رعب - المشهد الثالث


أفنان القاسم
الحوار المتمدن - العدد: 5029 - 2015 / 12 / 30 - 11:41
المحور: الادب والفن     

أنت إيفانوف ألكسندروفيتش؟ تسأل الفتاة
أنا
اتبعني!
وتعطيه ظهرها
يصيح الكاتب بعد عدة لحظات من التبلبل: هيه!
لا تلتفت الفتاة، فيسرع إيفانوف الخطى من ورائها
لا تسألني إلى أين، تقول الفتاة، وهو يحاذيها
إلى أين؟
ماذا قلتُ؟
إن لم تقولي لي إلى أين فلن أذهب معك
إن لم تذهب معي فستندم
لن تكون فرصتي الوحيدة الضائعة التي سأندم عليها، حياتي كلها فرص ضائعة
ليست كهذه الفرصة
لن تكون فرصة الفرص
إنها فرصة كل فرصك الضائعة
بعد أن يمشيا طويلاً في حي شاتليه-لي هال، يدخلان في زقاق ينتهي بباب تفتحه الفتاة
ها هنا
تتركه يدخل وحده، وتذهب
في الداخل، يجدها جالسة في ثياب شفافة، فيشير إلى الناحية التي ذهبت منها بقلق
الأخرى أختي، تقول الفتاة، لا تسألني لماذا أنت هنا
لماذا أنا هنا؟
ماذا قلتُ؟
إن لم تقولي لي لماذا أنا هنا، فسأغادر في الحال
إن لم تبق معي فلن يكون هذا في صالحك
لن يكون تصرفي الوحيد الذي سيشذ عن القاعدة، حياتي كلها تصرفات طالحة
ليس كهذا التصرف
لن يكون أسوأ التصرفات
إنه أسوأ كل تصرفاتك الطالحة
بعد أن يدخلا من باب ويخرجا من باب يجدان نفسيهما قرب باب مسرح تفتحه الفتاة
ها هنا
تتركه يدخل وحده، وتذهب
في الداخل، يجدها في سرير على الخشبة عارية، فيشير إلى الناحية التي ذهبت منها بخوف
الأخرى أختي، تقول الفتاة، لا تسألني كيف كل هذا
كيف كل هذا؟
ماذا قلتُ؟
إن لم تقولي لي كيف كل هذا، فلن ألعب الدور المرسوم لي
إن لم تلعب الدور المرسوم لك، فستخسر كتبك في مماتك
لن يكون عقابي الوحيد في سلاسل الحكم عليّ بالإدانة، حياتي كلها عقابات ظالمة
ليس كهذا العقاب
لن يكون أشد عقاب
إنه أشد كل عقاباتك الظالمة
وبعد هنيهات: إيفان ألكسندروفيتش، اخلع ثيابك، والحق بي في الفراش، فأنا زوجتك
ينفذ الكاتب ما طلبت الفتاة، وخوفه يتحول إلى رعب
بعد موتك، تقول الفتاة، أنا من ستسهر على إعادة طباعة أعمالك في جميع أنحاء العالم، بفضلي ستكون ثروتك لا تقدَّر
ثروتي في مماتي، يتلعثم إيفانوف ألكسندروفيتش
في مماتك، فأنت خالد
آلامي غدت غير محتملة
لن تموت غدًا
يا ليتني أموت اليوم
آلامك لا شيء يقول طبيبك
هذا لأنه ساديّ
ليس لهذا
لأنه فاشيّ
ليس لهذا
لأنه يقرأ كثيرًا المجلات الطبية
ليس لهذا
لأنه ماذا؟
لأنه أسلوبه... مثلك
في الطب كذلك؟
في كل شيء
...
لن تتمنى الموت بعد عناقنا
أحب ثديك رغم أني لم أشرب منه
أنا لست أمك
أحب بطنك رغم أني لم أكن فيه
أنا لست أمك، قلتُ لك، إيفانوف ألكسندروفيتش
أحب فرجك رغم أني لم أخرج منه
أنا لست أمك، أنا لست أمك، يلعن دين!
يضمها فإذا به يضم الأخوات الثلاث، فيصيح من الرعب
نحن كلنا أمك، تصيح الفتيات الثلاث، وبالسكاكين يفجرن أمعاءه
بابا! تصيح من الصالون بنات الكاتب الثلاث اللواتي هن الأخوات الثلاث، ماذا جرى لك؟
كان كابوسًا، يجيب الأب
بابا! توقف عن وضع القطرات في عينيك، الكوابيس بسببها
سأصاب بالعمى
بابا! أنت لا تعرف صالحك
أعرف
تتصرف دومًا كالطفل
...
ماذا سنفعل بهذا التعس؟ سألت الابنة الصغرى
ليس فقط هو مزعج عندما ينام، علقت الابنة الكبرى
هو مريض على أي حال ولا فائدة من شفائه، أكدت الابنة الوسطى
كتبه بعد مماته ستكون ثروتنا هذا صحيح، لكن ذلك سيأخذ وقتًا طويلا مع رواج الكتاب الإلكتروني وثقافة التجهيل العالمي
هل وقّع على بوليصة التأمين على الحياة؟
وقّع عليها
والثلاثون مليون يورو كتبها باسمنا؟
كتبها باسمنا
وماذا ننتظر؟
الفرصة المناسبة
دمه لا يتوقف عن النزيف
الموت بسبب المرض لا يؤهلنا بقبض التأمين
إذن؟
ما العمل؟
نعم، ما العمل؟
لنأخذه إلى المسرح


يتبع المشهد الرابع