الارهاب الوهابى من المطرية الى بوسطون


أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن - العدد: 4763 - 2015 / 3 / 30 - 07:40
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

مقدمة : عشت فى حى المطرية بالقاهرة من عام 1976 الى أن تركت مصر كلها عام 2001. ولا زلت أحمل لها ذكريات أليمة ، وعشت فى مدينة بوسطن الأمريكية الرائعة عاما ( 2003 : 2004 ) ولا زلت أحمل لها ذكريا عطرة . والعامل المشترك بينهما هو الارهاب الوهابى . كيف ؟ أعطى بعض التفاصيل
أولا : المطرية / القاهرة : 2000 : 2001
1 ــ فى أوئل عام 2000 ، كان رواق إبن خلدون فى أوج إزدهاره ، وكأن أيضا مركز ابن خلدون أيضا فى أوج إزدهاره . الرواق كان ندوة اسبوعية أديرها تناقش فى جلسة مفتوحة كل القضايا الشائكة ، ويتكلم فيها أعلام من مصر والبلاد العربية ، وعلى هامش الرواق أقيمت ندوات شهرية ( المنتدى الديبلوماسى ) الذى كنت أستضيف بعض السفراء والعاملين فى السفارات الأجنبية فى مصر. وحظيت جلسات الرواق وغيرها بحضور مكثف من الاعلام ومندوبى بعض السفارات ، وكان الرواق مُتنفسا لأحرار الشيعة المصريين وأهل القرآن ، وكان يحضره ويسجل جلساته عملاء أمن الدولة بطبيعة الحال . وصل مركز ابن خلدون الى أوج نشاطه فى مشروعى ( إصلاح التعليم فى مصر ) و ( تعليم المصريين حقوقهم الديمقراطية والانتخابية ). وكنت الشخصية الثانية بعد مدير المركز : د سعد الدين ابراهيم .
فى النهاية ضاق صدر الرئيس مبارك ، وصدر قرار باعتقال بعض أهل القرآن ممّن كانوا يحضرون الرواق فى أوائل عام 2000 ، ثم صدر الأمر بالقبض على د سعد الدين ابراهيم ومجموعة من العاملين بالمركز فى يونية 2000 . وصدرت الصحف تحمل نبأ القبض على د سعد ، وعلىّ أنا أيضا ، مع إنه لم يتم القبض علىّ . عشت من أوائل 2000 الى 16 اكتوبر 2001 أتوقع القبض علىّ فى أى وقت . كانت قوة من الشرطة تابعة لقسم المطرية ترابط أمام البيت الذى اسكن فيه ترقب حركاتى وتتأهب للقبض على عندما يأتيها الأمر . وكانت إتصالات أمن الدولة بتليفون بيتى تترى تتأكد من وجودى بشقتى . وعلمت أن إخوانى القرآنيين الذين قبضوا عليهم وعلى عائلاتهم يتعرضون للتعذيب الشديد لارغامهم على الاعتراف بإنكار فرائض الاسلام وأننى الذى أعلمهم هذا لسجنهم وسجنى بتهمة إزدراء الدين . عشت أياما بائسة كنت أُرغم نفسى على معايشة بحث عن المعارضة الوهابية السعودية لأخرج من عذاب القلق والرعب الذى يطاردنى .
2 ـ قبلها بعامين تقريبا ، كُنت قد تلقيت دعوة لحضور مؤتمر فى لندن عن مواجهة التطرف الوهابى ، كان مُنظم المؤتمر هو د . خالد دوران . حضرته ، وتعرفت بدكتور خالد كما تعرفت بشخصية حقوقية هناك هو المحامى الحقوقى الكندى اليكسندر آبيستين . تذكرتهما فى محنتى فأرسلت أستغيث بهما . أرسل لى المحامى آبستين بتوصية الى السفير الكندى لأحصل على تأشيرة ، وكنت وقتها قد حصلت فعلا على تأشيرة من السفارة الأمريكية . كان هناك مؤتمر سيعقد فى نيويورك عن السلام فى الشرق الأوسط ، وتوسط خالد دوران لتوجيه الدعوة لى ، وجاءت الدعوة شامله مصاريف التذكرة والاقامة طيلة عقد المؤتمر : الجمعة 19 اكتوبر : 22 اكتوبر . فى يوم الاحد بعث لى أحد الأخوة من أهل القرآن يخبرنى أنهم حققوا معه فى أمن الدولة وعرف منهم أنهم سيقبضون على يوم الأربعاء القادم ، بعد أن حصلوا على الاعترافات المطلوبة . أسرعت بالحجز والسفر يوم الثلاثاء 16 اكتوبر ، ولم أشعر بالأمان إلا عندما غادرت الطائرة المجال الجوى لمصر. تنهدت مستريحا وبكيت ..!
ثانيا : فى أمريكا
1 ـ قابلت د خالد دوران ود عبد الغنى بوشوار فى المؤتمر . وفى نهاية المؤتمر قلت لهما : كل منكم سيرجع لبيته فماذا أنا فاعل ؟ ومعى كتبى وأوراقى ومؤلفاتى المخطوطة ولا أعرف مكانا أقيم فيه ؟.
2 ــ أكرمه الله جل وعلا د خالد دوران إتفق مع محامى حقوقى متخصص فى قضايا الهجرة هو د :ايرفنج بتسربرج ، وقابلته فى واشنطن واتفقنا على أن يتولى قضيتى ، واقمت فترة فى بيت د خالد دوران الى أن تمكن د عبد الغنى بوشوار من الحصول على إذن من بعض الشباب من شمال أفريقيا لأقيم معهم بأجر ثلاث اسابيع ريثما أتمكن من العثور على مسكن . وأقمت معهم . وظللت أبحث عن غرفة أقيم فيها ، وبنصيحة د بوشوار ذهبت الى أكبر مسجد فى ولاية فرجينيا ( دار الهجرة ) لأكتب ورقة إعلان عن غرفة أقيم فيها . وبسرعة عثرت على مكان فى شقة يقيم فيها مصرى ، فانتقلت الى الاقامة معه ، وظللت فى شقته عامين الى أن لحقت بى زوجتى وابنى منير أصغر أولادى فانتقلت بهم الى بوسطن ، لتبدا فترة عام هام من حياتى فى أمريكا .
3 ــ فى تلك الفترة فى أمريكا إصطدمت بحقيقتين غيّرتا من ثقافتى المتوارثة من مصر . كنت هاربا من جحيم التطرف الوهابى والنفوذ السعودى فى مصر ، حيث كانت المطرية التى أعيش فيها مركزا اساسا للوهابية ولا تزال ، وحول سكنى كانت هناك أربعة مساجد وهابية تنطلق أحيانا باللعن فى شخصى ، وكان المتطرفون أحيانا يقومون باستعراض قوة أمام مسكنى لارهابى ، وهم آمنون من الشرطة بينما أعيش أنا بين ارهاب المتطرفين وارهاب الشرطة معا . ثم كان السفير السعودى هو الذى يتولى ملف أهل القرآن ويرشى أمن الدولة لاضطهادنا ، ويسلط أعوانه من الشيوخ والاعلاميين لاغتيالنا معنويا . جئت هاربا من جحيم الوهابية فى مصر لأجده أمامى فى أمريكا . فوجئت به فى أكبر مسجد فى فرجينيا ( دار الهجرة ) . ثم فوجئت به ايضا فى بوسطن .
4 ــ هذه الحقيقة المُرعبة قابلتها حقيقة أخرى لم أكن أتوقعها ، وكانت مخالفة للثقافة التى نشأت عليها ، وهى كراهية اليهود . فوجئت بأن أنبل البشر الذين أتعامل معهم فى أمريكا هم من اليهود . كنت أكتشف هذا لاحقا فأندهش من غسيل المُخ الذى عشت فيه فى مصر . هذا وأنا مثقف ومفكر اسلامى ، فكيف بغيرى ؟ إكتشفت أن اليكسندر آبيستين يهودى الديانة . وهو من أعظم من قابلتهم فى حياتى . هذا الانسان النبيل جاء من تورنتو كندا ليقابلنى فى واشنطن ، وتوسط لى فى مؤسسة ( NED ): الوقفية الأمريكية للديمقراطية ) فحصلت على منحة ثلاثة أشهر بمبلغ 165000 دولار بالاضافة الى تأمين صحى بالآلاف ، ووقتها كنت أعيش على أريكة فى صالة شقة متواضعة أحصر تكاليف معيشتى فى حدود سبع دولارات اسبوعيا . تغير هذا بفضل المحامى اليهودى النبيل اليكسندر آبستين .
5 ــ ومن خلال مؤسسة ( NED ) وبتوصية منها حصلت على منحة أخرى فى جامعة هارفارد فى بوسطن لأقدم لهم بحثا عن اصلاح التعليم فى المدارس الاسلامية فى أمريكا . جاءت هذه المنحة من مؤسسة ( Scholars at risk ) التى تساعد العلماء والمفكرين المضطهدين . وفى المؤتمر الذى إستضافونى فيه فوجئت بأن القائمين عليهم غالبيتهم العظمى من اليهود.!. وقد تكلمت أمامهم عن تجربة إضطهادى ومعاناتى فى مصر فكان التأثر عظيما ، وبعدها سنوات قابلت بعضهم فكان يذكرننى بعبارات مما قلته وقتئذ .
6 ــ المفاجأة الكبرى فى المحامى ايرفنج بتسربرج ، وهو فعلا من أعظم البشر الذين عرفتهم ، وعلمت فيما بعد أنه يهودى حقوقى ، ولا تدانيه فى عظمته الانسانية سوى زوجته فرجينيا الكاثولوكية . أذهلتنى عظمتهما الانسانية وهما يتعاملان معى ومع غيرى من أصحاب قضايا اللجوء السياسى فى نُبل هائل . وصارا معا أسرة لنا فى أمريكا، وبعد قدوم زوجتى وأولادى لا يزالان عندنا من أروع من قابلناهم فى مشوار حياتنا . أفضالهم علينا لا يكفى فيها مقال أو حتى كتاب . أكرمهما الله جل وعلا.
7 ـ بعد الموافقة الرسمية على لجوئى السياسى لأمريكا نجحت فى الحصول على الموافقة على استقدام زوجتى وأولادى القُصّر ( منير ، سامح وحسام ). جاءت زوجتى أولا ومعها منير الذى كان وقتها فى الحادية عشر من عمره وتأخر حسام وسامح عدة أشهر ثم لحقا بنا ونحن فى بوسطن .
8 ــ من رحمة الله جل وعلا أنه فى الوقت الذى جاءت فيه الموافقة على زوجتى ومنير جاءت أيضا الموافقة على منحة العمل لمدة عام فى جامعة هارفارد ، وطلبت من زوجتى أن تحجز بسرعة وأن تأتى الى فرجينيا ، وفى يوم واحد سافرت الى بوسطن وأستلمت عملى فى هافارد واستأجرت طابقا فى بيت فى بوسطن بمساعدة د . مارلين تادرس أكرمها الله جل وعلا ، وعدت لأستقبل زوجتى وابنى الأصغر فى مطار واشنطن الدولى ، وركبنا القطار من واشنطن الى بوسطن . حيث قضينا عاما هناك .
ثالثا : فى بوسطن
1 ـ تجدّدت نفس المفاجأتان فى بوسطن ، عن الوهابية وعن اليهود .
2 ــ فى نفس حجرة المكتب الذى كنت أعمل فيه فى هارفارد كان زميلى يهودى إسرائيلى من تل ابيب ، وحصل مثلى على منحة أيضا . وسرعان ما تصادقنا . كنت وقتها قد إستأجرت السكن ( على البلاط ) ونحتاج الى أثاث . وسألته من أين أشترى أثاثا مستعملا نقضى عليه هذا العام . فوعد بأن يُحضر لى بعض الأثاث . أخبرت زوجتى فأصابها الرعب ، كيف أعطى هذا الاسرائيلى عنوانى ؟ سيقتلنا بلا شك .!! . فشلت فى إقناعها بنُبله وحُسن أخلاقه وكرمه . حين جاء موعد قدومه بالأثاث دخلت زوجتى غرفة وأغلقتها على نفسها حتى لا تراه . وجاء صديقى زميلى الاسرائيلى ومعه صديق له ــ يهودى أيضا ــ ينوءان بحمل أثاث وهما يسيران على سُلّم ضيق متعرج ليصعدا به الى الدور الثالث الذى أقيم فيه . ورفضا بشدة ان اساعدهما ، وظلا يعملان حتى تم فرش الأثاث ، وغادرا رافضين حتى شرب الشاى . كان درسا رائعا لزوجتى ، ورأيت أثره بعده بعامين ، حين إستضفنا سيدة إسرائيلية فى شقتنا فى فرجينيا ، وكانت زوجتى غاية فى السعادة باستضافتها.
3 ــ من الناحية الأخرى كانت مفاجأة أخرى قاسية تنتظرنا فى بوسطن . بوسطن مشهورة بأنها ( العقل الأمريكى ). هى مدينة التحرر العقلى والفكرى وفيها أشهر الجامعات . كنت أتوقع أن تكون الجالية المسلمة فيها بنفس تفتُّح بوسطن ومختلفة عن ولاية فرجينيا ، الى أن حدث موقف لا أنساه . كنا نسير فى شارع فى وسط المدينة ومعى زوجتى . غربت الشمس ، وأردنا أن نصلى المغرب . سألت عن مسجد ودلونى على مسجد قريب . كان مسجدا صغيرا يتميز بلون أخضر مميز ، ويبدو واضحا من بعيد . خفق قلبى بشدة فسأصلى فى مسجد حقيقى بعد سنوات طويلة من الصلاة معتزلا فى بيتى . دخلت المسجد متشوقا . كان يتكون من دورين ، الأرضى مصلاة للسيدات ، دخلته زوجتى بينما صعدت الى الدور الأعلى للرجال ، وفيه دورة المياه للوضوء وبجانبها غرفة مكتب مفتوحة على مصراعيها ينتظر فيها من يريد الوضوء . جالت عيناى فى المكان ففوجئت بالاعلانات والشعارات التى تغطّى جدران المكتب وكلها بالعربية ، وكلها تحمل لعن أمريكا والمسيحية واليهود ، وشعارات الجهاد ضدهم ،والاشادة بكبار الارهابيين بما يؤكد أننى دخلت فى وكر للوهابية الارهابية . فى لمحة طافت بعقلى ذكريات الوهابية فى المطرية ومصر ومساجدها ، ومحاولات الاغتيالات التى تعرضت لها فى مساجدهم حين كانوا يدعوننى للمناظرة . وادركت أنى فى خطر حقيقى ، فوجهى معروف لأئمة الوهابية ، وإسمى معروف لهم. أسرعت بالصلاة ، ونزلت سريعا أستعجل خروج زوجتى ، وأثناء الانتظار سمعت الدرس الذى يلقيه الشيخ على النساء ، وكله تعصب وهابى مقيت . خرجنا من هذا المسجد ، مع العزم ألّا ندخل هذا الشارع مرة أخرى.
4 ــ خلال هذا العام فى هارفارد حاولت الحصول على وظيفة فى أحد أقسام الدراسات الاسلامية والعربية والشرق أوسطية . كانت هناك وظائف كثيرة ، وبعضها لا يصلح لها غيرى ، مثل وظيفة فى التاريخ الاسلامى ، وأخرى فى التفسير والحديث . وقابلت القائمين على الأمر ، وعرفت إستحالة أن أجد عملا هناك لأنها ( منح ) مدفوعة تكاليفها المالية من الوهابيين فى الخليج . أكثر من هذا فإن المنحة التى حصلت عليها فى برنامج ( حقوق الانسان ) فى نفس الطابق الذى يحتله مركز الشريعة الاسلامية الذى أنشأه الملك فهد بإسمه داخل ( Harvard Law School ) ، وقابلت مدير ( كرسى الملك فهد للشريعة الاسلامية ) وهو مستشرق أمريكى من أصل ألمانى ، إعتاد زيارة السعودية عدة مرات فى العام ، وفى أحد لقاءاتى معه حضرها شخص سعودى واضح أنه من الأمن السعودى . وقدمت له بعض مؤلفاتى ، وقابلته بعدها . وإعترف لى هذا المستشرق بأننى الأعلم فى مجالات الفكر الاسلامى ، والوحيد الذى يحمل هذه المؤهلات فى أمريكا ، ولكنه فى نفس الوقت رفض أن يكتب توصية لى أحتاجها فى التقديم للحصول على وظيفة أكاديمية . وتفهمت موقفه .
5 ــ بالتمويل سيطرت الوهابية على الأقسام العربية والاسلامية فى هارفارد وغيرها . و فى أثناء البحث عن وظيفة جامعية تأكد لى سيطرة النفوذ الوهابى على أقسام اللغة العربية والدراسات الاسلامية فى الجامعات الأمريكية لتضمن عدم مناقشة الوهابية . وهكذا .. ففى الوقت الذى وقف الى جانبى مركز ( Scholar at Risk ) ، وقف ضدى النفوذ الوهابى فى أمريكا مثلما كان يطاردنى فى رزقى فى مصر .
6 ـ يأست من الحصول على وظيفة فى بوسطن وغيرها ، فعُدت الى فيرجينيا ، واقمت فيها ، حيث أسّست المركز العالمى للقرآن الكريم بمساعدة صديقى الحبيب إيرفنج وموقع ( أهل القرآن ). ثم جاءنى إيميل من أحد القادة المعروفين فى بوسطن . إنه الناشط ( تشارلز جيكوب ) . عرفت فيما بعد أنه من الحقوقيين المتخصصين فى مواجهة الاسترقاق فى أفريقيا والمدافعين عن المسلمين المضطهدين فى دارفور وغيرها . وأنه أيضا يهودى نبيل .!! شكى لى من أن الوهابيين حصلوا على أرض فى أهم منطقة فى بوسطن بمساعدة العمدة وحاكم الولاية ، وأنهم سينشئون فيها أكبر مسجد وهابى فى الساحل الشرقى الأمريكى . وأنهم فى مواجهة هذا الاتجاه الوهابى لأولئك القائمين على هذا المسجد فسيؤسسون منظمة باسم ( مواطنون مع السلام والتسامح ) ( Citizens for peace and tolerance ) تقودها ثلاث شخصيات : يهودية ومسيحية ومسلمة . وأنهم قد وقع إختيارهم علىّ كشخصية اسلامية . ورحبت بالانضمام اليهم .
7 ــ بعد الاعلان الهائل عن إفتتاح بناء هذا المسجد فى بوسطن عملت قناة فوكس الشهيرة تحقيقا عن القائمين عليه فاكتشفت أن وراءه الشيخ القرضاوى ، وان الشخصية المحورية فيه كانت أحد كبار الوهابيين الذين تم الحكم عليهم بالسجن بتهمة التآمر ، وبقية الأعضاء يحملون نفس الاتجاه المتطرف . ( وفيما بعد تم القبض على بعض أئمة وقادة هذا المسجد ودخلوا السجن بتهم ارهابية ). برنامج قناة فوكس أشعل الموضوع فقامت ضجة إعلامية فى بوسطن ضد القائمين على بناء هذا المسجد ، وشاركت فيها متحدثا فى الجرائد هناك وفى القنوات المحلية معلنا أننى لست ضد بناء المسجد ولست ضد القائمين عليه ولكننى ضد الوهابية التى يدعون اليها وأراها خطرا على الاسلام وخطرا على أمريكا أيضا . ورويت لهم تجربتى مع مسجدهم الصغير الذى دخلته فى بوسطن وإرتعبت مما هو مُعلن فيه . وطالبت ان يكون المسجد مفتوحا لجميع المسلمين من سنيين وشيعة واحمدية وصوفية وقرآنيين ليعبر عن سماحة الاسلام وأيضا عن القيم الأمريكية فى التسامح وحرية الدين .
8 ــ ونجحت الحملة الى درجة أن القائمين على هذا المسجد الوهابى رفعوا ضدنا قضية يتهموننا فيها بالتشهير وبالتآمر عليهم . كنت ضمن المدعى عليهم ومن بينهم قناة فوكس وشخصيات من بوسطن . وتم توكيل محامى عنّا . وفى أول لقاء لى مع المحامى سألته السؤال الذى كان يؤرقنى وقتها : هل لو أثبتوا علينا التهمة سيدخلوننى السجن ؟ .! .أن مفكرا قليل الحيلة مثلى عندما يدخل السجن يظل السجن فى داخله لا يخرج منه أبدا ، ولا أريد بعد تجربة السجن المصرى أن ادخل أى سجن حتى لو كان أمريكيا . وطمأننى المحامى أنها قضية مدنية لا سجن فيها بل تعويض مادى . وتذكرت المثل المصرى ( إيش ياخد الريح من البلاط ).
فى تداول القضية كانوا يتهموننى أننى آخذ أموالا من منظمة ( مواطنون مع السلام والتسامح ) ( Citizens for peace and tolerance ) للمشاركة فى حملتهم ، وهذا غير صحيح بالمرة . وقدم محامينا كل الوثائق المؤكدة لذلك . وفى المقابل طلب أن يطّلع على وثائقهم ، وهذا يعنى كشف المستور من تمويلاتهم . عندها طلبوا إسقاط الدعوى .!!
5 ـ فى تفجيرات المارثون الأخيرة فى بوسطون قالت صديقة أحد المتهمين أنه كان شابا عاديا ثم حدث له تحول هائل عندما إرتاد مسجد بوسطن . هذا يذكرنى بجريمة وقعت عام 2003 تقريبا ورددتها الصحف الأمريكية ونقلتها فى حينه جريدة الشرق الأوسط السعودية اللندنية . عن شابين من المغرب يعيشان سويا فى كاليفورنيا ، أحدهما مسلم والآخر يهودى . كان صديقين ، ثم إلتحق الشاب المسلم بمسجد وهابى فانتهى به الأمر الى قتل صديقه الساكن معه معتبرا ذلك جهادا .!!
أخيرا
1 ـ عندما أتذكر معاناتى فى حىّ المطرية يخفق قلبى خوفا على بوسطن . عندما كنت فى المطرية لم تكن هناك مشكلة بين أولئك السلفيين الوهابيين والأمن ، واتفق الجميع على إضطهادى . الآن تحولت المطرية الى قلعة حربية للارهابيين ، والمعارك بينهم وبين الأمن مستمرة منذ أكثر من عام بعد خلع الرئيس السابق مرسى . السلفيون فى بوسطن لم يتمكنوا من ارهابى إلا بدعوى قضائية أسرعوا بسحبها . ولا يزالون دورهم فى نشر الوهابية الارهابية باسم الاسلام ، والاسلام منهم برىء . المؤسف أنه لا يلتفت الى خطرهم من يهمهم الأمر .
2 ـ وفى مصر وفى أمريكا قلت ولا زلت أقول إن السبيل الوحيد السلمى هو مواجهة الارهابيين بحرب فكرية من داخل الاسلام نفسه كما نفعل نحن أهل القرآن . هذا غير مسموح به فى مصر الخاضعة للنفوذ السعودى . وهذا أيضا متعذر فى أمريكا بسبب التمويل السعودى فى أمريكا .
3 ـ لا يزال قلبى يخفق خوفا على بوسطن الحبيبة . لها ولأهلها الكرام منى السلام .