البورجوازية الوضيعة تستعر في محاربة الشيوعية


فؤاد النمري
الحوار المتمدن - العدد: 4972 - 2015 / 11 / 1 - 19:04
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية     

البورجوازية الوضيعة تستعر في محاربة الشيوعية

الرأسمالية الإمبريالية ومنذ أن انهزمت أمام البلاشفة في روسيا توقفت عن ممارسة السياسات الاستعمارية الكلاسيكية لتركز كل نشاطها في مقاومة الشيوعية . بذلت كل ما في وسعها في بناء العراقيل أمام الثورة الشيوعية العالمية لكنها فشلت حتى وبالتحالف مع النازية الهتلرية والفاشية في إيطاليا واسباتيا مثلما كان في مؤتمر ميونخ 1938 . قامت الحرب في العام 1939 وهدفها الأخير كان تحطيم الاتحاد السوفياتي والقضاء النهائي على الثورة الشيوعية غير أن الشيوعيين برهنوا على أنهم لا ينهزمون وخرج الاتحاد السوفياتي كأقوى قوة في الأرص في تهاية الحرب 1945 بل وأقوى من الدول الرأسمالية الكبرى مجتمعة . فيما بعد الحرب تأكد الرأسماليون أنهم أعجز من أن ينالوا من الثورة الشيوعية وسلموا الأمر بعدذاك إلى البورجوازية الوضيعة وهي الأكثر عداء والأكثر مكراً وخداعا في حربها على الشيوعية .
في مواجهة مكر وخداع البورجوازية الوضيعة كان لينين لدى تشكيل الأممية الشيوعية في العام 1919 قد اشترط على الحزب الشيوعي العضو في الأممية أن يطهر صفوفه بين فترة وأخرى من عناصر البورجوازية الوضيعة التي تكون قد مكرت واخترقت صفوف الحزب . في العام 1922 تم طرد أكثر من 20 ألف عضوا ولعل زوجة ستالين كانت من أوائل المطرودين من الحزب وقد امتنعت عن تعريف نفسها على أنها زوجة ستالين . وفي العام 1927 تم تطهير الحزب من تروتسكي والتروتسكيين الموصوفين باليساريين . وفي العام 1932 جرى تطهير الحزب من عضو المكتب السياسي بوخارين ورئيس مجلس الوزراء روكوف وكتلتهما اليمينية . وفي العام 1937 جرى تطهير الحزب من جميع العناصر المتقلقلة في مواجهة الهتلرية وهو التطهير الذي تندد به البورجوازية الوضيعة أشد تنديد والذي بدونه ما كان الاتحاد السوفياتي أن يضمن الانتصار على النازية برأي ستالين . ظروف الحرب الصعبة وإعادة الإعمار لم تسمح بأية تطهيرات خاصة وأن التحالف الطبقي كان عمادهما . أما في العام 1952 فقد جهد ستالين لإحالة جميع أعضاء المكتب السياسي إلى التقاعد بمن في ذلك ستالين نفسه إلا أن المؤتمر العام التاسع عشر للحزب عارض ذلك . وقد تبيّن فيما بعد أن غالبية أعضاء المكتب السياسي الثمانية الذين طلب ستالين تخليص الحزب منهم كانوا من العروق الخفية لطبقة البورجوازية الوضيعة .
ما يتوجب استخلاصه في هذا السياق هو أن لينين كان يخشى على مصائر الثورة الاشتراكية من مكر وخداع الطبقة البورجوازية الوضيعة بحيث تتمكن من اختراق صفوف الحزب الشيوعي وحتى استخدام نفس الحزب الذي قام بالثورة الاشتراكية في أن يرتد على الثورة ويعود بالبروليتاريا إلى أسوأ مما كانت عليه قبل الثورة وهو ما حدث في الاتحاد السوفياتي، فجاء غورباتشوف في منصب الأمين العام للحزب الشيوعي في العام 1985 ويحل محل لينين وستالين، ويعلن بعد سقوطه أنه ليس شيوعياً ولم يكن يوماً شيوعياٌ، ويأتي يلتسن أميناً عاماً للحزب الشيوعي الروسي ثم يتبين فيما بعد أنه العدو الأول للشيوعية ويسن قانوناُ يحرم فيه النشاط الشيوعي في روسيا، ويأتي شفرنادزه أميناً عاماً للحزب الشيوعي في جورجيا وهو المتخلف حتى في الفكر البورجوازي. وكان في البدء بعد رحيل ستالين، خروشتشوف ثم بريجينيف اللذان قادا الردة على الاشتراكية فيما بعد 1953.

كل دارس موضوعي يتابع بشيء من الحس السياسي تطور المشروع اللينيني في الثورة الاشتراكية العالمية المتجسد بالاتحاد السوفياتي لا بد وأن يرى أن الاتحاد السوفياتي لم يكن اتحاداً واحداً بل اتحادين . إتحاد سوفياتي تحكمه دولة دكتاتورية البروليتاريا أسس له لينين وأعلاه ستالين 1917 ـ 1953 واتحاد سوفياتي تحكمه دولة دكتاتورية البورجوازية الوضيعة سماها خروشتشوف "دولة الشعب كله" وقد تأسس فعلاً على العدوان النازي الذي لم ينهزم إلا بقيادة البورجوازية الوضيعة ممثلة بالجيش بعد أن أوقع الخسائر الفادحة بقوى الاشتراكية وبالبروليتاريا وبالحزب الشيوعي تحديداً . الاتحاد السوفياتي بقوده الحزب الشيوعي وعلى رأسه ستالين قبل الحرب ليس هو الاتحاد السوفياتي يقوده فعلاً الجيش وعلى رأسه ستالين أيضاً بعد الحرب . كان ذلك واضحاً في مداخلات ستالين أثناء الندوة التي نظمها ستالين للنظر في السياسات المستوجبة بعد الحرب وإعادة الإعمار في العام 1951 حيث نادى ستالين على غير عادته بسياسة التآخي الطبقي بدل الصراع الطبقي . ما كان ذلك ليكون إلا لأن ستالين كان يواجه حالة في غاية الخطورة على المشروع اللينيني في الثورة الاشتراكية حيث باتت قوى البورجوازية المعادية بطبيعتها للثورة الاشتراكية هي الغالبة في المجتمع السوفياتي وأن سياسة الصراع الطبقي لم تعد مناسبة لمعالجة مثل ذلك الخلل في مسار الثورة .
إذّاك تبدت عبقرية ستالين في قيادة الثورة الاشتراكية العالمية في اقتراح الخطة الخمسية الخامسة التي قضت بتحويل الاقتصاد الوطني إلى الإنتاج المدني وإشباع حاجات الشعب بالسلع الاستهلاكية . كان للخطة الخماسية الخامسة هدفان أحدهما علني وهو تحويل الاتحاد السوفياتي إلى جنة الله على الأرض لرفاه الشعب، والهدف الثاني غير المعلن وهو استعادة البروليتاريا لسلطاتها الدكتاتورية بصورة أفضل مما كانت قبل الحرب .
بعد إقرار الخطة الخماسية في مؤتمر الحزب العام التاسع عشر في نوفمبر 1952 قام ثلاثة من أعضاء المكتب السياسي، لافرنتي بيريا وجيورجي مالنكوف ونيكيتا خروشتشوف، بدس السم في شراب ستالين أثناء تناولهم العشاء معه في 28 فبراير شباط 1953 . في مساء 5 مارس آذار توقف عن الخفقان قلب القائد التاريخي للبروليتاريا يوسف ستالين . وقبل أن يدفن الجثمان إجتمع الأعضاء الثمانية في المكتب السياسي الذين كان ستالين قد طالب بتسريحهم من الحزب وقرر هؤلاء العجزة إلغاء قرار مؤتمر الحزب العام بانتخاب 12 عضوا إضافياً في المكتب السياسي وكان ذاك مخالفة صارخة لنظام الحزب . ثم قرر هولاء العجزة دعوة اللجنة المركزية للحزب في سبتمبر ايلول 1953 لتقرر إلغاء الخطة الخماسية التي كان المؤتمر العام للحزب قد أقرها قبل عشرة أشهر فقط وكان ذلك ليس مخالفة صارخة لنظام الحزب وكل القوانين المرعية بل وبما يتعدى كل الحدود العقلانية والخطوط الحمراء . تقرر إذاك وضع حد لمسار الثورة الاشتراكي، مشروع لينين، ليبدأ مسار آخر مختلف تقوده العسكرتاريا السوفياتية المعادية للإشتراكية بحكم تقسيم العمل وتحول الاقتصاد السوفياتي بكليته لإنتاج الأسلحة بهدف تقويض الاشتراكية وليس النافسة مع الولايات المتحدة كما كانوا يذيعون .
أعلن خروشتشوف الأمين العام للحزب في خطابه غير الشرعي من خارج أعمال المؤتمر العشرين للحزب في فبراير شباط 1956 إدانته للنهج اللينيني في بناء الاشتراكية والذي دافع عنه ستالين بكل قواه فكان أن انقسم الشيوعيون في العالم كله إلى أغلبية خرجت على النهج اللينيني وأدانت ستالين وما سمته الستالينية ودكتاتورية البروليتالريا، وأقلية تحافظ على اللينينية وتمجد انجازات ستالين في خدمة البروليتاريا وثورتها الاشتراكية وترى الأغلبية التي اقتفت أثر خروشتشوف على أنهم مرتدون ومن ىشيوعيي البورجوازية الوضيعة .
نحن نرى أن العمل الشيوعي لن يحقق أي تقدم قبل أن يقضي قضاء مبرما على "شيوعيي" البورجوازية الوضيعة . مستقبل البشرية جمعاء يتوقف على إنجاز هذه المعركة النبيلة والمقدسة .
(يتبع)