( وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ )


أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن - العدد: 4970 - 2015 / 10 / 29 - 08:33
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     




( وَ اغْلُظْ عَلَيْهِمْ )
أولا :
جاءنى هذان السؤالان وأرد عليهما بهذا المقال :
( قلت ان التكفير لا يجوز لاشخاص مسالمين -مثلا- الذی-;-ن ی-;-عی-;-شون فی-;- ظل الدولة الاسلامية بالامن و الامان. اما حين نقرا القران نري ان بعض الناس الذی-;-ن کانوا من المومنی-;-ن- حسب سلوکهم الای-;-مانی-;-- ی-;-ستعمل لهم کلمة الكفر بدلی-;-ل ضلالهم العقی-;-دی-;- لا بدلی-;-ل کفرهم السلوکی-;- مثلا ی-;-قول جل و علا (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَ الْمُنافِقينَ وَ اغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمَصيرُ (73) يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا وَ لَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَ كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَ هَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا وَ ما نَقَمُوا إِلاَّ أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ وَ إِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذاباً أَليماً فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ ما لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَ لا نَصيرٍ (74)) هل ی-;-عنی-;- ارشد الله نبيه ( و هو قائد الدولة الاسلامية ) ای-;- ی-;-غلظ علی-;- اشخاص بدلی-;-ل قولهم (کلمة الكفر) ؟ او مثلا في عهد المکی-;- ی-;-قول جل و علا (وَ إِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَ إِذا كُنَّا تُراباً أَ إِنَّا لَفي‏ خَلْقٍ جَديدٍ أُولئِكَ الَّذينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَ أُولئِكَ الْأَغْلالُ في‏ أَعْناقِهِمْ وَ أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فيها خالِدُونَ ) هل ی-;-عنی-;- ان النبی-;- علی-;-ه السلام رای-;- اشخاصا ی-;-قولون هذه الکلمات ثم قال بتکفی-;-رهذا الاشخاص و وعدهم بالخلود فی-;- النار بدلی-;-ل کفرهم العقی-;-دی-;-؟! شکرا جزی-;-لا )
وأقول :
أولا : بالنسبة الى ما جاء فى سورة الرعد ( وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَاباً أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (5) وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ الْمَثُلاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ (6)):
1ـ الله جل وعلا يرد أقوال الكافرين ( ليس كاشخاص ) وإنما كملامح كفر بالأقوال والأفعال ، ويثبت كفرها ويرد عليها . نقول أن التركيز هنا على الوصف ( الذين كفروا ) وليس فلان بن فلان . لأنه فلانا هذا قد يؤمن وتنقطع صلته بالكفر، ويموت على إيمانه ويكون من أهل الجنة . والله جل وعلا يقبل التوبة الصادقة من الكافر والعاصى ، ويبدل سيئاتهم حسنات ، وكتبنا فى هذا كثيرا.
2 ـ وكتبنا كثيرا ـ أيضا ـ اننا نعرض الأقوال الكافرة والأعمال الكافرة على القرآن الكريم وهى نفس ما سجله رب العزة من صفات الكفر وأقوال وأفعال الكافرين . وهذا أملا فى أن يتوب الواقع فى هذا بالقول والفعل . أما الذى لا يتوب فموعدنا نحن وهم أمام الواح القهار ليحكم بيننا فيما نحن فيه مختلفون .
ثانيا : عن جهاد الكافرين والمنافقين
فى قوله جل وعلا فى سورة التوبة : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَ الْمُنافِقينَ وَ اغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمَصيرُ (73):
1 ـ سياتى بحث خاص عن الجهاد والقتال ، ولكن نقول بإيجاز أن الجهاد أعم من القتال ، الجهاد يعنى الجهاد بالمال والهجرة والدعوة والقتال. أما القتال فهو نوع محدد من الجهاد له تشريعه الخاص ، من أوامر وقواعد ومقاصد تشريعية . كما أن مصطلح الكفر أوالشرك قد يعنى الكفر والشرك القلبى دون رفع السلاح ، وقد يعنى الكفر السلوكى بالاعتداء الحربى على المُسالمين . والسياق هو الذى يحدد المعنى المراد .
وقوله جل وعلا (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَ الْمُنافِقينَ وَ اغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمَصيرُ (73) ) تأمر بالجهاد وليس بالقتال ، جهاد الكافرين والمنافقين .وهؤلاء الكافرون والمنافقون هنا هم الذين شرحتهم الآية التالية: يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا وَ لَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَ كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَ هَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا وَ ما نَقَمُوا إِلاَّ أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ وَ إِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذاباً أَليماً فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ ما لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَ لا نَصيرٍ (74)) . يعنى لهم عذاب أليم فى الدنيا والآخرة ـ إذا لم يتوبوا ، فإن تابوا فسيكونون مع المؤمنين ، يقول جل وعلا عن المنافقين الكافرين والمنافقين التائبين : (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً (145) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً (146) )
هم هنا منافقون وقعوا فى الكفر بأقوالهم وهموا بالاعتداء الحربى ، وبالتالى لا مجال لحربهم ، أو لقتالهم لأن للقتال تشريع خاص ، هو القتال الدفاعى برد الاعتداء بالمثل (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190) ( الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (194) البقرة ) وحيث لا قتال فإن المطلوب من النبى أن يجاهدهم بالوعظ بالقرآن الكريم ، يقول جل وعلا :( فَلا تُطِعْ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً (52) الفرقان ).
وهذا الوعظ القرآنى يكون بالنسبة للقلوبهم التى تكره القرآن ( غلظة عليهم ) وهذا يستلزم تفصيلا .
ثالثا ـ موضوع الغلظة (وَ اغْلُظْ عَلَيْهِمْ ) :
1 ـ جعل الله جل وعلا رسوله محمدا ليّن الجانب عطوفا رءوفا رحيما ، ولم يكن فظا غليظ القلب ، يقول جل وعلا :( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ) (159) آل عمران ) ووصفه ربه جل وعلا أنه بالمؤمنين رءوف رحيم : ( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128) التوبة )
2 ـ بهذا الخُلُق السامى عاش عليه السلام فى مكة والمدينة وتعامل مع الكافرين والمنافقين ، وإستغلوا خُلُقه السامى فى محاولة التاثير عليه فى مجال الدعوة ،
فى مكة وفى أول ما نزل من القرآن كانوا ينهونه عن الصلاة ، فقال جل وعلا : ( أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْداً إِذَا صَلَّى (10) الى أن يقول جل وعلا : ( كَلاَّ لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19) العلق ) . وتوالت محاولتهم فى مكة للتأثير عليه فتوالت النواهى له بعدم طاعة الكافرين ، ومنها :
( فَلا تُطِعْ الْمُكَذِّبِينَ (8) القلم ) ( فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً (24) الانسان ) ( وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً (28) الكهف )
وجاء مع هذا النهى الأمر له عليه السلام بأن يجاهدهم بالقرآن الكريم جهادا كبيرا : ( فَلا تُطِعْ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً (52) الفرقان )
وتكرر له نفس النهى فى المدينة . جاء مرتين فى سورة الأحزاب : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعْ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً (1) ) ( وَلا تُطِعْ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً (48) الاحزاب ).
المنافقون كانوا يحلفون له كذبا فيصدقهم فينزل الوحى يصفهم رب العزة بالكذب مع عتاب للنبى لأنه صدقهم وأذن لهم ، يقول جل وعلا : ( لَوْ كَانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قَاصِداً لاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمْ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوْ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (42) عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ (43) التوبة ) .
كانوا يؤذون النبى ويتحمل أذاهم وينزل الوحى يمدحه عليه السلام ويزكيه ، يقول جل وعلا : ( وَمِنْهُمْ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (61) التوبة )
كانوا يسخرون من المؤمنين الفقراء الذين يتبرعون بالقليل الذى يملكونه للمجهود الحربى ، ومع ذلك يستغفر النبى لأولئك المنافقين الساخرين الكافرين ، قال جل وعلا : ( الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (79) اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (80) التوبة )
وسورة التوبة مليئة بتجاوزات المنافقين الكافرين بأقوالهم ودسائسهم وسخريتهم بالله جل وعلا ورسوله ، وفى هذا السياق يأتى قوله جل وعلا يأمر بالغلظة عليهم وعظا بالقرآن الذى يبغضونه ، يقول جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدْ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (73 ) التوبة ) ، وتستمر آيات سورة التوبة فى إستعراض رذائلهم التى لم تبلغ درجة حمل السلاح ( التوبة 75 : 110 ) .
وفى ضوء هذا نفهم الأمر بالغلظة فى جهادهم الوعظى . هم هنا منافقون لأنهم إتخذوا أيمانهم جُنّة ووقاية ، وهم بما يقولون وما يفعلون واقعون فى الكفر القولى ، وإن لم يبلغ درجة الاعتداء القتالى . لذا يأتى الأمر بالغلظة عليهم عندما يقولون منكرا من القول وزورا ، وبالاعراض عنهم عندما يعتذرون كذبا : ( سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (95) التوبة ). كانوا يدخلون على النبى يقدمون له فروض الطاعة ثم يخرجون من عنده يشيعون عنه الأحاديث الكاذبة فى حياته ويتآمرون عليه ، وينزل الوحى يفضحهم ويأمر بالاعراض عن عقابهم ( وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً (81) النساء ) أو الأمر بالاعراض عنهم مع الاكتفاء بأن يقول لهم بالقرآن قولا بليغا أو وعظا بليغا : (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) النساء ).
الوعظ للمؤمن بالقرآن فيه شفاء ورحمة . أما وعظ المنافق الكافر الذى فى قلبه مرض بالقرآن فهو أمر غليظ على قلبه الكاره للقرآن ، فالقرآن فرقان يفضح ما فى القلب الكافر حين يسمعه يُتلى عليه . يقول جل وعلا : (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (44) فصلت )( وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ) (72) الحج ).
هنا نفهم أن قوله جل وعلا ((يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَ الْمُنافِقينَ وَ اغْلُظْ عَلَيْهِمْ ) (73) التوبة ) يفسره قوله جل وعلا : ( فَلا تُطِعْ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً (52) الفرقان )

أخيرا : برجاء تدبر الآيات التالية التى تصف المنافقين بالكفر تبعا لسلوكياتهم الكارهة للقرآن ، والتى لم تصل الى رفع السلاح : يقول جل وعلا فى سورة ( محمد ) : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفاً أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (16) وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ (17) فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ (18) فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (19) وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنْ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ (20) طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ (21) فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (23) أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24) إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (25) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ (26) فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (27) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (28) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ (29) وَلَوْ نَشَاءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ (30) )