حرب غزة وتصريحات «ليفني»


خالد الحروب
الحوار المتمدن - العدد: 4543 - 2014 / 8 / 14 - 09:34
المحور: القضية الفلسطينية     


في تصريح جديد فج ومثير للأعصاب وبالغ الوقاحة قالت «تسيبي ليفني» في تصريحات حديثة: هناك «توافق إسرائيلي مصري على خنق حماس». هناك حاجة لتصريحات مصرية تشرح للرأي العام ما جاء على لسان ليفني، وطبعاً تنفيه. مجريات الحرب الوحشية التي تخوضها إسرائيل ضد الفلسطينيين وهم تحت الحصار ومعابر «الأشقاء» مغلقة في وجوه جرحاهم ومعاقيهم الذين تجاوزوا العشرة آلاف جريح تدفع إلى الاهتمام بتصريحات ليفني الوقحة، والمواقف العربية الرسمية الغائبة.

التصريحات الإسرائيلية التي تريد أن تخرج مما يتم في السر إلى العلن ليست أخطاء إعلامية، أو زلات لسان، بل هي مقصودة، وتريد أن تحقق واحداً من أهداف الحرب الجانبية. تريد إسرائيل أن تنتهي من مسألة التعامل سراً مع الأنظمة العربية، وتريد الادعاء بأنها تخرج ذلك التعامل والتعاون إلى النور، لتقول للجميع بأنها دولة «عادية» في المنطقة، وتتعاون مع جيرانها ضد «الأعداء المشتركين»، وهذه المرة «حماس والإسلام السياسي» هو العدو المشترك.

ويمكن أن نحلل الموقف المصري من الحرب القائمة في قطاع غزة من منظور العداء لـ«حماس» باعتبارها التمثيل الفلسطيني لحركة «الإخوان المسلمين»، التي يعتبرها مصر العدو رقم واحد. معنى ذلك أن كل العوامل الأخرى والمعطيات، سواء الراهنة، أو المُتطورة، ستخضع لهذا المنظور.

لكن لم تعد المسألة مسألة «حماس» ولا مطالبها، بل هي مسألة ومطالب وحقوق الفلسطينيين كلهم. لقد نجحت المقاومة إلى حد كبير في أن تعيد إنتاج مطالبها في سياق المطالب الفلسطينية الأعرض والأهم، والتي قام حولها إجماع فلسطيني من غزة إلى رام الله. هذه المرة. لم يكن هناك من خيار أمام السلطة الفلسطينية في رام الله والتي تآكل رأسمالها السياسي كثيراً، إلا الاقتراب من مطالب الشعب الفلسطيني المحاصر في غزة. وعبر هذا الاقتراب والتمثيل الفلسطيني الموحد في مفاوضات القاهرة تم إحباط هدف آخر للحرب وهو إعادة تقسيم الفلسطينيين وتخريب المصالحة الفلسطينية. لقد عززت الحرب تلك المصالحة، وربما ترسخ الوحدة الفلسطينية، وبانتظار النتيجة النهائية للمفاوضات. وعلى رأس مطالب الفلسطينيين هناك مسألة فك الحصار، والتي يُطالب العالم بها، وحتى أوباما قد تحدث عنها.

منطق «خنق المقاومة» طبق في الضفة الغربية على مدار العقد الماضي ولم يستشعر الفلسطينيون الفرق. فالذي حصل هناك أن حققت إسرائيل كل أهدافها بالجملة أو بالتقسيط: أنهت المقاومة، وواصلت مهزلة المفاوضات حتى تقول للعالم بأن «عملية سلمية» ما تزال قائمة، وبالتوازي مع ذلك واصلت توسيع الاستيطان وتعميقه، وتهويد القدس وصهينتها... وفي الظل كان الفلسطينيون يزدادون فقراً وذلاً هذه المرة. منظور«خنق المقاومة» و«إعمار غزة» في نفس الوقت هو خدعة تم تجريبها من قبل، وعلى من يؤيدها أن يقرأ ذلك ملياً.