آه ياماريا.. كم نحتاج إلى الحرية


ناهد بدوي
الحوار المتمدن - العدد: 4626 - 2014 / 11 / 7 - 15:37
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية     

نص كتبته في سجن دوما للنساء كافتتاحية لمجلتنا هناك "الجرح المكابر" بمناسبة ولادة ماريا ابنة رفيقتنا رنا في السجن. والتي أصبحت الآن طبيبة. وأنشره هنا الآن بعد أن اعتقلها النظام السوري منذ عدة أيام.

أيتها الرفيقات:
ماذا يمكننا أن نقول؟
هل نقول لقد غمرتنا زقزقة العصافير، رائحة الياسمين، أسراب السنونو التي تبشر بالربيع، فسحة من السماء تطل منها شمس المستقبل؟
أم نقول، لقد طالنا الحقد الأعمى، الأيدي السوداء التي لاتفرق بين الطفل وحجر الصوان..وغمرنا شعور بالقهر والتحدي.. شعور بالحزن والمرارة؟
اعتقد أن كل ذلك قد حصل مجتمعا، جمعت كل تلك المعاني والأحاسيس، في لحظة واحدة من الزمن، لحظة استثنائية كثفت كل معاني الاستثناء الذي نعيشه، كوضع وجيل وأحداث. ففي تلك اللحظة التي صرخت فيها الطفلة ماريا صرختها الأولى، انهمرت الورود والزنابق، انهمرت االابتسامات والدموع، وتناوبت مشاعرالحب والحقد، الحنان والقسوة، الأمومة والرفاقية، حب الوطن والناس، والإحساس بعتمة المكان. كل ذلك شكل إكليلا جميلاً وغريباً وغنياً طالما أرعب جلادا لا يعرف للحياة إلا وجهاً واحداً أسود.
انظرن أيتها الرفيقات إلى ماريا، انظرن إلى عينيها، لقد جاءت مفتحة العينين، يقظة، تحاول التقاط كل شيء من اللحظة الأولى، تحاول التعرف على تلك الحياة الغريبة والحزينة والجميلة من حولها. انظرن اليها ولنقل لها:
شكرا.. شكرا لك ياماريا على لحظات فرح ومشاعر حب لبذرة نتجمع حولها، نسقيها ونرعاها ونعلمها ونتعلم معها.
لنقل لها: آه ياماريا، كم تحتاجين، وكم نحتاج، وكم يحتاج المستقبل كي يزهر، إلى الحرية. الحرية حلم ومناخ وصليب نحمله على ظهورنا ونمضي.
ناهد بدوية
سجن دوما للنساء
14/10/1988