ج1 ب1 ف 5 : طوائف الصوفية رافضو الإسلام فى القرن التاسع


أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن - العدد: 4676 - 2014 / 12 / 29 - 23:59
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

كتاب (التصوف والحياة الدينية فى مصر المملوكية )
الجزء الأول : العقائد الدينية فى مصر المملوكية بين الاسلام والتصوف .
الباب الأول : مراحل العقيدة الصوفية وتطورها في مصر المملوكية من خلال الصراع السنى الصوفى
الفصل الخامس :المرحلة الثالثة للعقيدة الصوفية : رفض الإسلام صراحة .
طوائف الصوفية رافضو الإسلام في القرن التاسع
طوائف الأعاجم :
توافد على مصر طوائف من زنادقة ملأوا طرقات القاهرة، وقد وصفهم المقريزي بأنهم ( ينتحلون مذاهب الإلحاد، ويصرحون بتعطيل الصانع تعالى، وينكرون شرائع الأنبياء،ويجهرون بإباحة المحرمات ) ، أى إستحلال الزنا بالمحارم . وقد قتل السلطان أحدهم بدافع سياسي لا ديني قال فيه المقريزي أنه ( من سُقاط العجم قد ثبتت عليه ـ بشهادة جماعة ـ قوادح وعظائم أوجبت إراقة دمه شرعاً ، وكان من جملة أشياع الأمير قرقماس المقتول ، وتكلم في السلطان وفي الأنبياء وغيرهم بما تعجّل العقوبة )
طائفة الحروفية أو النسيمية
وكان أولئك الصوفية الأعاجم الأرضية التي نبتت فيها حركات الزندقة الصوفية المعلنة في القرن التاسع ، وأهمها طائفة (الحروفية) أو ( النسيمية ) . وترجع هذه الطائفة إلى الشيخ فضل الله التبريزي يقول فيه ابن حجر:( إنه كان أحد المتقشفين من المبتدعة ، وكان من الاتحادية ثم ابتدع النحلة التي عرفت بالحروفية ، فزعم أن الحروف هي عين الآدميين إلى خرافات كثيرة لا أصل لها ، ودعا اللنك ( تيمور لنك ) إلى بدعته فأراد قتله ، فبلغ ذلك ولده أمير زاده لأنه فر مستجيراً به فضرب عنقه بيده ، فبلغ اللنك فاستدعى برأسه وبجثته فأحرقهما في هذه السنة. ونشأ من أتباعه واحد يلقب " نسيم الدين " فقتل بعد ذلك وسلخ جلده في الدولة المؤيدية سنة821 ) . وكان قتل التبريزي سنة 804 يقول ابن إياس سنة 804 جاءت الأخبار بأن تيمور قتل التبريزي الذي كان قاضيه ، وكان على مذهب النسيمي ) وقد أخطأ ابن إياس حين اعتبر الأستاذ على مذهب تابعه .. والسبب في ذلك الخلط هو الشهرة التي حققها النسيمي بعد أستاذه التبريزي حتى سميت طريقته باسمه فأصبحت (النسيمية ) بعد أن كانت ( الحروفية ) .ويقول ابن إياس في النسيمي ( نزيل حلب صاحب الأشعار التركية ، أفسد عقائد الأتراك بعث المؤيد شيخ بضرب عنقه وسلخه وصلبه على أحد أبواب حلب ) .. وقد عرض ابن حجر لترجمته بالتفصيل فهو معاصر له ، يقول في حوادث 820 ( قتل الشيخ نسيم الدين التبريزي نزيل حلب وهو شيخ الحروفية .. بعد شيخه فضل (ت804 ) . وقد قرر نسيم الدين أن الشرائع أباطيل لا حقائق ، وأنه لا إله ، وقد وصل في ضلاله فى استحلال المحارم إلى أن وطأ أبنته واتخذها كالزوجات إلى أن أولدها ولدا . وقد سكن حلب وكثر أتباعه وشاعت بدعته ، فأمر السلطان بقتله فقتل وسلخ جلده وصلب ) .
ولعل السبب في مقتله سياسي ، يرجع إلى التخوف من كثرة أتباعه واحتمال أن يؤسس له دولة في حلب ــــ وهى بعيدة عن مركز السلطة – تتخذ قاعدة لنشر دينه الجديد .فقد كان له أتباع كثيرون إستمرت بهم دعوته بعد مقتله. يقول ابن حجر معقبا على مقتل النسيمي ( وقد وقع لبعض أتباعه كائنة في سلطنة الأشرف (برسباي ) وأحرقت كتبا كان معه فيه هذا الاعتقاد ،وأردت تأديبه ، فحلف أنه لا يعرف ما فيه ، وأنه وجده مع شخص ، فظن أن فيه شيئاً من الرقائق ، فأطلق بعد ان تبرأ من الكتاب المذكور ، وتشهد ( نطق الشهادتين ) ، والتزم أحكام الإسلام ، وكان سبب الوقوع في ذلك أن شريفا قدم من الشام ، وذكر أنه لم يزل يسعى في الإنكار على هؤلاء إلى أن عثر على هذا ، وكتب له مرسوم بالقيام عليهم في بلاد الشام ، ثم قدم علينا شخص من أهل أنطاكية فذكر لنا عنهم أمور كثيرة ، وكتب لهم مراسيم بالقيام عليهم في سنة 841 ) . وابن حجر كان قاضيا للقضاة وقتها ، وقد شهد الواقعة بنفسه وقام بمحاكمة الرجل الذي ضبطت معه كتب الدعوة النسيمية. وسياق كلامه يدل على ما كانت عليه الحركة النسيمية من نشاط في الشام بدليل ما أثارته من فزع لدى الفقهاء فالتجأوا إلى مصر مركز الحكم المملوكي ، ثم إن كتب النسيمي كانت ترد إلى القاهرة لأتباعه وضبط بعضها وحوكم من وجدت لديه .
وقد فصل ابن حجر القول في حوادث سنة 838 عن هذه الواقعة فقال (حضر للسلطان شريف من الشام بأوراق فيما يتعلق بالنسيمي وشيخه فضل الله ، وأن بالشام ومصر جماعة على عقيدته ، وأنه تصدى لتتبعهم ، وأنه وجد بالقاهرة شخصا منهم فأحضره للسلطان وكتبه ، وهذه هي الحروفية ، وعقد السلطان مجلسا أحضرت فيه الكتب ، وهى بالفارسي فإذا هي مقالة مركبة من قول المشبهة والاتحادية وفيه ( إن شعر الإنسان في رأسه ووجهه سبعة شعور ، وشعر أجفانه الأربعة وحاجبه ورأسه سبعة ، وإن عقد أصابع اليدين أربعة عشر فلذلك عدد حروف المعجم ) ونحو هذا . وفيه أن الإلهية انتقلت من الله لآدم ومن آدم لآخر إلى أن انتقلت لفضل الله ) " التبريزي " وكلام من هذا حاصله " أن الله هو الحروف " وأنكر الرجل اعتقاده وكفّر من يعتقد بهذا ، وأمتثل لأمر الشافعي " القاضي الشافعي" وأحرق الكتب بيده ، ونودي : من عرف من أهل هذه المذاهب النسيمي ووجد عنده شئ من كتبه واحضره للسلطان كان له مائة دينار ، ثم أمر فنودي بأن يخرج جميع العجم من القاهرة والقلعة بأسرهم ولا يتخلف منهم أحد إلى ثلاثة أيام ، ثم لم يتم ذلك ) .
والواقع أن طوائف العجم الصوفية كانت بيئة انحلال عقيدية ، وتوافدوا الى مصر بانحلالهم الدينى والأخلاقى ، فكان ينادى عليهم دائماً بالخروج من القاهرة ثم لا يتم من ذلك شئ .. وفي نهاية القرن التاسع – في عصر قايتباي – وجدت طائفة النموسية – وكانوا يربون أولاد النموس – جمع نمس – يقول فيهم المناوي الصوفي ( كانوا أصحاب حسين أبي علي .. وضرب قايتباي رقاب بعضهم لما شطحوا ونطقوا بما يخالف الشريعة )
وتابع بعضهم – من أعاجم الصوفية – ادعاء العروج للسماء .