في الذكرى 14 لهجمات 11 سبتمبر . الإرهاب والطائفية تحالف لسفك الدماء.


سعيد الكحل
الحوار المتمدن - العدد: 4921 - 2015 / 9 / 11 - 15:40
المحور: الارهاب, الحرب والسلام     

تحل الذكرى 14 لأحداث 11 سبتمبر الإرهابية ، ويتجدد معها السؤال : أين العالم من خطر الإرهاب ؟ منذ تلك الأحداث التي راح ضحيتها أزيد من 3 آلاف شخص ، والولايات المتحدة تقود الحرب ضد الإرهاب دون أن تفلح في القضاء عليه . بل الحرب على الإرهاب كانت لها نتائج عكسية . ذلك أن الإرهاب كان محصورا ،حسب المنظور الأمريكي ، في بؤرة أفغانستان ،وفي حضن حركة الطالبان . لم تكن الإستراتيجية الأمريكية واضحة لدول التحالف وراء محاربة الإرهاب ومطاردة تنظيم القاعدة . لكن مجريات الأحداث وأهداف التدخل العسكري في أفغانستان ثم العراق كشفا عن خطط أمريكا في إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط وتقسيم الدول العربية على أساس طائفي . إستراتيجية لا يمكن تطبيقها إلا بأدوات محلية ومباركة إقليمية وتزكية دولية . وكان أحد أهداف الدراسة التي أعدتها مؤسسة "راند" لمصلحة سلاح الجو الأمريكي وحملت عنوان "العالم الإسلامي بعد الحادي عشر من سبتمبر"، هو التعرف على الانقسامات الرئيسية وخطوط الصدع الطائفية والعرقية على المستوى الإقليمي والوطني للدول الإسلامية، وكيف يمكن لهذه الانشقاقات أن تخلق الفرص بالنسبة للولايات المتحدة، وهذا أكدته أيضا هيلاري كلينتون عندما قالت إن أمريكا لن تدفع أموالًا في حرب المسلمين فهم سيتولون ذلك بأنفسهم.
من هنا كان الرهان على تنظيم القاعدة بمباركة إيرانية لإشعال فتيل الحرب الطائفية بين سنة العراق وشيعته ؛ وتلك هي المهمة التي انتدب الزرقاوي نفسه لتنفيذها . وبالفعل ، نجحت أمريكا وإيران في جر العراق إلى حروب طائفية لن تنتهي في المدى المنظور. وهذا ما كشفت عنه الصحافة الأمريكية نفسها .
فقد تحدثت صحيفة "نيويورك تايمز" في عددها ليوم الأحد 29 سبتمبر 2013 عن "إمكانيَّة إعادة رسمِ الخريطة السياسيَّة في بلدان الحراك، بصورة تفضِي إلى تقسيمهَا إلى عدَّة دوليَات، فِي أعقابِ ما عرفته من انقسَامات عرقية ومذهبية ، حُيَال حكَّامهَا الجدد، وهشاشة توافقهم على من خلفوهم". وما دام تنظيم القاعدة قد فشل في تأجيج الحرب الطائفية وتوسيع مداها ، جاء تنظيم داعش ، بالدعم الإقليمي والدولي ، لينفذ مخطط التقسيم على أساس طائفي ويشعل فتنة الحروب الطائفية . ومهمة داعش الآن هي إقامة دولة تضم سنة سوريا إلى سنة العراق "سنستان" ، فيما تتشكل كيانات أخرى شيعية وكردية . وقد وجدنا نوعا من الحزم الأمريكي في منع تمدد داعش نحو المناطق الكردية مقارنة مع تمدده في المناطق السنية ، بينما المناطق الشيعية ظلت في مأمن من الاجتياح الداعشي أسوة بما حدث في الموصل والأنبار .
إذن ، حرب التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد داعش ، جاءت لتؤكد السيناريوهات، التي وضعتها الولايات المتحدة، لإشعال حرب العمائم، والمعارك الطائفية، وإحياء الأصولية الدينية لتفتيت الشرق الأوسط. وقد جاء تصريح لوزير الدفاع الأمريكي السابق ليون بانيتا يكشف عن أبعاد الإستراتيجية الأمريكية لما أكد أن القتال ضد تنظيم "داعش" الإرهابي سيكون صعبا وقد يستغرق عقودا، ملقيا اللوم في ذلك على قرارات الرئيس باراك أوباما.
وفي تصريحات نشرتها صحيفة (يو اس ايه توداي) بتاريخ 6 أكتوبر 2014 ، قال بانيتا “اعتقد أن الحرب ستستمر نحو ثلاثين عاما” وقد يمتد تهديد التنظيم المتطرف إلى ليبيا ونيجيريا والصومال واليمن.
لنتصور تكلفة الحرب البشرية والمادية والسياسية والأمنية حين تطول لمدة 30 عاما .
إذن، الحرب على الإرهاب التي انطلقت عقب أحداث 11 سبتمبر 2001 ، لم تكن بهدف القضاء على الإرهاب أو تجفيف منابعه ، بل عولمته حتى يشمل المنطقة العربية وشمال إفريقيا . وما تشهده ليبيا ، مالي ، نيجيريا ، الصومال ، مصر ، اليمن ، تونس والجزائر من أعمال عنف وعمليات إرهابية متواصلة عجزت جيوش تلك الدول عن تطويقها فأحرى القضاء عليها ، دليل على تمدد التنظيمات الإرهابية وتكثيف أنشطتها لتدخل المنطقة برمتها في دوامة عنف همجي يطال البشر والحجر .
إن مخطط أمريكا من حربها ضد داعش ، متعدد الأبعاد والأهداف ، ومنه استنزاف موارد الدول العربية ومقدرات الشعوب بكل الوسائل ، خصوصا إذا علمنا أن الولايات المتحدة تقدر أن الحرب على داعش تكلفها 20 مليار دولار في السنة . أما ما تنهبه التنظيمات الإرهابية من نفط ومزروعات ، وما تدمره من مقدرات وطاقات بشرية وتراث حضاري وتاريخي فهو خارج كل تقدير مادي .
خلاصة القول ، إن الحرب على الإرهاب ، وفق الإستراتيجية الأمريكية، تهدف إلى توسيع مداه وتقوية تنظيماته التي ستتولى المهمات القذرة التي لطخت سمعة الجيش الأمريكي في أفغانستان والعراق ،وقبلهما في الفيتنام .