ألا يُمكنهم أن يحتجوا بلا غضب ؟!


حميد بعلوان
الحوار المتمدن - العدد: 5033 - 2016 / 1 / 3 - 20:28
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية     

__ بعد المجزرة التي نفذتها السعودية في حق 47 شخصا حُكم عليهم بالإعدام، هاجم أشخاص إيرانون السفارة السعودة بإيران، وهذا الحادث ذكرني بالهجوم على السفارة الأمريكية في ليبيا سنة 2012 والذي أدى إلى مقتل السفير الأمريكي في ليبيا. ما دفعني للتساؤل : " لماذا الغرب حينما يخرجون في المظاهرات يبتسمون ويرفعون لافتات جميلة يزينونها بالألوان كما في "الـكـرنـفـالات"، ويضعون على تلك اللافتات شعارات مرحة يتم إختيارها بعناية لتوضح مطابهم، بينما في الدول الإسلامية نرى المتظاهرين يصرخون بصوت مرتفع، شعاراتهم سلبية لا تشجع الأذن على سماعها، وملامحهم غاضبة ولا تُبشر بخير ؟!

__ سبب هذا الاختلاف في نظري يكمن في اللاوعي . الإنسان الغربي ينظر إلى المسيرة الإحتجاجية على أنها شكل من أشكال التعبير عن الرأي، لذلك يبدلون (الغربيون) جهودهم ليعبروا خلالها بشكل جميل وأن تكون مظاهراتهم ممتعة وموصلة للرسالة المقصودة للمسؤولين، بينما المسلمين يربطون المظاهرات والإحتجاجات الشعبية ب"الجهاد" .. حتى أن التيارات الإسلامية لا ترى فرقا بين "الجهاد" وكل الأنشطة التي تقوم بها، فنجد في الجامعات مثلا أن الطلبة المنتمين للفصائل الإسلامية يبدأون دائما أنشطتهم بعبارة : " تحية نضالية جهادية في إطار ...........".

__ وهذا الربط بين النضال والجهاد موجود حتى عند التيارات الغير إسلامية في "لاوعي"، وهذا ما يفسر أن المظاهرات يغلب عليها شعارات سلبية جدا، وهي نوعان:

1 - شعارات مهاجمة لمن يعتبرهم المحتجين مسؤولين عن مشكلتهم.
2 - شعارات تصف المشكل وتبالغ في وصفه.

__ واستخدام هذان النوعان من الشعارات هو في الحقيقة حرب رمزية ضد من يراهم المحتجين سبب مشكلتهم، حتى وإن سُمية هذه الحرب بمسميات جميلة ك"مسيرة احتجاجية" أو "نضال سلمي" ...إلخ.

__ استخدام الشعارات السلبية في الإحتجاجات يكرس الوضع الذي يحتج الناس ضده .. لهذا نجد الأم تيريزا تقول : " لن أخرج في مظاهرة ضد الحرب ، إذا كانت هناك مسيرة لأجل السلام أدعوني إليها وسأخرج ".

__ لنتعلم من التجربة الغربية، لن نخسر شيئا إذا قلدنا الغرب في الأشياء الجميلة التي يفعلونها .. ماذا سنخسر إذا كان الناس يخرجون في المسيرات وهم يبتسمون -كما يفعل الغرب- وهم يرون في المُظاهرة طريقة للتعبير عن رأيهم (وليس لغرض فَرضه بالقوة والعنف وأحداث الشغب .. لما لا نُجرب أن نفعل الأشياء بطريقة أفضل ؟