العلاقة العكسية بين القهر والابداع


هشام حتاته
الحوار المتمدن - العدد: 4976 - 2015 / 11 / 5 - 17:03
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع     

العلاقة العكسية هى علاقة بين عنصرين ، كلما زاد احدهم نقص الاخر ، فهل هناك علاقة عكسية بين القهر والشخصية المتوازنه نفسيا ثم الابداع ؟
دعونا اولا نتعرف على القهر
** القهر فى التعريف القاموسى يعني الغلبة والأخذ من فوق، وبدون رضى الشخص الآخر. وبالتالي فالإنسان المقهور هو ذاك المغلوب على أمره، الذي تعرض لفرض السطوة عليه من قبل المتسلط عنوة. وأما في تعريف التخلف الاجتماعي فيتمثل القهر في فقدان السيطرة على المصير إزاء قوى الطبيعة واعتباطها وقوى التسلط في آن معاً.
فماهى قوى التسلط التى تسبب القهر
1) القهر الاجتماعى : وهو المتمثل فى النشأة الاسرية وبعدها فى الجدل مع المجتمع ، وتزداد المشكلة تعقيدا ان كان القهر فى كليهما معا
- الفقر : هو المحرك الاول للشعور بالقهر
- التسلط الابوى او الامومى على الابناء ، وان كان التسلط الابوى هو الاكثر تاثيرا
- ضعف شحصية الاب فى مواجهه مشاكل الاسرة
- ضعف شخصية الاب او الام فى مواجهه سلطة الدولة، وغرس مفاهيم القهر والخنوع لدى الطفل ( امشى جنب الحيط )
2) قهر السلطة :
وهو قهر السلطة المتمثل فى غياب الديمقراطية واختلال العلاقة بين الحاكم
والمحكوم بدلا من عقد اجتماعى متوازن بينهم مما يؤدى الى بطش السلطة
بالمواطن واهدار حقوقة وغياب مفاهيم حقوق الانسان
2) قهر الجنس
حيث كتبت عن هذا الموضوع بعنوان : التحرش والقهر و ... امه فى خطر اوضح فيه العلاقة بين القهر الجنسى وظاهرة التحرش التى تعانى منها مصر حاليا
http://www.ahewar.org/debat/s.asp?t=0&aid=419041
3) قهر رجال الدين
رجال الدين جعلوا من الانسان مجرد دمية فى مسرج العرائس تحركها قوى علوية ممسكه بالخيوط وتحركها حسب السيناربو الذى صاغه المخرج ، ففقد ايمانه بقيمة العمل تحت وهم ( ورزقكم فى السماء وما توعدون ) وانه يرزق الدودة فى الصخرة ، واجرى يابن آدم جرى الوحوش فغير رزقك لن تحوز ................ الخ ، وفى احسن الاحوال ماعليه الا الهزفيتساقط الرطب المقدر سلفا فى لوح القدر (وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا ) ، مع العلم ان هز الوسط اكثر ربحية من البلج المتساقط من النخلة

فهل يبستطيع الانسان التى تمارس عليه هذه الانواع من القهر( وغيرها الكثير ) منذ نشاته الاسرية حتى معاناته مع المجتمع فيما بعد ان يكون انسانا متسقا مع نفسه ومتوازن نفسيا ؟؟؟
** عقدة النقص :
عقدة النقص، في مجالات علم النفس والتحليل النفسي، هى الشعور بأن الواحد أقل شأنا من الآخرين بطريقة أو بأخرى. و هو مجموعة من الأفكار ذات شحنة انفعالية قوية، تدور حول ما يشعر به الشخص من قصور حقيقي، أو وهمي يدفع الشعور بالنقص إلى التعويض، الذي يحقق أهدافاً شخصية، أو اجتماعية قيمة. فعقدة النقص هي عقدة الخصاء اللاشعورية و هذا الشعور غالبا ما يحدث بغير وعي من الانسان ، وتكون آلية التعويض اما ايجابية بأن يقوم هذا الانسان بتعوض هذا النقص بالتفوق فى حياته العملية لتحقق ذاته فيتم له التوازن النفسى ، واما ان يكون سلبيا بمحاولة تبخيس الاخر
والتعويض الايجابى لايتم الا فى مجتمع صحى يساعد الانسان على التعويض الايجابى بان يكون مقياس الخبرة هو الاساس فى الاختيار ، ولان مجتمعنا نفسه مريض نفسيا ويعانى معظم افرادة من القهر فان فرصة النجاح لن يريد التعويض الايجابى تكون محصورة وقليلة للغاية
فالرجل مقهور فى العمل من رئيسة الذى يعانى ايضا من عقدة النقص ويحاول ان يجد لنفسه توازنا بقهر موظفية وتبخيسهم ، او يقضى مصلحة فى اى جهه حكومية ليجد نفسه امام موظف مقهور نفسيا يحاول ان يعيد توازنه النفسى فى مواطن يقف امامه ليقوم بازلاله وامتهانه ، ورجل الشرطة فى الشارع يمارس عليه جبروت السلطة ، وآه ... لو ذهب هذا المواطن الى احد اقسام الشرطة متهما حتى فى مخالفة سير او حتى شاكيا
هذا المواطن يعود الى بيته بعد ان يتعرض لكافة اشكال القهر يعيد توازنه النفسى فى قهر الزوجة التى تقوم بالتالى بقهر الطفل فلايجد الطفل امامه الى لعبته ليكسرها او الحيطان ليكتب عليها او الامساك بموس وتقطيع الصالون ..... الخ ويكبر الطفل وهو يحمل طافة تدميرية تتحين الفرصة للتعويض ( وهو ماحدث من فوضى وانفلات امنى بعد ثورة 25 يناير 2011 نتيجة سقوط الدولة وانهيارعصاها الغليظة المتمثلة فى جهاز الشرطة ، وانم كان هناك فارق فى الدرجة حسب كمية القهرالمكبوت الا ان النوع واحد )
وتبدأ الدائرة من جديد ..... وهلم جرا

فاذا كان القهر لاينتح لنا انسانا يتمتع بصحة نفسية جيدة او حتى متوسطة فكيف بنا اذا اردنا انسانا مبدعا ؟؟؟
دعونا نتعرف على تعريف الابداع حتى نعرف ان كان هذا المجتمع المريض يستطيع ان يخلق ابداعا ام لا

الإبداع هو إنتاج عقلي جديد ومفيد ، ويحل مشكلة ما منطقياً .
أن ترى ما لا يراه الآخرون
أن ترى المألوف بطريقة غير مألوفة
هو تنظيم الأفكار وظهورها في بناء جديد انطلاقاً من عناصر موجودة
إنه الطاقة المدهشة لفهم واقعين منفصلين والعمل على انتزاع ومضة من وضعهما جنباً إلى جنب
الإبداع طاقة عقلية هائلة، فطرية في أساسها، اجتماعية في نمائها، مجتمعية إنسانية في انتمائها
هو القدرة على حل المشكلات بأساليب جديدة
الإبداع حالة عقلية بشرية تنحو لإيجاد أفكار أو طرق ووسائل غاية في الجدة والتفردـ بحيث تشكل إضافة حقيقية لمجموع النتاج الإنساني؛ كما تكون ذات فائدة حقيقية على أرض الواقع إذا كان الموضوع يرتبط بموضوع تطبيقي أو أن يشكل تعبيراً جديداً وأسلوباً جديداً عن حالة ثقافية أو اجتماعية أو أدبية إذا كان الموضوع فلسفياً نقدياً أو أن يشكل تعبيراً ضمن شكل جديد وأسلوب جديد عن العواطف والمشاعر الإنسانية إذا كان الموضوع يتعلق بالنتاج الأدبي وأشكاله.

والسؤال :
كم عدد المبدعين فى اوطاننا التعيسة الذين نجوا من كافة اشكال القهر والخوف والكبت ؟
وهل يسمح هذا المجتمع المريض نفسيا والذى اشرنا اليه من قبل والذى محيت شخصيته نتيجة القهر ان ينتج انسانا متسق نفسيا وهو الوحيد القادر ان يتجاوب مع افكار المبدعين ؟
الطريق شاق وطويل
والى اللقاء فى مقال آخر