رسالة إلى الرئيس السيسي


سامي الذيب
الحوار المتمدن - العدد: 5057 - 2016 / 1 / 27 - 23:01
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي
.
تحية طيبة وبعد،
.
لقد تعشمنا الكثير من انتخابك رئيسا لمصر وكلامك امام رجال الدين مطالبا بتجديد الفكر الديني وزيارتك للكتدرائية المرقصية في عيد ميلاد المسيح.
.
لا تنسى يا سيادة الرئيس أنك تجلس على عرش فرعون، ليس فرعون الذي يصوره القرآن، رجلا طاغية، ولكن فرعون الحضارة المصرية التي تمتد لأكثر من 7000 سنة. فكن على مستوى المسؤولية، ولا تكسر الثقة التي وضعناها فيك كمصلح سياسي واجتماعي وثقافي.
.
بعد سجن اسلام البحيري، والحكم بالسجن على فاطمة ناعوت، لنا الحق ان نسألك عن موقفك فيما يحدث؟ هل انت على علم بهذين الحدثين المفجعين؟ وإن كان كذلك، فما رأيك فيهما؟ هل انت متفق مع ما حدث؟ وإن كان كذلك، فما هو تبريرك لهما؟ وهل تخطط لسجن مفكرين آخرين؟
.
وإن كنت غير متفق مع ما يحدث، ما هي الخطوات التي ستتخذها لإطلاق سراح اسلام البحيري والغاء الحكم الصادر عن فاطمة ناعوت وحذف قانون ازدراء الأديان؟ وإن ترى بأنه ليس بإمكانك فعل ذلك، اخبرنا ما هي أسباب عدم قدرتك على فعل ذلك؟ هل هو الخوف من الأزهر ورجال الدين في مصر؟ أم الخوف من السعودية؟ أم هناك أسباب اخرى نجهلها؟
.
صمتك يا سيادة الرئيس يلقي العديد من علامات الإستفهام ويشيع الخوف بين المفكرين في مصر وفي العالم العربي والإسلامي. فإن انت ساندت ما حدث، فهذا يعني انه لا مكان للفكر الحر في مصر أو غيرها من الدول العربية والإسلامية، وأن الخيار الوحيد أمام كل المفكرين حزم امتعتهم والرحيل عن مصر. فتبقى وحدك في مواجهة رجال الدين الذين سوف يجروك إلى غياهب العصور الوسطى ومحاكم التفتيش. وهذا يعني انك حاولت فقط ان تبيعنا كلام في كلام. ولا اظن ان الشعب المصري الذي نزل لمبايعتك فعل ذلك لمجرد كلام.
.
يا سيادة الرئيس، أكتب لك من سويسرا التي عرفت مثل غيرها من الدول الغربية الصراعات المذهبية المقيتة بين الكاثوليك والبروتستنت. وقد نجحت سويسرا في حل هذه الصراعات وارست نظاما واستقرارا سياسيا فريدا من نوعه ادى إلى ازدهار اقتصادي. فالإقتصاد لا يمكن له ان يزدهر في ظل الصراعات المذهبية، ويحتاج إلى استقرار يؤمن انشاء المصانع ويجذب الإستثمارات ويضمن وجود مؤسسات علمية تسعى لتقدم البلد. وهذا ما تعاني منه مصر منذ سنين.
.
ونجاح سويسرا في حل الصراع المذهبي يعتمد اساسا على استبعاد رجال الدين عن السلطة، وفصل الدين عن الدولة، وتأمين الحرية الدينية، وسن قوانين مدنية موحدة خاصة في مجال الأحوال الشخصية التي سمحت بإندماج الكاثوليك والبروتستنت عائليا بعيدا عن التشجنات الطائفية من خلال الزواج المدني. لا بل وصل الأمر إلى دمج جميع المقابر وتوحيدها بنص دستوري، بإعتبار أن التعايش بين الأحياء يمر بالتعايش بين الأموات. والدستور السويسري لعام 1874 هو الدستور الوحيد في العالم الذي ينظم توحيد المقابر ويضعها بيد السلطة المدنية.
.
السعيد هو من يتعلم من اخطاء الآخرين وتجاربهم. وهذه دعوة صادقة لكي تلقي الضوء على التجربة السويسرية لكي تجعل من بلدك يسير إلى الأمام، بدلا من الحالة التعيسة التي نشهدها اليوم من سجن المفكرين وملاحقتهم وسيطرة رجال الدين على مقدراتها.
وادعو جميع الدول العربية والإسلامية للإستفادة من التجربة السويسرية في هذا المجال.
.
وأنا على أستعداد للمشاركة في سن الدساتير والقوانين العربية والإسلامية لهذا الهدف، إن رأيتم ذلك. علما بأني قمت بترجمة الدستور السويسري لعام 2000 للعربية، ويمكن تحميله مجانا من هذا الرابط https://goo.gl/csbVYr وكنت مسؤولا عن القسم العربي والإسلامي في المعهد السويسري للقانون المقارن لمدة 29 سنة، وانهيت دراستي القانونية في سويسرا، مع رسالة دكتوراه عن مصر: أثر الدين على النظام القانوني في مصر، يمكن تحميلها مجانا من هذا الرابط http://goo.gl/BdUvWK. اضف إلى ذلك اني ترجمت القرآن للغة الفرنسية كما اعددت طبعة عربية للقرآن، وانهي حاليا ترجمة انكليزية وإيطالية للقرآن.
.
وتفضلوا، سيادة الرئيس، بقبول بالغ التقدير والإحترام.
.
د. سامي الذيب
مدير مركز القانون العربي والإسلامي http://www.sami-aldeeb.com
طبعتي العربية للقرآن مجانا من هنا http://goo.gl/a6t77b أو ورقيا من موقع امازون http://goo.gl/dEgPU8
كتبي المجانية http://goo.gl/Jzlq7o
اشرطتي http://sami-aldeeb.com/video