طائرات إسرائيل ومدافعها تطحن بيوت الفلسطينيين على ساكنيها


فلاح علوان
الحوار المتمدن - العدد: 4530 - 2014 / 8 / 1 - 01:18
المحور: القضية الفلسطينية     

لأكثر من ثلاثة أسابيع متواصلة طوال الليل والنهار، وساعة بساعة، تدك القوات الإسرائيلية مساكن الفلسطينيين في غزة، وتقتل الأطفال حتى وهم في ملاعبهم التي هرعوا لها صبيحة العيد، بعد أن خدعت إسرائيل العالم بالهدنة.
بدت إسرائيل بكاملها كمجموعة جنود متوترين عدوانيين في المدن المحتلة كالقدس وهم يواجهون الشباب المحتج ضد سياساتهم، وكمجموعة دبابات متأهبة لهدم المنازل، في الهجوم على غزة؛ وانكشفت بوضوح الصورة الخادعة عن ما يسمى الدولة الديمقراطية، حيث ظهر وكأنه كيان مهدد في وجوده بسبب الصواريخ. في حين بدا شعب فلسطين رغم جراحه العميقة بلدا في حالة حرب ودفاع عن النفس، متماسكا جريئا وواثقا، رغم انه نازف بشدة وألم، ويقف معه كل ضمير العالم.
تتذرع إسرائيل في هجومها على بيوت السكان العزل، بان حماس، وهي القوة الحاكمة في غزة، تستخدم السكان كدروع بشرية، وتروج لهذه الخرافة التي يطبل لها بعض الإعلام الامبريالي والليبرالي المشبوه. حقيقة الأمر إن إسرائيل هي من اتخذ السكان دروعا بشرية طوال أكثر من ستين عاما، عندما قامت الامبريالية بتجميع الناس اليهود من كل أنحاء العالم او إجبارهم على التوجه إلى إسرائيل، أو إغراء الفقراء والمعدمين منهم، وجمعهم في معسكر عدواني واحد كبير أسموه دولة إسرائيل. ليكون عدوا لمن حوله ويشن الحروب المدعومة مباشرة من بريطانيا وأمريكا ضد شعوب المنطقة، بحيث ليس هنالك شعب في المنطقة لم يتعرض لعدوان إسرائيل.
ليكون وجود إسرائيل بكليته، هو وظيفة وليس بلدا، وظيفة فرض سياسة الامبريالية الغربية في المنطقة وانجاز مهامها.
ليس ما تتعرض له غزة اليوم هو حادث أو رد فعل لتوجيه الصواريخ صوب إسرائيل، انه مخطط مرسوم وهو جزء من إستراتيجية طويلة الأمد لتصفية مشروع إقامة الدولة الفلسطينية، وليس مجرد الوقوف بوجهة.
إن إسرائيل لم تكن يوما جادة في البحث عن السلام، فلديها مفهومها هي عن السلام، وهو فرض إرادتها مقابل صمت واستسلام المقابل أي فلسطين بالذات.
غزة المكتظة بالسكان والمحاصرة، تشكل تحد أمام العالم المعاصر اليوم كما كانت منذ الاحتلال والتقسيم والتشريد، ورغم إن الغزيين يقاتلون وحدهم اليوم ألا أن القضية هي عالمية الأبعاد وتخص الإنسانية جمعاء.
ورغم مرور أكثر من 66 عاما على مأساة فلسطين، وقيام الدولة الصهيونية، ألا أن إسرائيل المدججة بالسلاح، تريد فرض فلسفتها على المنطقة وهي عصارة مصالح الرأسمال في قالب الدولة اليهودية كما يطلقون عليها حاليا، بكل ما في فلسفتهم من مطالبة بإلغاء الآخرين وإبادتهم أو استعبادهم. إن استمرار وجود دولة بهذا التوجه يعني حروب متواصلة، وتبقى القضية بلا حل. كما إن حل القضية المستعصية من سبع عقود، في إطار سياسة امبريالية مناقضة لتطلعات البشرية هو أمر مستبعد كذلك. لقد بدت الهيئات الدولية اليوم عاجزة عن أي قرار أو تدخل، بل ليس لديها أفق لحل آني فوري والاتجاه إلى الحوار السياسي. إن العجز الدولي الراهن هو جزء من الأزمة السياسية الناجمة عن تطور آثار الأزمة الاقتصادية الرأسمالية.
إن أربع حروب تجري حول منطقة الصراع في فلسطين اليوم وفي وقت واحد، في ليبيا وسوريا والعراق واليمن، بالإضافة إلى الحرب في أوكرانيا. الأمر الذي يعكس عمق واشتداد الأزمة على الصعيد وعدم وجود آفاق سياسية للحل، لذا تفرض الرأسمالية الحروب وتتقاسم مواقع النفوذ وتقسيم الجغرافيا السياسية.
ويتعين على القوى التحررية والاشتراكية ومنظمات الطبقة العاملة أن تضع في إستراتيجيتها، حل القضية الفلسطينية كجزء أساس من إستراتيجية تحرر المجتمعات في المنطقة، والإطاحة بسلطة رأس المال.
إن المطلب الفوري الآن وقف إطلاق النار، ووقف آلة الدمار والقتل من إبادة المدنيين العزل. والوقوف بحزم مع شعب فلسطين ونضاله التاريخي لتحقيق أهدافه.

فلاح علوان

اتحاد المجالس والنقابات العمالية في العراق
31-07-2014