العمال والحرب


قاسم محمد حنون
2015 / 4 / 15 - 19:50     

دائما هنالك حرب شرسة وأخرى باردة نقراها ونسمعها في التاريخ القديم والمعاصر وفي برنامج حدث مثل هذا اليوم وبرامج أخرى من الأرشيف العالمي والمحلي,وأغلبنا كجيل شهد وترعرع في ضل الحروب القومية والطائفية والتي طالت الكثير من أصدقائنا وأحبتنا وعوائلنا.مازالت تلك الحروب لا تنفك عن حياتنا ومازال هنالك أبطال مزيفين يؤجلون الابتسامة والحرية بحجة تلك الحروب ومازال أبطال الأمس هم خونة وأعداء الشعوب اليوم.ومازلنا نهتف ونطبل ونقاتل من جانب ومن جانب أخر يفتك بنا المرض والبطالة والتشتت الأخلاقي والإنساني. وكأنها خلية معقدة أو قدر حتمي وأزلية بين البشر.ودائما هنالك تفسيرات وتصورات لتلك الحروب من مختلف تلك التيارات عبر إعلامها وسلطتها ومواقعها المختلفة ايظا.وكل يغني على ليلاه ويوظف هذه الحرب وتلك المعركة لصالحه سواء كان مهزوما أو منتصرا,ويعاد إنتاج تلك التصورات عن طريق الفن والأدب والدراما وعلى صفحات الانترنيت والكتب والتجمعات,منها بشكل حماسي ومنها بشكل تحريضي منها الوطنية و الطائفية والدينية والقومية مهما كانت صادقة وواقعية إلى أنها بنهاية المطاف أسلوب استراتيجي لخدمة الطبقة السائدة وسلطتها سواء بالمعارضة أو بالحكم.السؤال هو أين تقع مصلحة العمال والشغيلة والجنود والمعطلين عن العمل وأي خيار يتخذون وأي اصطفاف يصطفون يصب من اجل مصلحتهم ومصيرهم.وخاصة في منطقة الشرق نخوض حروبا تلو الحروب وتهدر حياتنا وأبنائنا وتبتر أعضائنا وكثير منا يخرج إما محطم نفسيا أو معاق جسديا,وعليه أن يواجه معركة الحياة بالعيش والخبز والتعليم ومتطلبات الحياة الطبيعية وهو يحمل ذاكرة وجسد محطم لا يستطيع أن يتحمل أعباء الحياة التي تراكمت نتيجة تلك الحروب المتتالية التي سرقت كل تطورنا وأحلامنا ومازالت تشكل خطر جدي على حياة أحبائنا .إن مطلب السلام والنضال في سبيله هو سياسة مبدئية تخوضها الطبقة العمالية إن استطعنا ذلك ولا تتحقق إلى كنا نملك قوة وتنظيم ووعي بخطورة تلك الحروب.ونتيجة لعدم تنظيمنا وتشتتنا بسبب هيمنة سياسة وأفكار وأيدلوجيات البرجوازية المختلفة الدينية وغيرها. مازلنا ندفع ثمن حياتنا دون نهاية.حتى أصبحنا نبحث عن السلام من أروقة ومؤسسات البرجوازية الحاكمة التي خططت ونهبت وتسببت بشن تلك الحروب لتصفية حساباتها وللحصول على المواقع وتحقيق الربح.ومن أهم حرابها هو تقسيمنا وعلى رأس هذا التقسيم هو تحويلنا إلى أديان وقوميات متصارعة .تلك القوى الإجرامية البرجوازية وعناوينها الخادعة ستبقى تلاحقنا ونقاتل بالنيابة عن مصالحها.ولا يخلصنا من كل هذا البؤس والحرب والشقاء ووجع الرأس , إلى تحت الشعار الاممي والطبقي يا عمال العالم اتحدوا.وليس شعار نموت نموت وليحيا الوطن نموت ونموت وليحيا الدين والمذهب والقومية.ونفس تلك الشعارات الخداعة هي التي أدخلتنا بدوامة ودوران الحرب مع بعضنا بعضا , إن الدولة الدينية وعبر تعاليمها ومؤسساتها التربوية والريزخونية واستنادها إلى تاريخ الخرافة التي تبثه ليل نهار في فضاء المجتمع منذ الطفولة والعوامل الأخرى من الحرمان والأمية والبطالة وإعادة إنتاج القبلية والعصبيات والذكورة ,هي تبني وتؤسس لخلق تلك الحروب ومن اجل وقود لتلك الحروب فهي تعد لرسم وضع اقتصادي ديني سياسي لمواجهة كل من يتحدى هيمنتها وسلطتها كما يحدث ألان بالمنطقة وخاصة العراق وسوريا وليبيا,انه عصر الفتاوى الامبريالية والشركاتية والدينية.وهو تنين بثلاث رؤؤس تنفث السموم في كل مكان وتلوث الوعي وتخبل الجماهير لجرها للاقتتال والدم وإدامة دورة العنف العقائدي المذهبي من اجل مزيدا من الإرباح والمواقع.والحصيلة التي ينالها العمال والمعدمين هو الحرب والموت وإلغاء البطاقة التموينية والتسول والبغاء والمخدرات والهجرة المجنونة.ومادامت البرجوازية الدينية وغيرها المتلونة بشهادات عليا ليبرالية اقتصادية مدنية يسارية أصلاحية,ومادام العمال ينجرون سياسيا وراء ترويجهم الديني الطائفي الديمقراطي.سيبقى الموت والاغتراب وصفات الضعف والخوف واللامبالاة هو سلوكنا المتهادن والجبان.ان الاصطفاف العمالي والتحرريون وكل شرفاء العالم بحركة اجتماعية سياسية تعبر عن مصالحهم وحقهم بالسلام والعيش والمأوى المناسب وفرص العمل والعدالة الاجتماعية ومجتمع دولة الإنسان والمواطنة المكفولة ماديا وقانونيا.وبداية الخلاص من الحرب ومقدمة للسلم الداخلي وانطلاقة مدنية متنورة اجتماعيا,وبناء نضام اقتصادي مبرمج هدفه هو رفاه الناس والتوزيع العادل للثروة وإعادة المعامل والمصانع ودعمها وعدم هيكلتها وتخصيصها.والتغيير العصري للمناهج التربوية وفصل الدين عن الدولة,وترسيخ الحريات السياسية والنقابية والرأي والتعبير دون قيد أو شرط هو ضمانة جدية للعيش بسلام وسد الفجوة الهائلة بين الطبقات.وكلما توسعت تلك الفجوة التي سببتها البرجوازية القومية البعثية والطائفية الدينية المدعومة من قبل أمريكا والغرب البرجوازي الليبرالي وكل شركات الاستثمار,يشتد العنف والكراهية وينطلق الغضب ومن ثم ثورات متداخلة واعتراضات.تأخذ إطارا طائفيا ولبوسا دينيا في ضل سلطة الدين السياسي وأحزابه وتأخذ صراعا طبقيا في ضل الحكومات الرأسمالية.إن الحرب الوحيدة والنهائية التي يجب أن يخوضها العمال كعمال هي ليست طائفية أو إقليمية ووطنية .أنها حرب من اجل تامين حياتهم عبر قوانين تضمن السلام والخبز والحرية,ولن يتحقق هذا إلى أن يكونوا هم السلطة الفعلية أو يدخلون عبر تنظيمهم السياسي لتغيير توازن القوى كي يفرضوا السلام والقوانين الضامنة لحياتهم والتي تليق بالتطورات الجارية وأشكالها العلمية بدلا من الحرمان والموت والوجع الحتمي الذي أصبح وكأنه قدر حتمي يستخدمه الأثرياء السياسيين ووكلاء الشركات النهابة العالمية والمحلية وفي سبيل تراكم الثروة عند كل أولئك يجب إن نستشهد ونخوض حروبا بالنيابة, تصب من اجل مصالحهم ويتوجوا حكاما على حساب جماجمنا وأراملنا وأيتامنا وبطولات وخرافات ووجع يتصدر مستقبل أطفالنا وطبقتنا.إن التنظيم الجماهيري الواسع وفق رؤيا وهدف واضحين هو تعبير وبديل عن الميل الفردي والتصوفي وهو وسيلة للخلاص من الاغتراب والعزلة والبحث عن حياة غير واقعية وغير حسية كما نشاهد كيف تساق الجماهير إلى العنف والموت والاستشهاد في سبيل قيم خارج ذاتها بل فرضت نتيجة الحراب وعبر إعادة نتاجها عن طريق المؤسسات الدينية والتربية والتعليم وهيمنة الطبقة الرأسمالية على كل مائدة الطبيعة وثروة قوة الطبقة العاملة.إن العمال وخاصة الشباب لديهم مسؤولية وجدانية وحياتية لخلق بدائل تبث البهجة بالنضال وعليها أن تدرس بدائلها الروحية الثورية ولا تقع فريسة للفاشية وحروبها.للهروب من الكبت والبطالة.إن الأحلام السعيدة والأماني لا تثمر بشكلها الفردي بل عبر تقاليد اجتماعية ومواجهة القيم المتلبدة والتي لم تعد تصلح للحياة الفكرية والعاطفية والاقتصادية.إن الحياة وخاصة في الشرق الأوسط مليئة بالخوف والكآبة والكراهية والاغتراب والتفكك مما يجعلنا عرضة لكل الحروب والمشاكل التي تختلقها سياسات الربح والهيمنة وخاصة المغلفة والمحبوكة بشكل ديني ومقدس لا يقبل النقد والتحليل.