القاموس القرآنى : ( ذر ).!!


أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن - العدد: 5161 - 2016 / 5 / 13 - 22:15
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

مقدمة :
( ذر ) فعل أمر من كلمتين فقط ، بمعنى (أُترك) جاء بمشتقاته فى القرآن الكريم بمعنى ( أُترك ) أو ( دع ) أو ( إعرض ). وبعض هذا جاء بالمعنى العقيدى فيما يخص حرية الدين فى الاسلام . والآخر بالمعنى العادى : ( ترك )
( ذر ) بالمعنى العادى ( ترك )
عن أحوال الصحابة و ( المؤمنين ) :
1 ـ يقول جل وعلا : ( وَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُوْلُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ (86) التوبة ). أى عند نزول الأمر بالجهاد يستأذن كبار المنافقين يقولون ( ذرنا ) أى اتركنا مع القاعدين .
2 ـ يقول جل وعلا :( سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ )(15) الفتح )،أى( أُتركونا ) نتبعكم .
3 ـ يقول جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) البقرة ). الله جل وعلا يأمر الصحابة آكلى الربا المحرم بالتنازل عن الفائدة المركبة ، أو ( ترك ) ما بقى من الربا .
4 ـ يقول جل وعلا : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ )(9) الجمعة ). الله جل وعلا يأمر الصحابة المتكاسلين عن صلاة الجمعة بأنه إذا نودى للصلاة لها أن ( يتركوا) البيع من اجل حضورها.
فى التشريعات :
5 ـ يقول جل وعلا :( وَذَرُوا ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ )(120) الانعام ). الله جل وعلا يأمر المؤمنين ب ( ترك ) الإثم ظاهره وباطنه .
6 ـ يقول جل وعلا : ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (234) البقرة ). الله جل وعلا يتكلم عمّن يتوفى و ( يترك ) زوجة فعليها عدة الأرملة أربعة أشهر وعشرة أيام ، ويمكن أن تتزوج بعدها .
7 ـ ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (240) البقرة ). الله جل وعلا يتكلم عمّن يتوفى و ( يترك ) زوجة فلها حق البقاء فى بيت الزوجية لمدة عام .
عن المؤمنين وإختبار الايمان
8 ـ يقول جل وعلا : ( مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنْ الطَّيِّبِ ) (179) آل عمران ) الله جل وعلا لا ( يترك ) المؤمنين دون إختبار يتبين به من هو منهم صحيح الايمان ومن هم منهم ضعيف الايمان .
عن قيام الساعة :
9 ـ يقول جل وعلا : ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً (105) فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً (106) طه ). الله جل وعلا يخبر بحال الجبال عند قيام الساعة وتدمير الأرض ، إذ ينسفها نسفا ، ف ( يتركها ) قاعا وهباءا منثورا .
عن المشركين :
10 ـ يقول جل وعلا : ( إِنَّ هَؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً (27) الانسان ). الكافرون يحبون هذه الدنيا و( يتركون ) التفكير فى اليوم الآخر ، اليوم الثقيل .!!.
فى قصص الأنبياء :
11 ـ يقول جل وعلا : ( وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى ) (26) غافر ) فرعون يطلب من قومه أن ( يتركوه ) يقتل موسى .!
12ـ يقول جل وعلا:(وَقَالَ الْمَلأ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ )(127) الاعراف). الملأ الفرعونى يطلب من فرعون ألا ( يترك ) موسى وقومه ليفسدوا فى الأرض ، وأن موسى لن ( يترك ) العيب فى فرعون وآلهته .
13 ـ يقول جل وعلا :( وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ ) 64) هود )، صالح عليه السلام يقول لقومه عن الناقة ( أُتركوها ) تأكل فى أرض الله جل وعلا .
14 ـ يقول جل وعلا :( قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّا تَأْكُلُونَ (47) يوسف ) يوسف ينصح الملك بأن ( يتركوا ) معظم محصول القمح فى سنابله .
( ذر ) بالمعنى العقيدى :
أولا : فى إطار الحرية المطلقة فى الدين : من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ، ومن إهتدى فلنفسه ومن ضل فعليها :
1 ـ يأتى مصطلح ( ذر ) هنا مؤكدا على الاعراض عن الكافرين وما يفعلون وما يفترون ، أى تقرير حريتهم فى الكفر القولى والعقيدى . وينبع هذا من عقيدة الايمان باليوم الآخر ، حيث أتاح الله جل وعلا للبشر حريتهم المطلقة فى الدين ليحاسبهم عليها يوم الدين . وهو جل وهلا صاحب الدين وهو جل وعلا مالك يوم الدين ، وليس لبشر ـ حتى الأنبياء ـ أن يتدخل فى هذه الحرية ، فما على الرسول الا البلاغ ، ثم ينتظر الحكم عليه وعليهم يوم الدين ، ويقول للمعاندين أن يظلوا على ماهم عليه ( على مكانتهم ) وأن يظل هو على دينه ( على مكانته ) الى أن يحكم بينهم رب العزة يوم الدين. فهو عليه السلام ليس وكيلا عن أحد : (قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (39) مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ (40) إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنْ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (41) الزمر ) ( قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (135) الانعام ) وقالها النبى شعيب لقومه : ( وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ (93) هود )
2 ــ هذا فى الدين الالهى ( الاسلام ) الذى نزلت به الرسالات السماوية ، ولكن يتناقض الأمر مع الديانات الأرضية التى يفتريها البشر ، حيث يتحكم المترفون المستبدون ومعهم رجال دينهم الأرضى فى الناس يركبونهم باسم هذا الدين ، ومن يخرج عن هذا الدين يعاقبونه بتهم مختلفة ، الزندقة ، الهرطقة ، حد الردة ، الخروج عن الجماعة ، إزالة المنكر ..
3 ـ إن الحكم هو لرب العزة جل وعلا يوم الدين فى الاختلافات الدينية بين البشر لأنه هو وحده عالم الغيب والشهادة وهو وحده فاطر السماوات والأرض : ( قُلْ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (46) الزمر )، ومن هنا يأتى مصطلح ( ذر ) بمعنى الترك فى تنويعات مختلفة ليؤكد الاعراض عن هؤلاء المشركين المفترين المكذبين المعاندين وعدم إكراههم فى الدين ، إكتفاءا بما ينتظرهم من عذاب يوم الدين . ونعطى بعض التفصيلات :
ثانيا : قوله جل وعلا (ذرنى ) :
أى ترك التصرف بشأنهم لرب العزة جل وعلا ، أى يتوعدهم رب العزة بجهنم ، وهذا يكفى لأن نتركهم دون إلحاح عليهم كى يؤمنوا .
عن مشركى قريش فى عهد النبوة
1 ـ يقول جل وعلا عن بعض مشركى قريش المعاندين : ( ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً (11))، الى ان يقول عن جزائه يوم الدين : ( سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26) المدثر ) أى يذر ويترك أمره لرب العزة جل وعلا.
2 ـ يقول جل وعلا يأمر رسوله بالصبر على اتهامات المكذبين بالقرآن الكريم ، ويذر أى يترك أمرهم اليه ، إكتفاءا بعذابهم فى الجحيم ، وذكر جل وعلا بعض أنواعه : ( وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً (10) وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً (11) إِنَّ لَدَيْنَا أَنكَالاً وَجَحِيماً (12) وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ وَعَذَاباً أَلِيماً (13) المزمل )
3 ـ عن طلبهم آية حسية رفضا للقرآن الكريم يقول جل وعلا : ( وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ (109) وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (110) الانعام )، الله جل وعلا هو الذى يذرهم أى يتركهم يعمهون فى طغيانهم .
عن المؤمنين بحديث آخر غير حديث القرآن والمكذبين بحديث القرآن :
4 ـ فلا إيمان إلا بحديث واحد هو حديث الله جل وعلا فى القرآن الكريم (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (6) الجاثية ) . ومن يؤمن بحدث آخر مع القرآن الكريم أو بغير القرآن الكريم يكون مكذبا للقرآن الكريم ، والله جل وعلا يستدرجهم بمتاع الدنيا وزينتها من حيث لا يعلمون الى أن يحل عليهم عذاب الجحيم ، لذا علينا أن ندع وأن ( نذر ) أمرهم لرب العزة جل وعلا ، يقول جل وعلا : ( فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ (44) القلم )
5 ـ يقول جل وعلا : ( أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدْ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (185) مَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَلا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (186) الاعراف ) الله جل وعلا فى استدراجه لهم ( يذرهم ) أى يتركهم فى طغيانهم يعمهون اى فى عمى وضلال . والطغيان والطاغوت من أوصاف الأحاديث المفتراة المنسوبة ظلما لرب العزة ولرسوله مثل ما يسمى بالحديث النبوى والحديث القدسى .
ثالثا : ( ذر ) أمر للنبى ولنا بالاعراض عن إفتراءات المشركين وعدم الالحاح عليهم بالهداية
عن مشركى قريش فى عهد النبوة
6 ـ يقول جل وعلا : (قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (135) وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنْ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيباً فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (136) وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (137) الانعام ). امره جل وعلا بأن يذرهم أى يتركهم وما يفترون .
عن المفترين من أهل الكتاب
7 ـ يقول جل وعلا : ( وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آبَاؤُكُمْ قُلْ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (91) الانعام ). إفتروا على الله جل وعلا كذبا بإنكار الكتب السماوية السابقة ، ونزل الأمر بتركهم فى خوضهم يلعبون .
عن المشركين عموما :
8 ـ يقول جل وعلا : ( رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (2) ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمْ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (3) الحجر ). هذا هو شأن من يريد الحياة الدنيا وزينتها ويلهو عن الآخرة مغرورا بآمال كاذبة، وعلينا أن نذرهم فيما هم فيه فسوف يعلمون .
9 ـ يقول جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (51) وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (52) فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (53) فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ (54) أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (55) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لا يَشْعُرُونَ (56) المؤمنون ). المشركون فى شقاقهم علينا ان نذرهم فى غمرتهم وغرقهم فى تفاهاتهم ، وفى غرورهم بالمال والبنين ، فهم لا يشعرون بما ينتظرهم يوم الدين .
10 ـ يقول جل وعلا عن خوضهم ولعبهم : (فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمْ الَّذِي يُوعَدُونَ (83) الزخرف )، و يقول جل وعلا : ( فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمْ الَّذِي يُوعَدُونَ (42) المعارج ): ويقول جل وعلا : ( وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ) الى أن يقول جل وعلا عنهم : ( لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (70) الانعام ) أى نذرهم فى دينهم الذى اتخذوه لهوا ولعبا وموالد ومآدب وولائم وفواحش ، حتى يلاقوا وعدهم فى الجحيم .
11 ـ وعمّن يلحد فى أسماء الله جل وعلا الحسنى يقول جل وعلا : ( وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (180) الاعراف )
12 ــ وعموما : يقول جل وعلا : ( فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمْ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (45) الطور ). كلمة الصعق معناها رهيب فى الدنيا ، فكيف به فى الآخرة ؟!!
عن المؤمنين بحديث آخر غير حديث القرآن والمكذبين بحديث القرآن .
13 ـ فالذى يؤمن بحديث آخر مع حديث رب العزة فى القرآن الكريم إنما هو كافر بالقرآن وهو عدو للنبى وتابع للوحى الشيطانى ، وعلينا أن نذرهم وما يفترون ، يقول جل وعلا : ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112) ، والذى يصغى لهذه الأحاديث ويرتضيها يكون معهم فى حزب الشيطان ، يقول جل وعلا : ( وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ (113) الانعام )
أخيرا :
بعدها يقول جل وعلا :( أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمْ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُونَنَّ مِنْ الْمُمْتَرِينَ (114) وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115) وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ (116) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (117) الانعام )
ودائما : صدق الله العظيم .