هل كان ابراهيم التوراتى ديوثا ؟


هشام حتاته
الحوار المتمدن - العدد: 5007 - 2015 / 12 / 8 - 00:59
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     


من النادر ان نرى رجلا يبيع امراته للآخرين نظير المال او اى منافع شخصية ، ومن الطبيعى فى هذه الحالة الا يحوز على احترام الاخرين بل انه يكون دائما موضع سخرية واحتقار
لذا من الصعب جدا ان تصدق ان هناك رجل دين ديوثا على امراتة ، وتزداد الصعوبة كلما ازدادت مكانه رجل الدين هذا بداية من شيخ المسجد المجاور لبيتك حتى تصل الى رأس القداسة فى المجتمع
فماذا لو كان نبى ؟
وماذا لو كان هذا النبى هو ابو الانبياء والبطرك الاول الذى حملت ذريته انبياء الاديان الثلاثة الرئيسية فى منطقة الشرق الاوسط ( اليهودية – المسيحية – الاسلام )
ان عشرات التفسيرات لن تستطيع ان تسوغ هذا الفعل الشائن من نبى ، واعرف ان الحمل ثقيل على رجال الكنيسة الشرقية الارذوكسية وهم يبررون هذا ، فكيف اقتضى روحيا بنبى ملوث انسانيا اذا اضفنا اليه تركة لابنه اسماعيل وزوجته هاجر بوادى غير ذى زرع مراعاه لخاطر زوحته سارة ؟
فما هو السبب الحقيقى الذى جعل محرر التوراه يكتب هذا الكلام ؟ فسواء كان ابراهيم شخصية اسطورية لم توجد على ارض الواقع ( كما اعتقد انا ) او انه ابو الانبياء الا ان وصمة بالديوثية يحتاج الى مراجعه

اجمعت كل اراء مدارس نقد التوراه التى بدات مع نهايات القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ان التوراه هي في الحقيقة نتاج إنساني تم تدوينه في أزمنة متعاقبة، وتعرض للتحرير مرارا حتى وصل إلى صورته الحالية في بدايات القرن الاول الميلادى وان بداية تدوين التواره كانت اثناء السبى البابلى

السبي البابلى
بدون الدخول فى الاسباب التى ادت بمملكة بابل فى العراق بسبى اليهود لان هذه الاسباب ليست لها علاقة ببحثنا هذا ، ونكتفى بالقول انها فترة في التاريخ اليهودي تم فيه أسر يهود مملكة يهوذا القديمة. تم علي يد نبوخذ نصرالكلداني ابن نبوبولاسر في بابل في العراق القديمة حيث قام نبوخذ نصر باجلاء اليهود من فلسطين مرتين؛ مرة في عام597 ق.م.،والمرة الثانية في عام 586 ق.م.. وقد تمت العوده لليهود إلي أرض فلسطين مرة أخري بعد سقوط الدولة الكلدانية علي يد قورش الكبير حاكم فارس في ذلك الوقت، والذي وعد اليهود بالعودة إلي أرض فلسطين مرة أخري.

ومهما قالت بعض المصادر الكلدانية البابلية واليهودية ايضا عن حسن معاملة الاسرى اليهود فى بابل الا ان هناك مصادر اخرى تقول عكس ذلك وأن اليهود المسبيين إلى بابل كانوا يحيون في الأسر حياة ضيق وتعاسة وهو المرجح لدينا ، وان كنت اعتقد انهم عاشوا حياة اكثر انسانية مما كان يحدث فى هذا الزمان من نتائج السبى كالعبودية والبيع فى الاسواق والتسرى بالنساء ولكن فى النهاية السبى فى مفهومه الواسع ملاصق للعبودية والفرق يكون فى الدرجة وليس فى النوع

ومن الطبيعى فى هذه الحالة ان يحاول الواقعين فى السبى التقرب الى السادة من اهل البلاد وبالذات منهم اهل النفوذ من امراء البيت المالك او امراء المناطق وامراء الجند ..... الخ
وتكون فى العادة المراة الجميلة هى عربون هذا التقارب وهو الحاصل حتى الان فى بلادنا التعيسة
ولذا راى محرر التواره ان يخفف عن الرجل الذى فدم زوجته عربونا للتقارب مع السادة وفى نفس الوقت يقنع المراة التى يريد زوجها تقديمها عربونا لهذا التقارب بأن يكتب عن نبيهم ابراهيم
(فَصَنَعَ إِلَى أَبْرَامَ خَيْرًا بِسَبَبِهَا، وَصَارَ لَهُ غَنَمٌ وَبَقَرٌ وَحَمِيرٌ وَعَبِيدٌ وَإِمَاءٌ وَأُتُنٌ وَجِمَالٌ ) وفرعون مصر لما علم انها زوجته استنكر مافعل (فَدَعَا فِرْعَوْنُ أَبْرَامَ وَقَالَ: «مَا هذَا الَّذِي صَنَعْتَ بِي؟ لِمَاذَا لَمْ تُخْبِرْنِي أَنَّهَا امْرَأَتُكَ؟ لِمَاذَا قُلْتَ: هِيَ أُخْتِي، حَتَّى أَخَذْتُهَا لِي لِتَكُونَ زَوْجَتِي؟ وَالآنَ هُوَذَا امْرَأَتُكَ! خُذْهَا وَاذْهَبْ!) ورعم هذا اعطاه ماكان قد منحه اياه (فَأَوْصَى عَلَيْهِ فِرْعَوْنُ رِجَالاً فَشَيَّعُوهُ وَامْرَأَتَهُ وَكُلَّ مَا كَانَ لَهُ )
ويكررها ابراهيم مع ابى مالك ملك جرار الفلسطينية ليكون نفس الموقف ويعطية غنما وبقرا ومالا
ويتكرر القول على اسحاق الابن البكر لابراهيم ليكون ايضا قدرةو للابناء من يهود السبى ، فمن شابه اباه ماظلم ، فكما عرض ابراهيم امراته على فرعون مصر وابيمالك نرى ابنه اسحاق يكرر نفس مافعله ابوه ، اظهار زوجته بأنها أخته وذلك لكي ينجي نفسه ويصيبة بسببها خيرا
كثيرا ولكن أبيمالك ملك جرار اكتشف الخدعة، وأكَّد له حمايته .
راجع (تكوين 26: 6- 11)
وفى رمزية هامة نرى محرر التوراه يكتب ان كلا من فرعون وابى مالك لم يقربوا زوجه ابراهيم واعطوة اموالا وغنما وبقرا ، ليوحى الى اصحاب السيادة فى مملكة بابل انها هاكذا المسبى من اليهود يقدم لكم زوجته وعلكيم ان تحذوا حذو فرعون وابى مالك ، وان لم تفعلوا فلاجناح عليكم .

استير
بعد بضع سنوات من السبى حصل اليهود على فرصة لدخول بلاط الملك وأقاموا معه علاقة وطيدة بعد ذلك استدرجوه باسم النصيحة وطلب الخير له وطلبوا منه أن يتقبّل شابة حسناء من اليهود لخدمة القصر الملكي
وبعد مدة وقعت رغبة (كورش) على تلك الفتاة فاحبها وتزوجها… وبعد خطّة محكمة وضعوها، قامت هذه الشابة اللعوب بإفساد العائلة… وتشكيك الزوج بزوجته ورئيس وزرائه… وجنّ جنون الزوج الملك… فأمسك بسيفه، وقلع رؤوس كل أفراد عائلته ليتف ليكون صيدا سهلا لليهود الذين انتهزوا الفرصة واحاطوا به ناصحين ومستشارين
ولان ( من اجل عين تكرم مدينه ) فانه ومن الاجل عيون استير اعاد قورش اليهود الى فلسطين مرة اخرى وعين عليها واليا يهودا وتقرب اليه اليهود وقالوا انه مذكور فى توراتهم مع سفر خاص باستير
ومازال اللاوعى اليهودى يحمل هذه الذكرى لتكون المراة البيهودية من اكبر اسلحة المخابرات الاسرائيلية للايقاع بالنخب العربية وتجنديهم بعد تصوريرهم وتهديدهم ( فمن اجل الدولة يهون كل شئ حتى الشرف الذى سار عليه كبيرهم ابراهيم ، ولا غضاضه بعد هذا ان تصرح ديفنى ليفنى وزيرة خارجية اسرائيل بانها عاشرت العديد من المسئولين العرب ، وهى اشاره تحمل تهديدا بفضح المستور لهؤلاء المسئولين
ويظل ابراهيم فى التوراه ديوثا على امراته واسحاق ديوثا على امراتة دون ان يفكر احدا من قبل : لماذا وصم محرر التوراه كبير انبيائهم وانبه من بعده بالديوثية على امرأتيهما .
والى اللقاء فى مقالة اخرى