دور الإنسان في صناعة التاريخ


فؤاد النمري
الحوار المتمدن - العدد: 5005 - 2015 / 12 / 5 - 19:22
المحور: الصحافة والاعلام     


أحدث نقد للماركسية جاء على لسان أحد منظري البورجوازية الوضيعة يقول .. الماركسية اللينينية نظرية متصلبة (rigid) ليس فيها إلا وصفات جاهزة (formulaic) . الحق هو أن مثل هذا النقد للماركسة ليس حديثاُ أبداً إذ كان أن قالت به مدرسة فرانكفورت التخريبية ونقله عنها الكاتب الصهيوني المأجور كارل بوبر (Karl Popper)ولم ينتهِ مع الدكتور سمير أمين من مصر بحجة أن الفلسفة الماركسية وهي المادية الديالكتيكية تلغي أي دور للإنسان في صناعة تاريخه حيث يتدخل عقل الانسان فيما يعكسه البناء التحتي فيضيف في البناء الفوقي شيئاً من عندة قبل أن يجدد في البناء التحتي .
في البداية نحن نوافق على نقد البورجوازية الوضيعة للماركسية اللينينية بوصفها بالتصلب لكننا نعتبر هذا التصلب (rigidity) هو الميّزة الحديّة للماركسية حيث هو إثبات قاطع على أن الماركسية نظرية علمية لا يعتورها أدنى شك مثلها مثل سائر قوانين العلوم التي لا تتهاون ولا تلين في النفاذ .
ما يجهله أو يتجاهله كتبة البورجوازية الوضيعة بل والكثيرون من الماركسيين هو أن عمارة الماركسية بمختلف واجهاتها وشرفاتها إنما هي نفاد القانون العام للحركة في الطبيعة أي ديالكتيك الطبيعة في الحياة البشرية . وحتى العقل الذي تميّز به الانسان عن سائر الحيوانات فصاحبه الإنسان لا يستطيع وغير مؤهل للخروج على قانون الطبيعة . كيف للعقل أن ينفي قانون الطبيعة بالخروج عليه وهو أصلاً من ظواهر الطبيعة ونفاذ قانونها العام !؟ لذلك قال ماركس .. الإنسان يصنع تاريخه لكن ليس وفق ما يرغب . شروط الطبيعة تملي على الإنسان ما عليه أن يضيفه إلى الصورة المنعكسة عن البناء التحتي وما يضيفه ليس شيئاً خارجاً على الطبيعة بل هو شيء من أشياء الطبيعة والمكمل لنفاذ قانون الطبيعة. العقدة العصبية في الإنسان التي هي الدماغ عضو التعقل من مخالوقات الطبيعة وقد خلقته للتعرف على وسائل إنتاج الحياة وفق شروط الطبيعة نفسها التي لا يقوى عليها الانسان .
الأساس المادي الذي تقوم عليه حياة الإتسان هو بكل بساطة العلاقة بين الإنسان من جهة وأدوات الإنتاج من حهة أخرى . يبيت الإنسان ليله ويقوم نهاره عاملاً على تحسين أسباب حياته التي لا تتحسن إلا عن طريق تحسين أدوات الإنتاج ووسائل الإنتاج . وعليه فإن الأنسنة إنما هي العلاقة الديالكتيكية بين الإنسان وأدوات الانتاج، الإنسان كحيوان عاقل وقد بدأ التعقل في الحيوان الإنسان مع قيام أول علاقة بين الحيوان الانسان وأول أداة أولية للإنتاج، إنتاج حياة الإنسان وإلا كان الإنقراض مصيره المحتوم، وقد أخبرنا علماء الأنثروبواوجيا أن أجناساً عديدة من الحيوانات الشبيهة بالإنسان كانت قد انقرضت لأنها لم تنجح بإنتاج حياتها باستخدام أدوات الانتاج .
ما يدحض بصورة كاسحة تقوّلات كتبة البورجوازية الوضيعة ومنظريها من مثل مدرسة فرانكفورت الموظفة في تخريب وتشويه الماركسية أو من مثل كارل بوبر وسمير أمين هو أن عقل ماركس وهو العقل الأرفع للإنسان لم يخرج على القانون العام للطبيعة بل استولد مختلف القوانين لعمارته النظرية الفخمة من ذات القانون، قانون ديالكتيك الطبيعة ولذلك جاءت نظريته متصلبة (rigid) وذات وصفات ثابتة (fomulaic) . هكذا هو دور الانسان لا أكثر ولا أقل بعيداً عن سخافات مدرسة فرانكفورت وبوبر وأمين .