رد على مقالات سناء بدري وسامي لبيب

محمود يوسف بكير
الحوار المتمدن - العدد: 4918 - 2015 / 9 / 7 - 01:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

أصابتني حالة من الاكتئاب مؤخرا من جراء المذابح والاقتتال وعمليات التدمير التي لا يجني حصادها المر الا المواطنين العاديين والنساء والأطفال في سوريا والعراق واليمن.
ولست هنا بصدد تحليل ما يحدث في هذه الدول فخبراءنا العسكريون ومحللونا السياسيون يقومون بالواجب وزيادة ولكن ما يعنيني هو أن الدماء التي تراق والدموع التي تسيل يوميا تجري تحت رايات مختلفة للإسلام السياسي وبرعاية أنظمة حكم مستبدة وفاسدة شكلا ومضمونا. وكما قلت من قبل فلو أن قادة هذه الأنظمة العربية كانوا على الخط الأول لجبهات القتال لما قامت أي حروب.

هذا التهريج الذي نعيشه منذ سنوات دعاني إلى التوقف عن الكتابة حتى أنني دعوت القراء في أخر مقال لي على الحوار "فتاوى مضحكة لصحة قلبك" إلى الضحك والعبث لأن فعل الكتابة فقد معناه ولم يعد يجدي. ولكن المقالتين الأخيرتين للكاتبة الموهوبة سناء بدري والباحث العلامة سامي لبيب أعادا شيئا من الامل إلى قلبي الحزين وعقلي المكتئب. والمقالتان على الترتيب هما:

"الغرب والمهاجرين بالأفواج والسعودية تنتظر الحجاج" و
"منطق شديد التهافت ولكن احترس فهو مقدس"

عنوان المقال الأول للأخت العزيزة سناء بدري معبر جدا ويحمل مفارقات مخزية ومحزنة على ما وصلت اليه أوضاع العرب وحكامهم. فالغرب الكافر كما يسميه شيوخنا وتحت ضغط منظماته الإنسانية ونسبة كبيرة من مواطنيه أختار أن يمد يد المساعدة لهؤلاء الهاربين من أوطانهم. أما دول الخليج وهي أكثر الدول العربية غنا فقد اختارت أن تتجاهل المشكلة تماما.

الأستاذة سناء غطت الموضوع بشكل ممتاز ومتكامل في متن المقال وفي تعقيباتها على تعليقات القراء الذين تفاعلوا مع المقال بحرارة.
وإذا كان لي أن أضيف شيئا فإنني أؤكد أن تجاهل دول الخليج الذي -يدعون أنه لايزال عربيا- لهؤلاء الهاربين من سوريا والعراق وليبيا جاء في مصلحتهم. ويمكنني أن أجزم هنا أنه لو خير هؤلاء بين الهجرة لدول الخليج وبين أوروبا لاختاروا أوروبا، فهل يمكن لأحد أن يتصور أنهم كانوا سيختارون دول الخليج؟!

أن هؤلاء الهاربين من أوطانهم يبحثون عن الأمان والكرامة والحرية ومستقبل أفضل لأبنائهم ومن ثم فقد اختاروا بكامل إرادتهم أن يغامروا بحياتهم وحياة أولادهم من اجل تحقيق حلم كل عربي أصيل يؤمن بحق الحياة الكريمة وحق الحرية.

إن أكثر ما يؤلمني كلما زرت موطني مصر هو الحاح كل شباب العائلة وكل أبناء أصدقائي أن أحاول مساعدتهم في الهجرة من مصر إلى أي بلد أوربي.

ولذلك فإنني أقول للأخت سناء لا تحزني على تجاهل دول الخريف للنازحين العرب لأن هؤلاء أسعد ما يكونون بهذا التجاهل ولسان حالهم يقول "بركة يا جامع" وقائل هذه الجملة أضطره أحدهم للذهاب للصلاة فلم فعل وجد الجامع مغلقا!

وليسامحني صديق العزيز سامي لبيب لعدم تمكني من التعقيب على مقاله اليوم لضيق الوقت وحاجتي إلى الاستعداد ليوم عمل طويل غدا الاثنين بداية الأسبوع. وأعد بالرد في أسرع وقت.

ولعلي أختم هذا الجزء من المقال بهذه المقولة الإنجليزية:

Belief is not necessarily real. It is a mental activity and often leads to abstraction of reality

والترجمة العربية هي أن الاعتقاد أو الايمان ليس بالضرورة حقيقة فهو لا يعدو أن يكون نشاطا ذهنيا وفي أحيان كثيرة يشكل عقبة للوصول إلى الواقع والحقيقة.