روسيا تبدأ الضرب في سورية


جواد البشيتي
الحوار المتمدن - العدد: 4941 - 2015 / 9 / 30 - 19:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

روسيا بوتين بدأت اليوم ضرباتها الجوية في سورية، منتزِعَةً حصة لها من الحرب على "الشيطان الأكبر"، والذي هو "داعش (الرجيم)"؛ وما أدراك ما "داعش"، ومَنْ "داعش"!

قبل سنة، وفي 9 أيلول/سبتمبر 2014، كتبتُ الآتي:

هل تأخذ روسيا حصتها من الحرب على "داعش"؟
جواد البشيتي
وزير الداخلية الإيراني عبد الرضا رحماني فضلي أعلن أنَّ ثمَّة أدلَّة على وجود خُطَط لدى "داعش" لمهاجمة إيران؛ وكانت طهران قد أعلنت إلقاءها القبض على أفغان وباكستانيين كانوا في طريقهم إلى العراق للانضمام إلى "داعش". ونَنْتَظِر الآن تعزيزاً للوجود البحري الحربي الروسي في المياه الإقليمية السورية، وفي ميناء طرطوس على وجه الخصوص.
ومع ابتناء الولايات المتحدة لـ "تَحالُفٍ دوليٍّ" لحربٍ جديدةٍ شاملةٍ على "داعش"، تتولَّى هي قيادتها، قد نَسْمَع خبراً مفاده أنَّ "داعش" قد ضَرَبَ في إيران، التي يَحِقُّ لها، عندئذٍ، وبصفة كونها "المُعْتَدى عليه"، إرهابياً، أنْ تُدافِع عن نفسها، وتدرأ عنها مَخاطِر إرهاب "داعش" في الطريقة التي تَجِدها مناسبة.
إيران (والحقُّ يُقال!) قد تَعاوَنَت، "حتى الآن"، و"في طريقتها الخاصة"، مع الولايات المتحدة في حربها على "العدوِّ المشتَرَك ("داعش")"، في العراق؛ لكنَّ طهران، وعلى الرغم من العواقِب المحتملة لسَوْء الحالة الصحية لخامنئي، لا تَعْرف "المجَّانية" في "المعونة" التي تُقدِّمها إلى الولايات المتحدة، والتي قد نَقِف فيها على بعضٍ من معاني "التَّعاون"؛ أمَّا "روسيا بوتين"، المتَّهَمَة غربياً بـ "إعادة رسم الخرائط في أوروبا بقوَّة السِّلاح"، والمتورِّطة في "حربٍ باردةٍ (شرعت تَسْخُن)" معه في أوكرانيا، والنَّاقِمة عليه لتماديه في فَرْض العقوبات عليها، فتَنْتَظِر "الفرصة الملائمة"؛ فَلِمَ لا "تُنافِس" الولايات المتحدة في الحرب على "الشيطان الرجيم نفسه"، أيْ "داعش"؟!
لِمَ لا تُمارِس "الحق نفسه"، وتُحارِب "داعش" في الطريقة نفسها؟!
نظرياً (في المقام الأوَّل) وعملياً (في المقام الثاني) تستطيع روسيا، ويحقُّ لها، أنْ تبتني "تحالفاً دولياً" خاصَّاً بها، وتقوده هي، في "الحرب المقدَّسة" على "داعش"، في سورية، وفي معقلها في "الرقة"؛ فهي والولايات المتحدة تتقاسمان "الشرعية الدولية نفسها"، وهي قرار مجلس الأمن الدولي الذي يَدْعو الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى مَنْع السلاح والمال عن "داعش" الإرهابي، الذي يتهدَّد الأمن والاستقرار الإقليميين، وقد يتهدَّد الأمن والاستقرار الدوليين؛ ولم يَصْدُر عن المجلس نفسه أي قرار "يُشَرْعِن (دولياً)" حرب "التحالف الدولي"، الذي تقوده الولايات المتحدة، على "داعش".
ومِنْ طَلَبٍ تتقدَّم به حكومة بشار الأسد (التي ما زالت تمثِّل الدولة السورية في الأمم المتحدة) تستطيع روسيا أنْ تستمدَّ "شرعية أخرى" لشنِّها حرباً خاصَّة بها (وبتحالفها الدولي) على "داعش" السوري، وإنْ كان في مقدور الولايات المتحدة أنْ تقول: شتَّان ما بين الحكومة العراقية الجديدة "التي تُمثِّل العراقيين جميعاً" والحكومة السورية التي لا تُمثِّل إلاَّ جزءاً من السوريين.
وإذا كان "جيش أوباما الجوِّي" قد وَجَد له جيشاً محلياً (عراقياً) على الأرض (في مقدَّمه "البيشمركة") لـ "ملء الفراغ"، أيْ للسيطرة على المواقع والمناطق، التي يُرْغَم "داعش" على تَرْكها بسبب الضربات الجوية، فإنَّ "جيش بوتين الجوِّي (أو البحري)" لديه الآن "جيش بشار (وحلفائه الإقليميين)"، الذي ينبغي له أنْ يُسْرِع في "ملء الفراغ" في "الرقة"، وغيرها، وإلاَّ اغْتَنَم "الجيش الحر" هذه "الفرصة الروسية".
ويستطيع بوتين أنْ يُخاطِب أوباما قائلاً: لقد عَرَض عليكم الرَّجُل (أيْ بشار) خدماته في الحرب على "داعش" الإرهابي، وقَبِلَ أنْ يكون "جندياً بَرِّيَّاً" في حربكم؛ لكنَّكم أَبَيْتُم واستكبرتم؛ وعليه، لا يحقُّ لكم لومه إذا ما اضطُّرَ إلى استعمال "دفاعاته الجوية القوية"، وإلى أنْ يملأ هو الفراغ (في "الرقة" وغيرها) إذا ما تَوسَّعْتُم سوريَّاً في حربكم على "داعش"، أو إذا ما ارتضى أنْ يكون "جندياً بَرِّيَّاً" في حربنا نحن على "داعش" السوري؛ فلكم "داعش" العراقي، ولنا "داعش" السوري؛ ولا تنسوا أنَّ لدينا من الحلفاء الإقليميين ما يكفي لجَعْل حربكم على "داعش" العراقي أشدُّ صعوبة.
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=432055



وفي 14 أيلول/سبتمبر 2014، كتبتُ الآتي:

إذا ما بادَرَت روسيا بضربات جوية على "داعش" السوري!
جواد البشيتي
"داعش"، في سورية، وبشار الأسد أَثْبتا ببعض الأفعال، ومنذ بضعة أشهر، على وجه الخصوص، أنَّ كليهما يعادي الآخر، ويحاربه في شراسة. إنَّ "داعش" يحارِب بشار و"معارضيه (المعتدلين)" معاً؛ وإنَّ بشار يحارِب "معارضيه (المعتدلين)" و"داعش" معاً؛ وإنَّ "المعارَضَة (المعتدلة)" تحارِب بشار و"داعش" معاً؛ ويبدو أنْ لا مكان في هذا الصراع لمبدأ "عدوُّ عَدُوِّي صديقي"!
وفي "الحرب (أو الحملة العسكرية) العالمية" على "داعش"، والتي تقودها إدارة الرئيس أوباما، وتخوضها بـ "الضربات الجوِّية"، أُخِذَ بـ "مبدأ جديد" هو الآتي: كلُّ عضو في "التحالف الدولي"، الذي تقوده الولايات المتحدة، يجب أنْ يكون معادياً لـ "داعش"؛ لكن ليس كل طرفٍ معادٍ لهذا التنظيم يجب أنْ يكون عضواً في هذا التحالف. وعملاً بهذا المبدأ، وعلى ما تقول إدارة الرئيس أوباما في مواقفها المُعْلَنَة، لا مكان في هذا التحالف لإيران وبشار الأسد، ولا لروسيا.
لإيران قالت إدارة الرئيس أوباما: لا تَعاوُنَ معكِ (بالمعنى العسكري) في الحرب على "داعش"؛ ولبشار قالت: إنَّكَ فاقِدٌ الشرعية في حُكْم سورية؛ ولن نعيد إليكَ ولو نزراً من شرعيتك المفقودة من طريق ضَمِّكَ إلى هذا التحالف الدولي؛ ولسوف نَضْرِب "داعش" حيث تُسَيْطِر في سورية من غير استئذانِكَ، أَوَافَقْتَ أم لم تُوافِق.
"روسيا بوتين" مع القضاء على "داعش" قضاءً مبرماً، ومع تحالف دولي يَضُم "كل طرف معادٍ لهذا التنظيم، ويرغب في الانضمام إلى هذا التحالف"؛ ويمكن، من ثمَّ، ويجب، أنْ يحظى هذا التحالف، وجوداً وعملاً، بـ "الشرعية الدولية"، التي هي، بحسب وجهة نظر موسكو، قرارٌ يَصْدُر عن مجلس الأمن الدولي، يُقام بموجبه هذا التحالف، ويُفَوَّض في شَنِّ الحرب على "داعش"؛ ولِكَوْن التحالف الدولي الذي تتوفَّر الولايات المتحدة على بنائه يَفْتَقِد "هذه" الشرعية الدولية، اعترضت عليه موسكو، قائلةً إنَّ أي عمل حربي له في سورية يُعَدُّ "عدواناً" على هذه الدولة، و"انتهاكاً لسيادتها"، ولـ "القانون الدولي"؛ أمَّا إيران فقالت إنَّ الولايات المتحدة تَسْتَذْرِع بالحرب على "داعش" في الأراضي السورية لإطاحة بشار الأسد، أيْ لتغيير ميزان القوى العسكري على الأرض بما يُرجِّح كفَّة "المعارَضَة (المعتدلة)" على كفَّة بشار (وحلفائه الإقليميين المقاتلين مع جيشه). ولقد تَقَوَّى بشار الأسد بالموقِفَيْن الروسي والإيراني فشرعت دمشق تتحدَّث عن حقِّها في استعمال سلاحها المضاد للطائرات والذي تَعْتَبِره واشنطن قويَّاً نسبياً.
وإنِّي لأتساءل الآن قائلاً: هل ثمَّة ما يمنع موسكو وطهران ودمشق من توجيه ضربة استباقية؟
قَطْعَاً للطريق على الولايات المتحدة وضرباتها الجوية لتنظيم "داعش" في المناطق السورية التي يسيطر عليه، وفي مقدَّمها الرقة، يمكن أنْ تشن موسكو (وطهران) ضربات جوية مركَّزة وقوية على "داعش" السوري (قَبْل أنْ تبدأ واشنطن شَنَّ ضرباتها الجوية على التنظيم في الأراضي السورية) مع نَسْبِ هذه الضربات إلى سلاح الجو السوري، وبما يسمح لقوَّة عسكرية أرضية خاصة، تتألَّف من مقاتلين سوريين موالين لبشار، ومقاتلين من "حزب الله (اللبناني)"، ومن مقاتلين إيرانيين وعراقيين شيعة، بـ "ملء الفراغ"، والسيطرة السريعة على مواقع "داعش" المضروبة من الجو. ومع إعلان تلك المناطق (في شرق وشمال سورية) مناطق محرَّرة من "داعش"، مشمولة (من الآن وصاعداً) بـ "السيادة السورية"، لا يبقى لدى الولايات المتحدة (وحلفائها) من "ذريعة"، أو من "سبب وجيه"، لشَنِّ غارات جوية على "داعش" السوري، الذي، على افتراض أنَّه قد هُزِم عسكرياً في سورية، قد يَنْقُل قسماً كبيراً من قواه العسكرية والقتالية إلى المناطق العراقية الخاضعة لسيطرته، إذا ما أراد اجتناب مزيدٍ من الخسائر في الأراضي السورية.
إذا لعبت موسكو (وطهران) هذه الورقة، فليس ثمَّة ما يَضْمَن، عندئذٍ، نجاح الولايات المتحدة (وحلفائها) في الحرب على "داعش" العراقي.
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=432762