مقارنات عاجلة بين رائف بدوي وعبد الله مطلق القحطاني


أفنان القاسم
الحوار المتمدن - العدد: 4971 - 2015 / 10 / 31 - 17:35
المحور: حقوق الانسان     

أولاً
جائزة سخاروف لرائف بدوي جائزة مهمة ومشكورون أصحابها الأوروبيون عليها، لأنها فتحت لقضية المدوّن السعودي باب الإعلام في العالم واسعًا، وأصبح اسمه على كل شفة ولسان، مما يسعد القلب، ويتمنى المرء أن تجيئه هذه الجائزة بالفرج قريبًا. بالطبع لجائزة عالمية كهذه منطق استدلالي لم يكن هو ذاته لعبد الله مطلق القحطاني، فالتشابه واحد بين الاثنين، لأن التهمة تقريبًا واحدة، والحكم تقريبًا واحد، غير أن الحيثيات لعبت دورًا حاسمًا في صالح الأول وفي طالح الثاني.

ثانيًا
رائف بدوي ابن أنترنت، أسمح لنفسي بهذا التعبير، لم يكن مغمورًا عندما ألقت القبض عليه هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وحاكمته، كان معروفًا قبل اعتقاله، بينما عبد الله مطلق القحطاني لم يكن معروفًا قبل اعتقاله، لكن الظروف الكفكاوية لاعتقاله لم "يحظ" بها رائف، وعلى العكس لم "يحظ" عبد الله بالسي إن إن، وكان عليه أن يلتحق بركب أنترنت بعد أن أمضى مدة العقوبة.

ثالثًا
لست هنا بصدد المقارنة بين كم جلدة حُكم على القحطاني وكم جلدة حُكم على بدوي، أو كم سنة حبس حُكم على بدوي وكم سنة حبس حُكم على القحطاني، لأصل إلى مَن أحسن مِن مَن (!) العذاب لا هوية له العذاب لا قياس له العذاب لا وزن له، ما أسعى إليه هو الكشف عن منطق استدلالي لجائزة عالمية، جائزة سخاروف يستحقها الناشط السعودي أحسن ما يكون الاستحقاق. إذن، والحال هذه، رائف بدوي يبدأ من حيث انتهى عبد الله مطلق القحطاني، الألف جلدة لم "يأكلها" رائف بعد كلها، وهي في بداياتها، بينما "أكلها" عبد الله كلها، وبالتالي لن نحكي عن فعل انتهى بخصوص القحطاني، فعل رهيب جهنمي، لكنه في زمن كان، وسنقيم الدنيا ولن نقعدها عن فعل بربري لم يبدأ، أو هو في طريق البدء.

رابعًا
الكفر والارتداد عن الدين والإساءة إلى الإسلام مسوغات لفظاعة الحكم لا أساس لها من الصحة، وهي تقريبًا واحدة لدى الاثنين، لكن ليس هذا ما أسعى إليه في هذه العجالة، المنطق الاستدلالي للجائزة يؤكد الكيفية التي استعملها الغرب سياسيًا لاستغلال هذه التهم، إذ نحن في سياق داعشي هجروي إسلاموي (هم يقولون إسلاموي لكن في الحقيقة الإسلام رعبهم البنيوي وضمنيًا الإساءة إلى الإسلام كتهمة تدغدغ عداءهم للإسلام وتبرر كل هذه الإنسانية تجاه رائف فماذا لو كانت التهمة الإساءة إلى أفنان القاسم) تحت ادعاء "فنتزي" تبجحي من طرف أصحاب الجائزة، ألا وهو حرية الرأي أو حرية التعبير، وفي حالة رائف بدوي هو هذا بالفعل، حرية الرأي حرية التعبير، ولكن الدجل سيعظم، عندما نعلم أن حالة بدوي ليست الحالة الوحيدة، ليست الحالة الفريدة، ليست حالة اليوم، هناك حالة القحطاني منذ دهر، آلاف الحالات مئات آلاف الحالات منذ دهور، والآن فقط يبدي الغرب عن أسنانه "المسوسة"، ويستعمل، أقول يستعمل مع الأسف، عذابات شخص مظلوم لغايات خسيسة.

خامسًا
أقول خسيسة، وأنا أزن كلماتي، لأن رائف بدوي لو لم يضرب صيته الآفاق، لما تحرك الغرب قيد أنمله، فهو لم يسمع بعبد الله مطلق القحطاني، وبالتالي لم يرفع إصبعًا في وجه الاستبداد دفاعًا عن حرية التعبير حرية الرأي دفاعًا عن الحرية بكل بساطة، المجلودة في السعودية بسياط القمع اليومي لكل الناس بكافة السبل، وكافة الأشكال، وعلى كافة المستويات، ليس اليوم فقط تُساط الحريات في بلد اللاحريات، والغرب المجرم الغرب الرسمي يرى، ولا يفعل شيئًا، وعندما يعلم هذا الغرب المُدان بأمر واحد اسمه عبد الله مطلق القحطاني، واحد لم يفرضه الإعلام عليه، كما فعلتُ عند كتابتي للرئيس الفرنسي هولاند عن فاجعة القحطاني، وطالبته بالتوسط من أجل جواز سفر له، سيزن الأمر بميزان عقود تُقدر بالمليارات بمئات المليارات، كما حصل مؤخرًا مع زيارة رئيس الوزراء الفرنسي للرياض، ولن يتردد عن تجاهل الأمر تمامًا، لأني إلى حد الآن أنتظر من هولاند ردًا لن يأتي.