لنكرم الراحلة زليخة نصري بصفة رَجُلَةَ الدولة


يامنة كريمي
الحوار المتمدن - العدد: 5017 - 2015 / 12 / 18 - 13:41
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات     

لنكرم الراحلة زليخة نصري بصفة رَجُلَةَ الدولة
تبين أنشطة وتحركات السيدة المستشارة زليخة نصري على أنها كانت نعم المسؤولية والجدية والتفاني مما جعلها موضوعا للكثير من الاحترام والتقدير. وفور سماعي بنبأ التحاقها بالرفيق الأعلى لم أجد ما أنعى به المرحومة سوى الدعوة إلى تكريمها عن طريق نعتها برَجُلَةَ الدولة مقابل رجل الدولة كمفرد رجلات ورجال عوض نسيء مفرد نساء وذلك للأسباب التالية،
إن العبارات الثلاث التالية: ( نساء- رجال- قوامة) قد شابها الكثير من التحريف ولي العنق من أجل تحقير الأنثى والمس بكرامتها. فمثلا عبارة نساء التي أصبحت رمزا للمرأة كتبخيس وتحقير لها لا علاقة لها بخصوصية الجنس المؤنث وإنما في اللسان العربي، نساء: جمع نسيء وهو كل من كان في مؤخرة الركب أو القافلة ذكرا أو أنثى، صغيرا أو كبيرا. أما كلمة رجل التي اختزل إطلاقها على الذكر كتعزيز وإكرام وتبجيل له، مما لا يتحقق مثله للأنثى، فأصله، ترجل او ترجلت الرجل أو الرجلة أي نزل أو نزلت بعد أن كان راكبا أو كانت راكبة قال تعالى: (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ-;- كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) الحج الآية 27. رجالا وعلى كل ضامر يأتين يعني يجيئون راجلين وراجلات أو راكبين وراكبات لأن الناس تطلق على الذكور والإناث والحج هو فريضة على الجنسين. أما عبارة القوامة التي هي كذلك من أهم عبارات قاموس التمييز العربي المؤسلم ...قال تعالى (الرجال قوامون على النساء بما أنفقوا وبما فضل الله بعضهم على بعض....) النساء 34. أول ملاحظة، هي ان الآية تقول الرجال قوامون على النساء وليس الذكور قوامون على الإناث هذا من جهة ومن جهة أخرى فقذ بينا أن صفة الرجال والنساء ليست مرتبطة بالجنس وإنما بالفعالية والكسب والمسؤولية (النفقة وحسن التدبير...)وهذه أمور يمكنها أن تتوفر في كلا الجنسين ولا يكون الواحد قوام على الآخر إلا إذا كان ذلك الآخر نسيئا أي يعاني من أحد مظاهر الضعف والتخلف سواء الصحي أو المالي أو العقلي أو الفكري .
ومن كل الشهادات التي ذكرت والتي لم يسمح المقام باستحضارها يتضح أن الله الحكم العدل ينظر للأنثى والذكر على قدم المساواة في الحقوق والواجبات دون تمييز أو وصاية أو قوامة لأحد على الآخر. وبالتالي فالقرآن أو الدين الإسلامي بريء من كل ما يقوله المفسرون السلفيون في الموضوع. وبريء من كل ما تسببوا فيه من ظلم وأذى للمجتمعات الإسلامية من خلال تكريس دونية المرأة واتهامها بكل مظاهر الشيطنة والفساد جراء ذلك التأويل الفاسد للآيات القرآنية وابتداع قاموس لغوي يكرس دونية المرأة وتحقيرها على مر ما يناهز 14 قرنا. وبعد هذا الكشف –رغم محدوديته- عن مجموعة من مظاهر الزيف اللغوي والمغالطات الفقهية لم يبق سوى التأكيد على مسؤولية الإرادة السياسية في استمرار وضعية التمييز وما يرافقها من إضرار ليس بالمرأة وحدها وإنما بكل مكونات المجتمعات الإسلامية خاصة في السنوات الأخيرة مع نشاط ظاهرة الاجتهاد وقوتها لما يتوفر من إمكانيات البحث والتدقيق حيث لم تبقى ذريعة تحليل الحرام قائمة فالعدل أساس الحلال.
وبناء على محاولتنا المتواضعة في ضبط المفاهيم أعلاه واستنادا إلى سيرة المرحومة زليخة نصري المليئة بالجد والاجتهاد والتضحيات الجسام من أجل، استقرار وأمن المغرب ونموه وازدهاره، على أساس العدل والمساواة وتحقيق الكرامة الإنسانية... لم يعد لأحد من ذريعة لاعتبار المرحومة من النسيئ ولا مانع يحول دون اعتبارها رَجُلَةَ دولة واتخاذها إسوة لجميع المواطنات والمواطنين في هذا البلد الأصيل والعريق.
ونتمنى جزاء الاجتهاد أما الحقيقة والكمال فهي لله وحده لا شريك له (وله تأويل القرآن)
يامنة كريمي