الاستفتاء على الدستور


أفنان القاسم
الحوار المتمدن - العدد: 4988 - 2015 / 11 / 17 - 08:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

أولاً
والله مللنا، والله كفرنا، والله انفلقنا، والله انفجرنا، نريد التغيير، لكن ليس بأي ثمن، لأن ما يجري اليوم ندفع ثمنه غاليًا، نريد تغيير البنى الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، بنى منهارة باقية في انهيارها، على انهيارها، تلك التي كنا ندعوها بنى التحرر العربي، وتلك التي كنا -ولم نزل- ندعوها بنى الأنظمة الرجعية، فالأولى كالثانية بنى للتبعية، مصطلح التبعية مذل ومهين، لأنه يلغي كل أحلامنا منذ أجيال وأجيال بالحرية والعدل والتقدم والرخاء والعزة نعم العزة والكرامة، وفجأة نفتح أعيننا على ما نفتقده منذ يوم ولادتنا إلى يوم الدين: إنه مشروع التنوير، مشروع لم يأت من فراغ، جاء به شبابنا الثائر على الأوضاع.

ثانيًا
الثورة الشبابية لم تزل ها هنا، ستفرض التغيير عاجلاً أم آجلاً، بأداة: مشروع التنوير، وبإطار: دولة غزة ومعان، اقتصاديًا على العالم العربي، سياسيًا على أمريكا، اجتماعيًا على الشعوب العربية، هذا ما عنيته بتغيير البنى، مع أخذنا بعين الاعتبار ناحيتين هامتين، الناحية الأولى: نحن لا نريد الانفصال عن الأردن، لا نريد تقسيم الأردن إلى أردنين، شمال وجنوب، لا نريد إسقاط النظام الأردني، إسرائيل تريد، نحن لا نريد، نريد التوصل إلى صيغة نهضوية لجنوب الأردن ينعم بها كل الأردنيين، في وحدة ترابية على شاكلة موناكو في فرنسا، وهونغ كونغ في الصين، وأبو ظبي دبي الشارقة إلى آخره في الإمارات العربية المتحدة. الناحية الثانية: نحن لا نريد الانفصال عن فلسطين، لا نريد غزة وحدها والضفة وحدها، لا نريد غزة في طرف والضفة في طرف، لا نريد الانفراد بالسلطة كما فعلت حماس أو فتح، نريد أن تسلمنا حماس اليوم السلطة في الحال، فالله يعطيها العافية، كفاها، فشلت بتفوق عشرين على عشرين، ونريد أن تسلمنا فتح السلطة غدًا، الله يعطيها العافية هي الأخرى، فشلت بتفوق عشرين على عشرين في كل شيء، ونجحت بشكل عبقري في التنسيق الأمني مع إسرائيل، نحن كذلك لدينا أفذاذ في القمع كسائر بلدان العالم العربي. إذن على فتح أن تسلمنا السلطة غدًا –إحنا مش مستعجلين كتير القمع ما عاد يؤثر في جلدنا- لكن حماس حالاً، لأن "شعوبنا الثلاثة" في غزة والضفة وإسرائيل أجمعت على التغيير كما نرتأي في إطار دولة غزة ومعان، بعد أن تجاوزت شروط المرحلة كلها حل الدولتين، ونحن بمشروع التنوير الذي لنا نرمي إلى تأسيس فكر جديد وفعل جديد، دونهما لن يكون هناك أي أفق كان لحل المسألة الفلسطينية، ولحل المسألة العربية.

ثالثًا
فكر جديد وفعل جديد يؤسسهما جيل جديد ممثلاً بكافة الأحزاب، فلا دولة يديرها حزب واحد أو شخص واحد، فالمعارضة أيضًا تديرها على طريقتها، وحسب برامجها، بحزب الورود أولها، بحزب الجاسِمِيِّين، ثم نتابع بحزب الديمقراطيين، ببرنامجه الذي صوتنا له بالآلاف، وتركنا بعيدًا من ورائنا كل الأحزاب المترهلة المتعفنة الفائحة بالرائحة العَطِنة لأصحابها وإيديولوجيا أصحابها، فالمرحلة جديدة، وهي مرحلتنا لا مرحلة المترهلين في رؤوسهم وفي وجوههم، طلائع ربيعنا، شبابية قفزتنا إلى الأمام، قفزة هائلة، لأنها قفزة عازمة مصممة، تقول للعالم الجديد ولكل جديد كن فيكون.

رابعًا
أريد أن يفهم الحكام الإسرائيليون ليس لغبائهم فقط بل ولأنهم غالبًا ما لا يريدون أن يفهموا كالبغل التركي: إسرائيل ليست بمعزل عن الأزمة الاقتصادية في الغرب والعالم، إسرائيل ابنة هذا الغرب، يعني اللي بصير له بصير لها، وبلاش عنتريات! الغرب غارق حتى قمة رأسه في خراه، لهذا نجده يتخبط، يتلعبط، داعش وما داعش، حتى أنه لا يتردد عن قتل أبنائه باسم داعش، كما حصل في باريس، باريس الظلام الدامس، الغرب يعيش أزمته على طريقته، هناك من يقول يدير أزمته، وإدارة أزمته تعني ما فيش مليارات أسلحة وتسليح لإسرائيل، ما فيش مليارات دعم وتدعيم لإسرائيل، فماذا سيجري؟ سينزل الإسرائيليون إلى الشارع، وإن لم ينجحوا، وهم لن ينجحوا، سيشقون طريق الهجرة كغيرهم من المشحرين، فتفرغ إسرائيل من إسرائيل، يعني ستفرغ إسرائيل من أهلها، ولن يعود هناك شيء اسمه إسرائيل. لهذا قلت في أكثر من مكان وأكثر من مرة، إسرائيل الغبية بحكامها لا مستقبل لها، مستقبلها مرتبط بمستقبل دولة صغيرة لكن قوية كدولة غزة ومعان، مستقبل إنسانها، فنحن على رجلنا إسرائيل، وما لا على رجلنا الإنسان أينما كان.

خامسًا
هنالك الكثير من القراء الذين بدأوا يبدلون موقفهم من مشروع دولة غزة ومعان، فكثيرون ظنوا، في البداية، أنني أمزح، أنني أسخر، أنني غير جاد فيما أطرح، للهزل والجد اللذين اتخذتهما أسلوبًا، وفجأة، وجدوا أنني أسعى إلى تأسيس سفارات بالفعل، وهي خطوة متقدمة جدًا على طريق تنفيذ المشروع الأساسي، مشروع الدولة. لا، لم أكن أمزح، لم أكن أسخر، والدليل على ذلك هذه الخطوة الحاسمة التي أريد أن نقطعها معًا، ألا وهي استفتاء الرأي العام بخصوص دستورنا، هذه القوة التأسيسية الهائلة، عماد دولة غزة ومعان، والمستقبل المشرق لحياتنا فيها. لهذا أطلب باسم كل أعضاء حكومتنا التصويت بنعم، وذلك بالضغط على "أعجبني" بالآلاف، بعشرات الآلاف لو أمكن، بهذا التصويت سنضغط على أمريكا والعالم، ونطرق أبواب المحافل الرسمية.




الدستور
يعلن مواطنو دولة غزة ومعان تعلقهم بحقوق الإنسان وبمبادئ سيادتهم الوطنية، واسترشادًا بهذه المبادئ وهذه الحقوق، يقترح مواطنو دولة غزة ومعان على كل عربي يرغب في ذلك، الانضمامَ إلى مؤسسات دولتهم الجديدة المُقَامة على المَثل الأعلى المشترك للحرية والمساواة والأُخُوّة، والمُشَادَة لأجل تطورها الديمقراطي. هذا وتضمن دولة غزة ومعان أمام القانون تساوي كل المواطنين بلا أي تمييز في الأصل أو العرق أو الدين، محترمة كل العقائد، وهي في تنظيمها غير مركزية. قانونها التساوي بين الرجل والمرأة في الترشيح والانتخاب والوظائف الانتخابية، وكذلك في المسئوليات المهنية والاجتماعية.

تسهر حكومة غزة ومعان على احترام الدستور، وتترك لكل فرد من أفرادها الإشراف على عمل الأجهزة العمومية، وكذلك على استمرار الانتماء إلى الوطن الأم الأردن وفلسطين الضامن للاستقلال الوطني، وللتراب الوطني، وللمعاهدات. هذا وتحدد الحكومة وتدير السياسة الملزِمة لكل مواطنيها، لكل وزارة سلطاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية لا سلطة الوزير، والحكومة كضامن لهذه السلطات الثلاث مسئولة أمام البرلمان. يصوّت البرلمان على القوانين، ويراقب عمل الحكومة، وكذلك يقيّم السياسات العمومية لكل وزارة. هذا ويقرر البرلمان القوانين الخاصة بالحقوق المدنية والضمانات الجوهرية المعطاة للمواطنين لممارسة حرياتهم: حرية الحريات الحرية، الحرية العقائدية، التعددية، استقلال وسائل الإعلام، استقلال القضاء، استقلال المؤسسات المدنية عن المؤسسات الدينية، وبالتالي لا يحق إطلاقًا أي تمثيل ديني على كافة الأصعدة التي أولها أصعدة الحكم.

تتفاوض الحكومة مع الوطن الأم الأردن وفلسطين فيما يخص المعاهدات الدولية، وتوقع عليها، وعليها أن تَعلم بكل مفاوضات يجريها أي فرد من أفرادها وأي شريك من شركائها. بينما كل معاهدات السلام، المعاهدات التجارية، المعاهدات السياحية، المعاهدات العلمية، المعاهدات الصناعية، المعاهدات أو الاتفاقات المتعلقة بالتنظيم الدولي، المعاهدات الملزمة لمالية الحكومة في كافة المجالات المجال الاقتصادي أولها، المعاهدات الخاصة بالغرب القائمة على الشراكة لا شيء غير الشراكة، المعاهدات المعدِّلة لقانون من القوانين التشريعية، المعاهدات المتعلقة بوضع الأشخاص، المعاهدات الخاصة بتنقلهم، المعاهدات المحتوية على انفصال غزة عن معان أو العكس، تبادل الأراضي أو ضمها، لا يمكن التوقيع عليها أو قبولها إلا بموجب قانون، ولن تكون سارية المفعول إلا إذا وقّعت الحكومة عليها. كما وأن لا انفصال عن الوطن الأم، والحالة هذه الأردن وفلسطين، برضاء أو بلا رضاء سكان الدولة الفتية.

تتشكل حكومة دولة غزة ومعان من أعضاء يرشحهم حزب الأغلبية لخمس سنوات انتخابية، يضاف إليهم أعضاء من المعارضة إذا ما دعت الضرورة إلى ذلك، يَنتخب أفرادها رئيسًا للدولة منهم يكون رئيسًا ووزيرًا في نفس الوقت، وتكون لكل رئيس فترتان انتخابيتان غير قابلتين للتجديد، كما وتسهر الحكومة على الانتخابات النزيهة. ومن مهمة الحكومة الإشراف على التخطيط في كافة المجالات التعليم أولها، واستغلال أفضل طرق التطوير الأبحاث أولها، كذلك فحص كل القوانين قبل إصدارها بعين الدستور. إنها الضامن لاستقلال السلطة القضائية، يُعِينُها مجلس العدالة، لا أحد يُعتقل بشكل تعسفي، فالسلطة القضائية حارسة للحرية الفردية، ولا أحد يدان بالموت. من ناحية أخرى، يحاكَم أعضاء الحكومة عن أفعال تتجاوز مسئولياتهم أيةً كانت، وكل شخص يشعر بسوء المعاملة من لدن أي عضو بإمكانه أن يقاضيه. ترافق الحكومة كل ما يتعلق بالتغيير الاجتماعي والحقوقي كالطاقي والجغرافي، الطاقي ببناء مفاعل نووي سلمي، والجغرافي بشق قناة البحرين، البحر الميت والبحر الأبيض المتوسط، وتسهر على تنفيذ هذين المشروعين الوطنيين سهرها على احترام الحقوق والحريات من طرف الإدارات والمؤسسات والتنظيمات في كل الوزارات.

دولة غزة ومعان هي بطبيعة الحال مدنها ومناطقها وبلدياتها وأناسها المجردون من كل مرجعية طائفية أو عرقية أو إثنية أو طبقية أو عائلية أو ثقافية، باختصار مواطنوها، وعليهم أن يتخذوا قراراتهم عن طريق التمثيل الديمقراطي للجميع، فيديرون أنفسهم بأنفسهم، بكل حرية، وبالكفاءة التي تؤهلهم لذلك، لا وصاية لأحد على أحد، إلا في حالة التعاضد، وبالقدر الذي يسمح به القانون. وعلى كل عضو من أعضاء الحكومة مهمة الحفاظ على المصالح الوطنية، وتحرير الإنسان من أغلاله الروحية والمادية أولها سلاسل التخلف والغيبيات، ممهدًا له الدخول من الأبواب الواسعة للعصر الحديث، فيقوم بدور المراقبة، بلا أي نوع كان من التعالي الإجبار الاستبداد التهديد الترغيب أو الترهيب، ويعمل على احترام القوانين.