حول مقابلة كورش مدرسي وشعار ضمان البطالة


فلاح علوان
الحوار المتمدن - العدد: 4789 - 2015 / 4 / 27 - 08:14
المحور: الحركة العمالية والنقابية     


لا اقصد من الايضاح التالي تقييم مقابلة كورش مدرسي او الرد على اجزاء منها، انها طريقة ومنهج وفهم لمسألة اصبحت مطروقة بوضوح في الاوساط العمالية في البلدان التي تنهار صناعاتها بسرعة امام العولمة والسياسات النيوليبرالية. اقصد مسألة الاجابة على مصير العمال بفعل انهيار الصناعات الكبيرة التي كانت تشغل الالاف في كل مصنع على حدة، وتقليص الدور الحكومي.
ان المسألة التي اود التأكيد عليها هي ان مقال كورش مدرسي لا يتناول تصفية الصناعات الحكومية في العراق وفق مخطط مدروس، وهو لم يقدم وصفة لكل الاوضاع، ولكن بعض الرفاق يصرون على مواجهة التصدي للخصخصة في العراق و تسريح مئات الالاف من العمال، بمقال او بحث كورش مدرسي وطرحه. دون ان يمعنوا النظر في جوهر المسألة وابعادها.
ان الاستنتاج بان علينا المطالبة بضمان البطالة وسط هذه المعركة، هو تصور خطير، كما ان اعتبار ان الرأسمالية حرة في التصرف برأس المال سواء كان قطاعا حكوميا او قطاع خاص، وان هذا لا يخص العمال، هو الاخر ينطلق من تصور تطهري كما وصفه الاشتراكيون في مصر، اي رفض الاشكال المطروحة والاحتفاظ بنقاء التصور. ان هذا التصور هو الاخر خاطئ كليا في ظروف العراق والمنطقة كذلك. رأسمالية الدولة هي عتبة الاشتراكية كما يقول لينين، وعلينا تطوير نضالنا العمالي تجاه تعميق الفهم الطبقي المستند الى التصور العلمي الماركسي، والابتعاد عن الانتقائية وتقديم الوصفات.
ان اغلب العمال في الصناعة يرفضون بصورة واسعة، التقاعد الاجباري، النقل الى وزارات اخرى، مكافئة نهاية المدة. وبالتالي لن يجري تسريحهم مباشرة وتحويلهم الى عاطلين، انهم يطالبون باوسع من هذا، انهم يرفعون شعار مكافحة الفساد، الحق في التنظيم، الغاء قرارات النظام السابق، وكلها مطالب متقدمة قياسا بالاوضاع التي يعيشها العمال والمجتمع عموما. وسيكون رفع شعار ضمان البطالة في هذه الاوضاع قاتلا.
منذ اسابيع اعلن افلاس مصنع الحديد والصلب العائد للقطاع الخاص في البصرة، وجرى فورا تسريح 1200 الف ومئتي عامل، بدون اي تعويض او حتى اي توضيح ، اغلقوا ابواب المصنع وقالوا لا تاتوا غدا المصنع مغلق. لا تستطيع الحكومة فعل هذا، سيواجهها العمال، سيطالبون باقالتها بتغيير قوانينها، اي ستتحول المواجهة الى مواجهة سياسية.
البرجوازية الصناعية في العراق تاريخيا متخلفة ومحدودة، ولا مستقبل لها في العراق سوى في بعض الصناعات شبه الحرفية والورش والمعامل الصغيرة. ان تفكيك وزارة الصناعة يعني للحكومة التخلص من اكثر من ربع مليون عامل يمكنهم تنظيم اعتصام بواسطة الموبايل.
ان ضمان البطالة من الناحية الموضوعية لا يمكن الجزم بامكان تحققه في بلد الاجر المنخفض مثل العراق، من ناحية، ومن ناحية اخرى ان شبكات الحماية الاجتماعية قد تحولت الى شبكات للمضاربين والسماسرة الذي يتحكمون بمن تصل له المعونة. يوجد في الجيش وهو المؤسسة الاخطر في البلاد عشرات الالاف من الاسماء الوهمية، وبالتالي سيكون اسهل بكثير تنظيم الاسماء الوهمية للعاطلين من قبل الشيوخ والملالي والاحزاب المسيطرة والمتنفذة، والتحكم باي ضمان بطالة مهما بلغ مقداره، بل وتحويله الى وسيله للابتزاز الحزبي والسياسي، هذا اذا افترضنا انه يمكن التوصل الى تحقيق هذا المطلب لقسم من العاطلين عن العمل.
الخلاصة ان مضمون حركة عمال الصناعة وشركات التمويل الذاتي مثل وزارة التجارة بوجه سياسة التقشف والخصخصة، هي مواجهة مع السياسات النيوليبرالية، وان الحكومة لن تستجيب بهذه الصورة لمطلب الغاء التمويل الذاتي واقرار التمويل المركزي، وحيث ان المسألة تتعلق بحياة ومعيشة مئات الالاف من العمال، فأن هذا يعني المواجهة مع الحكومية وجر فئات اوسع من المجتمع وراء طليعة المواجهة. ان نضال عمال الصناعة قابل للانتصار وللانكسار كذلك. ولكنه لا يحصل هكذا لوحده بحيث نراقب عن بعد او عن كثب، ثم نختار هذا التكتيك ام ذاك، هذه الوصفة ام تلك، ان اشتراك بل انخراط الفعالين والسياسيين العمال هو من مستلزمات قيام هذا النضال اصلا، اي القيام بوظائف التعبئة والتحريض وتسليح المبادرين العمال بافق اشتراكي. لهذه الاسباب ارى ان قضية المواجهة مع الحكومة في العراق لا يمكن متابعتها والنهوض بها من خلال استخدام شعارات غريبة وغير علمية وغير طبقية.
فلاح علوان
27-4-2015