عساكر الفصل الرابع


أفنان القاسم
الحوار المتمدن - العدد: 4851 - 2015 / 6 / 29 - 13:39
المحور: الادب والفن     

في جناح أزرق للبيت الأبيض، جلس لاد-لاد أمام مرآة ضخمة. كان يرتدي السموكن، بلحية حليقة، ووجه لامع. ضحك لنفسه، وتفحص أسنانه، لم يكن راضيًا من نخر يهاجم إحدى طواحينه. أخرج من جرار لحية اصطناعية، وتأملها بأبابة. ألصقها بذقنه، وأطلق تنهدًا قنوعًا. الشيخ العُمَرِي، هو أيضًا، كان في السموكن. خرج من صالة الحمام، وهو يلصق نفس الشعر المستعار على وجهه. أشار الواحد إلى الآخر بإصبعه، وانفجرا ضاحكين.
- أنت أيضًا؟ قالا في جوقة.
- أنت تشتاق إلى هذا إلى هذه الدرجة، يا حماي؟ سأل الشيخ العُمَرِي.
- أنا أشتاق إلى هذا، هذا يجعل كل لياليّ بيضاء، يا صهري، أجاب لاد-لاد.
- لا عجب في ذلك بما أننا في البيت الأبيض.
- بيت أبيض أو أحمر أو أسود، لحيتي السوداء تجعل كل لياليّ بيضاء.
- أنا، ليس تمامًا.
- كيف هذا، ليس تمامًا؟ أنت إذن لم تكن مسلمًا صالحًا.
- بلى، بلى. لكن بلحية أو بلا لحية، تبقى لياليّ حمراء، لفرط ما أفكر في زوجتي، خديجة.
- إذا كانت المقصودة ابنتي، خديجة، وليست مدام بولوش، لحيتك تغفر لك وأنا، أغفر لك كذلك يا صهري، قال لاد-لاد مبتسمًا. أنت تشتاق إليها إلى هذه الدرجة، خديجة؟
- نعم، يا حماي. أنا أشتاق إليها أكثر من كل أفغانستان، من كل جزيرة العرب، من كل عالم الإسلام. زد على ذلك، أصبحت شيخًا لأجلها، لتزوجني إياها.
- حقًا؟
- ألف مرة حقًا.
أملس الشيخ العُمَرِي لحيته، وابتسم بغرابة.
- لِمَ هذه الابتسامة الغريبة، يا صهري؟ سأل لاد-لاد مبتسمًا هو أيضًا. لا تخفِ عني شيئَا. أنا كذلك عندما وقعت، لأول مرة، في غرام إنجليزية كانت كاثوليكية جدًا، وأنا لم أكن مسلمًا جدًا، لم أعد أنام الليل. لكني كنت شابًا وبلا مخ، مثلك الآن.
- لست شابًا إلى هذه الدرجة، يا حماي! استغرب الآخر. لنا نفس العمر تقريبًا أنا وأنت.
- أنت لم تزل شابًا بالنسبة إليّ، بكم؟ ثلاثة أيام، عشرة، ثلاثين؟ لكنك لم تزل شابًا. البرهان، أنت تحلم بالأحمر في البيت الأبيض. أنا، أحلم بالأبيض أو لا أحلم. آخر حلم لي كان عندما فجرتَ تمثال بوذا. كنت أراه ينهار عليّ. كان حلمًا نذيرًا. ومنذ ذلك الحين لم أعد أحلم أو تقريبًا. بوذا كانت فكرتك.
- كنت أريد تدمير رمز أولئك الكفرة.
- ليصبح لي كابوسًا حقيقيًا. هذا الفعل بربري، يمكننا قوله بيننا نحن الاثنين...
فجأة، خرج صوت ذكوري من فم تمثال لفينوس:
- بيننا نحن الثلاثة، لا تنسيا أنني هنا، يا جَدْيَيّ.
- نسيت أنكِ هنا، يا أمنا المعزى، السي آي إيه، قال لاد-لاد بصوت ناعم.
ثم بصوت خفيض:
- سِدِّي بالوعك، فينوس!
- لا تنسيا أنكما في البيت الأبيض، أحسن مخبأ في العالم، أحسن حماية لكما، قال الصوت.
- تحموننا وتتنصتون علينا، نعرف هذا، لكن اتركنا نحكي على هوانا لمرة، هذا لا يسبب الأذى لأحد.
- بلى، لواحد.
- من؟
- زوس.
- زوس؟
- التمثال الذي يواجهني.
استدارا، وتأملا زوس، بعضلات، وبعجرفة، وبقضيب منتصب.
- اغفر لنا زوس إذا جرحناك في كبريائك، ونحن نتكلم عن جدك بوذا، قال لاد-لاد بلهجة هازئة. إنه لجنوني، البيت الأبيض! السي آي إيه، أنت تفعلينه عن عمد أم ماذا؟
- أم ماذا.
- إذن افعلي كما لو كنتِ في بيتك، إياكِ أن تحرجي نفسك.
- هذا ما نفعل، يا وغد!
- اتفقنا! اتفقنا!
- أنت مرغم على أي حال.
- على ماذا؟
- على "اتفقنا". منذ حرب الجهاد والمجاهدين التي كنت تديرها، كنت مضطرًا على الاتفاق.
- يا لليمن والبركة أنكم تعترفون بأنني كنت مضطرًا، وستفهم الجماهير الإسلامية إذا ما عرفت ذلك يومًا. كنت مضطرًا، وأنتم استعملتموني.
- عد إلى حديثك مع صهر الخراء صهرك في الحال، على التسجيل أن ينتهي. أنت مضطر.
- لست مضطرًا، أنا ضيف البيت الأبيض، وإن طاردتني آذانكم حتى داخل سريري.
- أنت مضطر، يا وغد! ونحن نطاردك حتى داخل المراحيض!
- إذا أنت مضطر، أنا أيضًا، يا حماي، قال الشيخ العُمَرِي. هل يريحك هذا قليلاً؟ إذن ارخِ خُصاك، واترك فينوس وشأنها.
- نِعم القول، وغد رقم 2، قذف الصوت.
- شكرًا، فينوس! إنه الوغد وشركاؤه!
- إنه الوغد وأمك!
- شكرًا، ماما!
- عفوًا، نغل!
انتزع الشيخ العُمَرِي لحيته، رماها على الأرض، وداسها ليسري غضبه، فانفجرت فينوس ضاحكة.
- إذن، عاد لاد-لاد إلى القول، بتفجيرك ذاك التمثال اللعين –رمى فينوس بنظرة ساخطة- أعلنتَ سقوطي، كنتُ أنا بوذا! كنتُ أنا ذاك الوثن الكوني الذي سقط في الخراب، لأنه كان مضطرًا، أنهى مقعرًا صوته.
- اغفر لي، بوذا، أعني حماي. الحق أن خديجة، زوجتي الحبيبة وابنتك الحبيبة، كانت تحب كثيرًا ذاك الوثن، كانت تقدسه، كانت تعشقه، وأنا لغيرتي أمرت بتدميره.
- كنت تغير من حجر!
- حجر كان يجعل خديجة تصرخ في الليل، وكان هذا يثير غيرتي.
- وكان هذا يثيرك، أنت، أيها الجميل القبيح!
تردد، ثم:
- أيضًا. وممارسة الحب كلما صرخت خديجة، هذا متعب في النهاية. ثم سيكون حكم الدولة حكمًا رديئًا.
- أعرف الآن لماذا خَسِرْت أفغانستان. أصحيح ما أقول؟
- ألف مرة صحيح. لأن خديجة واصلت الصراخ حتى بعد تدمير بوذا.
- لحزنها؟
- لا، لحبها لتمثال آخر. تمثال آخر لا أستطيع تدميره، وحتى لا أستطيع لمسه.
- فينوس؟
- لا تقل شرًا في السي آي إيه، تدخل الصوت.
- لا.
- زوس؟ مع أن...
قطب متأملاً جزأه الخارجي.
- لا.
- صد-صد؟
- ولا هو.
- لا تقل لي إنه تمثال الحرية!
- كيف حزرت؟
- إن لم يكن تمثال صد-صد، فلم يبق سوى تمثال الخراء هذا.
- كن مؤدبًا عندما تتكلم عن تماثيلنا، يا وغد! قال الصوت.
- أفهم الآن لماذا كنتَ تلح على أن تنقض طائراتنا الانتحارية على هذا التمثال اللعين وليس على البرجين التوأمين، قال لاد-لاد متجاهلاً الصوت.
- كان ذلك أقوى مني، كنتُ غيورًا.
- أنت تغير من الحجارة، أنت لست مسلمًا صالحًا.
- بلى، بلى. أؤكد لك. لكن عندما يتعلق الأمر بخديجة، تأخذ الحجارة شكل البشر، والبشر شكل الحجارة. انظر إليّ مع هذه اللحية الزائفة، قال الشيخ العُمَرِي، وهو يعيد وضعها، أنا أشبه بوذا.
- أنت تشبه الأم تيريزا.
- من هي هذه؟ تمثال آخر تتزلف خديجة إليه؟
- لا، إنها أمي!
- لك أُمَّان، يا حماي؟
- لي أم، أم واحدة، أيها الغبي!
- والسي آي إيه؟
- إنها أبوه، قال الصوت منفجرًا بالضحك من جديد.
- أنتَ، ابنتي خديجة هي التي جعلتك غيورًا من كل تماثيل العالم، أوضح لاد-لاد، وعلى العكس مني، أنا، تلك الإنجليزية التي جعلتني غيورًا من كل المسيحيين، وأولهم المسيح، بقدر ما كانت تتزلف إليه.
- لماذا لم تدمر تمثاله؟ سأل الشيخ العُمَرِي في الحال.
- كانت له، لم تزل له من التماثيل آلافها، في كل الكنائس، ف... أمام عجزي عن تحطيمها كلها، أصبحتُ مسلمًا أكثر مما ينبغي، وأقسمتُ على الانتقام من كل المسيحيين، من كل الغربيين.
- كما أرى، قال الصوت الخارج من فينوس، لم تكن مضطرًا حقًا.
- لا، يا أمي، أنا أعترف، لم أكن مضطرًا تمامًا. أردت الانتقام منكم، برضاكِ، يا أمي.
- ما الخاص فيها، تلك الإنجليزية، لتثير شعورك بهذا الشكل، يا حماي الغبي، طلب الشيخ العُمَرِي.
- سبق وقلت لك، كانت شديدة الإيمان.
- لا، ليس هذا ما أعنيه. هل كان لها قفا جميل، مثلاً؟
- آه، يا ربي...
- ثديان ضخمان؟
- آه، يا ربي...
- كانت تفضل راكبة أم مركوبة؟
- آه، يا ربي...
- كانت تتوارك وفي الوقت نفسه كل أماكنهم المقدسة تتزلزل؟
- آه، يا ربي، يا ربي، يا ربي...
- أفْهَمُ، يا حماي.
- لا تقل لي إن خديجة...
- بلى، يا حماي، أكد الشيخ العُمَرِي مومئًا رأسه عدة مرات.
- القذرة!
- هذا يمكنني الشهادة فيه على شرفي.
- وشرفي أنا؟
- فقدتَهُ عندما اتخذتْ إنجليزيتك من المسيح عشيقًا.
- لهذا صعدتُ إلى الجبل ضد السوفيات في أفغانستان.
- لكن، يا حماي، السوفيات كانوا شيوعيين، لا علاقة لهم بالمسيحيين!
- ومع ذلك قاتلتهم. أترى، يا صهري، عندما يكون المقصود انتصار الإسلام، نحن لا نعمل فرقًا بين الشيوعيين والمسيحيين، كلهم حُمر أو كلهم حُمر.
- أنا لا أفهم، كلهم حُمر أو كلهم حُمر؟
- نعم، كلهم حُمر أو كلهم حُمر. أنت تنسى دم المسيح على الصليب؟
- آه! كلهم حُمر أو كلهم حُمر.
ثم لنفسه:
- والله ما أنا فاهم حاجة.
- كطرابيشكم، أيها البلهاوان! قال الصوت.
- طيب، أوكي. شكرًا للمعلومة.
- بعد أن هزمتُ الحُمر، أردتُ أن أهزم حُمرًا أخر، فقالوا لي الحُمر انتهى، عليّ مقاتلة مسيحيين حقيقيين، ومسيحيو جزيرة العرب صاروا أهدافي.
- الأمريكان؟
- السي آي إيه، أو إن شئت، أمنا نحن الاثنين، وعدتني بالعرش.
- خوفًا من أن تتخلى...
- لا، خوفًا من ألا أتخلى...
- من ألا تتخلى عن ماذا؟
- من ألا أتخلى عن أفكاري عن الإسلام لأفكارهم، أفكار إنجليزية الزمن الماضي تلك.
- أن تصبح مسيحيًا؟ أنت، يا حماي!
- نعم.
- محال.
- ممكن.
- إذن الأمريكان مسلمون أكثر منك كما أرى!
- كانت هناك أفكار أخرى في رؤوسهم.
- أَفْهَمُ.
- ماذا؟
- الحقيقة، لا أَفْهَمُ.
- أرادوا أن أبقى مسلمًا، لتكون جزيرة العرب وكل العالم الإسلامي تحت نعلي، مثلهم مع كل الغرب والعالم المسيحي. لكن هذا لا يُعمل هكذا. ليس لعبة أولاد، هذا. هذا شيء أكثر تعقيدًا.
- إذن...
- إذن خلقت القاعدة. والباقي أنت تعرفه. تفجيرات في كل مكان من العالم، الورلد تريد سنتر، حرب أفغانستان، الحرب القادمة ضد العراق. الواقع أن الأمريكان...
- أنا دومًا هنا، يا وغد، قال الصوت.
- لا أبالي.
تابع لاد-لاد:
- كان الأمريكان يريدونني على رأس العالم الإسلامي، ثرواته وأيديه العاملة تحت إمرتي، وهكذا بكوني تحت إمرتهم، يكون تحت إمرتهم كل العالم.
- نعم...
- لكنهم خانوني، والبرهان على ذلك: أنا ضيفهم في البيت الأبيض.
- وأنا معك.
- إذا أنتَ هنا، فهذا لأنهم خافوا أن أخونهم بتكليفك مهمات مخالفة لما يرسمونه، لأجل مجد الإسلام. لأني لم أعد تحت أمر نعالهم، صاح في أذن فينوس.
- لا تصرخ قويًا جدًا، أيها الماخور! ستثقب طبلة الرئيس.
- لأني موصول مباشرة بأذنه؟
- نعم، يا رب الكلاب!
- أنا أعرفكَ أنتَ، ألا تكون ديك دوكر؟
- لا، لِيمُهُ. صد-صد ليس أحسن مني.
صاح في أذن فينوس من جديد:
- لم أعد تحت أمر نعلك، رئيس!
دوى صوت الرئيس:
- أنت تحت أمر نعلي طالما أستضيفك هنا.
ثم صائحًا:
- ولا تعد إلى الصراخ هكذا أو أعمل مسبحات مقدسة من عظامك!
- آه، يا ربي! ناح الشيخ العُمَرِي، يا لها من حياة كلاب، حياة اللوكس في البيت الأبيض، تزعجنا فيه كل وقت أصوات تعتبر نفسها أسياد العالم.
- نحن أسياد العالم، قال صوت أنثوي من فم زوس.
- هذا ما ينقص، همهم الشيخ العُمَرِي.
- هذا لأني امرأة... يا مبغض النساء! لكن لو كنت خديجة لهيجتك... نحن سيدات العالم.
- ليس بعد، أجاب لاد-لاد، لا أسياد ولا سيدات، طالما أن العالم الإسلامي يفلت منكم.
- مع حرب العراق التي، كعادتنا، سنربحها، سيخضع لنا العالم الإسلامي إلى الأبد.
- كما تشائين، مدام الرئيسة.
- كيف عرفتني، حبيبي لاد-لاد؟
- تذكرينني بإنجليزيتي.
- وأنا، تذكرينني بخديجة، تدخل الشيخ العُمَرِي.
- كما ترون، أنا أجمع بين العالمين. لست سيدة البيت الأبيض للا شيء.
- وأنتِ لهذا تتنصتين علينا؟
- أُذن للرئيس وأُذن لي.
- إذن إذا تكلمت عن قفاك، فهل سيسمعني؟
- أيها القذر، صاح صوت الرئيس. منذ قليل تكلم صد-صد عن خُصياتي، وأنت الآن عن قفا زوجتي؟
- لنكتفِ بهذا، سيدي الرئيس. في مادة الجوسسة، لا يمكن للأشياء أن تذهب أبعد. اتركنا على الأقل أحرارًا نقول ما نريد، لمرة، خارج الكاميرا خارج آلة التصوير.
- ليس فيما يخص قفا زوجتي.
- بلى بولوش، تدخلت السيدة الرئيسة، يعجبني هذا، أنا.
- دومًا ما كنت أعرف أنك قذرة!
- الحق يقال، ما عدا قفا مسز بريزيدينت، كل شيء اصطناعي هنا، سيدي الرئيس، كلحيتي، قال لاد-لاد، خسارة هذا لكم.
- كل هذا بعيد عن أن يكون حياة، سيد وسيدة العالم! قذف الشيخ العُمَرِي.
- وفي رأيك، أين الحياة الحقيقية؟ سألت السيدة الرئيسة.
- في كهوف البورا بورا.
قهقه السيد الرئيس والسيدة الرئيسة.
- نعم! في هذه الكهوف، كنا نعتبر أنفسنا الأسياد القادمين للعالم، هاه يا حماي؟
- كنا الأقوى، ولحانا كانت الأجمل، أضاف لاد-لاد.
- أوقعتم أنفسكم، أيها الأسياد القادمون للعالم! ها أنتما الآن مقعيان كجرذين كبيرين في الجناح الأزرق للبيت الأبيض، رد الرئيس.
ومن جديد قهقه.
- أنت لا تفهم شيئًا في السلطة الحق! صاح لاد-لاد، ولا في قوة المجاز! العظام، كأيام الإسلام العظام، يتشكلون ابتداء من مجاز: كهوف البورا بورا. نعم، كنا نعتبر أنفسنا الأسياد القادمين للعالم، عندما كنا نعيش في كهوف أجمل من كل أجنحة البيت الأبيض. هناك، كان يهيمن جو أسطوري، رطوبة الجدران ووميض الشموع المتراقص على الصخر كانا يعيداننا إلى زمن الأنبياء. لكن خاصة كانت لنا لحى حقيقية، مغبرة، دبقة، فائحة برائحة الحرب المقدسة.
نَشَقَ لحيته الاصطناعية:
- هذه اصطناعية، تفوح بعطر مسز بريزيدينت، عطر غير طلي على الإطلاق، اعذريني، صوفي-شارلوت.
- في الواقع، هو هدية من زوجة رئيس الوزراء البريطاني، إنجليزي رديء الصنع، قالت السيدة الرئيسة، وأنت على حق تمامًا، إنه كريه.
- ماذا؟ عطر إنجليزي؟ هتف لاد-لاد.
- هل يذكرك هذا بإنجليزيتك، يا حماي؟ سأل الشيخ العُمَرِي.
- نعم.
- إذن فلتنتقم، يا حماي.
- واحسرتاه! زمن الانتقام بعيد.
- تريد الحديث عن مجاز دومًا؟ قذف الرئيس من فم فينوس قبل أن ينفجر ضاحكًا.
- ليس بعد، سيدي الرئيس، أجاب لاد-لاد بحزن. هذا العطر حقيقي لدرجة أنني لا أصل فيها إلى طرد صورة إنجليزيتي من روحي. أنا أرى فيها كل الأماكن الإسلامية المقدسة. نعم، يا صديقي العزيز، لقد أخطأتُ في حقها، لقد أخطأتُ في حق كل ضحاياي، لقد أخطأتُ في حق كل شيء.
- هيا، هيا، كنتَ تنعظُ لّذة وأنت ترى الورلد تريد سنتر ينهار!
- ليس الآن.
- أنا، الآن أكثر من أي وقت آخر.
- تنعظُ لَذة على صورة المئات من مواطنيك وهم في صدد الموت؟!
- لأني الآن فقط أدرك أني هزمتك.
- اضحك إذن، رئيس. لماذا لا تضحك؟ لماذا لم أعد أسمع الصوت الساحر لزوس؟ أين ذهبت الرئيسة؟ لك الأُدنان في الوقت الحاضر، سيدي الرئيس. لم تعد تجيب. رئيس؟ رئيس؟ رئيس؟ ردد، وهو يدور حول التمثالين.
- تعال، يا حماي! لقد ذهبوا. لا أحد يسمع. يمكننا في الأخير التكلم عاديًا دون أن يُحَرَّفَ كلامنا أو يُؤول. التكلم عن الطقس في الغد، عن طبقنا المفضل، عن طعم قبلة لأبنائنا... تعال، يا صديقي، تعال...
انفجر لاد-لاد باكيًا.


يتبع الفصل الخامس