ماهى الماركسية؟!!


وليد فتحى
2014 / 12 / 6 - 04:19     

الماركسية ليست مجرد طريقا للتفكير الفلسفى فقط أو منهج للحكم ولا مجرد حل علمى لقضايا الأقتصاد وأستبداد الرأسمالية ،كما أنها ليست مجرد فكره أو دعوه للتحرر فقط ،فهى أذن نظره عامه شامله الى الأنسان والطبيعة والكون والى التاريخ والى الفرد والمجتمع ،فالماركسية هى نظره الى الوجود بكل معانيه وشموله.
كتب كارل ماركس ملاحظاته فى أن التقدم التقنى" التكنولوجيا"وسيطرة الإنسان على الطبيعة وتحرره التدريجى من ربقتها وزيادة ثروات المجتمع ..كل هذه المظاهر ستؤدى فى النهاية الى نتيجة متناقضة ومتنافره وهى أستعباد شطر كبير من فئات المجتمع حتى يزدادوا فقرا وتجويعا وتلك الفئه التى عنى بها ماركس هم العمال الأجراء "البرولتياريا".
قضى ماركس سنين عمره فى تحليل تلك الظواهر الإجتماعية والتعمق فيها حتى حصل على نظريته المعروفه بأسم المادية الديالكتيكية والتاريخية،وبذلك تحمل تلك المتناقضات فى أعماقها حكم بالأعدام والأندثار على المجتمع الرأسمالى وسياساته.
فالماركسية هى تناهض الفردية الأنانية والأنتهازية لإن فى صميمها المبادئ العقلية والتحررية والفردية فهى عقيمه ورجعية ولذلك منظرى تلك الفلسفات المثالية التى تدعو الى الفردانية والحرية الأنانية فشلت فى فهم طبيعة التناقضات برؤيتها العامه والخاصه وكانت النتيجة هى تجريد الفضائل والمعانى من خصائصها المجرده وفضائلها وتحولت من مضمون الى مجرد كيان شكلى لا تعترف بالخصائص الذاتية والموضوعية ونهايتها هى الفشل والإنهيار وعدم ثقه المجتمع بتلك المعانى بعد ذلك ..
فالماركسية هى مفهوم عام للكون ونظره الى الوجود وتعبير عن العصر بجميع مشاكله وقضاياه .
فإستطاع كارل ماركس الأستفاده من مؤلفات الإقتصاد السياسى الأنجليزى لكلا من (بيتى وآدم سميث وديفيد ريكاردو ....)وكذلك دراسات عن الطبيعة الى قام بها فلاسفه القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديان مثل (دولباخ وديدرو وهيلفينتوس وفيورباخ...)والأبحاث والمؤلفات فى الطبقات الإجتماعية لكل من تييرى ومنييه وجيزو وكتابات القانونى فولتير وكانط وايضا مالتوس رغم أخطائه البشعه ضد الإنسانية ،وأهم تلك الآثار هى مؤلفات (هيجل)التى تعتبر مدخلا لوضع النظرية الماركسية وفلسفتها..
وطرح كبار علماء الإجتماع الفرنسيين فى القرن التاسع عشر الميلادى قضايا مثل تنظيم الإقتصاد المعاصر تنظيما علميا جديدا على يد "سان سيمون" ،وقضيه الطبقة العامله ومستقبل البرولتياريا السياسى لكلا من برودون وفورييه.
ويعود الفضل الى الماركسية فى إكتشاف تراكيب الإقتصاد الرأسمالى المتناقضة وتحليل تمركز الثروات وإستقطابها وإكتشاف العلاقة المتناقضات فى جوهرها وهى مسأله (الأجر والأنتاج)،وكان له الفضل فى إكتشاف الدور التاريخى للعمال الأجراء وإمكان نشوء سياسه مستقلة عن إدارة البراجوزيين أبطالها الطبقة العامله.
فلقد أكتشف ماركس وأنجلز مبادئ المادية التاريخية عام 1844م ونظرية فائض القيمه وعلاقتها بالأجور ونظرية أستخدام تحليل المتناقضات أى نظرية المادية الديالكتيكية والتى توصل اليها ماركس فى بدايات عام 1857م.
فالماركسية هى فلسفه الى جانب انها علمى فهى فلسفة علمية،فالمادية فى النظرية الماركسية هى مظهر عقلانى على نحو منهجى،ففى كل جدل وكل جهد يبذل للطريق نحو المعرفه وتلك الطريقه تتم بمواجهه الأراء المتناقضة :مع وضد ،نعم ولا ،والنفى والأثبات..
فالطريقة الماركسية فى التفكير هى تحليل كل حقيقه فى الواقع تحليلا علميا عميقا حتى يفضى الباحث عن الحقيقه الى عناصر متناقضة وبعدها يعرض الموضوع أمامه ويقوم بتجزئته الى جزئيات موضوعية ،فالحقيقه هى دائما متحركة ومتحوله ،وهى تظهر بشكل شامل عام أو مجرد ثم أعادته بشكل جزئى وفى النهاية ضم جميع تلك الجزئيات المتناثره مع بعضها لتشكل المجموع ،وهذه المسأله تسمى العرض الجدلى مابين العام والخاص ..
فتحليل رأس المال فى مجموعه يؤدى الى عنصر بسيط بعد أستعمال القاعده الماركسية فى التفكير وهو (القيمه )أى أن تكتل الثروات وتكوينها فى أيدى الرأسماليين تصنع عن طريق فائض القيمة ..
وترى الماركسية فى جانب آخر فى مسأله الأديان والعقائد والخرافات والأرث المتبع منذ قرون طويله فى داخل المجتمعات أن الخطيئه أو الجانب السلبى للأنسان لم تنتج بسبب وهم الأديان وتفسيراته عن الخطيئه الأزلية ولكن العكس فى أن الأنسان ذاته هو مايشكل الجانب الإيجابى ومحرك التاريخ فهو صانعه وليس شيئا آخر كما يتوهمون فلاسفه الميتافزيقيا واللاهوت ،فخصائص الأخلاق فى العقائد والأديان والخرافات هى ماسببت بؤس الأنسان وألامه وساعدت على أنحطاط الأنسان وإنتزاعه من حقيقته الموضوعية وتجريده من وعيه الحقيقى وإبعاده بالتالى عن معالجه قضاياه الإنسانية الخاصه بحياته،فمثلا فكره الصبر على البلاء والمصائب التى تأتى الى الإنسان بفعل أنسان آخر فنجد أن العقائد تدعو الى الصبر وعدم التحرك للأعلان الثورة والرغبه فى التحرر أملا فى الجنه الموعوده .
فقد فسرت الماركسية مسأله (الإغتراب) فى العمل بحيث أن المنتوجات التى يصنعها الإنسان لا تخضع لإرادته بل تتمرد عليه بحيث أصبح العامل مجرد قيمه مثل السلعه لها ثمن بإعتبارات السوق ،فبدلا أن يصبح المال فى خدمه الإنسان أصبح مستعبدا له.
فتاريخ الإنسان على وجه العموم يتكون من ثلاثة عناصر متداخلة ومتشابكه وهى "العنصر الطبيعى والعنصر العقلى والعنصر الوهمى(الغير أنسانى نتيجه الإديان والعقائد)"وجاء ماركس بفلسفته ونظريته العلميه وأكد على مسأله العنصر العقلى عند الأنسان .
وتحدث كارل ماركس عن الشيوعية وهى مرحلة بسيطة تتأكد فيها العقل كمعيار أساسى وموضوعى فى علاقة الإنسان بالمجتمع وتخطيه النظام الطبيعى المتناقض الملئ بالبؤس وبالألام،وهى مرحله تستدعى تخطى الملكيه الخاصه وإلغاءها وهذا ايضا لا تعنى ألغاء غريزة التملك الشخصية للأشياء ،بل ألغاء الأستئثار بملكية وسائل التى تنتج السلع والثروات.