حياتنا السويدية- المسبح


حميد كشكولي
الحوار المتمدن - العدد: 5081 - 2016 / 2 / 21 - 19:43
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة     

آخذ يونس مرة أو مرتين شهرياً إلى المسبح. فالسباحة هي من أكثر أنواع الرياضة رقيا و فائدة على الجسم و الروح و النفس. ولدى المواطن السويدي الوقت لارتياد المسابح و للترفيه إن كان يعيش حياة مستقرة و عادية . و بما أن الطقس بارد أغلب أيام السنة فقد قامت البلديات بإنشاء المسابح في أغلب الأماكن بحيث تتوفر للجميع و تكون قريبة من متناولهم.
وإن السباحة من تمارين اللياقة البدنية المهمة لتنشيط العضلات و الدورة الدموية . وإن الجسم يزن 12% من وزنه في الماء لذلك لا يخشى أثر التحميل الزائد. ويقبل الناس على الأغلب في فصل الصيف على السباحة و الرحلات البحرية لقضاء أوقات ممتعة. لكن هنالك شريحة كبيرة في السويد لا تنعم بالسباحة كونها لا تجيدها. ولحل تلك المشكلة تقدم مسابح كثيرة في السويد دورات سباحة للبالغين. فبالرغم من وجود تصور عن السويد بأنها بلد السباحة ، إلا ان مليوني سويدي بالغ لا يجيدون السباحة، وذلك وفقا لاتحاد الإنقاذ السويدي. ويعاني الأشخاص الذين لا يجيدون السباحة أزمة الإحساس بالخوف، لعدم تمكنهم من مشاركة أطفالهم أو أحفادهم السباحة، وأيضا لإحساسهم بأنهم عرضة للخطر عند تواجدهم قرب الماء. ولمساعدة هذه الفئة من الناس تقوم بعض المسابح بإقامة دورات لتعليمهم السباحة. والسباحة درس مهم في المدارس و يتلقاه التلميذ منذ الصف الثالث.
إن من لا يقدر على السباحة مسافة 200 متر تتخللها 50 متر سباحة على الظهر يعتبر في السويد لا يجيد السباحة. وهذا أدنى معدل يجب تحقيقه للنجاة من الغرق عند وقوع حادثة ما.
هذا العدد الكبير من الذين لا يجيدون السباحة في السويد يعود إلى عدم حصول المسنين على دروس في السباحة في صغرهم، أو أنهم تعلموا ولم يواصلوا التدريب فيما بعد فنسوها. كما أن شريحة كبيرة من الأجانب لم تتعلم السباحة في بلادها وكثير منهم تعرضوا إلى صدمات نفسية لها علاقة بالماء ولذلك قاموا بتجنبها. وقد التقيت كثيرين من العراقيين الكبار في العمر لا يجيدون السباحة رغم توفر الأنهار في العراق في فترات صباهم و شبابهم و قد عبر بعضهم بألم عن سبب عدم إجادتهم للسباحة بأن أهاليهم منعوهم من الذهاب إلى النهر خوفاً عليهم من اعتداءات اللواطيين و البيدوفيل . وهناك من يظنون بأنهم قادرون على السباحة، وهم أكثر عرضة للخطر. و يمكن لهؤلاء أيضا أن لا يخجلوا من الاعتراف بعدم اجادتهم السباحة أو نسيانها لطول الفترة التي لم يمارسوها خلالها.
أعتقد أن فريد في القصة التي ترجمتها هو من هذه الشريحة التي نسيت السباحة أو التي تظن أنها تجيدها . وهو من تعلم السباحة في نهر كارون و لكنه لا يحب الذهاب مع ولديه الى المسبح في السويد و لكن طفليه يؤثران عليه فيتغير 180 درجة. و في القصة يتعرف القاريء على أجواء كثيرة وطقوس السبح ووجود منزع للنساء و منزع للرجال .
الذهاب إلى المسبح مع الأولاد متعة كبيرة و يزيد من وشائج المحبة و الثقة في العائلة و الأصدقاء . اعتدنا أنا ويونس أن نرتاد مسبح هيليا. و أن نجرب أحواضه المختلفة و ندخل الجاكوجي لأكثر من ربع ساعة و أن نمر في دهليزين للمغامرة التي يحبها يونس كثيراً.


المسبح

ترجمها من السويدية إلى العربية

يجلس فريد في الحافلة مع طفليه، في طريقهم إلى مدرسة تعليم السباحة.
يريدُ الطفلان تعلم السباحة.
فريد يعرف السباحة. فقد تعلمّها قبل ثلاثين عاماً في نهر كارون في إيران.
والده هو الذي علّمه السباحة .
يرى فريد أن على ولديه انتظار مجيء الصيف لتعلّم السباحة.
حينذاك سوف يعرف ما الذي عليه عمله، وفي أية بحيرة، أو أيّ نهر.



- بابا،اضغط على الزر. لننزل.
يضع فريد إصبعه على الزر الأحمر. تتباطأ الحافلة وتتوقف.
ينهض فريد من مقعده ويمسك طفليه بأيديهم.
يحبّ فريد ولديه أكثر من أيّ شيء آخر في الدنيا. البنت لالة لها من العمر أربع سنوات. والابن سيبلغ السادسة قريباً.
يفعل فريد لأجلهما أيّ شيء. لكنه لا يرغب في الذهاب معهما إلى مدرسة السباحة.





يدخل فريد و الطفلان المسبحَ.
يذهب ثلاثتهم لتبديل الملابس.
- بابا، اخلعْ حذاءك هنا!
فيفعل فريد مثلما قالت له ابنته.
زوجته هي التي عادةً تأتي إلى هنا مع الطفلين.
لكنها الآن مريضة في البيت.
يركض الطفلان إلى حجرة لتبديل الملابس.
إنها حُجرة خاصة بالنساء.لا يمكن لفريد الذهاب معهما.
الذكور الصغار يمكنهم الدخول إلى حجرة تبديل الملابس للنساء، لكن الرجال البالغين لا يجوز لهم ذلك.




يعتقد فريد أن عليهما تبديل الملابس هناك حينما يكونان مع سيما.
ينبغي على الطفلين أن يفهما أنه لا يجوز لهما تبديل الملابس هناك حيث هو موجود معهما.
ينتظر فريد بفارغ الصبر عند الباب.
ملابسهما الخاصة بالسباحة موجودة في حقيبته.
مضت دقيقة و لم يظهر الطفلان.
يأخذ فريد يشعر بالغضب.
كان ينبغي على الطفلين أن يرجعا ويبحثا عنه.



ينْدمُ على مجيئه مع الطفلين إلى هنا.
كان عليهم الانتظارُ إلى أنْ تتعافى زوجته.
لا يُحبُّ فريد أن يفعلَ أموراً جديدةً.
لأنّه يمكنُ أنْ يخطئ فيها.
وعندما يخطئُ سوف ينظر إليه الناسُ، فيتصورونه شخصاً غبيّاً.
يحبُّ فريدُ عملَه في الورشة حيث يعرفُ كيف يعملُ كلُّ شيء.
وهو موضعُ ثقةِ زملائه في العمل.
لكنّه لم يذهبْ قطْ إلى المسبح.


ولم يجلبْ يوماً الطفلين إلى دارِ الحضانة.
فهذه الأعمالُ هي مِنْ مهامِ زوجتِه.
يريدُ فريد أنْ يجريِ كلُّ شيء بشكلٍ صحيحٍ.
لا يريدُ أن يسخرَ منْهُ الناسُ.
أمّا أن يضحك الناس على أشياء كوميدية يقوم بها الأطفالُ، فهذه مسألة أخرى.
لكن فريد رجلٌ بالغٌ، ينبغي عليه أداءُ أيّ عَمَلٍ بطريقةٍ صحيحة.
ثمة فتياتٌ يدخلنَ حجرةَ تبديلِ الملابس.
والآن أمام فريد فرصةٌ ليعثرَ على طفليه.





- لاله رامين ، تعالا!، يصيح عليهما خلال الباب المفتوح.
بعد لحظات يخرج الطفلان عبر الممر، وقد بدّلا ملابسَهما.
و الناسُ يجيئون باستمرار للمسبح للسباحة.
يستحي فريد من أن طفليه عاريان.
- اذهبا و اجلبا ملابسكما و ارجعا إلى هنا مباشرةًّ، يقول فريد.
- لكنْ بابا! تقول لالة.
-الآن حالاً، يقولُ فريد بِحَزمٍ.





يأتي الطفلان وهما يحضنان ملابسهما.
يدخلان بعد ذلك حجرةَ تبديلِ الملابس الصحيحة، حيث يبدّلُ الرجالُ الملابسَ.
يهدأ فريد .
تختار لالة إحدى الخزانات.
يتناول الطفلان ملابسَهما الخاصّة بالسباحة.
ويبدّل فريدُ كذلك الملابسَ.
لقد شاهدَ من قبل برنامجاً في التلفزيون عن تعليمِ الأطفالِ السباحةَ ومتى يتعلمونها.
آباءُ الأطفال وأمّهاتُهم قد ارتدوا ملابسَ السباحة وهم موجودون الآن مع الأطفال في حوض السباحة.
يضع فريد نظاراتِه في الخزانة و يغلقها.
إنه يخشى عليها من الضياع في الماء.



يقومون أولاً بأخذ حمام تحت الدوش،
ويخرجون بعد ذلك إلى أحواض السباحة.
يسارعُ الأطفالُ في طريقهم إلى حوض السباحة الصغير.
يسير فريد على الوتيرة التي اعتادَ عليها ، والتي يعتقد أن فيها سلامته.
إنه يرى الأشياءَ غير واضحة بدون نظارات على بعد مترين.
يقفز الطفلان إلى الماء. يتبعهما فريد.
تنزل معلمة السباحة إلى الحوض، وتسأل فريد إن كان يريد هو الآخر تعلم السباحة، فيومئ لها برأسه.




فتطلبُ منه حينذاك أنْ يخرجَ من الحوض .
فيخرج فريد من الحوض و يقف إلى جنب بقية الآباء والأمّهات.
من بين الآباء و الأمهات وحده فقط من ارتدى رداءَ السباحة.
اقترف فريد أخطاءً يستحي منها، رغم أن لا أحدَ من الآخرين هناك يضحك عليه.
حين يتفكر مع نفسه يتذكر أن من تعلم السباحة في البرنامج التلفزيوني كانوا أطفالاً رضعاً.
حينذاك يجب حضور معهم.











تبدأ مدرسة السباحة.
يتخذ فريد موضعه في زاوية عند الحافة لكي يرى ماذا يجري.
يلتقط الأطفال خواتم من القاع.
وحقاً، إن لاله ورامين ذكيان. يفتخر بهما فريد.
يرتخي فريد. يبدأ بالتكلم مع الوالدين الآخرين.كلهم ودّيون و مريحون.
إحداهم ترجوه أن يبلغ زوجته تحياتها.
انتهت فترة الدوام في مدرسة السباحة.
لالة ورامين يريدان من فريد أن يسبح معهما.




يريدُ فريد الذهابَ إلى البيت مباشرةً.
لكنه يقنعُ نفسه بالبقاء.
وقد كان ارتدى لباس السباحة.

رامين ولالة يجدان كرة من كرات الساحل.
يلعبان أولاً بالكرة. لكنهما سرعان ما يتشاجران عليها.
ينتزع فريدُ الكرةَ منهما. إن لم يستطيعا الاتفاق سيبقيان بدون كرة.

يتأمّلُ فريد حوضَ السباحة الكبير و برجَ القفز.
ثمة صِبيان يقفزون من الخامس.





أية جرأة لهم، يتفكر فريد.
تصل الأسماع أصوات الصياح و العويل.
رامين ولالة يتشاجران على الكرة مرة أخرى.

يغضب فريد.

- كفى الآن الشجار!، يصيح عليهما.
إذا لم تحسنا التصرف،فعليكما الذهاب إلى البيت مشياً طوال الطريق.
و لن تريا الحلوى لمدة شهر!

ينظر الأطفال الذين لديهم الكرة باندهاش إليه. يسود على الرجال الذين حول فريد الصمتُ وكلّهم ينظرون إليه.
ثمة خطأ ما.





يخطو فريد عدة خطوات إلى الأمام في الماء.
يرى الآن بشكل أفضل. فإن من صرخ عليهم لم يكونوا طفليه.
تقع عيناه على لاله ورامين على بعد عدة أمتار.
ينظران إليه مذهولين.

- آسف، استمروا في شجاركم، يقول فريد للأطفال الذين يلعبون بالكرة.

يحمرّ وجه فريد احمراراً شديداً. يشعر بالخجل. مرة أخرى.
يطلب فريد من طفليه أن يخرجا من الحوض. يمسك بأيديهما.



- لقد سبحنا وأكملنا سباحتنا، يقول لهما.
بدأ الناس يتكلمون مع بعضهم مرة أخرى.
يذهب فريد مع الطفلين إلى حجرة الدوش.
الطفلان وفريد يقفون تحت الدوش.

- بابا، أنستطيعُ الذهاب إلى الصاونا؟ يسأل رامين.
- لا، لا صاونا هذا اليوم، يقول فريد.
إنه لم يستحم في الصاونا قط.
هل عليه أن يدخل بملابس السباحة أم بدونها؟
أيجوز أن يأخذ معه المنشفة؟




لا يريد أن يقترف أيّ خطأ، لهذا لن تكون ثمة صاونا.
تكفيهم الآن الأشياء الجديدة فحسب.
يغادر فريد و الطفلان المسبح.
يصعدون إلى الحافلة التي ستأخذهم إلى البيت.
يشعرون بأن كلّ شيء على ما يرام الآن.
يحمل فريد لاله على ركبتيه.
يجلس رامين على المقعد بجانبه.

سيتكلم فريد مع زوجته.
لا يفكر أبداً بالذهاب إلى المسبح مرةً أخرى.
فهذه الأمور بإمكان زوجته تدبيرها.


ينظرُ رامين إلى أبيه.
- كمْ كان ممتعاً اليوم! يقول.
يتنهد فريد. إنه لا يتفق معه على الإطلاق.
- أّمّي لا تزعق على الأطفال الآخرين أبداً، يستمر رامين في الكلام.
يتنهد فريد مرة أخرى.
- إنّه أكثرُ إمتاعاً وطرافةً أن نكونَ معك، يا أبي، إذ تحدث ُأشياء كثيرة، يقول رامين مبتسماً.
- أنت َ أحسنُ أبٍ في الدنيا، تقول لاله.





تدمع عيون فريد، فيمسح دمعته بسرعة.
ينبغي عليه أن يكون مع طفليه بانتظام وعلى الدوام.

سيذهب مع طفليه إلى مدرسة السباحة إن أرادا ذلك في المرة القادمة. و يحتمل أن يذهبا للاستحمام في الصاونا كذلك.

عندما يقوم الشخص بعمل ما للمرة الأولى، من الممكن أن يصبح عمله غريباً ومضحكاً نوعاً ما.
فحتى الشخص البالغ يمكن أن يخطأ.
لكن خطأه لا يؤثر كثيراً. لقد فهم فريد هذا الأمر الآن.
رغم أنه لا يريد السباحة بدون نظارات أبداً.






العنوان الأصلي بالسويدي:
SIMHALLEN
الكاتب:
Per Alexandersson
دار نشر:
Vilja
www.viljaforlag.se
[email protected]

www.facebook.com/viljaforlag