الله صنم يستدعيه محمد وقت الحاجة


كامل النجار
الحوار المتمدن - العدد: 5045 - 2016 / 1 / 15 - 12:31
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

لم تكن هناك مجموعة بشرية في الخمسين ألف سنة الماضية إلا وكان لها عدة آلهة تعبدها. ونسبةً لقصور العقل البشري في تلك الحقبة البدائية من تاريخنا في تصور ماهية هذه القوى الميتافيزيقية التي تخيلوا أنها تحميهم من الشر وتجلب لهم الخير إذا دعوها، تصوروا أن تكون هذه الآلهة مثل الإنسان في أشكال مختلفة، فصوروا هذه الآلهة أصناماً لها رأس وبدن وأيدي وأرجل. المجموعات الأكثر بداوةً عبدت الأشجار والصخور.
أهل الجزيرة العربية لم يختلفوا عن بقية البشرية فعبدوا عدةَ أصنام وضعوها في الكعبة. وكان لكل قبيلةٍ صنمها الخاص الذي يحمل اسماً ربما ورثته القبيلة من أسلافها أو اقتبسته من جيرانها. نذكر من تلك الأصنام هُبل وبعل واللات والعُزة. وكان لأهل مكة صنم كبير اسمه الله. وكانت القبائل تجتمع في مكة في موسم الحج وتفتخر كل قبيلة بإلهها، فتقول قبيلة مثلاً إن هُبل كبير الآلهة، فيقول أهل مكة إن الله أكبر. وهكذا أصبح شبه الجملة "الله أكبر" مثلاً سائراً بين العرب.
(أما "الله"، وهي كلمة الجلالة، فهي "اسم علم" خاص به على رأي {فقهاء الإسلام}، وهي "علم مرتجل" في رأي آخر.. وقد ذهب ألرازي إلى انه من أصل سرياني أو عبراني. أما أهل الكوفة فرأوا انه من "ال إله"، أي من أداة التعريف "ال" ومن كلمة "إله". وهناك آ راء لغوية أخرى في أصل هذه اللفظة.
ولم يعثر على لفظة "الله" في نصوص المسند، وإنما عثر في النصو ص الصفوية على هذه الجملة: "ف ه ل ه"، وتعني "فالله" أو "فيا الله" و "الهاء" الأولى هي أداة التعريف في اللهجة الصفوية. وقد وردت الجملة على صورة أخرى في بعض الكتابات الصفوية. وردت على هذا الشكل.: "ف ه" ل ت"، أي "فالات" فيا الآت" أيَ في حالة التأنيث. وتقابل "اللات"، وهي صم مؤنث معروف ذكر كذلك في القرآن ...... ويظن بعض المستشرقين أن "الله" هو اسم صنم كان بمكة، أو أنه "إلَه" أهل مكة، بدليل ما يفهم من القرآن ... في مخاطبته ومجادلته أهل مكة من اقرارهم بأن الله هو خالق الكون.) (جواد علي، المفصل في تاريخ العرب، ج 2، ص 674).
جاء محمد واستغل الصنم الله وجعله إلهاً في السماء، وزعم أن محمداً رسول الله. ولكن في الواقع كان محمد هو الآمر وكان الله رسوله يستدعيه وقت ما يشاء ويقول إنه أوحى أليه بالآيات التي تساعد محمداً في حل مشاكله الجنسية والعائلية، أو ليجيب له على سؤال سأله إياه أهل مكة ولم يكن محمد يعلم جوابه.
فمثلاً عندما بلغه أن أهل المدينة كانوا يقولون إن محمداً أُذن يسمع كلام الواشين، استدعى محمد صنمه وأتى بآية تقول (ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أُذن قل أُذن خيرٌ لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ورحمة للذين آمنوا منكم والذين يؤذون رسول الله لهم عذابٌ أليم) (التوبة 61). وبالطبع لا يمكن أن يكون هذا الكلام من إله خلق الكون ويعلم الجهر وما يخفى. كيف يمكن لهذا الإله أن يهبط لهذا المستوى ويدافع عن شخصٍ سمع نميمةً من أشخاصٍ أخرين فغضب منهم؟ وما معنى أن يؤمن النبي للمؤمنين. أليس الإيمان حالة شخصية تخص الفرد وضميره؟ وكيف يهدد إله السماء الناس بعذاب أليم فقط لأنهم قالوا إن محمداً أُذن يسمع الوشاية؟
مرة أخرى عندما شتم بعض الأعراب محمداً وقالوا إنه أبتر لأنه كان عاقراً لم ينجب أطفالاً رغم زواجه من عدة نساء، استدعى محمد صنمه ورسوله فأتى له بآية تقول (إن شانئك هو الأبتر) (الكوثر 3). هل يمكن أن يشتم إله السماء رجلاً شتم محمداً؟ وعندما تأخرت زوجته الطفلة عائشة عن القافلة التي كانت راجعةً إلى المدينة من غزوة المريسيع وقضت ليلتها تلك مع صفوان بن المعطل، وتحدثت المدينة بخيانتها، غضب محمدٌ من زوجته وهجرها شهراً كاملاً حتى حاضت وتأكد له أنها لم تحمل في تلك الليلة. يومها أتى محمدٌ إلى منزل أبي بكر حيث كانت عائشة تقيم، فاستدعى رسوله – الله - لينزل له آياتٍ تبرئ عائشة من الخيانة، فقال (إن الذين جاءوا بالإفك عُصبةٌ منكم لا تحسبوه شراً لكم بل هو خيرٌ لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم) (النور 11). وتبع ذلك بتسع آياتٍ من نفس السورة ليؤكد براءة عائشة. والغريب أن أشهر من نشر قصة الخيانة هم حسان بن ثابت وحِمنة بنت جحش. فعيّن محمدٌ حسان بن ثابت شاعر البلاط النبوي، وتزوج زينب بنت جحش، أخت حِمنة، رغم أنه قال من تولى كبر هذه الفتنة له عذابٌ عظيم.
كان الأعراب من البادية يأتون إلى بيت محمدٍ وينادون من خارج الدار "يا محمد". وقد استاء محمدٌ من ذلك وكان يحب أن يناديه الأعراب ب "يا رسول الله". فاستدعى محمدٌ رسوله وطلب منه أن يأتيه بآياتٍ توقف الأعراب عند حدهم، فقال (لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذاً فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنةٌ أو يصيبهم عذاب أليم) (النور 63). مرة أخرى نقول لا يمكن أن تكون هذه الآية من عند إله في السماء يهدد الأعراب بعذاب أليم لمجرد أنهم نادوا محمداً باسمه دون أي تفخيمٍ أو تعظيم.
تبلغ ضحالة المنطق في القرآن منتهاها عندما قبضت حفصة بنت عمر زوجها يضاجع ماريا القبطية في سريرها، وساومها على كتمان السر مقابل تحريم ماريا عليه. وعندما أخبرت حفصة عائشة بما حدث وعلم محمد بذلك، طلب من رسوله أن ينقذه من هذه الورطة، فقال مخاطبا عائشة وحفصة (إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة من بعد ذلك ظهيرا) (التحريم 4). فتخيلوا أن يصطف الصنم الأكبر الله وجبريل والملائكة وصالح المؤمنين ضد عائشة وحفصة لأنهما تبادلا الحديث عن ما حدث ذلك اليوم. فلو لم يكن الله صنماً لعاتب محمداً على ما فعل بدل أن يصفّ كل هؤلاء الأعوان ضد عائشة وحفصة.
لم يكتفِ محمدٌ بالصف الكبير الذي يقف معه ضد المرأتين، فطلب من رسوله أن يأتيه بآيات أخرى تعفيه من العهد الذي قطعه لحفصة بتحريم ماريا القبطية، فأتاه بالآية (يا أيها النبي لِم تحرّم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم) (التحريم 1).
عندما أراد محمد تزويج ابنه بالتبني – زيد بن حارثة – من زينب بنت جحش ورفضت زينب الزواج، غضب محمدٌ لذلك وطلب من رسوله أن يأتيه بآية يجبر بها زينب على الزواج. فجاء الرسول بالآية (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبينا) (الأحزاب 36). فلو لم يكن الله صنماً لا ينفع ولا يضر لما شغل نفسه بزواج زيد من زينب أو من غيرها إذ كان الإسلام ما زال في بدايته وكانت هناك أمورٌ أكثر أهمية للإسلام وللمسلمين من زواج زيد بن حارثة.
وعندما رأى محمد زينب بعد زواجها وراودته نفسه بها، أوعز محمد لزيد أن يطلق زينب، وحاول إخفاء ذلك بأن طلب من رسوله الصنم أن يرسل له آية تبرئه من الاتهام، فقال له رسوله (وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه امسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبدئه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه فلما قضى زيدٌ منها وطراً زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرجٌ في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطراً وكان أمر الله مفعولا) (الأحزاب 37). ربما نفهم أن محمداً قد أنعم على زيد بأن تبناه، ولكن بماذا أنعم الله على زيد؟ هل لأنه زوجه من زينب رغم اعتراضها، أم لأنه جعله مسلماً؟ في كلا الحالتين ليس هناك ما يبرر القول بأن الله أنعم عليه. ولكن ما دام محمدٌ قد أنعم على زيد، فصنمه ورسوله قد أنعم على زيد بالتبعية.
وهناك مناسبات عديدة تورط فيها محمد مع أزواجه ومع نساء أخريات وهبن أنفسهن له فدعا محمدٌ رسوله الصنم ليأتيه بآيات تنقذ الموقف، ففعل ذلك بنجاح جعل عائشة تقول لمحمد "إني أرى إلهك يسارع لك في هواك." فليس هناك شك أن الله صنم أكبر من بيقية الاصنام. فعندما يذبح أحد الدواعش رجلاً أخراً ويصيح "الله أكبر" فإنه يعلن للملأ أنه ضحى بهذا الرجل قرباناً للصنم الأكبر. ويظهر هذا جلياً على راية داعش السوداء التي كتب عليها زعيمهم "الله رسول محمد" عندما نقرأ الراية من الأعلى إلى الأسفل، و "محمد رسول الله" عندما نقرأها من الأسفل إلى الأعلى. وبما أن الإنمسان السوي يقرأ من الأعلى إلى الأسفل، يشهد الدواعش أن الله رسول محمد.