هل يُريد العرب أن يتقدموا ؟


حميد بعلوان
الحوار المتمدن - العدد: 4923 - 2015 / 9 / 12 - 17:07
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع     

- كلما انتقد شخص التخلف الفكري والحضري الذي يعانيه العرب يرد عليه من يعانون من الحنين إلى زمن الناقة والبعير بالقول : " العرب كانوا مُتقدمين في الماضي وكل ما وصلت إليه علوم الغرب كان بفضل علماء العرب المسلمين " .. !!

- أولا : هذا الاعتقاد الذي يسيطر على عقول الكثيرين في العالم العربي غير صحيح، لأن : ابن سينا والفرابي وابن الهيثم وغيرهم من العباقرة الذين ينسبهم بعض العرب للعروبة والإسلام ليسوا عربا في الأصل، بل هم فارسيين تعلموا العربية، وفي مقال سابق عرضت أمثلة كثيرة عن شيوخ الإسلام الذين كفروهم جميعا بسبب آرائهم ...

- ثانيا : يستحيييل على من يتبنى الثقافة العربية كما كانت في العصور الأولى للإسلام (وما قبلها) أن يكونا عالما حقيقيا أو مُخترعا، لأن الثقافة العربية تنبذ التميز وتُمجد الخضوع، ويُمكن ملاحظة ذلك في الأقوال المأثورة التي يُرددها الناس في العالم العربي كل يوم ...

- مـثـل :
_____ " لا يخرج عن الجماعة إلّا الشيطان ".
_____ " سبق السيف العدل " .
_____ " الناس على دين ملوكهم ".... وغير من الأقوال المُمجدة للخضوع، فكيف يدعي العرب إذن أنهم كانوا متقدمين في الماضي ؟! هل يعقل أن يعود التاريخ إلى الوراء؟ !!!

- هل كان ابن سينا ليكون أول من وصف التهاب السَّحايا و أعراض حصى المثانة لولا تمرده على الثقافة العربية وقيامه بتجارب كانت ممنوعة آن ذاك وكان ليدفع حياته وحياة تلاميذه ثمنا لأبحاثه، حيث كان يستخدم لـتـبـنـيـج مررضاه عند إجراء عملية جراحية بعض أنواع المخدرات المحرمة في الإسلام كالخمر والكيف ... وكان يطلب من الخليفة أن يسمح له بتشريح جثة إنسان ميت لأغراض علمية .. واتهم فيما بعد بأنه قيام بذلك سرا بمساعدة أحد تلاميذه، وذلك بعد أن رفض الخليفة قبول طلبه.

- أين اكتسب الطبيب ابن سينا هذا الفضول العلمي الكبير، الذي جعله يُخاطر بحياته ويُفكر في القيام بعمل مجنون كتشريح جثة إنسان ميت، لغرض اكتشاف أسرار الجسد البشري واستخلاص طُرق عبقرية لعلاج أمراض لم يكن الناس في القديم حتى ليحلموا أنها ستُعالج يوما ؟ .. هل كان هذا بفضل الثقافة العربية التي يفتخر أصحابها بالحديث الذي يقول : "نحن قوم لا نكتب ولا نحسب" ؟! أم بفضل الثقافة الفارسية التي بنت حضارة عملاقة في بلاد فارس .. قبل أن يُخربها الغزاة العرب ؟

- اسمحوا لي على الجُرأة .. لكن الحق أنني لا أعرف اختراعا واحدا كان مائة بالمائة نِتَاج الثقافة العربية غير "السّيارة المُفخخة" .. وللأسف عجزت الثقافة العربية على مر التاريخ حتى على وضع قواعد واضحة للغتها (العربية)، بل كان أول من بسط قواعد النحو العربية هو العالم الفارسي المعروف ب "سيبويه"، ثم جاء بعده عالم آخر اسمه (بن آجروم الصنهاجي) الذي طوّر قواعد اللغة العربية وبسطها في كتابه "الآجرومية" الذي يعتبر من أهم كتب النحو العربية .. ومن يبحث قليلا سيكتشف أن بن آجروم الصنهاجي ليس عربيا بل هو أمازيغي تعلم اللغة العربية واستخدم ذكائه في تطوير قواعدها وتبسيطها، ويرجع أصله إلى قبيلة صنهاجة الأمازيغية ، ويمكن لأي شخص أن يعرف من اسمه "ابن أجروم" أنه أمازيغي لأن كلمة "آجُرُّوم" تعني في الأمازيغية : الفقير والصوفي .. وهذا دليل على أن العرب نسبوه إلى العروبة كما نسبوا إليها ابن خلدون وغيره كثير.

- المشكل في نظري يكمن في كون الناس يقولون لأبنائهم أن العرب كانوا مُتقدمين في الماضي وكان لهم حضارة !! ، وهذه الأكاذيب تقود إلى المزيد من التخلف، لأن الأبناء سَيجتهدون مُستقبلا في التقدم إلى الوراء ! .. حيث يعتقدون بوجود حضارة وهمية ! .. والحق أن أغلب العرب يسيرون في الإتجاه الخطأ وهذا سِر تخلفهم .. إلى أن أصبحوا " أسوأ أمة أخرجت للناس" ..