أي سياق لتعيين وزيرات بالإمارات؟


يامنة كريمي
الحوار المتمدن - العدد: 5083 - 2016 / 2 / 23 - 22:45
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات     


يامنة كريمي باحثة في الديانات
وقضايا المرأة

تداولت وسائل الإعلام مؤخرا خبر تعيين الإمارات لثلاث رجلات في مناصب تعتبر عليا، وهي السيدة عهود الرومي وزيرة السعادة والسيدة لبنى القاسمي وزيرة التسامح والسيدة شما المزروعي وزيرة الشباب. هذا الأمر بقدر ما يظهر مهما ومدنيا وراقيا... بقدر ما يجعلنا أمام قراءات مختلفة للحدث يمكن أن نجملها في 3 قراءات على الأقل:
القراءة الأولى، أن هذا العمل يدخل في سياق إعادة الإماراتيين والإماراتيات لحساباتهم في أنظمتهم السوسيو- فكرية والاقتصادية من خلال إزالة نظارات عمى الألوان ونهج مبدأ الملاحظة الدقيقة والموضوعية للواقع المعيش واكتشاف خطورة الفكر الأبوي وإسقاطه للمجتمعات الإسلامية في براثين الفساد بكل أمراضه الاقتصادية والاجتماعية من فقر وظلم وتخلف وسيادة الخرافة على حساب العقل...ناهيك عن الإساءة للدين الإسلامي بحكم أن كل أشكال الاضطهاد في العالم الإسلامي وخاصة المرتبطة بالمرأة كانت تتم تحت دريعة (الإرادة الإلهية والحكمة الربانية...) بسبب فئة من الفقهاء المعسرين والمضيقين الذين عملوا على ضرب جوهر الإسلام ومقاصده وتحريف الكلام عن مواضعه خاصة في مجال الأحكام والمعاملات من أجل مصالح دنيوية تافهة تماما كما أشار إلى ذلك عالم الغيب والشهادة في كتابه العزيز. مما لا يسع أي واحد سوى التصفيق للمبادرة ودعمها بما هو متوفر.


القراءة الثانية، الأمر لا يتعدى كونه مجرد تأثيث المشهد السياسي والاجتماعي بالمؤنث من أجل در الرماد في عيون الرأي العام الخارجي من خلال استعمال الرجلة كمطية أو سلم من أجل تحقيق مصالح الفكر الذكوري وضمان نجاحه بلي عنق أساليب العصر ومبادئه وما تفرضه ثقافة حقوق الإنسان. وبذلك فالأمر لم يبرح مكانه وأن كل ما حدث لم يتجاوز وضعية العزل والتنميط التي عرفتها وتعرفهما المرأة في البلدان الإسلامية وكما ينص عليها أحد المصادر الأساسية لفقهاء العسر وهو مؤلف "حجة الإسلام" الغزالي (إحياء علوم الدين/كتاب آداب النكاح/الباب الثالث). فقط هذه المرة هناك مظهر جديد (نيو-لوك) حتى تتماشى الثقافة الأبوية مع العصر وتضمن لنفسها البقاء والاستمرارية. وهذه القراءة من ورائها أسباب منها:
- منطقيا وقطعيا لا يمكن أن تسبق الثورة أو التجديد السوسيو-اقتصادي التجديد الفكري. والتجديد الذي أقصده هو تأويل آيات الأحكام وفق المنهج السياقي الموضوعي لما لأدواته وآلياته من قابلية للقياس الذي هو السبيل الوحيد للشفافية والنجاح والقطع مع فقه التعسير والتمييز وإقصاء العدل الذي لن يتحقق في عصرنا هذا سوى عن طريق المساواة في الواجبات والحقوق. (ولا أقصد التماثل)
-التسميات (السعادة– التسامح– الشباب)، فضفاضة -وهذا ليس رأيي لوحدي وإنما تشاركني فيه فئة كبيرة من المهتمين بالشأن الاجتماعي في البلدان الإسلامية ومن الجنسين، مما يفتح المجال لمتاهة التأويلات ويضع مجموعة عقبات على المستوى الإجرائي. وقد عشنا هذه الوضعية في المغرب مع وزارة السيدة الحقاوي حيث زاد الضغط على منظمات المجتمع المدني باستثناء تلك التابعة لتيار الإخوان أو السلفي...وكانت المناضلات محل تسفيه وتحت رحمة سيف الردة وكانت النتيجة هي خمس سنوات جمود إن لم نتكلم عن ضياع مجموعة من المكتسبات.
- من هن الوزيرات؟ وما هي معايير اختيارهن؟ هل تجاوزت المعايير العثمانية القائم على أساس الأهل والأقارب إلى معايير الكفاءة والاستحقاق مع بعض التمييز الإيجابي والغير مشوه؟ أما إن كانت الوزيرات من الأعيان والذوات فدلك ليس بجديد لأن نساء النخبة كانت حقوقهم عبر التاريخ مضمونة (التفاصيل في بحث بعنوان: تاريخ المرأة على مقاس الذكر).
-الإمارات لم تتجاوز النظام العشائري وبالتالي وإن كنا نهنئها على تلك المبادرة فيصعب أن نعتبرها قدوة في مجال المساواة وحقوق الإنسان لضعف تجربتها في مجال الديمقراطية ولا أدل على دلك من هذه الشهادة التي رافقت الحدث "أعلن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، عن تعيين شما المزروعي وزيرة دولة لشؤون الشباب،... وأضاف: الإخوة والأخوات بعد التشاور مع أخي محمد بن زايد واعتماد رئيس الدولة حفظه الله، نعلن بحمد الله عن التشكيل الوزاري الجديد..." ".على عكس تونس قبل الحراك والمغرب حاليا خاصة إن توصل هذا الأخير بتعاون ما بين كل مكونات الدولة والشعب على تحقيق الإجماع حول كلمة الحق مهما كانت المنطلقات والمشارب.
أما عن القراءة الثالثة، فتهم موقف السياقيين الذين وإن كان المقام لا يسمح لنا بالوقوف على كل آرائهم في الموضوع فلا يفوتني أن أشير قاعدة منهجهم وهي معالجة كل الأمور في سياقاتها المختلفة. والتفاصيل يمكن الوقوق عليها في الرابط التالي:
www.ahewar.org/m.asp?i=3338