البطالة افراز مباشر للسياسات الحكومية البرجوازية


عبد السلام أديب
الحوار المتمدن - العدد: 4716 - 2015 / 2 / 10 - 04:00
المحور: الادارة و الاقتصاد     

أجرى الصحفي بجريدة الأخبار حوارا مع عبد السلام أديب من خلال طرح ثلاث أسئلة حول ظهور مؤشرات جديدة لدى المندوبية السامية للتخطيط حول ازدياد البطالة في المغرب الى نسبة 9,9 %. وقد جاء الحوار كما يلي:


• ما هي المؤشرات التي تحملها ارقام المندوبية السامية للتخطيط حول تراجع سوق الشغل ؟

•• تراجع سوق الشغل وتزايد معدل البطالة "الرسمي" الى 9,9 % تعتبر نتيجة حتمية لحزمة السياسات التقشفية التي اعتمدها التحالف الحكومي بقيادة حزب العدالة والتنمية، فبمجرد تجميد التشغيل مقارنة مع عدد الوافدين الجدد على سوق الشغل سنويا يحدث ارتفاع عدد العاطلين سنويا. كما أن الغاء 15 مليار درهم سنة 2013 من ميزانية الاستثمار يعني تجميد العشرات من المشاريع العمومية بما يعني ذلك من تعطيل عمل المئات من الشركات المستوعبة لليد العاملة في هذه المشاريع وبالتالي الاستغناء عن الايدي العاملة الممكنة.
ثم تأثير سياسة التقشف على مداخيل الاسر وقدراتهم الشرائية في ظل ارتفاع كافة اسعار المحروقات والمنتجات والخدمات الاساسية يكرس ضعف السوق الداخلية عن تصريف الانتاج الزائد وبالتالي تباطؤ ان لم نقل توقف الآلة الانتاجية وهو ما يعني حدوث نزيف في الايدي العاملة مما يكرس ارتفاع معدلات البطالة.


• ما سبب هذا التراجع في التشغيل ؟

•• من الاسباب المباشرة لتراجع عملية التشغيل التناقض الصارخ بين قوى الانتاج المتطورة جدا وعلاقات الانتاج المتخلفة جدا. فلجوء المقاولات الرأسمالية الى تطوير اساليبها التكنولوجية من أجل تطوير الجودة من جهة وتقليص كلفة الانتاج يقابله العلاقة الاستغلالية التي تربط الباطرونا بالايدي العاملة حيث الاجور متدنية جدا في ظل غياب شروط العمل الجيدة، فهذا التناقض الاساسي يؤدي الى عدم قدرة كافة المداخيل الموزعة على استيعاب كافة المنتجات المتراكمة وبالتالي الى تراجع الانتاج وحدوث تسريحات فردية وجماعية للايدي العاملة.
كما تلعب المنافسة الحادة بين المقاولات دورا في تقليص عدد الايدي العاملة والتي تؤدي أيضا الى افلاسات كثيرة ينجم عنها تسريحات جماعية. كما ان انفتاح الاقتصاد المغربي على الخارج وخاصة ابرام العديد من الاتفاقيات التجارية والتبادل الحر مع ما يزيد عن 50 دولة منافسة للمغرب، أدى عمليا الى تحطيم الواردات الصناعية الرخيصة وذات الجودة العالية للمنتوجات المغربية غير القادرة على المنافسة وبالتالي اضطرارها الى الاقفال وتسريح الايدي العاملة.

ثم ان ضعف المداخيل الضريبية للدولة التي تراجعت نسبتها في ميزانية الدولة من 60 في المائة سنة 2013 إلى 58 في المائة سنة 2015 الى جانب ارتفاع حدة المديونيتين الداخلية والخارجية، يدفع الدولة الى تقليص الاستثمار العمومي المستوعب للأيدي العاملة وأيضا تقليص عدد المناصب العمومية في القطاع العمومي.

• كيف يمكن لتنامي نسبة العاطلين أن يؤثر على الجانب الاجتماعي والاقتصادي للمغرب ؟

•• ان أية نسبة اضافية من عدد العاطلين الا وتشكل نقصا في الطلب الكلي على المنتجات المحلية والمستوردة المتراكمة، وبالتالي الى حدوث ازمات دورية واقفالات متعددة وتسريحات جماعية. فتأثير تزايد جيوش من العاطلين المنعدمي المداخيل يصبح واضح على المستويين الاجتماعي والاقتصادي، بحيث يدخل الاقتصاد الوطني في حلقة مفرغة تتمثل في ضعف المداخيل نتيجة تزايد البطالة ونقص حاد في الاستهلاك وبالتالي الى ازمات انتاجية دورية تلقي بالمزيد من الايدي العاملة الى الشارع، وهو ما يكرس ضعف المداخيل وهكذا دواليك. وغير خاف مدى ما تختزنه هذه الحلقة المفرغة من تزايد الفقر والتهميش والتعاطي للانشطة غير المشروعة وتفاقم الفساد والارتشاء وكلها نتائج تقود الى تفكك المجتمع وانهيار القيم بين الناس.

إن مسؤولية السياسات الحكومية عن تفاقم البطالة تعتبر مسؤولية تابثة، خصوصا وانها لا تفيد في نهاية المطاف سوى مصالح الباطرونا على حساب الطبقة العاملة.