً : الحرب على الجبهة الشيعية[7] :
كما اختار أهل السنة أن يخوضوا حربهم ضد الشيعة تحت كناية الروافض، كذلك اختار أهل الشيعة أن يخوضوا حربهم ضد السنة تحت كناية النواصب.
إن تحديد معنى "النواصب" يحتل باباً شبه ثابت في الأدبيات الشيعية، هذا إن لم تفرد له كتب بكاملها، وقد كان التعريف الأبكر ظهوراً والأكثر تداولاً هو ذاك القائل إن الناصب هو من ينصب العداوة لأهل البيت.
ولكن قصور هذا التعريف ما لبث أن برز بوضوح في سياق الفتنة الطائفية المتصلة في بغداد ومدن أخرى ما بين القرنين الرابع والسابع الهجريين، وكذلك في سياق الحرب الكلامية والردود المتبادلة بين متكلمي السنة والشيعة.
"فصحيح أن معاداة أهل البيت ممثلين بعلي بن أبي طالب، وجدت تعبيرها الأول في وقعتي الجمل وصفين اللتين قادهما عائشة ومعاوية، ثم في وقعة النهروان التي قادها الخوارج، وصحيح ان معظم الخلفاء الأمويين – ومن بعدهم بعض خلفاء بني العباس – شنوا حروباً متوالية ضد أهل البيت وضد الطالبيين عموماً، ولكن نزعة العداء المباشر لأهل البيت، كما أسسها معاوية بن أبي سفيان من خلال طقس لعن "ابي تراب" (المقصود علي بن أبي طالب) على منابر المساجد، طويت صفحتها مع قيام العهد العباسي، ولم تجد انعكاساً نظرياً لها في أدبيات أهل السنة التي كانت "سنيتها" بالذات تلزمها – إلا في حالات استثنائية- بتوقير أهل البيت بوصفهم احفاد الرسول وذريته من بنته فاطمة"[8].
"ومن هنا بات من المحتم توسيع مفهوم النصب ليتعدى أهل البيت إلى معاداة شيعة أهل البيت، وذلك ما وجد ترجمة مباشرة له في الحديث الذي نسبه الشيخ "الصدوق بن بابويه القمي" (تـ 381ه) في كتابه "علل الشرائع" إلى الإمام السادس جعفر الصادق، فنقلاً عن عبدا لله بن سنان قال جعفر الصادق: "ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت، لأنك لا تجد رجلاً يقول: أنا أبغض محمداً وآل محمد، ولكن الناصب من نصب لكم وهو يعلم أنكم تتولوننا وأنكم من شيعتنا".
وهذا التعريف الموسع للنصب، هو ما تبناه الشيخ زين الدين العاملي، عندما قال في كتابه "روض الجنان": "إن الناصبي هو الذي نصب العداوة لشيعة أهل البيت، وتظاهر في القدح فيهم كما هو حال أكثر المخالفين لنا في هذه الأعصار في كل الامصار". وقد قرن هذا التعريف الموسع بآخر مقيد ينص على أن الناصب هو كل من يقدم أبا بكر وعمر بن الخطاب على علي بن أبي طالب في الخلافة"[9].
والحال أن متكلمي الشيعية يستنبتون لهذا المعيار بعداً لاهوتياً من خلال ربطه بضرورة الإيمان بـ"النص"، وتحويله بالتالي إلى اصل من أصول الدين. والنص المعني هنا ، هو النص على إمامة علي في يوم غدير خم من قبل الرسول قبيل وفاته بأشهر.
يضيف العُلاَّمة الحلي في كتابه "المنتهى": "إن الإمامة من أركان الدين وأصوله، والجاحد لها لا يكون مصدقاً للرسول في جميع ما جاء به ، فيكون كافراً".
وسيستعيد المولى محمد صالح المازندراني في شرح أصول الكافي التعبير نفسه فيقول: "ومن أنكرها، يعني الولاية، فهو كافر حيث انكر أعظم ما جاء به الرسول"، كذلك سيؤكد مصنف "الحدائق الناضرة": "ان الولاية معيار الكفر والإيمان.. وكافر هو من انكر الولاية، وكفره "كفر حقيقي دنيا وآخرة ولا يجوز إطلاق اسم الإسلام عليه بالكلية"[10].
" ويروي "الكليني"، طبري الشيعة، في "الكافي" على لسان الإمام السادس أبي عبد الله جعفر الصادق فقال: إن الله لم يخلق خلقاً شراً من الكلب، وإن الناصب (السني) أهون على الله من الكلب" ، أما المحقق البحراني في كتابه "الحدائق الناضرة" فيجزم بالقول : "لا خلاف في كفر الناصب (السُّني) ونجاسته وحل ماله ودمه وأن حكمه حكم الكافر". "وعلى هذا النحو يكون النواصب كفاراً ومنتحلين للإسلام، ولا خلاف في نجاستهم".
وفي هذا السياق لن يتردد آية الله الخميني في كتابه "تحرير الوسيلة" في أن يفتي: "أما النواصب والخوارج لعنهم الله فهما نَجِسانِ بلا توقف، ويضيف قائلاً " لا يجوز للمؤمنة ان تنكح الناصب المُعلن بعداوة أهل البيت، ولا الغالي المعتقد بألوهيتهم أو نبوتهم، وكذا لا يجوز للمؤمن أن ينكح الناصبة والغالية لأنهما بحكم الكفار إن انتحلا دين الإسلام". كما سيؤكد الإمام الخوئي: "لا شبهة في نجاسة النواصب وكفرهم". وهذا ما سيخلص إليه أيضاً آية الله السيستاني في التعليقة على العروة الوثقى: "لا إشكال في نجاسة النواصب"[11].
بيد أن محمد باقر الصدر يذهب إلى أبعد من ذلك، ويفرد صفحات عدة من كتابه "شرح العروة الوثقى" ليقيم تمييزاً مفهومياً بين النجاسة والأنجسية، ولينسب النجاسة إلى الكافر سواء اكان كتابياً أم مشركاً، ولكن ليوقف الأنجسية على الناصبي وحده، السيستاني إلى الحكم في التعليقة على العروة الوثقى بان "أسئار الحيوان لها طاهرة، عدا الكلب والخنزير والكافر والناصب". "وأفتى الخميني اخيراً في تحرير الوسيلة بانه " لا تجوز صلاة الميت "على الكافر ومن حكم بكفره ممن انتحل الإسلام كالنواصب والخوارج"[12].
ولا شك أنه وجدت في الأدبيات الشيعية محاولات اجتهادية لإخراج "الناصب" من دائرة الكفر، وبالتالي لعدم تجويز قتله واستباحة ماله وأهله، ولكن هذه المحاولات –كما يقول جورج طرابيشي- بقيت مهمشة ومسفهة من قبل التيار الغالب.
لكن هنا لا بد من وقفة . فجميع هذه الاحكام التي تحفل بها موسوعات الفقه الشيعية والتي تبدأ بحصر الناصب في حظيرة النجاسة والرجاسة لتنتهي بتحليل دمه وماله واستباحة نسائه وأطفاله تبقى مع ذلك – ولحسن الحظ- في حالة وقف تنفيذ، وصمام الامان الذي يحول دون تفعيلها هو مبدأ التقية. ورغم أن هذا المبدأ هو موضع تشنيع كبير من قبل الأعداء الألداء لـ"الرافضة" (الشيعة) الذين هم "الناصبة" (السُّنة)، فلا مجال للمماراة في ما له من دور حاسم في تعطل تلك الاحكام بصورة مؤقتة نظرياً –ولكن مستديمة علمياً- أو إرجاء تنفيذها إلى دعوة المهدي أو "قيام القائم" أو إرجاء تنفيذها إلى الآخرة[13].
ومسألة "قيامة القائم" هذه تستأهل منا وقفة. فلئن يكن من شان التقية، المرهونة بميزان القوى الدنيوي، أن تعلق الأمر بقتل "النواصب" وأن تضعه في حالة وقف تنفيذ وترجئه إلى يوم رجعة "المهدي" ليملأ الأرض عدلاً كما مُلِئَتْ جوراً، فإنه مع "قيامة القائم" يبطل حكم التقية ويدخل في حيز التنفيذ ما طال إرجاء تنفيذه.
في ذلك يروي مصنف بحار الأنوار على لسان الإمام جعفر الصادق، أنه قال لما سئل عن وضع "النواصب" في دولة "القائم": "لمن خالفنا في دولتنا من نصيب، إن الله قد أحل لنا دماءهم عند "قيام قائمناً"، فاليوم محرم علينا ذلك، فلا يغرنك أحد، إذا "قام قائمنا" انتقم لله ولرسوله ولنا أجمعين".
في رواية أخرى أنه قال:"إذا "قام قائمنا" عرضوا كل ناصب عليه، فإن أقر بالإسلام، وهي الولاية لعلي، وإلا ضربت عنقه أو أقر بالجزية فأداها كما يؤدي أهل الجزية".
وفي رواية ثالثة أنه قال: "حين "يقوم القائم" يخرج موتوراً غضبان آسفاً لغضب الله على هذا الخلق، عليه قميص الرسول وسيفه ذو الفقار، يجرد السيف على عاتقه ثمانية أشهر يقتل هرجاً ، فاول ما يبدأ ببني شيبة فيقطع أيديهم ويعلقها في الكعبة ينادي منادياً: هؤلاء سُرَّاق بيت الله، ثم يتناول قريشاً فلا يأخذ منها إلا السيف لا يعيطها إلا السيف"، ثم تعم المقتلة بقية المخالفين، وعلى رأسهم النواصب (السنة) –وكذلك الشيعة الغلاة والشيعة الزيدية- ولا يستثني منها إلا من تاب[14].
وفي باب "الدعاء على الناصب" و "لعن الناصب المعلن والتبرؤ منه" أورد مصنف "بحار الأنوار" على لسان "الإمام الرضا" الدعاء التالي: "يا الله، أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد عليه وعليهم السلام.. وأن تضاعف أنواع العذاب واللعائن على مبغضيهم وغاصبيهم.. والناصبين عداوتهم.. والناكثين لأتباعهم، اللهم فأبح حريمهم وألق الرعب في قلوبهم، وأنزل عليهم رجزك وعذابك ونكالك.. وشدائدك ونوازلك ونقماتك "[15].
ولكن الدعاء الأشهر والأكثر تداولاً في المأثورات الإمامية، هو ذاك الذي يفيدنا المجلسي "أن عبد الله بن عباس رواه عن علي بن أبي طالب، ونص الدعاء كالآتي: "اللهم العن الذين خالفا امرك، وجحدا إنعامك، وعَصَيا رسولك ، وقَلَبا دينك، وحَرَفا كتابك، وعطلا احكامك، وأبطلا فرائضك ، وألحدا في آياتك، وعاديا أولياءك، وواليا أعداءك، وخربا بلادك ، وأفسدا عبادك. اللهم العنهما وأنصارهما، فقد أهربا بيت النبوة، وردما بابه ونقضا سقفه.. واستأصلا أهله، وأبادا أنصاره، وقتلا أطفاله ، وأخليا منبره من وصيه ووارثه.. اللهم عاقبهم بعدد كل منكر أتوه، وحق أخفوه، ومنبر علوه، ومنافق ولوه، وصادق طردوه، وامام قهروه، ودم أراقوه، وحكم قلبوه، وإرث غصبوه.. وحلال حرموه، وحرام حللوه.. اللهم العنهما بعدد كل آية حرفوها، وفريضة تركوها ، وسنة غيروها وأحكام عطلوها، وأرحام قطعوها .. اللهم العنهما في مكنون السر، وظاهر العلانية لعناً كثيراً دائباً أبداً، دائماً سرمداً لا انقطاع لأمده ولا نفاذ لعدده، لهم ولأعوانهم وأنصارهم، ومحبيهم والمسلمين لهم ، والمقتدين بكلامهم، والمصدقين باحكامهم.. اللهم عذبهم عذاباً يستغيث منه أهل النار، آمين!" [16].
يقول نعمة الله الجزائري في نص قصير من كتابه "الأنوار النعمانية": "إنا لا نجتمع معهم على إله ولا على نبي ولا على إمام. إن ربهم هو الذي كان محمد نبيه وخليفته من بعده أبو بكر. ونحن لا نقول بهذا الرب ولا بذلك النبي. إن الرب الذي خليفة نبيه أبو بكر ليس ربنا ولا ذلك النبي نبينا".
ولكن كان لابد من انتظار الأزمنة الحديثة وانتصار الثورة الخمينية، وقيام الحكم الثيوقراطي في ايران حتى تقام معادلة صريحة بين "النواصب" و "اهل السنة والجماعة". نموذج ذلك نجده لدى المستبصر محمد التيجاني السماوي التونسي الذي يقول تحت عنوان التعريف بأهل السنة: "هم الذين يرجعون في الفتوى والتقليد إلى أئمة المذاهب الأربعة: أبي حنيفه ومالك والشافعي واحمد بن حنبل.. وحكام الجور هم الذي نَصَّبوا أئمة أهل السنة هؤلاء.. وهؤلاء الأئمة الأربعة لم يكونوا من صحابة الرسول ولا من التابعين، ولا علم لهم بالسنة النبوية.. وكانوا صنيعة السياسة الأموية.. والتف حولهم كل من عادى علياً والعترة الطاهرة، وكان من أنصار الخلفاء الثلاثة وكل الحكام من بني أمية وبني العباس"... ويؤكد التيجاني أنه لكي لا يكون السني ناصبياً، فلا بد أولاً ألا يعتقد بخلافة الخلفاء الثلاثة الأوائل، ولابد ثانياً ألا يكون منتمياً إلى أي مذهب من المذاهب الأربعة، الحنفي والشافعي المالكي والحنبلي، ولابد ثالثاً وأخيراً ألا يكون من القائلين بمقولة عدالة الصحابة[17].
 
ولكن هل هناك سُنِّي واحد تنطبق عليه هذه الشروط الثلاثة؟ ولأنه لا وجود لمثل هذا السُّني المثالي، فإن مصنف الشيعة هم أهل السنة لا يتردد في أن يؤكد بأن "الشيعة الإمامية" هم وحدهم "أهل السنة الحقيقية" لأنهم أحبوا حبيب الله في ضلال الأغلبية الساحقة من المسلمين"[18].
أخيراً، خرج نوري المالكي بتاريخ 25/7/2015 على فضائية "الحياة" يؤكد كل ما اوردناه من مقولات الشيعة ضد السنة، حيث قال "إن جذر الصراع يعود في أسبابه إلى السعودية والوهابية –إي إلى السُّنة"....يتبع
 


[1] جورج طرابيشي – مصدر سبق ذكره - ص53
[2] جورج طرابيشي – مصدر سبق ذكره - ص54
[3] جورج طرابيشي – مصدر سبق ذكره - ص57
[4] جورج طرابيشي – مصدر سبق ذكره - ص58-59
[5] المصدر: ديفيد هيرست – صحيفة الأيام – 6/8/2015 – ص18.
[6] المصدر: موقع ويكيبيديا - الانترنت.
[7]  مذهب الشيعة: وقوام هذا المذهب هو ما ذكره "ابن خلدون" في مقدمته: "إن الإمامة ليست من مصالح العامة التي تفوض إلى الأمة، ويتعين القائم فيها بتعيينهم، بل هي ركن الدين وقاعدة الإسلام، ولا يجوز لنبي إغفالها، وتفويضها إلى الأمة، بل يجب عليه تعيين الإمام لهم، ويكون معصوماً عن الكبائر والصغائر". ويتفق "الشيعة" على أن "علي بن أبي طالب" هو "الخليفة المختار" من النبي  ... الإمامية "الاثنا عشرية": هذه الطائفة التي تحمل اسم "الشيعة الإمامية" يدخل في عمومها أكبر مذاهب الشيعة القائمة الآن في العالم الإسلامي في إيران والعراق وما وراءها من باكستان، وغيرها من البلاد الإسلامية، يرون أن الإمامة تكون في ذرية فاطمة الزهراء من الحسين بعد مقتل الحسين... الإمامية (الإسماعيلية): طائفة من الإمامية انتسبت إلى إسماعيل بن جعفر الصادق، خالط مذهبهم بعض آراء من عقائد الفرس القديمة، والأفكار الهندية... الزيدية :  هذه الفرقة هي أقرب فرق الشيعة إلى الجماعة الإسلامية وأكثر اعتدلاً، وهي لم ترفع الأئمة إلى مرتبة النبوة،  وإمام هذه الفرقة زيد بن علي زين العابدين...  النصيرية: هؤلاء سكنوا الشام ويعقتدون أن آل البيت أوتوا المعرفة المطلقة، ويعتقدون ان عليا لم يمت ، وأنه إله او قريب من الإله...  الخوارج : وهذه الفرقة أشد الفرق الإسلامية دفاعاً عن مذهبها ، وحماسة لآرائها، وأشد الفرق تدينا في جملتها وأشدها تهوراً واندفاعاً.  الخوارج لا يقصرون الخلافة على بيت من بيوت العرب، ولا على قبيل من قبيلهم، بل لا يقصرونها على جنس من الأجناس، أو فريق من الناس. فرق الخوارج:  الأزارقة/  الصفرية / العجاردة/ الإباضية.
وجملة آراء الإباضية: (أ) أن مخالفيهم من المسلمين ليسوا مشركين ولا مؤمنين ، ويسمونهم كفاراً، ويقولون أنهم كفار نعمة، لا كفر في الاعتقاد.  (ب) دماء مخالفيهم حرام.  (ج)  لا يحل من غنائم المسلمين الذين يحاربون إلا الخيل والسلاح، وكل ما فيه من قوة في الحروب ويردون الذهب والفضة.  (د) تجوز شهادة المخالفين ومناكحتهم والتوارث بينهم.  (المصدر: كتاب: تاريخ المذاهب الإسلامية .. في السياسة والعقائد وتاريخ المذاهب الفقهية – الإمام محمد أبو زهرة – دار الفكر العربي – القاهرة).
[8] جورج طرابيشي – مصدر سبق ذكره - ص63
[9] جورج طرابيشي – مصدر سبق ذكره - ص64
[10] الواقع أن بعض المصادر الشيعية التي تورد هذا التعريف للناصب على لسان الإمام العاشر تعززه بحديث منسوب إلى الرسول نفسه . وهكذا روى قطب الدين الراوندي في شرح نهج البلاغة عن "النبي أنه سئل عن الناصب بعده فقال: من يقدم على علي غيره".
       لا يعتد الشيعية كـ"نص" حديث غدير خم وحده، بل يعتمدون أيضاً ما يسمى عندهم بآية الولاية، وهي الآية 55 من سورة المائدة: "إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا" التي تقول مراجعهم انها نزلت في علي بن أبي طالب. واية الولاية هذه ينبغي تمييزها عن سورة الولاية التي تقول بعض المراجع الشيعية – أو تقول من قبل الخصوم من أهل السنة على نحو ما فعل محب الدين الخطيب في كتابه الخطوط العريضة- إنها حذفت من المصحف العثماني. وقد جاء في نص هذه السورة على ما يقال: "يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالنبي والولي الذين بعثناهما يهديناكم إلى صراط مستقيم، نبي وولي بعضهما من بعض". والجدال حول هذه السورة مستمر  اليوم في المواقع الإلكترونية السنية والشيعية المتحاربة. وبينما تميل المواقع الثانية إلى نفي وجود تلك السورة، وتتهم الخصوم بانهم هم من اصطنعوا هذه الدعوى ليلصقوا بالشيعة تهمة القول بتحريف القرآن، تؤكد المواقع السنية أن هذا النفي وهذا التخريج هما من قبيل التقية. والجدير بالذكر أن بعض رجال الكهنوت المسيحي تدخلوا بدورهم في هذا الصراع بين السنة والشيعة حول سورة الولاية المحذوفة من المصحف ليوظفوا لحسابهم الخاص دعوى تحريف القرآن على نحو ما فعل الأب يوسف درة الحداد في كتابه الإتقان في تحريف القرآن والقمص زكرياً بطرس في تلفزيون "قناة الحياة".
[11]  جورج طرابيشي – مصدر سبق ذكره - ص66
[12] جورج طرابيشي – مصدر سبق ذكره - ص72
[13] جورج طرابيشي – مصدر سبق ذكره - ص77
[14] جورج طرابيشي – مصدر سبق ذكره - ص78
[15] جورج طرابيشي – مصدر سبق ذكره - ص80
[16] جورج طرابيشي – مصدر سبق ذكره - ص81
[17] جورج طرابيشي – مصدر سبق ذكره - ص85
[18] جورج طرابيشي – مصدر سبق ذكره - ص87