ملاحظات بلا غضب حول أدب العرب


أفنان القاسم
الحوار المتمدن - العدد: 4682 - 2015 / 1 / 4 - 13:51
المحور: الادب والفن     

أولاً
بعد انتشار الإيبوك، يتكلم الغرب اليوم عن نشر الكتاب كمهنة يجري دفنها في مقبرة المهن البائدة، بينما لا يتكلم أحد عندنا عن الكتاب، فكيف عن نشره؟ في كل مرحلة زمنية، تنبثق في الغرب أجيال من القراء والكُتّاب، وكذلك عندنا، في الغرب يصاحب الأجيال الجديدة الجديد من الأشكال، بينما الأشكال عندنا تبقى هي الأشكال.

ثانيًا
الأسباب عديدة عندنا، وأهم الأسباب استهداف الكُتّاب لنظر الناس، فكأنهم يقولون ها نحن، بدلاً من أن يقولوا ها هي كتابتنا، كما أقول –بكل تواضع- ها هي كتابتي، لأن كتابتي حريتي، وكتابتهم عبوديتهم.

ثالثًا
حرية الكتابة والكتابة الحرة وجهان لعملة واحدة معارِضة لنوعية البطولة السائدة في الكتابة عندنا، فللحرية أبطال عابرة لكل الأزمان، مؤثرة في كل الثقافات، والأبطال -كما أفهم- إخلاصها هو اللاإخلاص، وإذعانها هو اللاإذعان، وواجبها هو اللاواجب، معارِضة لانفعالات النفس، لرغبات الناس، لمراعاة التقاليد، لذاكرتنا الجينية، لمسار التاريخ، لروح الأمة، وعندنا لروح العروبة.

رابعًا
الكاتب الحق هو الكاتب الذي يتصرف مع أبطاله كطاغية، لا مع قرائه، كأولئك الذين خنقونا بأدبهم في حياتهم، ويحاولون خنقنا في مماتهم، فعلى الأدب لا الأديب أن يكون ادعاءً كاذبًا، على الأدب لا الأديب أن يكون حلمًا جانيًا، على الأدب لا الأديب أن يكون دستورًا جائرًا.

خامسًا
الكتابة أيًا كانت هي الفصل بين العالم القديم والعالم الجديد، وعندنا العالم الجديد هو قديم، قابل للتدمير، وعلى الرغم من ذلك يبقى واقفًا على قدميه، لمعجزات كثيرة أهمها المعجزات الدينية، معجزات تنتمي إلى الخيال العلمي للعصر الحديدي، اجتاحت حدود اللغة، وحالت دون حق اختيار الكاتب للا حدوده. والحال هذه، بدلاً من أن يكون استهجان ما يكتب الكاتب استهجان الرذيلة، كان الإعجاب مكافأة له في كابوس سرمدي لذيذ.


باريس الأحد 2015.01.04