ماذا بعد اضراب 29 اكتوبر؟


عبد السلام أديب
الحوار المتمدن - العدد: 4734 - 2015 / 2 / 28 - 05:44
المحور: الحركة العمالية والنقابية     

أجرت مجلة تحرريات حوارا صحفيا مع عبد السلام أديب بتاريخ 3 فبراير 2015 تحت عنوان وماذا بعد اضراب 29 أكتوبر 2014، وقد جاء الحوار كما يلي:

مقدمة: عرف يوم 29 اكتوبر من السنة الماضية تنظيم اضراب عام "انذاري" ضد السياسات الحكومية اتجاه الشغيلة واتجاه المنظمات النقابية. الحدث اعتبر الاول من نوعه على الاقل من حيث الشكل. فلأول مرة تحظى الدعوة الى الاضراب العام بإجماع كل التنظيمات النقابية (باستثناء نقابة حزب رئيس الحكومة). علما ان الحركة النقابية المغربية منقسمة تاريخيا وقد عمق الهجوم خلال العشرين سنة الاخيرة من انقساماتها. ورغم وضعية الانقسام والهشاشة وضعف مصداقية القيادات، فان الاستعداد النضالي في صفوف القواعد كان مهما رغم تفاوت نسبة المشاركة في الاضراب حسب القطاعات والمدن .

ظاهريا، حاولت السلطة الحاكمة الظهور بمظهر الحياد في الصراع بين الحركة النقابية والحكومة، لكن عمليا وقفت السلطة موقفا متجاهلا للإضراب العام (هل يمكن تصور رئيس دولة مسؤول حسب الدستور عن الامن والاستقرار ان يتجاهل اضراب عام حضي بدعم كل القوى الحية بالبلد؟).

الحكومة، لم تكتفي باتهام النقابات بخدمة اجندة سياسية ، بل صرح رئيسها عشية الاضراب العام بان الحكومة ماضية في تطبيق سياستها (تجميد الأجور تفكيك صندوق المقاصة، الاصلاح المضاد لنظام التقاعد، تخفيض النفقات والاستثمارات العمومية، تسريع الخوصصة ......) وقد جاء قانون المالية لسنة 2015 لتكثيف نفس السياسات.

اما قيادات المركزيات النقابية (ا.م.ش-ك.د.ش-ف.د.ش) فرغم خطاب التهديد فانه لم يصدر عنها ما يفيد رغبتها في اعطاء الاضراب العام الانداري .... ويبدو ان كل هدفها هو اطلاق دورة جديدة من مسلسل "الحوار الاجتماعي " الذي تسوقه القيادات النقابية على انه انتصار على الحكومة ، يقابله تعنت من قبل الحكومة وحرص على تكريس الحوار الاجتماعي كآلية لإضفاء الشرعية على الاصلاحات وليس كآلية للتفاوض. ويبدو ان استجابة قيادات المركزيات النقابية لدعوة رئيس الحكومة بعقد اول جلسة حوار بعد الاضراب العام على قاعدة جدول اعمال يتمحور حول اصلاح نظام التقاعد وليس حول تلبية المذكرة المطلبية لإضراب 29 اكتوبر، مؤشر على استعداد قيادات هذه المركزيات على التنكر لمطالب الاضراب العام تماما كما تنكرت في السابق لمطالب حركة 20 فبراير.

خارج الحقل النقابي تجري عدة نضالات اجتماعية وشعبية (الطلبة والمعطلين وسكان الاحياء الشعبية) على قاعدة مطالب اقتصادية واجتماعية غير قابلة للاحتواء من قبل الية الحوار الاجتماعي (الشغل، تدهور القدرة الشرائية نتيجة ارتفاع الاسعار، تدهور شروط العيش جراء سياسة تدمير الخدمات العمومية والتهميش.....). على قاعدة هذه المطالب تنخرط تدريجيا فئات وشرائح من الشغيلة غير منظمة من قبل التنظيمات التقليدية ولا تحظى باهتمامها.

في هذا السياق ، يكتسي النقاش حول اشكال النضال الجماهيري ومن ضمنها الاضراب العام ودور التيارات التقدمية ومن بينها التيارات النقابية اهمية خاصة وحاسمة. الاشكال يمكن تركيزه في سؤال ما العمل لاستعادة النضال النقابي كسلاح في خذمة العمال والطبقات الشعبية بشكل عام؟ هذا هو موضوع حوارنا مع مناضلين نقابيين وسياسيين باختلاف انتماءاتهم وتوجهاتهم .

٭-;-٭-;-٭-;-٭-;-٭-;-٭-;-٭-;-٭-;-٭-;-٭-;-
• بداية ما هو تفسيركم للوحدة النقابية التي رافقت الاضراب العام ليوم 29 اكتوبر، وهل يمكن ان تشكل رافعة لبناء وحدة نقابية دائمة؟

•• لم تكن في اعتقادي وحدة نقابية بالمعنى الصحيح للكلمة بقدر ما كانت تسارعا من قبل حوالي 29 نقابة للإعلان عن الاضراب في نفس اليوم الذي اختارته الكونفدرالية الديموقراطية للشغل، وهذه الاخيرة اختارت هذا اليوم بدلا عن 30 أكتوبر، نظرا لما لهذا اليوم الاخير من رمزية وهي ذكرى اختطاف الشهيد المهدي بنبركة وكذلك حتى لا تضطر للظهور بمظهر الالتحاق البسيط بإضراب الاتحاد المغربي للشغل – التوجه الديموقراطي والمصحوب بمسيرة وطنية للاتحاد النقابي للموظفين والموظفات والمعلن عنه منذ 27 شتنبر 2014 (انها عقلية البرجوازية الصغرى المغرورة بذاتها).

إذن فمجموع النقابات الملتحقة بالإضراب الوطني العام ليوم 29 أكتوبر كان اضطراريا نظرا للتخاذل النقابي الكبير الذي طبع سيرورة المركزيات النقابية في علاقتها مع الحكومة منذ اتفاق 26 أبريل 2011، وهو الاتفاق الذي لم تعرف بنودا كثيرة منه طريقها للتطبيق، وأيضا نظرا للضربات الحكومية المتوالية للنضال النقابي خاصة منها اللجوء الى الاقتطاع من الاجور بسبب المشاركة في الاضراب، وأيضا تراكم اندحار الطبقة العاملة امام حزمة السياسات الحكومية الرامية لمعالجة الأزمة على كاهلها مقابل الصمت النقابي المتواطئ مع هذه السياسات، علما أن مختلف النقابات تشكل أذيالا لأحزاب سياسية معينة وتأتمر بأوامر بيروقراطياتها السياسية الاصلاحية أو التحريفية، باستثناء بيروقراطية الاتحاد المغربي للشغل التي تدعي الحياد بينما تعتبر متوافقة تمام التوافق مع الاجندة الحكومية خاصة وأن بعض مكونات الحكومة السياسية توجد ضمن بيروقراطيتها(حزب التقدم والاشتراكية). وقد لعبت هذه البيروقراطيات دورا خسيسا عندما لجأت في الخامس من شهر مارس من سنة 2012 تحت ضغط الطبقة الحاكمة الى استئصال خيرة المناضلين النقابيين الكفاحيين خوفا من دفعهم للصراع الطبقي للطبقة العاملة نحو نقطة اللاعودة.

إذن فما حدث خلال الاضراب العام الوطني ليوم 29 أكتوبر كان ضروريا بالنسبة للنقابات المشاركة من اجل استعادة ثقة الطبقة العاملة والظهور أمامها بمظهر المدافع عن مصالحها المادية والمعنوية (ولو صوريا) خصوصا وأن انتخابات مناديب العمال أصبحت على مرمى حجر في الأسبوع الاول من شهر يونيو من سنة 2015. وما يؤكد هذا الطرح هو تبخر كل ارادة لمتابعة نتائج الاضراب أو التهديد بالرد على تجاهل الحكومة للنقابات بل والى لجوئها الى الاقتطاع من أجور المضربين.

من جانب آخر، حتى وان كانت النقابات تبحث فقط عن عذرية مصطنعة من خلال دعوتها الى الاضراب الوحدوي المذكور، فإن مسار الوعي الطبقي وسط الطبقة العاملة يتأكد أكثر، فهذه الطبقة التي تخضع للاستغلال والاضطهاد والتسريحات الفردية والجماعية والاضطرار للعمل في ظروف تنعدم فيها كليا شروط العمل وحيث ان متوسط العمر وسط الطبقة العاملة لا يتجاوز سن الخمسين، أصبحت متأكدة من أن البيروقراطيات النقابية تشكل جزءا من التحالف الطبقي الحاكم وأصبحت شبيهة بالباطرونا التي تضطهدها. وهذه البيروقراطيات وإن كانت تتواجد وسط الطبقة العاملة الا أنها تنتصر للبرامج التي تخدم مصالح الباطرونا أكثر مما تنتصر لمصالحها.

فاليوم لا يتجاوز عدد العمال المنقبين في كافة المركزيات النقابية حوالي 32 نقابة ما بين 5 الى 7 في المائة فقط، وهي نسبة تشكل فقط ما بين 550,000 الى مليون عامل وعاملة من بين حوالي 11 مليون كادح. فعزوف الطبقة العاملة عن التنقيب يعتبر حصول مستوى أعلى من الوعي الطبقي، بل دفع هذا الواقع الى للجوء عمال العديد من القطاعات الانتاجية الى الاضرابات والاحتجاجات المستقلة (أي من دون تأطير من قبل الاحزاب والنقابات) والمشاركة في التظاهرات الشعبية المناهضة للسياسات الحكومية من قبيل تنسيقيات مناهضة الغلاء وحركة 20 فبراير وقد شاهدنا مثل هذه التظاهرات المستقلة في عدد من المناطق والجبال المهمشة في غياب تام للطبقة السياسية أو النقابية. فالصراع الطبقي أصبح يشكل في المغرب نتيجة هذا التناقض والوعي المنبثق عنه معطا موضوعيا يفتقد فقط لقياداته الجذرية الطليعية الموحدة.

• ما هو تقييمكم لإضراب 29 اكتوبر، خاصة من زاوية اشكال التعبئة وحجم المشاركة القطاعية وتأثير الاضراب العام في الاوساط الشعبية؟

•• لقد كان مستوى التعبئة ضعيفا جدا إن لم يكن منعدما، فقد قمت شخصيا بمدينة الرباط بتوزيع مناشير الدعوة الى الاضراب في عدد من الاحياء الصناعية طيلة اسبوعين، وكان العمال والعاملات يخبروننا أنه باستثناء التوجه النقابي الديموقراطي، فلم يزرهم أحد بمثل تلك المناشير. بل حتى في الوزارات وبين الموظفين لم تكن هناك تعبئة بالبتة مقارنة مع ما يحدث حاليا من محاولة استمالة الموظفين لربح "معركة انتخابات اللجان متساوية الاعضاء". فلقد اكتفت النقابات بمدينة الرباط في مجال الاخبار بالإضراب العام عبر الجرائد الوطنية. ولذلك لم تتجاوز نسبة الاضراب بهذه المدينة نسبة 40 في المائة. ورغم نسبة المشاركة الوطنية في الاضراب العام المعلن عنها والتي وصلت الى 85 في المائة، إلا أن تتبع الرأي العام الشعبي لهذا الاضراب كان باهتا، ولم تسجل اية تعبيرات عن السخط الشعبي انطلاقا من فقدان الثقة والهوة الشاسعة التي أصبحت تفصل بين القوى السياسية والنقابية وعموم الكادحين. وقد تأكد هذا الانفصال القوي بعد لجوء الحكومة الى الاقتطاع من أجور المضربين والذي لم يلق أدنى اهتمام من قبل الاحزاب والنقابات، كما لو أنها متواطئة مع الحكومة.

• ركزت قيادات المركزيات النقابية خلال الاضراب العام هجومها على الحكومة اكثر من تركيزها على السياسات الاقتصادية والاجتماعية المسببة لهذا التدهور الاجتماعي. وكما تعلمون ويعرف الجميع في المغرب ان القرارات الاقتصادية الكبرى، ليست بيد الحكومة، بل هي قرارات مرتبطة بأجندة المجموعات الاقتصادية المسيطرة والمؤسسات المالية الدولية وتوصيات منظمة التجارة العالمية. ما هي في نظركم الخلفية السياسية المتحكمة في تحميل الحكومة لوحدها مسؤولية السياسات اللاشعبية المطبقة على المغاربة ؟ الا يخفي ذلك مناورة جديدة لإعفاء مراكز القرار الفعلية من المسؤولية وتحميلها الى اعوان التنفيذ الذي يمكن تغييرهم وعزلهم متى تبين لأولياء الامور انتهاء بمدة صلاحياتهم؟ كيف ينبغي في نظركم التوفيق بين نقد الحكومة وتحميل الحاكم مسؤولية فشل حكومته؟

•• ملاحظتكم تعتبر ذكية جدا، وهي تؤكد أن الطبقة الحاكمة، أغلبية ومعارضة، يمينيون ويساريون برجوازيون، مشاركون جميعا في مسرحية هزلية لتشويه فكر الطبقة العاملة وابعاده عن ادراك حقيقة الازمة ومواجهة السياسات الاقتصادية والاجتماعية لتذبير الازمة على كاهل الطبقة العاملة. فمنذ مسرحية معركة شباط-بنكيران والحمير الثلاثة كان لافتا للانتباه تأكيد الطرفين على ايجابية نفس سياسات تذبير الازمة المتبعة والمملاة من طرف الدوائر المالية الامبريالية العالمية، وان الخلاف القائم بين الطرفين هو حول مدى سرعة تنفيذها. فحتى الاقتطاع من أجور المضربين كان شباط وهو خارج الحكومة يثمن هذا الاجراء. إذن فكما جاء في ملاحظتكم فإن مسرحية الطبقة الحاكمة بما فيها مسرحية الاضراب العام هي من أجل التهدئة ولفت انتباه الطبقة العاملة بعيدا عن مؤامراتها الاقتصادية والاجتماعية وفي مقدمتها مشروع اصلاح أنظمة التقاعد.


• من خلال تقاريرينا حول الاضراب العام، يبدو ان المراكز والقطاعات الحيوية في الاقتصاد لم تتضرر ( معامل مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط، النقل البحري والجوي، القطاع البنكي والمالي) بالإضافة الى قسم واسع من شركات القطاع الخاص خاصة في قطاع الفلاحة التصديرية. الا تعتقدون ان تصريحات وتقييمات القيادات النقابية حول النجاح الباهر للإضراب العام هو تقييم مخادع ويخفي احد الشروط الضرورية لنجاح أي اضراب عام الا وهو شل الحياة الاقتصادية في البلد؟ وكيف تتصورن تحقيق هذا الشرط في الواقع المغربي؟

•• الاضراب العام الوطني لم يكن عاما ولا وطنيا، بل كان كذلك فقط بالاسم، على الرغم من توقف عمال بعض الموانئ وبعض خطوط الحافلات وتوقف مؤقت للترامواي بالرباط والدار البيضاء اضافة الى اضرابات عدد من القطاعات نسبيا الا أنه كان بعيدا تمام البعد عن مشاهد الاضراب العام كما عشناه في 20 يونيو 1981 أو 14 دجنبر 1990 . فقد كان الجميع يشعر كما لو أن هذا الاضراب كان مرغوبا فيه وتحت الطلب لتهدئة الصراع الطبقي اليومي وسط الطبقة العاملة وتنفيسا له استعدادا للمزيد من الاجراءات اللاشعبية التي لم تتوقف حكومة بنكيران عن اتخاذها منذ تنصيبها في 25 نونبر 2011.

إن الوصول الى الاضراب العام في الواقع المغربي يقتضي شروطا لم تتوفر بعد وسط الطبقة العاملة، فرغم سيرورة الصراع الطبقي كشرط موضوعي لتطور الوعي الطبقي، الا ان هذا الصراع الطبقي يفتقد للمناضلين النقابيين الميدانيين القادرين على مراكمة النضالات اليومية الى مستوى الانتقال النوعي نحو مرحلة أعلى تتحقق فيها وحدة الشكل والمضمون، أي وحدة التنظيم العمالي مع تسييس المطالب الاقتصادية العمالية، ومواجهة مباشرة في نفس الوقت للبيروقراطيين والتحريفيين والانتهازيين وسط الطبقة العاملة من أجل القضاء على نمط التفكير البرجوازي الصغير. فبدون هذه النقلة النوعية الصعبة طبعا لا يمكن كسب الأغلبية العمالية الحاسمة القادرة على جر كافة القطاعات الشغلية الأخرى للمشاركة في الاضراب العام حتى وان دعت الى هذا الاضراب العام احدى النقابات البيروقراطية. فالشرط الذاتي إذن يبقى غائبا رغم حضور الشرط الموضوعي، لذلك نرى حكومة بنكيران مستمرة في تطبيق بنود سياساتها اللاديموقراطية اللاشعبية اللاوطنية، بمباركة غير مباشرة من طرف الاحزاب والنقابات البرجوازية المتنافسة على كيفية تطبيق نفس السياسات.

• من خلال تقييمنا للمطالب المتضمنة في مذكرة المركزيات النقابية تبين لنا ان التحقيق الفعلي لهذه المطالب يستدعي "اصلاحات هيكلية جذرية " تمس في نفس الان نظام توزيع الثروة ونظام ممارسة السلطة. فمن الصعب الاعتقاد بإمكانية تطبيق سياسات تلبي حاجيات الاغلبية الشعبية دون وجود سلطة منبثقة هي نفسها من هذه الاغلبية الشعبية. وهو ما يحيل الى علاقة الترابط بين المعركة النقابية والمعركة الديمقراطية بشكل عام في المغرب. السؤال الذي نود طرحه هنا هو تصوركم لأشكال التنسيق بين الحركة النقابية والحركات الاجتماعية والشعبية للتقدم نحو افق جبهة اجتماعية موحدة؟ وكيف يمكننا الدفاع عن هذا الافق في ظل هيمنة خط نقابي مهني وقطاعي فئوي وقيادات لا تستهدف تغيير موازين القوى الى مستوى المجتمع ككل؟

•• لقد استطاعت البرجوازية منذ نهاية القرن التاسع عشر أن تفصل بين ما هو سياسي وبين ما هو اقتصادي عبر الفصل بين المركزيات النقابية والأحزاب السياسية. وقد ظل دور البيروقراطيات النقابية يستهدف ابعاد الطبقة العاملة عن كل تسييس لمطالبها. وقد تزايد هذا الدور البيروقراطي أكثر وسط المركزيات النقابية بعد ثورة أكتوبر 1917، بل استطاعت الدولة البرجوازية تطوير أشكال هيمنتها على الدائرتين السياسية والنقابية مع المحافظة على الفصل القائم بينهما، وتمكنت من استغلال نمط التفكير البرجوازي الصغير وتحويله الى نظام لتخريب الوعي الطبقي العمالي وأيضا تخريب وتصفية التنظيمات العمالية الثورية، وبالتالي الاقتصار على مطالب اقتصادوية لا تتحقق جزئيا الا لكي تزداد تدهورا لصالح رأس المال.

لذلك فإن انخراط المناضلين النقابيين الجذريين في كافة النقابات بدون استثناء وسط الطبقة العاملة مع تجاهل تواجد البيروقراطيات التي لن تختفي بدون اختفاء النظام الذي انتجها وبالتالي ممارسة النضال النقابي والسياسي الواعي من خلال مراكمة الصراع الطبقي للانتقال به الى مستوى نوعي أعلى في طريق تحقق التحرر العمالي. فلن تتغير موازين القوى بدون كسب وعي الأغلبية العمالية الحاسمة وبدون قيادة التنظيم البروليتاري.

• هل يمكن في نظركم الدعوة الى اضراب عام ثاني من قبل قيادات المركزيات النقابية؟ وما ذا يجب عمله لتفادي ان يكون هذا الاضراب مجرد صورة طبق الاصل لما سبقه من اضرابات؟


•• لن تدعو القيادات المركزية النقابية الآن الى أي اضراب عام ثان، وإن فعلت فلن يكون أفضل من سابقه بل مجرد اضراب رمزي ليس الا. لكن القوى اليسارية الجذرية تستطيع تحويل أي اضراب عام صوري تدعوا اليه المركزيات النقابية، الى إضراب عام حقيقي ان كانوا قادرين على العمل بالاستراتيجية والتاكتيك البروليتاريين . أي من خلال مخططات نضالية ميدانية تستهدف مباشرة زيادة وعي الطبقة العاملة ودفعها الى المشاركة الواسعة في الاضراب العام لدفع الحكومة نحو التراجع عن سياساتها الطبقية العدوانية. لكن تحقق هذا الشرط الاخير صعب أيضا نظرا لتشردم الحاصل وسط اليسار الجذري والذي أصبح يضاهي الخط الفوضوي وهو ما يميز اليوم أوساط التحريفية والانتهازية الجديدة.