هل عاش محمدٌ ومات معدماً


كامل النجار
الحوار المتمدن - العدد: 4517 - 2014 / 7 / 19 - 10:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

في شهر رمضان من كل عام يتسابق الإسلاميون في جميع البلاد الإسلامية بترديد مقولة إنّ محمداً عاش فقيراً وكان يربط الحجر على بطنه من الجوع، وقد رهنَ درعه لليهودي كي يشتري دقيقاً لأهله. ولو سمع هذا القول أمريكي لقال Bullshit لأنه كلام يتعارض تماماً مع الحقائق المعروفة، بل يناقض صريح القرآن. القرآن الذي كتبه محمد بنفسه يقول على لسان ربه (ووجدك عائلاً فأغنى) (الضحى، 8). والعَيْلة هي الفقر. فالله يقول لمحمد إنه قبل أن يبعثه وجده يتيماً فآواه عند عمه أبي طالب، ووجده فقيراً فأغناه بمال خديجة بنت خويلد. ومحمد نفسه قد اعترف بذلك عندما ناوشته زوجته الطفلة عائشة لأنه كان دائماً يذكر خديجة وأفضالها عليه، ففي حديث عن عائشة " قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر خديجة أثنى فأحسن الثناء، قالت: فغرت يوماً فقلت: ما أكثر ما تذكر حمراء الشدقين! قد أبدلك الله خيراً منها. قال: "أبدلني الله خيراً منها؟! قد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله أولادها وحرمني أولاد الناس" (مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، للحافظ الهيثمي، كتاب المناقب، حديث 15281، وفتح الباري، شرح صحيح البخاري، للعسقلاني، ج7، كتاب المناقب).فهاهو يعترف أن خديجة واسته بمالها الكثير. وفي نفس سورة الضحى يقول محمد على لسان ربه (ولسوف يعطيك ربك فترضى). والمعروف في القرآن أن الله يرزق من يشاء بغير حساب. فكيف أعطاه ربه حتى رضي؟
عندما كان محمدُ شاباً كان معدماً حتى استأجرته خديجة ليتاجر لها بمالها الكثير الذي ورثته من زوجها نباش بن زرارة التميمي، الذي توفي عنها وترك لها كل ماله وبناته. وعندما كان محمد يتاجر بهذا المال كان يستأجر عدة جمال لتحمل تجارته إلى الشام واليمن وبيت المقدس. وبمجرد أن تزوج خديجة ترك التجارة وتفرغ للتعبد في غار حراء ولمجالسة الغلمان النصارى وشيخهم ورقة بن نوفل. ولم يكن محمد يحمل هماً لأكله وشربه وأكل خديجة وبناتها لأن مال خديجة كان كثيراً.
وعندما بدأ محمد دعوته كانت خديجة ما زالت تدعمه بمالها إلى أن ماتت بعد عشر سنوات من بدء الرسالة. وطوال هذا الوقت كان محمدٌ يأكل ويشرب من مال خديجة. فلم يكن هناك أي سبب يجعله يربط حجراً على بطنه من الجوع. فلو ربط حجراً على بطنه من الجوع لا بد أن خديجة وبناتها قد ربطن الحجارة كذلك، ولكن كتب السيرة لا تذكر لنا شيئاً من هذا القبيل. ثم أنه زوّج زينب وأم كلثوم (بنات خديجة) من أولاد عمرو بن هشام المخزومي (أبو جهل). وكان أبو جهل رجلاً غنياً وكريماً. ولا أظنه كان يبخل على محمد بالمال قبل بدء الرسالة.
وأثناء حياة خديجة كان عثمان بن عفان وأبو بكر قد دخلا الإسلام، وكلاهما كان تاجراً غنياً يصرف على محمد صرف من لا يخشى الفقر لدرجة أن محمداً قال عن عثمان عندما تبرع بمال كثير لغزوة تبوك، قال له محمد "ما ضر عثمان ما فعله بعد اليوم" (تاريخ الإسلام للذهبي، ج2، ص 162). فهاهو محمد يعطي عثمان صكوك الغفران لتبرعه بماله. هل يحتاج محمد لأن يربط حجراً على بطنه وعنده عثمان وأبو بكر، بالإضافة لمال خديجة؟
وعندما هاجر إلى يثرب آخَى بين الأنصار والمهاجرين فأصبح لكل أنصاري أخٌ من المهاجرين يحبه كما يحب أخاه من أمه، وقد تنازل بعض الأنصار من بعض زوجاتهم لإخوانهم المهاجرين. فهل يُعقل أن يترك الأنصار نبيهم يربط حجراً على بطنه من الجوع وهم قد تبرعوا بزوجاتهم للمهاجرين؟
وفي أول سنة في يثرب أرسل محمدٌ عبد الله بن جحش ليعترض قافلةً من قوافل مكة، فقتل رجلاً وأسر رجلين مع عدد من الإبل، وأعطى محمداً خُمس الغنيمة (مختصر السيرة لابن كثير، ص 190). وباع محمد خُمسه بثلاث أوقيات من الذهب. ثم توالت الغزوات وكثرت الغنائم من مالٍ وعبيدٍ وجواري. وفي سنوات معدودات أصبح أفقر المسلمين من الأغنياء، حتى أن علي بن أبي طالب قال " لقد رأيتني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإني لأربط الحجر على بطني من الجوع، وإن صدقة مالي لتبلغ اليوم أربعين ألفاً." رواه شريك، عن عاصم بن كليب، أخرجه أحمد في مسنده. فإذا بلغت زكاة علي 40 ألفاً، والزكاة عبارة عن ربع العُشر، أي 2.5 بالمئة، فكم كانت ثروة علي بن أبي طالب؟ حتى عائشة زوج محمد أعتقت تسعةً وتسعين عبداً (نورة آل السيخ، الحياة الاجتماعية والاقتصادية في المدينة المنورة في صدر الإسلام، ص 62، نقلاً عن شاكر النابلسي، المال والهلال، ص 30). فإذا كانت عائشة قد ملكت أكثر من مائة عبدٍ واعتقت منهم تسعة وتسعين، والعبيد وقتها كانوا يدفعون كل ما يحصلون عليه من المال لأسيادهم، كيف جاع محمد وجاعت نساؤه حتى ربطوا الحجارة على بطونهم؟
ولنتحدث عن أموال محمد الشخصية والعبيد والأنعام التي حصل عليها من الغزوات. وبدايتها كانت أموال بني النضير فإنها كانت فيئاً لرسول الله لأنه بعدما حاصرهم مدة يسيرة، صالحهم على الجلاء، وإن لهم ما حملت الابل من أموالهم إلا الحلقة، أي آلة الخرب. وقال الحلبي في سيرته: وكان رسول الله يزرع أرضهم التي تحت النخل فيدخر من ذلك قوت أهله سنة وما فضل يجعله في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله. وقال أيضاً نقلاً عن الإمتاع: وكانت بنو النضير من صفايا رسول الله، جعلها حبساً لنوائبه، وكان ينفق على أهله منها وكانت صدقاته منها. وفي زاد المعاد قال: وفي الصحيحين عن عمر بن الخطاب قال كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب، فكانت لرسول الله، وكان ينفق منها على أهله نفقة سنة، وفي لفظ: يحبس لأهله قوت سنتهم، ويجعل ما بقي في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله (السيرة الحلبية 2/266- 269، نقلاً عن ، معروف الرصافي، الشخصية المحمدية، ص 331).
وعندما غزا يهود خيبر واستسلموا له، أصبحت أرضهم (أرض فدك) ملكاً لمحمد لأن المسلمين لم يحاربوا عليها، وفرض محمد على اليهود أن يزرعوا الأرض ويعطوا محمداً نصف التمر ونصف المحاصيل الأخرى. ذكر صاحب معجم البلدان عند كلامه عن فدك، أنه لما ولي عمر بن عبد العزيز خطب الناس، وقص قصة فدك وخلوصها لرسول الله، وأنه كان ينفق منها على أهله ويضع فضلها في أبناء السبيل (نفس المصدر، ص 335). فإذا كانت كل قبائل اليهود في خيبر تعيش على نصف المحصول في العام، كم كانت ثروة محمد من تلك الأرض؟
بعد أن انتهى لقاء السقيفة بحسم مسألة الخلافة على الضد من مطالب أسرة النبي، ذهبت فاطمة إلى الخليفة لتطلب منه ميراث والدها. وكان هذا الميراث يتألف رئيسياً من فدك. وكانت فاطمة هي الوحيدة العائشة من بين أولاد النبي الذين ماتوا كلهم في حياته. لكن أبو بكر رفض الطلب مستنداتً إلى حديث قال إنه سمعه من رسول الله ونصه " إنّا معشر الأنبياء لا نورث. ما تركانه صدقة". وخاضت فاطمة مناقشة حامية مع أبي بكر بالمسجد، وكانت حينذاك دون الثامنة والعشرين. وتقول المصادر الشيعية إنها ألقت في المسجد خطبةً نددت فيها بالصحابة. ثم عادت لمنزلها لتندد بزوجها وتتهمه بالجبن ( بحار الأنوار للمجلسي 343:148، نقلاً عن هادي العلوي، من قاموس التراث، ص 164).
وكان له من الخيل سبعة أفراس، وكان له ست بغال، وكان له من الحُمر اثنان، وكان له من الإبل المعدة للركوب ثلاثة. فأما أفراسه: ففرس يقال له السكيت شبه بسكب الماء وانصبابه لشدة جريه، وهو أول فرس اشتراه من اعرابي بعشرة أوراق، وكان اسمه عند الإعرابي الضرس (بفتح وكسر)، أي الصعب السيء الخلق، وكان أغر محجلاً طلق اليمين كميتا. وفرس يقال له المرتجز، مسمى لحسن صهيله مأخوذ من الرجز الذي هو ضرب من الشعر، وكان أبيض، وهو الذي شهد له فيه خزيمة بأنه اشتراه من صاحبه بعد أن أنكر صاحبه بيعه له، وقال له: أنت بمن يشهد لك، فجاء خزيمة فشهد له بأنه اشتراه منه، فقال له النبي: كيف شهدت لي ولم تحضر؟ فقال: لتصديقي إياك يا رسول الله، وإن قولك كالمعاينة، فقال له النبي: أنت ذو الشهادتين، ثم قال النبي: من شهد له خزيمة أو شهد عليه فهو حسبه.(السيرة الحلبية، ج3، ص 330-331، نقلاً عن الشخصية المحمدية، ص 338). وشهادة خزيمة لمحمد تثبت كذب محمد وكذب أصحابه وأنهم كانوا يشهدون الزور ومحمد لا يمنعهم عن ذلك، بل يبارك لهم كما بارك لخزيمة.
وكانت له خمسُ وأربعون لقحة، وهي الناقة الحلوب الغزيرة اللبن، وكانت ترعى في الغابة وفيها جرت قصة العرنيين الذين استاقوا اللقاح وقتلوا راعيها يسار مولى النبي (نفس المصدر أعلاه، ص 340).
فإذا عرفنا أن محمداً تزوج أكثر من عشرين امرأة وكان في عصمته يوم وفاته تسع نساء كان يصرف عليهن للأكل والشرب والملبس وكان يساوي بينهن، فهل يُعقل أن يكون مثل هذا الرجل ممن يربطون الحجارة على بطونهم من الجوع؟ كل قصص السيرة النبوية وأغلب تاريخ الإسلام لا يمكن الاعتماد عليه لأنه كُتب بعد أكثر من مائة وخمسين سنة بعد وفاة محمد، وكتبها رجال مسلمين كانوا يهدفون إلى رفع شأن نبيهم ووضع شأن العرب قبل الإسلام.