الثورة الوطنية الديمقراطية.. مفهوم حضوره رهن أداته وجماهيره


غازي الصوراني
الحوار المتمدن - العدد: 4721 - 2015 / 2 / 15 - 16:02
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية     

الثورة الوطنية الديمقراطية مفهوم يرتبط بتناقضات الصراع الطبقي والصراع الوطني ، فهي ثورة تحرر وطني مناضلة ومقاومة للوجود الامبريالي الصهيوني من اجل اجتثاثه من بلادنا.. وهي في نفس الزمان والمكان ثورة ديمقراطية ضد أنظمة الاستبداد والاستغلال والتبعية تستهدف اسقاطها ومواصلة النضال من اجل استكمال التحرر الوطني في الاقتصاد والسياسة والثقافة وكافة قضايا المجتمع برؤية طبقية تستهدف اساسا مصالح الشرائح الفقيرة وكل الكادحين المضطهدين ، فالثورة الوطنية أو الشعبية الديمقراطية - في اوضاعنا العربية الراهنة -هي الثورة التي تلتزم برؤية وبرامج تجسد مصالح واهداف العمال والفلاحين الفقراء وكافة الشرائح الجماهيرية الفقيرة والمضطهدة ، بقيادة الحزب الماركسي الثوري القادر على انجاز المهام الديمقراطية السياسية والاجتماعية والتنموية الاقتصادية وتكريس اسسها وبنيتها التحتية وقاعدتها الانتاجية ، وفي هذه المرحلة سيتمتع المجتمع بالمعاني الحقيقية للمساواة والديمقراطية طالما أن الجماهيرالشعبية تتحكم بشكل مباشر - عبر الحزب الماركسي الثوري - في إدارة شئون المجتمع، حيث سيكون التوسع المستمر في الإنتاج وتحقيق العدالة في التوزيع كفيلين بالقضاء على القاعدة المادية للراسمالية والاقتصاد الحر ولكل اشكال المنافسة والخوف والعوز تمهيدا للانتقال الى المجتمع الاشتراكي.
انها باختصار ثورة مناضلة ضد كل اشكال التبعية والتخلف والاستبداد ، وضد كافة قوى اليمين الليبرالي أو الاسلام السياسي ، فهي ثورة تستهدف تحقيق الاستقلال الوطني والسيادة الكاملة على الارض والموارد والتوزيع العادل للثروة والدخل ، وهي ايضا ثورة ضد القوى البورجوازية وكل مظاهر الاستبداد والافقار والاستغلال الرأسمالي ، وبالتالي فان قيادة الثورة يجب ان تتولاها الطبقات الشعبية الفقيرة من العمال والفلاحين الفقراء بقيادة احزاب يسارية ماركسية ثورية بما يضمن تطبيق اسس ومفاهيم الحداثة والديمقراطية والتقدم وفتح سبل التطور الصناعي والاقتصادي وفق قواعد التخطيط والتنمية المستقلة وتكافؤ الفرص وتحديد الحد الادنى للدخل الذي يضمن تأمين احتياجات اسرة العامل وتحديد الحد الاعلى للدخل بما لا يزيد عن ثلاثة اضعاف دخل العامل المنتج الى جانب تطوير الاوضاع الصحية والتأمينات الاجتماعية والثقافية للجماهير الشعبية وتحقيق مبادىء واليات العدالة الاجتماعية الثورية كما وترمي إلى القيام بتحولات طبقية /اجتماعية ثورية تضمن انهاء كل اشكال التبعية للامبريالية وانهاء هيمنة الكومبرادور والراسمالية الطفيلية واقتصاد السوق في المجتمع لحساب اقتصاد التسيير الذاتي والتعاوني والمختلط في اطار التنمية، وهذا يعني أن مهامها :
1. تصفية البنية الاقتصادية التابعة وتصفية البنية الاقتصادية الكومبرادورية وكافة الشرائح الاجتماعية التي تجسد التخلف الاقتصادي الاجتماعي والتي لها مصلحة في الابقاء عليه . والغاء سيطرة اقتصاد السوق في الميدان الاقتصادي وتطبيق البرامج العملية لانهاء الأمية ، وتطوير الصحة والتعليم والثقافة الديمقراطية الوطنية والقومية على قاعدة فصل الدين عن الدولة، وتوفير التأمينات الاجتماعية والصحية ومجانية التعليم للفقراء والمتميزين، وبناء الجيش الوطني وكافة المؤسسات الأخرى التي تخدم اهداف ومصالح الجماهير الفقيرة.
2. تصفية البنى اليمينية الليبرالية وبنى الاسلام السياسي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتقكيك وازاحة هيمنتها في البناء الفوقي ، وهذا يعني اعادة هيكلة وبناء مؤسسات الدولة قانونيا وسياسيا وثقافيا بما يتطابق مع المصالح الطبقية لجماهير الفقراء والكادحين في سياق العمل الدؤوب لالغاء كافة مظاهر التخلف الاقتصادي والاجتماعي والثقافي ، وعلى قاعدة العداء والنضال لاجتثات الوجود الامبريالي الصهيوني من بلادنا في اطار التحالف الاستراتيجي مع كافة الدول والشعوب والحركات المناضلة ضد كل اشكال السيطرة الامبريالية وحليفها الصهيوني وضد كافة انظمة التخلف والاستباداد والرجعية في بلادنا.
3. اعتماد تطبيق مبادىء التنمية المستقلة المعمدة على الذات : إقامة التعاونيات ، وتنشيط الصناعة الوطنية والزراعة والتجارة الداخلية واشراف الدولة على التجارة الخارجية

أخيراً ...إن الثورة الوطنية/ الشعبية الديمقراطية ترتكز إلى تحالف واسع من القوى السياسية الملتزمة بهذه الرؤية ، الى جانب التحالف الشعبي الذي يضم إلى جانب العمال والفلاحين الفقراء، الشريحة الفقيرة من (البورجوازية الصغيرة (حيث لا وجود للبورجوازية الوطنية في بلادنا ، وإن وجدت فهي مرتبطة بالبورجوازية (الكومبرادورية الكبيرة) ...وهنا بالضبط فان الثورة الوطنية أو الشعبية الديمقراطية هي مرحلة انتقالية صوب الاشتراكية .
وبالتالي فإن مراكمة عوامل ومقومات الثورة على انظمة التخلف والتبعية في الوطن العربي على رأس اولويات احزاب اليسار الماركسي في بلادنا.