المسألة النقابية في المغرب والنضال العمالي


عبد السلام أديب
الحوار المتمدن - العدد: 4814 - 2015 / 5 / 22 - 07:42
المحور: الحركة العمالية والنقابية     

أجرت جريدة صوت الشعب الالكترونية حوارا هاما مع الرفيق عبد السلام أديب حول النضال العمالي والمسألة النقابية بالمغرب وهو أحد المطرودين الخمسة الأوائل من طرف اللجنة الادارية للمؤتمر العاشر للاتحاد المغربي للشغل بتاريخ 5 مارس 2012، بصفته ككاتب عام للنقابة الوطنية لموظفي وأعوان وزارة الاقتصاد والمالية وذلك الى الى جانب الثلاثي أعضاء الأمانة العامة السابقة وهم كل من عبد الحميد أمين وعبد الرزاق الادريس وخديجة الغامري وأيضا عضو اللجنة الادارية السابقة عبد الله لفناتسة. وقد أشرف على اجراء الحوار الرفيق محسن الشهباني احد صحافيي الموقع.

محسن الشهباني: اهلا بكم الرفيق أديب في هذا الحوار معكم لجريدة صوت الشعب، قبل ان نخوض في سيرورة المشهد الحالي للعمل النقابي بالموازاة مع النضالات العمالية ومستوى الصراع الطبقي السائد حاليا، بودنا ان نسألكم عن ماذا تبقى من التوجه النقابي الديموقراطي الذي شاركتم في تأسيسه عقب القرارات البيروقراطية الصادرة عن اللجنة الادارية للاتحاد المغربي للشغل بتاريخ 5 مارس 2012 وما بعدها والقاضية بطردكم من الاتحاد بمعية مناضلين نقابيين آخرين يمثلون قطاعات وجامعات نقابية كبرى. خصوصا الصدى السيء الذي تركه المجلس الوطني التنسيقي المنعقد بتاريخ 19 يوليوز 2014 لدى عدد من المناضلين النقابيين والذي علقتم عليه برسالة مفتوحة شديدة اللهجة بالحوار المتمدن:

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=425263

ثم مألات المفاوضات مع البيروقراطية النقابية بالاتحاد المغربي للشغل والتي اسفرت عن مشاركة جامعة القطاع الفلاحي وجامعة عمال وموظفي الجماعات المحلية في المؤتمر الحادي عشر للاتحاد ودخولهم المعركة الانتخابية المهنية باسم الاتحاد في حين تتقدم جامعة قطاع التعليم التي فكت الارتباط تماما مع الاتحاد المغربي للشغل نحو هذه الانتخابات مستقلة. إذن كيف تنظرون الى مآل التوجه الديموقراطي على ضوء هذه التطورات؟

عبد السلام أديب: شكرا للرفاق في جريدة صوت الشعب على اتاحتكم لي لهذه الفرصة للتعبير عن رؤيتي للنضال العمالي في ظل المشهد النقابي الحالي، بالنسبة للتطورات التي عرفها التوجه النقابي الديموقراطي والذي تأسس على خلفية رفض قرارات اللجنة الادارية للاتحاد المغربي للشغل الصادرة منذ 5 مارس 2012، نظرا لصدورها عن البيروقراطية المتنفذة داخل الاتحاد المغربي للشغل دون احترام لمقتضيات القانون الاساسي المصادق عليه في المؤتمر العاشر للاتحاد، والتي ظهر انها صدرت بخلفيات سياسية واضحة نظرا لما كان يشكله التوجه الديموقراطي داخل الاتحاد المغربي للشغل من أرضية مادية صلبة للحركات الاحتجاجية بمختلف انواعها وخاصة منها الطبقة العاملة ومجموعات المعطلين حاملي الشهادات، وحيث انخرطت كافة هذه الحركات الاحتجاجية في سيرورة حركة 20 فبراير 2011، الشيء الذي أرعب النظام، ومن تم بدأ البحث عن كيفية تجريد هذه الحركات الاحتجاجية وخاصة حركة 20 فبراير من احدى اساساتها المادية كمقر الاتحاد المغربي للشغل بالرباط والمناضلين النقابيين المنخرطين في دينامية الاحتجاجات الجماهيرية. ان حدث صدور مقال سليمان الريسوني بجريدة المساء ليوم 23 فبراير 2012 ورسالتي المفتوحة الى الامانة العامة للاتحاد لاتخاذ التدابير اللازمة في حق الفاسدين الذين اشار اليهم المقال وذلك مساء يوم 4 مارس 2012، لم يشكل سوى حصان طروادة لتنفيذ اجندة النظام لاقتلاع التوجه الديموقراطي من داخل الاتحاد المغربي للشغل واقفال المقرات التي كان يشغلها، وبالتالي محاصرة الحركات الاحتجاجية في كل مكان والتنكيل بمناضليها والزج بالكثير منهم داخل السجون باتهامات مفبركة.

لكن التطورات التي عرفها التوجه الديموقراطي منذ تاريخ 5 مارس 2012 كانت ايجابية حيث دفعت الحاجة الى الصمود والصراع اليومي ضد البيروقراطية المتنفذة داخل الاتحاد المغربي للشغل الى اعادة هيكلة الاتحاد النقابي للموظفين والموظفات الذي انضوت تحته كافة النقابات القطاعية والجامعات النقابية واعادة هيكلة جامعة قطاع التعليم وجامعة عمال وموظفي الجماعات المحلية. وفي 6 فبراير 2013 استطاع التوجه النقابي الديموقراطي تنظيم مسيرة نقابية كبرى بمدينة الرباط ارسلت عدة رسائل بليغة سواء للمركزيات النقابية الأخرى أو اتجاه النظام.
لكن في سنة 2014، ومع الاعلان عن تاريخ المؤتمر الحادي عشر للاتحاد المغربي للشغل وايضا اقتراب موعد الانتخابات المهنية، بدأ التوجه الديموقراطي وخاصة الثلاثي اعضاء الامانة العامة للاتحاد المغربي للشغل عبد الحميد امين وعبد الرزاق الادريسي وخديجة غامري في التفكير بجدية في كيفية التعامل مع هذه المواعيد التي ستضعهم خارج الاتحاد وربما خارج الانتخابات المهنية. من هنا تبلورت فكرة تأسيس اطار نقابي وطني لمواجهة ضرورتين هما أولا مواجهة الانتخابات المهنية من موقع قوة ثم ثانيا مواجهة التفاوض مع طرفي الصراع النظام من جهة والبيروقراطية النقابية المتنفذة داخل الاتحاد المغربي للشغل. لقد شكلت هاتين الضرورتين الخلفية التي املت على التيار السياسي المهيمن عدديا داخل التوجه الديموقراطي اللجوء الى تغييب الديموقراطية خلال انعقاد مجلس التنسيق الوطني الثالث في 19 يوليوز 2014، وذلك ما تم بالفعل حيث تحكم التيار المشار اليه في الهيئات المنبثقة عن المجلس وذلك لتدبير المفاوضات برؤية احادية.

التطورات التي عرفها التوجه الديموقراطي منذ يناير 2015 الى اليوم والمتميزة بالتوافقات بين كل من جامعة القطاع الفلاحي وجامعة عمال وموظفي الجماعات المحلية والبيروقراطية الجديدة المنبثقة عن المؤتمر الحادي عشر، وبقاء جامعة قطاع التعليم والاتحاد النقابي للموظفين والموظفات خارج هذه التوافقات، تعتبر نتيجة مباشرة لنتائج مجلس التنسيق الوطني الثالث المشار اليه.

بالنسبة للانتقادات الشديدة اللهجة والتي وجهت الى قيادة التوجه الديموقراطي وخاصة الورقة المفتوحة الصادرة في الحوار المتمدن:

www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=429114

كانت انتقادات موضوعية تنطلق من المبادئ الاساسية للديموقراطية العمالية والتي حاول التيار المهيمن داخل التوجه الديموقراطي محاصرتها وعدم الاستماع اليها، خوفا من ان تتفكك خطته، وتضيع اهدافه القائمة على تدبير الضرورتين المشار اليهما سابقا. وهذا بالضبط ما جعلنا نعتبر ان التوجه الديموقراطي مات بتاريخ 19 يوليوز 2014. وحتى لا نزكي القرارات التي بدأت تتخذ تباعا في اطار الهيئات المنبثقة عن المجلس المشار اليه، قاطعنا تلك الهيئات وفضلنا الاستمرار في النضال داخل النقابات القاعدية التي تأسست في اطار التوجه الديموقراطي.

محسن الشهباني: كيف تقيم الوضع النقابي العام بالمغرب؟

عبد السلام أديب: ان المحلل الموضوعي للمشهد النقابي الحالي بالمغرب عندما ينظر من جهة الى وضع الطبقة العاملة الكارتي والذي اصبحت اغلبية العمال تشغل من طرف شركات الوساطة مما يعني العمل بعقود مؤقتة قد يتم تجديدها أو لا يتم ذلك وفي شروط عمل هشة ومحرومة من الضمان الاجتماعي وبأجور زهيدة قد تدوم لأكثر من عشر سنوات دون ترسيم وفي ظروف من الخوف من فقدان العمل علما ان عدد العمال العاطلون عن العمال يصل الى معدلات جد مرتفعة ويضغطون على العاملين للقبول باجور زهيدة والعمل في شروط غير انسانية. ومن جهة أخرى نمو حوالي 32 مركزية نقابية تتقدمها خمس أو ست مركزيات نقابية كبرى لا يتعدى منخرطوها جميعا ما بين 5 الى 7 في المائة من مجموع الشغيلة المغربية وهو العدد الذي يتراوح ما بين 550 الف ومليون عامل وعاملة من بين حوالي 11 مليون من مجموع الشغيلة المغربية.
ان المحلل الموضوعي لهذا المشهد سيخرج بخلاصة مفادها ان لا علاقة بين المركزيات النقابية والطبقة العاملة المغربية. كما يعني ذلك ان الباطرونا هي المتحكم الحقيقي في الشغيلة المغربية المحرومة حتى من التوفر على مكاتب نقابية فبالاحرى على منادب العمال والمشاركة في الانتخابات المهنية ليوم 3 يونيو 2015. كما يعني ذلك ايضا تفاحش الاستغلال والاضطهاد للعمال وان الباطرونا المغربية تمارس تراكمها الرأسمالي البدائي المتوحش من دون احترام ابسط الحقوق الشغلية. كما نستخلص ايضا أن الاحزاب السياسية التي تهيمن على المركزيات النقابية لا قواعد لها داخل تلك النقابات وحيث تتعامل فقط مع حوالي مليون عامل وعاملة. ونستخلص في نهاية المطاف أن التحالف الطبقي الحاكم من برجوازية وبرجوازية صغرى وأحزاب ومركزيات نقابية تحكم 33 مليون نسمة بواسطة قاعدة اجتماعية موزعة لا تتجاوز 4 في المائة. وانها لضمان هذا الحكم الفوقي فإنها تلجأ الى القمع الايديولوجي (الدين، الوطنية، الملكية) من خلال توزيع الاحزاب الى اغلبية ومعارضة تدافع على نفس البرنامج برنامج النظام. والى القمع البوليسي المباشر لكل حركة احتجاجية وفي مقدمتهم الطلبة والمعطلين والعمال. والى القمع الاقتصادي بصيغة جوع كلبك يتبعك وعفا الله عما سلف لناهبي المال العام.

محسن الشهباني: ما هو التعامل السليم امام الانتخابات الثنائية المقبلة؟

عبد السلام أديب: الانتخابات البرجوازية في جميع أشكالها تؤدي نحو ممارسة دكتاتورية رأس المال على حساب العمل. ان التقسيم التاريخي الذي باشرته البرجوازية نهاية القرن التاسع عشر بين النضال السياسي والنضال الاقتصادي من اجل احداث فصل صارم بين الاثنين حتى لا تعمد البروليتاريا الى تسييس مطالبها العمالية هو الذي مكن من الاعتراف للعمال بتأسيس النقابات والسماح بتشكيل مندوبي العمال لإفراز ممثليهم داخل البرلمان للدفاع عن مطالبهم. مع اضافة ملاحظة هامة هي ان النظام البرجوازي البرلماني آنذاك كان يختلف عما اصبح سائدا حاليا، فحينذاك كان البرلمان هو الذي يحكم أي صاحب التشريع بكامله بينما كانت الحكومة تقوم بمهام تنفيذ ارادة البرلمانات فقط تحت طائلة المراقبة الصارمة. أما اليوم فقد انقلبت الآية حيث أصبحت الحكومات هي المشرع والمنفذ في نفس الوقت وتقلص دور البرلمانات الى مجرد غرف للمصادقة على افعال الحكومات. وقد استطاعت البرجوازية من خلال هذا التحكم الفوقي اية مطالب عمالية حقيقية قد يدافع عنها ممثلي البروليتاريا داخل البرلمانات. لذلك نؤكد أن الانتخابات اصبحت أدوات لممارسة البرجوازية لدكتاتوريتها. لذلك على الرغم من مشاركة الاقلية القليلة من الطبقة العاملة في الانتخابات تتمكن البرجوازية من ادعاء حصولها على الشرعية وبالتالي تطبيق السياسات الوقحة التي تخدم مصالحها لمراكمة رؤوس الأموال على حساب البروليتاريا.

اما بالنسبة للجان الثنائة المتساوية الأعضاء وحتى بالنسبة لمناديب العمال فدورهم استشاري محض حيث يبقى للادارة وللباطرونا السلطة التقديرية في اتخاذ القرار من عدمه. اضافة الى ان حوالي تسعين في المائة محرومين من الحق في الترشح والمشاركة في الانتخابات المهنية بسبب تعنت جزء هام من الباطرونا، ومندوبات الشغل ووزارة التشغيل تعرف ذلك وتقول انها عاجزة عن تغيير هذا الوضع.

إذن ففي ظل هذا الوضع تعتبر الانتخابات المهنية المقبلة وسيلة مفيدة للتحالف البرجوازي الحاكم اكثر من افادتها للطبقة العاملة، فبواسطة هذه الانتخابات ستكتسب المركزيات النقابية المتحكم فيها فوقيا من طرف البيروقراطيات المتنفذة المتواطئة مع البرجوازية من اكتساب صفة النقابات الأكثر تمثيلية وبالتالي افراز ممثلي هذه النقابات داخل مجلس المستشارين لتزكية كافة السياسات التي تخدم مصالح الباطرونا بعد اخضاعها لمسرحية الاغلبية والمعارضة والتعديلات والتعديلات المضادة. أما الوضع الكارثي الحالي للشغيلة المغربية فلن يزداد الا تدهورا.
محسن الشهباني: قرأت لك في حوار صحافي أخير قبل فاتح ماي 2015 ان هناك احتمال ان تعمد الحكومة الى الزيادة في الاجور:

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=465460

فكيف ترى الآن هذه القضية خصوص بعد مرور فاتح مايو دون حدوث أي زيادات؟

عبد السلام أديب: لقد اشرت في ذلك الحوار الى أن كافة الشروط الموضوعية للزيادة في الاجور اصبحت قائمة لا تنتظر سوى اتخاذ القرار، وقلت ايضا ان تلك الزيادة ستستفيد منها الباطرونا على مستوى امتصاص الانتاج الزائد وذلك اكثر من استفادة البروليتاريا التي ستتضاعف معاناتها رغم تمتعها على المدى القصير من تلك الزيادة الاسمية. لكن يبدوا ان هناك تواطؤا بين النقابات والحكومة على تأجيل ذلك القرار لاستعماله في ظرفية سياسية ملائمة لحصاد أصوات الكادحين في الانتخابات المقبلة المهنية والجماعية في شتنبر المقبل. ولذلك تم اللجوء الى تلك المسرحية السمجة بمقاطعة مسيرات فاتح مايو واستعراض الحكومة لقوتها في الشارع. وها نحن نرى كيف ان النقابات خانت حتى وعودها بالنضال خلال شهر مايو.

محسن الشهباني: هل يمكن اعتبار الانخراط في النقابات نوع من الدعم المادي والمعنوي لتكريس البيروقراطية؟

عبد السلام أديب: علينا دائما أن نحافظ على نظرة موضوعية للأمور، فعلى الرغم من ما أشرت اليه سابقا من أن كافة المركزيات النقابية لا يرتفع فيها مستوى التنقيب الى الى حدود 7 في المائة من الشغيلة المغربية، وأن هذه المركزيات النقابية مهيمن عليها من قبل بيروقراطيات نقابية متواطئة مع الباطرونا وتنفذ اجندات الحكومة، الا أن الطبقة العاملة داخل هذه المركزيات بمختلف تلاوينها تتلقى تكوينها التنظيمي والنقابي البدائي وانطلاقا من ذلك يتكون لديها الوعي السياسي الجنيني وتعمل بالتالي بالتفاعل مع محيطها في تطوير قدراتها على الصراع الطبقي حيث تبدأ من داخلها عمليات فرز الكوادر النقابية المناضلة التي تدخل في صراع مع البيروقراطيات المتعششة فتتمكن من طردها او ابعادها على الاقل على مستوى القواعد، وقد عشت مثل هذه الحالة في الاتحاد الجهوي نقابات الرباط سلا تمارة حيث كانت البيروقراطيات متعششة داخله خلال عقد الثمانينات وفي جزء هام من التسعينات تطورت في ظلها قوى مناضلة من وسط الطبقة العاملة وتمكنت من دفع البيروقراطيات الى الخلف وتقدم المناضلين البروليتاريين وهو ما تحقق منذ سنة 2000 لكن البيروقراطيات تضل متربصة بالمناضلين لكي تنقض عليهم في اول فرصة ممكنة وذلك ما حدث يوم 5 مارس 2012.

اذن فالنضال داخل المركزيات النقابية المهيمن عليها من طرف البيروقراطيات يظل بالنسبة للمناضلات والمناضلين ضروري نظرا لما يحققه ذلك من تفاعل بين هؤلاء المناضلين والطبقة العاملة في افق تحقيق وعيها الطبقي وتطوير واجهات صراعها الطبقي. ويمكن للمناضلات والمناضلين الملتزمين العمل في كافة المركزيات النقابية بدون استثناء حيث يتواجد العاملات والعمال من اجل تأطيرهم وتوعيتهم وقيادة نضالاتهم. لكن على ان يتم ذلك بشكل منظم وبخلفية سياسية واعية واستراتيجية تدريجية.
لكن المناضلون الملتزمون يجب ان لا ينظروا الى المركزيات النقابية فقط بل عليهم ابداع الفعل النضالي الى جانب الطبقة العاملة خارج المركزيات النقابية والتي يرتفع عددها الى 90 في المائة من مجموع الشغيلة. وهناك آليات تنظيمية ونضالية تحقق التوسع السريع وسط الطبقة العاملة وجعلها تتحمل مسؤولياتها التاريخية لقيادة التغيير المنشود.

محسن الشهباني: ماهي قراءتك لفاتح ماي 2015 وما قامت به النقابات بالمغرب في منع التظاهرات بدعوى احراج الحكومة؟

عبد السلام أديب: كما أشرت الى ذلك من قبل اننا عشنا مسرحية سمجة اطرافها متواطؤون حول عدم اعطاء اية وعود للطبقة العاملة، وقد تتبعنا النقاش الذي دار بين الاتحاد المغربي للشغل من جهة والكنفدرالية الديموقراطية للشغل والفدرالية الديموقراطية للشغل من جهة اخرى، حيث رد مخاريق على كل من نوبير الاموي والعزوزي بخصوص اقتراحهم تنظيم اضراب عام ان الاقتصاد المغربي لن يحتمل مثل هذا الاضراب العام خصوصا وانه بدأ يعرف بعض الانتعاش. ان موخاريق يضع نفسه مكان الباطرونا ويدافع عن مصالحها. لكننا علينا ان لا ننخدع بمثل هذه المسرحية حتى وان تم اتخاذ قرار الاضراب العام فلن يكون ناجحا لان المركزيات لن تسمح بنجاحه، ثم ان نوبير الاموي والعزوزي كانا لا ينتظران سوى مثل هذا الاعتراض للتراجع عن مبادرتهم. ثم ان الادعاء بتنظيم معارك لاحراج الحكومة خلال شهر ماي فكانت مجرد فرقعة للاستهلاك فما يحدث حاليا هو التناقض بين هذه المركزيات وتنافسها على اكتساب اعلى مستوى من الاصوات.

محسن الشهباني: هل هناك افق لتاسيس نقابة بديلة يمكنها أن تستوعب الغاضبين من البيروقراطية ويمكن اعتبارها الممثل الشرعي لتطلعات العمال؟ وماهي القطاعات التي يمكن الرهان عليها؟

عبد السلام أديب: ان النقابة بصفة عامة أصبحت مجرد أداة تنظيمية لضبط الطبقة العاملة. فقد استطاعت التحالفات الطبقية التي تهيمن عليها كما تهيمن على الاحزاب السياسية منذ الثورة البلشفية لسنة 1917، ان تحول المركزيات النقابية الى آليات ملحقة بسياساتها البرجوازية وظيفتها هي تسويغ الاستغلال ودفع الطبقة العاملة للقبول بالسياسات البرجوازية والخضوع لها. فإذن لا يمكن المراهنة ابدا على المركزيات النقابية لتثوير الطبقة العاملة من اجل تغيير حقيقي نحو التحرر والاشتراكية. لذلك اعتقد ان كل انشقاق يحدث في اية مركزية نقابية كانت لن يؤدي سوى الى تأسيس مركزية نقابية جديدة تهيمن عليها بيروقراطية ادارية او سياسية متماثلة مع اجندة التحالفات البرجوازيات الحاكمة.