القاموس القرآنى: شهد ومشتقاتها :رابعا :( الشهادة يوم الحساب / يوم الفصل )


أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن - العدد: 4980 - 2015 / 11 / 9 - 19:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

القاموس القرآنى: شهد ومشتقاتها :رابعا :( الشهادة يوم الحساب / يوم الفصل )
مقدمة :
1 ــ يوم الحساب تنعقد المحاكمة الكبرى للبشر ، ومن يؤمن بها ويعمل صالحا لا يمكن أن يزعم إمتلاك الحقيقة المطلقة أو أنه مُخوّل عن رب العوة مُتحدث باسمه جل وعلا . الداعية الاسلامى هو الذى يكتفى بتوضيح وجهة نظره بعرض مظاهر الكفر فى عهده على ميزان القرآن بغرض الاصلاح ، ثم يؤكد تأجيل الحكم عليه وعلى خصومه الى رب العزة جل وعلا يوم الفصل ، يوم الحقيقة المطلقة ويوم العدل المطلق .
2 ـ فى حياتنا الدنيا لا وجود للعدالة المطلقة مهما كان القاضى متحريا للعدل ، لأنه لا يعلم الغيب ولا يعلم سرائر القلوب ، وهو بشر مثل المتهم والشهود ، إمكانته قاصرة . هذا مع وجود الهوى ، ومع الحقيقة المُرّة ، وهى أن أكثر الناس ضالون مُضلّون، والظلم هو السائد ، والظالمون هم الأكثر تحكما فى معظم العالم وفى معظم الزمان . ولذا يأتى التدخل الالهى فى هذه الدنيا بعقاب المجرم فى الدنيا، ومهما أفلت من القانون الجنائى ومحاكمات البشر فإنه لا يفلت من عذاب الدنيا ، يدفع فيه ثمن إجرامه ، وأن يُطبّق عليه فى الدنيا والآخرة قوله جل وعلا : ( مَن يَعْمَلْ سُوٓ-;-ءًۭ-;-ا يُجْزَ بِهِۦ-;- ﴿-;-١-;-٢-;-٣-;-﴾-;- النساء) ، وصدق رب العالمين القائل بصيغة التأكيد : (إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱ-;-لْمِرْصَادِ ﴿-;-١-;-٤-;-﴾-;- الفجر).
3 ــ ،والأغلب أن يأتى الحديث عن اليوم الآخر بصيغة الفعل الماضى ، مع إنه سيحدث فى المستقبل، وهذا لتأكيد الوقوع ولتأكيد أنه حقُّ لا مفر ولا مهرب منه .
4 ـ العدالة المطلقة هى فى يوم الفصل، فالذى يقضى بالحق يوم الحساب هو رب العزة مالك يوم الدين الذى لا يريد ظلما للعالمين ، الذى عنت له الوجوه يوم القيامة وقد خاب من حمل ظُلما ، يكفى أن تقرأ بتدبر قوله جل وعلا عن ذلك اليوم : (وَخَشَعَتِ ٱ-;-لْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَـٰ-;-نِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًۭ-;-ا ﴿-;-١-;-٠-;-٨-;-﴾-;- يَوْمَئِذٍۢ-;- لَّا تَنفَعُ ٱ-;-لشَّفَـٰ-;-عَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ ٱ-;-لرَّحْمَـٰ-;-نُ وَرَضِىَ لَهُۥ-;- قَوْلًۭ-;-ا ﴿-;-١-;-٠-;-٩-;-﴾-;- يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِۦ-;- عِلْمًۭ-;-ا ﴿-;-١-;-١-;-٠-;-﴾-;- ۞-;- وَعَنَتِ ٱ-;-لْوُجُوهُ لِلْحَىِّ ٱ-;-لْقَيُّومِ ۖ-;- وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًۭ-;-ا ﴿-;-١-;-١-;-١-;-﴾-;- طه ) .
الله جل وعلا الذى يقضى بالحق هو الذى يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور، فى يوم نقف جميعا أمامه بارزين لا يخفى على الله جل وعلا منّا شىء : ( يَوْمَ هُم بَـٰ-;-رِزُونَ ۖ-;- لَا يَخْفَىٰ-;- عَلَى ٱ-;-للَّهِ مِنْهُمْ شَىْءٌۭ-;- ۚ-;- لِّمَنِ ٱ-;-لْمُلْكُ ٱ-;-لْيَوْمَ ۖ-;- لِلَّهِ ٱ-;-لْوَ‌ ٰ-;-حِدِ ٱ-;-لْقَهَّارِ ﴿-;-١-;-٦-;-﴾-;- ٱ-;-لْيَوْمَ تُجْزَىٰ-;- كُلُّ نَفْسٍۭ-;- بِمَا كَسَبَتْ ۚ-;- لَا ظُلْمَ ٱ-;-لْيَوْمَ ۚ-;- إِنَّ ٱ-;-للَّهَ سَرِيعُ ٱ-;-لْحِسَابِ ﴿-;-١-;-٧-;-﴾-;- وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ ٱ-;-لْءَازِفَةِ إِذِ ٱ-;-لْقُلُوبُ لَدَى ٱ-;-لْحَنَاجِرِ كَـٰ-;-ظِمِينَ ۚ-;- مَا لِلظَّـٰ-;-لِمِينَ مِنْ حَمِيمٍۢ-;- وَلَا شَفِيعٍۢ-;- يُطَاعُ﴿-;-١-;-٨-;-﴾-;- يَعْلَمُ خَآئِنَةَ ٱ-;-لْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِى ٱ-;-لصُّدُورُ ﴿-;-١-;-٩-;-﴾-;- وَٱ-;-للَّهُ يَقْضِى بِٱ-;-لْحَقِّ ۖ-;- ) ﴿-;-٢-;-٠-;-﴾-;-غافر ) .
5 ـ و أيضا من مظاهر القضاء بالحق المطلق والعدل المطلق أنه جل وعلا يتيح لكل نفس أن تجادل عن نفسها أمام ربها جل وعلا (يَوْمَ تَأْتِى كُلُّ نَفْسٍۢ-;- تُجَـٰ-;-دِلُ عَن نَّفْسِهَا وَتُوَفَّىٰ-;- كُلُّ نَفْسٍۢ-;- مَّا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴿-;-١-;-١-;-١-;-﴾-;- النحل 111 )، وهو جل وعلا الذى يضع الموازين القسط التى لا مجال فيها لأى ذرة من الظلم : (وَنَضَعُ ٱ-;-لْمَوَ‌ ٰ-;-زِينَ ٱ-;-لْقِسْطَ لِيَوْمِ ٱ-;-لْقِيَـٰ-;-مَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌۭ-;- شَيْـًۭ-;-ٔ-;-ا ۖ-;- وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍۢ-;- مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ۗ-;- وَكَفَىٰ-;- بِنَا حَـٰ-;-سِبِينَ ﴿-;-٤-;-٧-;-﴾-;- الأنبياء 47 ).
6 ـ وفى هذه العدالة المطلقة لا بد من الشهادة ، لأن الحكم يومئذ إما بالخلود فى الجنة وإما بالخلود فى النار . هو حكم بات وجازم ولا إستئناف فيه ولا هروب منه ولا واسطة ولا شفاعة من بشر لبشر . .
شهادة الملائكة
1ـ كل ما تقوله وما تفعله بل وما تفكر فيه ستكون مسئولا عنه يو الحساب ، أنت مسئول عن سمعك وبصرك وفؤادك (إنَّ ٱ-;-لسَّمْعَ وَٱ-;-لْبَصَرَ وَٱ-;-لْفُؤَادَ كُلُّ أُو۟-;-لَـٰ-;-ٓ-;-ئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْـُٔ-;-ولًۭ-;-ا﴿-;-٣-;-٦-;-﴾-;- الاسراء ). كل ما تقول وكل ما تفعل وكل موجة تفكير تخرج من دماغك لا تضيع ، كل ما ( يطير ) منك وعنك يتم تسجيله فى كتاب أعمالك ، والذى سيكون معلقا بعنقك يوم القيامة ، حيث ستكون مجبورا على قراءته بنفسك ، لتكون شاهدا على نفسك ، وبالتالى فإنك لو إهتديت فلنفسك ، وإن ضللت فعلى نفسك ، ولا يتحمل أحد وزرك ، يقول جل وعلا :( وَكُلَّ إِنسَـٰ-;-نٍ أَلْزَمْنَـٰ-;-هُ طَـٰ-;-ٓ-;-ئِرَهُۥ-;- فِى عُنُقِهِۦ-;- ۖ-;- وَنُخْرِجُ لَهُۥ-;- يَوْمَ ٱ-;-لْقِيَـٰ-;-مَةِ كِتَـٰ-;-بًۭ-;-ا يَلْقَىٰ-;-هُ مَنشُورًا ﴿-;-١-;-٣-;-﴾-;- ٱ-;-قْرَأْ كِتَـٰ-;-بَكَ كَفَىٰ-;- بِنَفْسِكَ ٱ-;-لْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًۭ-;-ا ﴿-;-١-;-٤-;-﴾-;- مَّنِ ٱ-;-هْتَدَىٰ-;- فَإِنَّمَا يَهْتَدِى لِنَفْسِهِۦ-;- ۖ-;- وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ۚ-;- وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌۭ-;- وِزْرَ أُخْرَىٰ-;- ۗ-;- وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ-;- نَبْعَثَ رَسُولًۭ-;-ا ﴿-;-١-;-٥-;-﴾-;- الإسراء ).
2 ـ هناك إثنان من الملائكة مُكلفان بتسجيل عمل كل فرد ، يتلقيان كلامه وعمله ويسجلانه أولا بأول . هما ( رقيب وعتيد ) ، وبعد الموت والبعث يؤتى بك بصحبة نفس الملكين ، احدهما يسوقك ، والآخر يحمل كتاب أعمالك ، ويصبح لهما إسمان جديدان ( سائق وشهيد ) لم تكن تراهما فى الدنيا ، ولكن ستراهما بعد أن زال عنك الحجاب الجسدى . يقول جل وعلا عنهما : ( إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنْ الْيَمِينِ وَعَنْ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22) ق ).
3 ــ يقف الجميع من البشر صفا واحدا يوم العرض أمام الواحد القهار : ( وَحَشَرْنَـٰ-;-هُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًۭ-;-ا ﴿-;-٤-;-٧-;-﴾-;-وَعُرِضُوا۟-;- عَلَىٰ-;- رَبِّكَ صَفًّۭ-;-ا لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَـٰ-;-كُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍۭ-;- ۚ-;- بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّن نَّجْعَلَ لَكُم مَّوْعِدًۭ-;-ا ﴿-;-٤-;-٨-;-﴾-;- الكهف) ، يقف البشر جميعا ، ليؤتى بهم للحساب فردا فردا : (إِن كُلُّ مَن فِى ٱ-;-لسَّمَـٰ-;-وَ‌ ٰ-;-تِ وَٱ-;-لْأَرْضِ إِلَّآ ءَاتِى ٱ-;-لرَّحْمَـٰ-;-نِ عَبْدًۭ-;-ا ﴿-;-٩-;-٣-;-﴾-;- لَّقَدْ أَحْصَىٰ-;-هُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّۭ-;-ا ﴿-;-٩-;-٤-;-﴾-;- وَكُلُّهُمْ ءَاتِيهِ يَوْمَ ٱ-;-لْقِيَـٰ-;-مَةِ فَرْدًا ﴿-;-٩-;-٥-;-﴾-;- مريم )
4 ــ كل فرد يؤتى به للحساب ومعه السائق والشهيد . إذا كان عملك صالحا أصبح عملك شفيعا لك ، بشهادة كتاب أعمالك والملك الشهيد ، وهذا الملك الشهيد هو الذى يشهد بالحق وعن علم ، يقول جل وعلا فى شفاعة ملائكة تسجيل العمل ( الصالح ) :(وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (86) الزخرف ). ولكن هذا لا يتم إلا بعد إذن ورضا الرحمن جل وعلا ، وهو القائل عن شفاعة ملائكة تسجيل الأعمال ( الصالحة ) : ( وَكَم مِّن مَّلَكٍۢ-;- فِى ٱ-;-لسَّمَـٰ-;-وَ‌ ٰ-;-تِ لَا تُغْنِى شَفَـٰ-;-عَتُهُمْ شَيْـًٔ-;-ا إِلَّا مِنۢ-;- بَعْدِ أَن يَأْذَنَ ٱ-;-للَّهُ لِمَن يَشَآءُ وَيَرْضَىٰ-;-ٓ-;- ﴿-;-٢-;-٦-;-﴾-;- النجم ) هذه الملائكة تقدم كتاب العمل ( الصالح ) أو شهادتها من بعد الإذن والرضى الالهى وهى خائفة مشفقة ، يقول جل وعلا عنهم : ( يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ٱ-;-رْتَضَىٰ-;- وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِۦ-;- مُشْفِقُونَ ﴿-;-٢-;-٨-;-﴾-;- الانبياء ). شهادتهما لعملك الصالح هى ( شهادة لك ) ، أى شفاعة لك . أمّا شهادتهما ( على عملك السيىء ) هى ( شهادة عليك ) أى شهادة خصومة . وهذه هى شهادة الملائكة . إما أن تكون شفاعة بعملك الصالح ، أو أن تكون شهادة عليك .
الرسول شهيد (على) قومه : ( خصم لهم وليس شفيعا لهم ) :
1 ـ خلافا لأوهام وخرافات الشفاعة للنبى ، يؤكد رب العزة العكس تماما ؛ فكل الرسل يؤتى بهم ويُسألون عن مدى هداية أقوامهم فيردون بعدم العلم ، يقول جل وعلا : (يَوْمَ يَجْمَعُ ٱ-;-للَّهُ ٱ-;-لرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَآ أُجِبْتُمْ ۖ-;- قَالُوا۟-;- لَا عِلْمَ لَنَآ ۖ-;- إِنَّكَ أَنتَ عَلَّـٰ-;-مُ ٱ-;-لْغُيُوبِ﴿-;-١-;-٠-;-٩-;-﴾-;- المائدة ).
2 ــ وفى حساب كل رسول سيتبرأ من الكافرين ويعلن عدم مسئوليتهم عن عصيانهم . الذين ألّهوا عيسى هم أعدى أعداء عيسى ، لأنه بسببهم سيسأل الله جل وعلا عيسى عما زعموه: ( وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ ) ، وسيعلن عيسى براءته منهم : ( قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنْ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117). ويكتمل تبرؤ عيسى منهم بقوله عليه السلام ( إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ ۖ-;- وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ ٱ-;-لْعَزِيزُ ٱ-;-لْحَكِيمُ ﴿-;-١-;-١-;-٨-;-﴾-;- المائدة ). لم يقل ( وإن تغفر لهم فإنك أنت الغفور الرحيم ) كما يستدعى السياق ، ولكن قال: ( وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ ٱ-;-لْعَزِيزُ ٱ-;-لْحَكِيمُ ) لنفى أى إحتمال بتعاطفه معهم .!
3 ــ وواضح من قول عيسى عليه السلام : (وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ ) شيئان : الأول : أنها شهادة خصومة ( شهد على ) (وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ) وأنها شهادة على من رآهم وعايشهم فى حياته (مَا دُمْتُ فِيهِمْ ). وهذا هو السائد فى شهادة الرسل ( على ) أقوامهم الذين عاصروهم وتعاملوا معهم ، بإعتبار أن الشهادة تعنى أيضا الحضور والرؤية العينية والسماع والتعامل بالحواس ، وبالتالى لا يمكن أن يكون الرسول شاهدا على قوم كانوا قبله أو بعده .
4 ـ هنا تُتاح الفرصة الشهادة لأولئك الدُعاة الذين يسيرون بعد موت الرسول على سنّة الرسول فى الدعوة الى الحق ، هنا دور الأشهاد من المؤمنين على أقوامهم . يقول جل وعلا لخاتم النبيين: ( فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً (41) النساء )، فهو عليه السلام سيكون شهيدا على قومه ، وسيكون هناك شهيد أو شاهد على كل أمة، يقول جل وعلا : ( وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً ) (84) النحل ) ( وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً ) (75) القصص ).
5 ــ ستكون مشكلة عيسى عليه السلام هى الزعم بأنه قال للناس أتخذونى وأمى إلاهين من دون الله ، وسيتبرأ من هذا . وستكون مشكلة ( محمد ) عليه السلام تلك السُّنّة والأحاديث التى إتبعها المحمديون وبسببها إتخذوا القرآن مهجورا . أولئك هم الأعداء الحقيقيون له عليه السلام . ولقد بدأ الكذب عليه فى حياته ، وبدأ إتخاذ القرآن والتكذيب به فى حياته ، قال له جل وعلا : (كَذَّبَ بِهِۦ-;- قَوْمُكَ وَهُوَ ٱ-;-لْحَقُّ ۚ-;- قُل لَّسْتُ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍۢ-;- ﴿-;-٦-;-٦-;-﴾-;- لِّكُلِّ نَبَإٍۢ-;- مُّسْتَقَرٌّۭ-;- ۚ-;- وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴿-;-٦-;-٧-;-﴾-;- الانعام ) ويوم القيامة سيعلن عليه السلام شكواه من قومه الذين إتخذوا القرآن مهجورا:( وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً (30) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنْ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً (31) الفرقان )
6 ــ بعد موته عليه السلام هناك شهداء على المحمديين الذين إتخذوا القرآن الكريم مهجورا الذين يزعمون أنه محتاج الى ( سنتهم ) لتبينه . لذا ستكون الشهادة هنا حول أن القرآن الكريم نزل تبيانا لكل شىء يحتاج تبيانا ، يقول جل وعلا : ( وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَى هَؤُلاء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (89) النحل ).
موقع الشهداء يوم الدين مع النبيين :
1 ـ هم ( مع النبيين ) أو ( فى معية النبيين )، يقول جل وعلا : ( وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقاً (69) النساء )
2 ـ ويبدأ الحساب بالنبيين والشهداء ، ثم بعدهم بقية البشر ، يقول جل وعلا :( وَأَشْرَقَتْ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (69) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (70) الزمر ).
3 ــ وينتهى الحساب بأن ينصر الله جل وعلا الحق (الأنبياء والأشهاد) ، يقول جل وعلا : ( إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ (51) يَوْمَ لا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمْ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (52) غافر )
الشهداء على أئمة الأديان الأرضية
1 ـ وفى كل الأحوال ستكون شهادة الأشهاد يوم القيامة موجهة ضد أرباب الأديان الأرضية فى كل زمان ومكان ، وهم الذين يصدون عن سبيل الله مستخدمين نفوذهم معتقدين أنهم معجزون فى الأرض . يقول جل وعلا :( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أُوْلَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (18) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (19) أُوْلَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ يُضَاعَفُ لَهُمْ الْعَذَابُ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ (20) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (21) لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمْ الأَخْسَرُونَ (22) هود ).
2 ـ وكأنما نزلت هذه الآيات الكريمة فى يومنا هذا .!!
ودائما : صدق الله العظيم .!!