دُمى...


لمى محمد
الحوار المتمدن - العدد: 4904 - 2015 / 8 / 22 - 22:27
المحور: الادب والفن     

وطنٌ: فتاتُ رغيف للطير..
علّّ الربيع يعود يوماً!

سأنتخب ُمن يُعيدُ عينيك أيها الرضيع..
من يعيد المهجريّن.. الشهداء..
من يُعيد العقول إلى (المسؤولين) و( المتدينين)..
سأنتخبه كائناً من كان:
سياسي.. وليّ.. شيخ.. شاعر.. أم عميل...

عدا ذلك أنا مقاطعٌ.. مهاجر بلا وطن و بلا قبر...
***********

في تجربة الدمية التي أجراها الزوجان " كلارك" في أمريكا منذ حوالي ثمانين عام:
اِستُخدِمَتْ دميتان متشابهتان تماماً إلا في لون البشرة، إحدى اللعبتين بيضاء بشعر أشقر و الأخرى سوداء بشعر أسود...
تم سؤال أطفال بألوان بشرة مختلفة : أيّ اللعبتين تود اللعب معها.. أي اللعبتين أجمل.. أي اللعبتين هي الطيبة...
أجاب الأطفال بمعظمهم ( و حتى السود منهم) أن اللعبة البيضاء هي الأجمل و الألطف و هي من يودون اللعب معها...
كشفت هذي النتائج عن العنصرية عند الأطفال تجاه العرق الأسود بما فيهم أطفال العرق الأسود!
كان هذا أكثر مشاهدة في حال المدارس المفصولة ( يعني للسود لوحدهم، أو للبيض لوحدهم)...

استخدمت نتائج هذه التجربة ضد الفصل بين الأعراق في المدارس...
المدهش حقاً أنه في القرن الواحد و العشرين و في تجربة دمية مشابهة قام بها صانع الأفلام " دافيس"في فلم " فتاة تشبهني" .. عام 2005 كانت النتائج مشابهة!!
و أختار الأطفال بمعظمهم الدمية البيضاء.. في بلاد أصبح حاكمها في ما بعد من اللون الأسود!

نعم هذا هو البشري يلحق بطبيعته السائد.. و ينظر بعين واحدة للمختلف.. إلا إن أُلغِيّ من البداية فكر تقييم الآخر حسب عرقه.. لونه.. دينه.. طائفته...
مهما ظلّت النزعة العنصريّة قائمة، فإنّ القانون المدني المساوي للجميع هو الحل و الفصل.

في الحروب الأهلية العربية الحالية:
نظر كلّ طرف بعين واحدة إلى الآخر و اتبع السائد و المتعارف عليه من ترهات الأجداد.. هكذا اشتعلت الحرب...

المؤسف حقاً أن المتثاقفين المتطرفين و بدلاً من دعوة الناس لفتح عيونهم .. قلعوها و استخدموها في التجارة..
و بدأت الرحلة في دائرة العين بالعين و تدمرت الأوطان!!

و في بلاد لا قانون فيها منذ ما قبل الحرب، كيف لمتفائل أن يتوقع نهاية لا يطمها الخراب!

**************

أيها المسافر بين الضاد و الأحلام...
بين الأخلاق و الأديان..
بين البارحة و الأمس..
أما آن الأوان؟!
كي ترى في المستقبل شيئاً من حياة !

هؤلاء الذين (يصنمّونَ ) فكرة الوطن : أغبياء أو حُقراء...
الأحقر و الأغبى من يُجرّم الأفكار..

شعوبُ كانت تحلم بالرغيف ..بالكرامة.. و بالمكان...
اليوم تحلم بالأمان !

ما كان سبب البلاء؟!
نظامٌ.. حكومة.. دينٌ.. طوائفٌ.. أم تاريخ ( مصنّمٌّ) و مليء بالخراء!
أم أشياء غير موجودة في دول الجوامع و الكنائس؟!
أشياء تُدعى في زمن العولمة: هواء.
مثل الأفكار الأخرى.. فن الاختلاف بلا خلاف.. و الاعتراض بلا رعب...
أجل كنّا نحتاج الألسنة التي قُصَتْ..
العقول التي سُجِنَتْ..
و المختلفين الذين فروا..
كنّا نحتاج الأنسنة لكلمة " لا"...
وصرنا نحتاج الأنسنة لل " نعم".. و "لا"...

أي بلاء.. في بلاد تركت تاريخاً ملوثاً يملأ الكون وباء...
أي بلاء في زمن الأسئلة و التبريرات..لماذا و كيف؟! متى و أين؟!
ما كان هذا ؟!
- فقر شريفٍ.. أو ثراء شجعٍ !
فسق مسؤولين، أم عهر ذكور دين!
نفط و غاز أم .. أمنُ دول الجوار؟!
مزوَّر التاريخ.. أم دعس كرامات المثقفين؟!
أحلام شباب ضائع أو غباء شباب طوائف؟!

أكانت ثورة أو عورة؟! .. أهو دين أم سياسة !

- هذا كان (و مازال ) كل ما سبق.
إذا كنتَ حريصاً على ما بقي.. تذكر ذلك...
********************


المشاعر لا تُقاوم و لا تُعقلن في حد ذاتها!

الأفكار تفنّد بأفكار أخرى بينما المشاعر غير قابلة للتغيير إلا إن تغيرت الأفكار..

العقل هو من يقوم بهذا العمل الجبار إذا ما توّفرت الإرادة !

إذا أردت نسيان حزن.. فشل.. خيبة.. أو حتى شخص..
يجب أن تحوّله إلى فكرة.

و إذا أردت أن تحقق الوطن يجب أن تحرره من الحقد.. هكذا تتجرد الفكرة مجدداً و هكذا ربما يعود الأمل...

الوطن ليس أكثر و لا أقل من "فكرة"...

يتبع...