رسالة الى الرئيس السيسى


هشام حتاته
الحوار المتمدن - العدد: 5098 - 2016 / 3 / 9 - 07:24
المحور: المجتمع المدني     

اكتب لسيادتكم هذه الرسالة فى الفضاء الاليكترونى المتاح لنا كعلمانيين الكتابه فيه ، فالاعلام والصحف الورقة لاتتحمل كتاباتنا رغم ان على راسها العديد من العلمانيين ولكنهم يعملون بحكمة ( السكوت من ذهب ) وسارسلها على الموقع الخاص بكم وارجو ان تعرض عليكم
بالطبع انا مدين لكم بدين فى عنقى ، وهو تخليصنا من حكم الاخوان المسلمين الاسود ، ولكن ولائى لمصر اكبر
بشرت بك قبل ان تاتى ، وبشرت بنهاية الاخوان المسلمين لانى قارئ جيد للتاريخ واعرف ان البدايات المتشابهه تؤدى الى نتائج متشابهه
شبهوك بمحمد على او احمس ولكنى شبهتك بحور محب الذى قضى على العائلة الاخناتونية التى كانت شبيهه بالاخوان الذان اخترعا صورة معينه لله وارادوا فرضها على المصريين فثاروا على اخناتون كما سيثوروا على الاخوان ( والذى حدث بالفعل )
*حور محب السيسى : هل يتكرر التاريخ ؟
http://www.m.ahewar.org/s.asp?aid=363471&r=0
* ليبرالية التعدد وديكتاتورية التوحيد ( من اخناتون الى مرسى )
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=337697
قرأت انكم قلتم ردا على سؤال ماهون اجمل شئ شاهدته هناك ( بدون مبالغة الإنسان .. أنا اللى بهرنى ونفسى أنقله هنا هو الإنسان اللى أنا شوفته ومش أى حاجة تانى )
وهذه حقيقة سيدى الرئيس ... الانسان هو صانع المعجوه بعد انتهاء عصر معجزات الانبياء ، ولكن السؤال : كيف نصنع الانسان فى مصر ليكون مثيلا لما رايته هناك ؟
وقبل الاجابه على هذا السؤال ، اذكر انكم قلتم فى كلمتكم فى ختام المؤتمر الاقتصادى العالمى ( إن اليابان التى يتعلم منها العالم الآن التقدم.. تعلمت أيضا من مصر منذ أكثر من 153 سنة ) وهذه حقيقة ونزيد عليها ان كوريا الجنوبية ايضا وفى العام 1962 ارسلت بعثة من المسئولين والباحثين إلى مصر للتعرف على أوجه الازدهار والتقدم التى تمتعت بها مصر فى هذا الوقت ( قبل كارثة 1967 والتى مازلنا نعانى من آثارها حتى اليوم )
خرجت اليابان من الحرب العالمية الثانية مهزومة ومحطمة فى وقت كانت مصر تنعم بالخيرات ، لم يستمطروا اللعنات على امريكا والغرب ، ولم يستدعوا بوذا لانقاذهم ، ولكنهم وجدوا الكتالوج الذى بدا الغرب فى تطبيقة وطبقوه ، ولم يخترعوا العجله من جديد ولكنهم اخذوا واضافوا
وكان متوسط دخل الفرد فى كوريا الجنوبية لايزيد عن 2 دولار يوميا اى 640 دولار سنويا ليصل الان الى 24 الف دولار
المانيا خرجت ايضا من الحرب العالمية الثانية مهزومة ومحطمة ، انصاعت لمافرض عليها من امريكا والغرب ولم يتنادوا بالعزة القومية ، والان كلنا نرى ماصولت اليه المانيا ، بل انها تفوقت على الذين هزموها
اسرائيل ياسيدى الرئيس .... وصلت التى التقدم العلمى والتكنولوجى لتصبح من الدول الخمس الاولى فى صناعه الماس وتصدير السلام وزراعه الصحراء والبرمجيات واصبحت قوه فاعله فى المنطقة خلال خمسون عاها من نشاتها
والسؤال : ماهومن المفتاح السحرى ؟
والجواب : العلمانية
العلمانية ليست موضوع كفر وايمان ، انها اعمق من هذا بكثير ، انها فصل الدين عن الدولة ليتحرر العقل من كهنوت رجال الدين ، وعقد اجتماعى بين الحاكم والمحكوم ، وقوانين تنظم العلاقة بين الناس بشكل متوازى ، واخيرا : الليبرالية المتمثلة فى الاعلان العالمى لحقوق الانسان
سيدى الرئيس
اعرف ان الشعب المصرى مجيش دينيا ، ولهذا كتبت فى اول كتبى الصادر عام 2007 بعنوان ( الاسلام بين التشدد البدوى والتسامح الزراعى ) ان الاخوان سيصلون الى الحكم بعد خمسة سنوات ،وهذا ماتحقق بالفعل ، وابرز هذه النبوءة عدد من الصحفيين ، لم تكن نبوءة عراف يقرأ الطالع ، ولكنها قراءة للواقع الذى يقول ان الشعب المصرى مجيش دينيا ، ولهذا لوقامت اى ثورة فى مصر سيخطفها الاخوان المسلمين ، وكنت اتوقع ان تقوم الثورة بعد خمسة اعوام عندما يتخلى الرئيس مبارك عن الحكم لابنه جمال ،وان لم تكن الثورة قامت لهذا السبب الذى توقعته الا ان مظاهر توريث الحكم كانت من اهم اسباب قيام الثورة
ولهذا فمن الصعوبة ان تتبنى مصر العلمانية الان ، ولكن مالايدرك كله لايترك كله ، والطريق طويل ، وعلينا ان نبدا الآن
موضوع تطوير الخطاب الدينى واسناد مسئوليته الى الازهر لم ولن يؤدى الى نتيجة ، لان الازهر جزء من المشكلة ، فلا ننتظر منه ان يكون جزءا من الحل
فى اوائل العام 2014 اصدرت كتابى ( تطوير الخطاب الدينى واشكالية الناسخ والمنسوخ ) قدمت فيه حلولا للتطوير من التراث نفسه مستندا على اقوال اقرب الفقهاء الى عصر النبوة ( الامام مالك )
سيدى الرئيس :
مشكلة مصر تتمحور حول الحالة العقلية التى يعيشها المصريين ، عقل فاقد القدرة على التفكير والابداع ، ولننظر الى فنانى ومبدعى مصر من الكتاب والصحفيين اللامعين والمطربين والموسقيين والنخاتين وزالرسامين .... الخ فى التسنميات والسبيعينات الذين كانوا نتاج عصر ماقبل الثورة ، ثم ننظر الى الفن فى مصر وكيف تدهور الى فن هابط فى كل النواحى لانه نتاج السبيعيات ومابعدها
المشكلة تكمن فى :
**على المستوى السياسى :
غياب الحريات التى بدات من ثورة 1952 وعمليات غسيل المخ التى مورست ضد المصريين ليصنع لنا فى النهاية مسوخا ذات عقلية احادية تم تلقينها بالعديد من الشعارات نتيجة التلقين الدائم والمستمر ( القومية العربية والناصرية والقطاع العام والتاميم وكراهية رجال الاعمال الناجحين وتظرية المؤامرة .... الخ ) والتى مازلنا اسرى لها حتى اليوم ، لاننا لم نبنى العقلية النقدية القادرة على الفرز
لابد من اقرار مبدا الثواب والعقاب على كل العاملين فى اجهزة الدولة وتغيير الوضع الحالى الذى اخرج لنا فى النهاية جيش من الكسالى
** على المستوى الدينى :
إنه وبكل صراحة سيدى الرئيس ان الفكر الوهابى المتشدد العنيف القادم لنا من السعودية ورعايتها له ماديا ومعنويا هو سبب رئيسى للتطرف الدينى الموجود فى مصر ، وسبب رئيسى فى الغاء العقل والتفكير والابداع
ان العلوم التى يدرسها الازهر الآن هى نفسها من عشرات السنين ، ولكن كان الازاهرة لايجدون البيئة المناسبة لنشر هذه الافكار المتشدده لان المجتمع المصرى فى عهد الرئيس جمال عبدالناصر كان علمانيا من الناحية الدينية وسلطويا من الناحية السياسية ، ولكن الفكر الدينى الذى انتشر منذ منتصف السبيعنات بمباركة الرئيس السادات ، وذهاب المصريين للعمل فى السعودية ودول الخليج وكان معظمهم من العمال ومتوسطى الثقافة ، بهرهم الشكل الدينى دون المضمون وصدقوا ما اشاعه الاعلام السعودى وقتها ان مصر انهزمت بسبب تعاونها مع الروس والسعودية رزقها الله بالبترول نتيجه اقامة شرع الله ورددوا عليهم (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ) وعادوا الى مصر محملين بهذه الثقافة التى اخذت تزداد يوما بعد يوم بعد احتلال السادة رجال الدين الفضائيات الدينية ، والتمويل السعودى
ماذا اوصلنا الى :
الغاء تعيين مديرة مدرسة مسيحية بناء على رغبة الطلبات فقبل ان يكون انتقاصا من حق المواطنه لها فهو سقوط لهيبة الدولة !!!
اذعان رجال امن بنى سويف لشروط المسلمين لبناء كنيسة - كاننا عدنا الى زمن الفتح الاول والعهود مع الذميين ، هو ايضا قبل ان يكون انتقاصا لحق المواطنه لهم فهو سقوط لهيبة الدولة !!!
لاننا كنا اسرى لرجال الدين الذين رددوا على مسامعنا ما اطلق عليه العصر الذهبى للاسلام بقوانينه التى كانت لها ظروفها حسب الزمان والمكان ـ ومع التلقين والتخويف من عذاب القبر والترغيب بالجنه التى صوروها للناس بالحوريات والخمر ، لاننا لم نبنى العقلية النقدية القادرة على الفرز
وعندما جائت بعض العقول النقدية القادرة على الفرز وفتحت هذا التراث وارادت تنقيته كان مصيرها السجن
سيدى الرئيس
مطلوب ... تفعيل كل مواد دستور 2014 وعلى رأسها باب الحريات العامة ، مطلوب حكومة قوية قادرة على تنفيذ القانون بقوة وحسم .
هل يستطيع ضابط مرور الكشف عن وجه منقبة تقود سيارة لمضاهاه رخصة القيادة على وجهها اذا كانت اصلا تحمل رخصة قيادة ؟
هل يمكن تقديم امثال الحوينى وحسان .... الخ للمحاكمة بتهمة ازدراء الدين المسيحى ليل نهار ؟
مطلوب .. اذا كانت الدولة العملمانية صعبة التحقيق فعلى الاقل مطلوب ترسيخ الدولة المدنية بعدم تدخل رجال الدين فى السياسة ، وان يسن مجلس النواب القوانين التى تعمل لصالح الناس دون العودة الى فتاوى الشيوخ
مطلوب .... فتح الباب لاصحاب الفكر المدنى والعلمانى ، وعمل مناظرات مع رجال الدين بدلا من تقديمهم للمحاكمات
مطلوب .... ثورة تعليمية تعمل على بناء العقلية النقدية والتفكير والابداع وتغيير منهج الحفظ والتلقين والاجابات النموذجية
سيدى الرئيس
علينا ان نقف طويلا امام الشباب الذين تم ضبطهم ضمن الخلية الارهابية التى قامت بقتل المستشار هشام بركات ، فمعظمهم ان لم يكن كلهم من طلبة الازهر
وجميعنا نعرف ماقام به طلبة جامعة الازهر من مظاهرات بعد فض رابعه والتى ادت الى غلق المدينة الجامعية
الازهر ليس اخوانيا كما يشاع , المواد التى يتم تدريسها فى الازهر تجعل هوى الطالب مع الدولة الدينية ويسعى اليها ويساعد فى اقامتها سواء اخوان حسن البنا او اخوان ابو بكر البغدادى ، فان تم القضاء على الاخوان سيظهر اخوان جدد ، طالما بقى الحال على ماهو عليه
اذا حررنا العقل المصرى من الخوف من بطش السلطة ، وحررناه من كهنوت رجال الدين ليعرف انه صانع تاريخه بدلا من زرع الاتكاليه وبدلا من تخويفة الدائم بالعذاب
علينا ان نجفف المنابع الفكرية للارهاب ، فالعلاج الامنى مجرد علاج وقتى لاننا لم نفتح الجرح وننظفه
لابد من فتح الباب على مصراعيه امام اساتذه علم النفس والمنطق والفلسفة ، لنعرف ان قانون المنطق الاول يقول ( اذا تشسابهت المقدمات تشابهت النتائج ) انه قانون السببية بدلا من قانون الاتكاليه
سيدى الرئيس :
لاجدوى من اى مشاريع نهضوية مالم نبنى الانسان اولا
فالاتكاليين والخائفين والمقهورين لايصنعون حضارة
تحياتى سيدى الرئيس