دولة الخلافة حلم البيجيديين وعقيدتهم. 2/1


سعيد الكحل
الحوار المتمدن - العدد: 5176 - 2016 / 5 / 28 - 15:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

لم تكن جماعة العدل والإحسان وحدها تؤمن بعودة الخلافة على منهاج النبوة ولا هي تنفرد بالسعي لإقامتها ؛ بل هو اعتقاد تتأسس عليه تنظيمات الإسلامي السياسي وتبني عليه شرعية وجودها . فليست أدبيات العدليين هي التي تتضمن وجوب الانتصار لقيام دولة الخلافة ومناصرة الساعين إليها والعاملين عليها ، وإنما تلتقي معها وعندها أدبيات حركة التوحيد والإصلاح حاضنة حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة ويسعى لتصريف مواقف وخطط الحركة الدعوية من داخل مؤسسات الدولة . ورغم المراجعات التي قامت بها الحركة فيما يتعلق بموقفها من الديمقراطية ومن المشاركة السياسية من داخل المؤسسات الدستورية ، فإنها تظل متمسكة بالعقائد المؤسّْسة وبالغايات التي وُجدت من أجلها . وأية مقارنة بسيطة بين تصور الجماعتين للنظام والدولة المغربيين ستثبت تشابها كبيرا حد التطابق بينهما . وحركة التوحيد والإصلاح لا تخفي حقيقة ثوابتها العقدية التي ضمنتها الوثيقة السياسية التي أصدرتها في 2003 ، حيث حددت بكل وضوح تصورها وحكمها كالتالي(يعيش المغرب اليوم سواء على مستوى نظامه السياسي أو القانوني أو الدستوري أو الاقتصادي أو الاجتماعي صورا شتى من الخلل والتعارض مع الإسلام باعتباره المرجع الأسمى الذي اشتقت منه الأمة المغربية مقومات وجودها).فلم تكتف الحركة بالإشارة إلى ما اعتبرته "خللا" في النظام السياسي والقانوني .. بل أفتت بكونه "تعارضا مع الإسلام" كعقيدة وشريعة .ومادام النظام السياسي وتشريعاته معارضا للإسلام ،فإنه لا سبيل لإصلاح الوضع إلا بتغيير النظام . وهذه عقيدة وقناعة تلتقي عندها تنظيمات الإسلام السياسي والتيار السلفي على اختلاف أطيافها ، ليبقى الفرق فقط في التكتيك والأساليب المعتمدة . فإذا كانت جماعة العدل والإحسان اختارت مقاطعة مؤسسات النظام وعدم الاشتغال من داخلها بحجة أنه (=الاشتغال) هو مصالحة مع النظام وتمديد لأمد حكمه وترميم لصدْعه وتقوية لبنيانه المتهالك ، فإن حركة التوحيد والإصلاح تؤجل المواجهة مع النظام وتفضل التغلغل في هياكل الدولة ومؤسسات النظام المنتخبة بغاية توظيفها لخدمة مشروع الأسلمة الذي يشمل الدولة والقوانين والمجتمع . وهذا ما نصت عليه أدبيات حزب العدالة والتنمية الذي يترجم توجهات الحركة الدعوية: ( إن الاشتغال على قضايا المرجعية والهوية والقضايا الأخلاقية وجب أن يتم ضمن آليات الاشتغال وأدوات الخطاب السياسي أي باعتبارها من قضايا السياسات العمومية مما يقتضي التركيز على مقاربتها مقاربة قانونية وتشريعية ورقابية . فمقاربة الحزب لقضايا الهوية والأخلاق تتم بترجمتها إلى إجراءات عملية ومقترحات مفصلة مع آليات التنفيذ ، وهو ما يعني اقتراح سياسات عمومية في إطار برامج سياسية تطرح ديمقراطيا ضمن المؤسسات المنتخبة ذات الصلاحية ) .وأيا كان الاختلاف بين الحركة والجماعة ،فكلتاهما تتفقان على أن الدين لا ينفصل عن الدولة وقوانينها ومؤسساتها كما هو واضح في كتابات الشيخ ياسين( ما الدين عقيدة رسمية لدولة تفرض على الناس الخضوع لها .. وما الدين بمعزل عن الدولة وعن التنظيم السياسي ). وكما ذهبت الحركة إلى الحكم على الدولة المغربية ونظامها السياسي "بالتعارض مع الإسلام" ،فإن أدبيات الجماعة فعلت الشيء نفسه ( والذي وجدناه أمامنا دولة بلا دين ، دولة تستخف بالدين ، دولة تنكر الدين ) . ويهمنا ، في هذا المقام، بيان الأساس العقدي الذي يجعل الحركة تنشد دولة الخلافة وتسعى إليها ، ويتعلق الأمر بالحديث المنسوب إلى الرسول (ص) والذي يبشر فيه بعودة الخلافة على منهاج النبوة (وجاء الصحابة الأوائل فاخذوا منهاجه (الرسول) في الحكم فكانوا خلفاء راشدين مهديين فكان حكمهم ”خلافة على منهاج النبوة ”كما قال صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه أبو داود في السنن ”خلافة النبوة ثلاثون سنة ثم يؤتي الله الملك أو ملكه من يشاء”.إن الهيئتين معا تستندان إلى نفس الأحاديث"المبشرة" بعودة الخلافة بعد زوال "المُلْك العضوض" ، وكلتاهما تتطلعان إلى اليوم الذي تشرق فيه شمس الخلافة على بلاد المغرب .فعودة الخلافة على منهاج النبوة أمر عقدي محسوم بالنسبة لحركة التوحيد والإصلاح ولا يمكنها مراجعته أو التخلي عنه .