المؤتمر العربي العالمي


أفنان القاسم
الحوار المتمدن - العدد: 5130 - 2016 / 4 / 11 - 19:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

أولاً
أسوة بالمؤتمر اليهودي العالمي الذي تأسس في جنيف عام 1936، سنقوم بتأسيس المؤتمر العربي العالمي في باريس عام 2016، هم من أجل الوقوف في وجه النازية، ونحن من أجل الوقوف في وجه الإسلامية، هم من أجل حقوقهم السياسية والاقتصادية والإنسانية، ونحن من أجل حقوقنا السياسية والاقتصادية والإنسانية، هم من أجل وطن قومي في فلسطين، ونحن من أجل وطن قومي في فلسطين كفلسطينيين، وأوطان قومية مماثلة كعرب في سائر البلدان العربية، فهذه الأوطان إذا ما قورنت بالحريات المصادرة ليست أوطانًا قومية، وإنما معاقل لعصابات سلطوية أخذت كل واحدة منها مجازًا معنى الدولة، هم من أجل خلق هيئة يهودية عالمية يتم انتخاب أعضائها بشكل تمثيلي، ترفد المؤتمر، وتعمل على تطبيق قراراته، ونحن من أجل خلق هيئة عربية عالمية يتم انتخاب أعضائها بشكل تمثيلي، ترفد المؤتمر، وتعمل على تطبيق قراراته.

ثانيًا
أقيم المؤتمر اليهودي العالمي لهدف تحقيق الوَحدة اليهودية، وتعزيز النفوذ اليهودي، وتأسيس دولة يهودية، ونحن سنقيم المؤتمر العربي العالمي لهدف تحقيق الوَحدة العربية، وتعزيز النفوذ العربي، وتأسيس دولة فلسطينية للفلسطينيين، ودولاً عربية للعرب، فهذه الدول عبارة عن إسطبلات كل واحد منها أخذ شكل الدولة. ومثل مؤتمرهم، مؤتمرنا ليس مجلسًا للنواب، هو جمعية لمندوبين عن الشعوب العربية بلا هوية دينية أو سياسية همهم حماية الحقوق العربية بما فيها الحقوق الفلسطينية، وباسمهم يكون المؤتمر العربي العالمي عُنوانًا لشعوبهم في الوقت الذي يعمل فيه النظام العالمي على تفتيت هذه الشعوب إلى طوائف وملل وأحزاب، هذا المؤتمر الذي سيتكلم باسم 400 مليون عربي مع الحكومات في العالم عامة، ومع النظام العالمي خاصة. إنه قوته الذاتية، إضافة إلى القوى المالية التي تسانده في فلسطين والوطن العربي والكون.

ثالثًا
على شاكلة المؤتمر اليهودي العالمي الذي طالبت إدارته الحكومة البريطانية آنذاك بألا توقف الهجرة إلى فلسطين، ستطالب إدارة المؤتمر العربي العالمي البيت الأبيض بألا يوقف مجهودات السلام في الشرق الأوسط، وذلك كالتالي: حل القضية الفلسطينية بترك كل شيء على ما هو عليه ميدانيًا، مع بعض الإجراءات السياسية التي لا بد منها مثل تبديل السياسة الفلسطينية لأمريكا في فلسطين والسياسة الإسرائيلية لأمريكا في إسرائيل، بكلام آخر إسقاط السلطة الفلسطينية (وسلطة حماس) والتوقف عن تحريك الحكام الإسرائيليين كالدمى فيما هي غير مصالحهم على اعتبار أنها مصالحهم، بينما كل ما ترمي إليه الإدارة الأمريكية خداع إسرائيل، فهي مثلما تسيطر بالدين على السعودية، تسيطر على إسرائيل تحت ذريعة يهوديتها التي ستكون دمارًا لها في عالم ينفتح على بعضه بقوة العولمة. وبكلمتين سيكون حلي الذي سبق لي طرحه في خطتي للسلام منذ عدة أعوام، هذه الخطة التي حظت بتأييد عدد كبير من الدول الأوروبية وكندا، سيكون حلي للمستوطنات بإعطاء الجنسية المزدوجة للمستوطنين، وانتهى الإشكال، للاجئين بتعويضهم، وهم فيما بعد أحرار في اختيار مكان عملهم وسكناهم حتى في إسرائيل نفسها، كما هو حال مواطني الاتحاد الأوروبي، وللقدس بتركها موحدة تحت راية بلديتها بينما تحتل الوزارات الفلسطينية أماكن متفرقة فيها. فيما يخص الأنظمة العربية الحلول ما أسهلها، وذلك دون المساس بأي حاكم من حكامها: النظام الملكي يُخلي المكان لنظام دستوري علماني تمامًا كما هو جارٍ في إنجلترا مع الملكة إليزابيث التي هي هنا فقط لحماية الدستور والسهر على الديمقراطية، وتدخل في هذا المضمار السعودية وكل بلدان الخليج والأردن والمغرب. النظام الجمهوري، الشيء نفسه، رئيس الوزراء المنتخب بالأغلبية هو الحاكم الفعلي وبشكل تبادلي كما هو جارٍ في ألمانيا واليونان وإيطاليا، نظام تلتغي فيه المحاصصة الطائفية المشئومة في العراق ولبنان وليبيا، ويحافظ فيه على التوريث الاستثنائي في سوريا، اقتراح قدمتُهُ منذ خمس سنوات على أساس أن يكون حافظ بشار الأسد رئيسًا تحت الوصاية (لصغر سنه)، وصاية المعارضة طبعًا، وتكون انتخابات حرة، تجيء بحكومة ديمقراطية، وعلى هذا الأساس لن يكون هناك لا غالب ولا مغلوب.

رابعًا
ستكون للمؤتمر العربي العالمي صلاحية خلع هذا الملك أو ذاك، إقالة هذا الرئيس أو ذاك، لأن ملوكنا ورؤوسنا الدكتاتوريين لن يقبلوا بالنظام الدستوري بسهولة، وبالتالي لن يخضعوا للقرارات المصيرية التي يتخذها المؤتمر العربي العالمي. لتنفيذ ذلك سيتوجه المؤتمر إلى النظام العالمي، فكل هؤلاء من صنع أمريكا، وعلى أمريكا أن تتصرف مع حجارة شطرنجها بالتي هي أحسن مقابل كل الضمانات السياسية والاقتصادية والجغرافية التي يوجبها النظام العالمي، ومقابل المقابل ضمانات التقدم والعدل والحرية. إن بناء الدولة الحديثة هدف المؤتمر العالمي للعرب، وهو كهدف لا يمكن تحقيقه إلا بدعم الدول المتطورة على كافة المستويات، وبالمقابل ترميم الصدوع في بِنياتها، ونعني بالصدوع أزماتها الاقتصادية التي في مقدمتها البِطالة، فدولة اقتصادية كدولة فلسطين مثلاً، أكرر دولة اقتصادية، وقد تحققت للفلسطينيين هويتهم الوطنية، لن تتردد عن استيعاب كل ما تقدر عليه من طاقات بشرية تحتاج إليها نهضتها.

خامسًا
المؤتمر العربي العالمي مُمَثلاً بنا، هذه اللحظة، قبل أن يتم تأسيسه، نحن العاشقين لأوطاننا، الباحثين عن إنقاذ شعوبنا، على استعداد للتحاور مع كل من يريد التحاور في العالم العربي وفي العالم، فنضع حدًا لمآسي إنساننا العربي ومهاوي الإنسان الغربي، بعد أن فلتت الأمور من أيدي حكامه، فسياسة الترقيع لا تجدي نفعًا، وإذا ما يوجد هناك خاسر فعلي، فهو النظام العالمي، وكل الأنظمة التي تدور في فلكه.


الاثنين 2016.04.11