صح صيامكم يا.. عرب...


لمى محمد
الحوار المتمدن - العدد: 4840 - 2015 / 6 / 17 - 22:25
المحور: الادب والفن     

ها هو قد حضر!

رائحة الكبة الشاميّة تطغى على أزيز الرصاص الجائع!

عمري خمسة.. أميّ سبيّة.. أختي جاريّة.. أخيّ معتقل.. أمّا أبي فشهيد نصفه مات من أجل الوطن.. و كلّه قُدِّمَ قرباناً على مذبح يُعادُ فيه الزمن...

ثلاث فتيات مررنَّ من جواري .. لم يروني .. كنَّ يبحثنَّ عن عشاق ذهبوا مع ( الوطن)...

و أنا أجلس لوحدي أرى كل شيء :
الظلم.. الفساد.. الرشاوى.. الغش.. المحسوبيات..الثورة.. البسطاء.. التجار.. الكراسي.. الساسة.. النفاق.. الرصاص.. الطوائف.. الحرب.. الخرائط.. و التاريخ يعاد من جديد مع فتاة أخرى في زمن (أَخرى)!

ها هو قد حضر.. و من يظنون أنهم أتباعه يطبخون هناك.. بينما أنا أجلس هنا.. في زاوية ما من زمن وضيع!

رائحة الإفطار في"فلسطين".."لبنان".."العراق".."سوريا".. على التوالي تطغى على أزيز الرصاصة التي أنقذتني من الجوع..

صح صيامكم يا عرب…

**************

و يحدثونك عن " الطوائف".. قل هي من صنع الجميع!

" ألمانيا" و غيرها من الدول فتحت باب الهجرة للسوريين، المخطط الآن هو إفراغ البلاد من جلّ شعبها بطرق شتى، و العلم الاسرائيلي الذي يضم الفرات و النيل في طريقه للتحقق بطرق ذكية جداً !

من أسهم في إسراع تحقيق هذا المخطط هو كلّ من هجر العباد من البلاد..

بدءاً من زمن العهر السياسي الذي سرق فيه ( المسؤولون ) السفلة خيرات البلاد و داسوا على كرامات مثقفيها...

وصولاً إلى زمن العهر الطائفي الذي استلم فيه الشذاذ من الملتحين وكالة حصرية للجنة، و قتلوا الأبرياء تحت راية " الله أكبر"...

من يحقد و يتطرف هو جاهل .. وقح.. أو طائفي.. و بأحسن الأحوال غبيّ .. ا

الحرب اليوم هي حرب مئات سنين و ليست أبداً حرب عشرات!

و مافعله المذكورون أعلاه أنهم سرّعوا وقوع الشر بدلاً من أن يعملوا على منعه!

صح صيامكم يا عرب…

***************

المرض النفسي يتطور في " سوريا".. كما أكل " العراق".." لبنان" .. و " فلسطين".. من قبل ...

عام 1600م أُطلِقَ على هذا المرض اسم" النوستالجيا"، تحولّ الاسم مرات عديدة قبل أن يسمى ب " اضطراب الكرب التالي للصدمة": (PTSD: Post- traumatic Stress Disorder)

من أعراضه: التهيج و النزق...
صدى الذكريات (اجترار الذكريات)..الأحلام أو الكوابيس...
سلوك التهرّب: الشخص يتجنب الظروف التي تشبه ظروف الصدمة...

من إيجابيات الإصابة بهذا المرض: أن تصبح مرناً.. و بدلاً من دور الضحية تعتبر نفسك "ناجٍ"، و عندها فقط ستقدر على التغيير!
النواح لا يُعيدُ الموتى…

صح صيامكم يا عرب…

*****************

أوطاننا.. و طريق دمار لم ينتهِ و لن تكون نهايته إلا خراباً..

هي ليست نبوءة .. هو ألم.. حزن و ثلاث سيمفونيات موجعة..

الأولى شباب ضاع.. و الثانية ثكالى و أرامل ..
أما الأخيرة:
اشتروا ذكرياتنا و مستقبل أطفالنا و ما كان الثمن؟!

دفعوا الثمن دِيننا !..
أقنعوا السذج.. الجهلة، و البسطاء بأنهم يدافعون عن دينهم و أن " الله" يحتاج إلى إنقاذ!.. هكذا اشترى المغفلون ما يُفتَرضُ أن يكون مُلكهم.. و الملعون أكثر أنهم : دفعوا ثمنه : وطنهم.

صح صيامكم يا عرب…

*******************

المشكلة الأساس في أوطان تدّعيّ أنّ " لا إله إلا الله":

وجود ملايين ( الآلهة)من تجار الدِّين المرخص لهم .. و حاكم واحد أحد لا يقبل شريك!

و فوق هذا كله من يؤمن حقاً أن لا إله إلا الله و لا قوة فوق الله: هو مهدور الدم من قبل جميع الأطراف !

لا إله إلاّ الله.. و صح صيامكم !!

يتبع...