-الجرف الصامد- في عالَمٍ عربيٍّ منهار!


جواد البشيتي
الحوار المتمدن - العدد: 4507 - 2014 / 7 / 9 - 10:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

جواد البشيتي
إنَّها الحرب الإسرائيلية الثالثة على قطاع غزة؛ ولسوف تستمر، ويستمر معها الموت والدمار (الإسرائيليين) في القطاع، على ما أعلنت حكومة نتنياهو، حتى تُشْهِر "حماس" إيمانها بحق إسرائيل (وجنوبها على وجه الخصوص) في العيش في أمن وأمان وهدوء، ويتوقَّف (إلى الأبد) سقوط الصواريخ الفلسطينية (المنطلقة من القطاع) على بلداتها الجنوبية.
وتجيء هذه الحرب بعد "الفشل الذريع" الذي مُنِيَت به جهود ومساعي "الوسيط" كيري، واستمرار، وتَعاظُم الاستيطان، و"النجاح الظاهري" في جهود ومساعي "المصالحة الفلسطينية"، التي أعلنت حكومة نتنياهو "الحرب الدبلوماسية والسياسية والإعلامية والاقتصادية" عليها؛ وبعد بروز ملامح "انتفاضة فلسطينية ثالثة" إثْر جريمة خَطْف فتى فلسطيني مقدسي (محمد أبو خضير) ثمَّ حرقه حيَّاً حتى الموت، والتي اقترفها إسرائيليون، انتقاماً، على ما زُعِمَ، لخطف وقَتْل ثلاثة فِتْيَة إسرائيليين.
وما يُمَيِّز هذه "الحرب الثالثة" هو "بيئتها العربية (والإقليمية) الجديدة؛ فكل شيء في هذه البيئة اختلف؛ ولا بدَّ لقوى المقاوَمة الفلسطينية (وفي قطاع غزة على ما وجه الخصوص) من أنْ تَنْظُر، مِنْ ثمَّ، إلى كل شيء بعيون مختلفة.
مصر الآن (جارة قطاع غزة) ليست مصر إبَّان الحرب الإسرائيلية الثانية على القطاع؛ فمصر يحكمها الان خصم عنيد لجماعة "الإخوان المسلمين"؛ وهذا الحكم المصري الجديد، مع أنصاره ومؤيِّديه من المصريين، يَنْظُر إلى "حماس (التي تَحْكُم القطاع)" على أنَّها الامتداد الفلسطيني (المكروه لدى القاهرة) لهذه "الجماعة".
"حماس" الآن هي الفاقِدة لحليفيها السوري والإيراني؛ فهي جزء من "المعسكر السني" الذي يتبادَل العداء الطائفي مع "المعسكر الشيعي (والعلوي)". حتى "حزب الله (الشيعي اللبناني)" المتورِّط الآن في صراع طائفي في سورية لن يَقِفَ من "الحرب الإسرائيلية الثالثة" على حركة "حماس" إلاَّ مواقف يتأكَّد فيها تخلِّيه (العملي) عن نصرتها.
"العشائر العربية السنية" في العراق هي وحدها (من العراق) التي يمكن أنْ تُعَبِّر عن "مشاعر التَّضامن" مع "أهل غزة"؛ ويُضاف إليهم، بعض القيادات السياسية والدينية للسنة اللبنانيين، وبعض قوى المعارَضَة السورية.
الإمارات والسعودية لن تكون لهما من المواقف إلاَّ ما ينسجم مع ضرورات حربهما على كل مَنْ يمتُّ بصلة إلى جماعة "الإخوان المسلمين".
اليمن خَلَت شوارعه وساحاته من "الربيع (الشعبي) العربي"؛ وهو الآن غارِقٌ في حرب يخوضها جيشه (والميليشيات الحزبية والقبلية المتحالفة معه) على جبهتين: شمالية مع "الحوثيين (الذين تدعمهم إيران، وجماعة علي عبد الله صالح)"، وجنوبية مع تنظيم "القاعدة".
ليبيا، بولاياتها الثلاث، غارقة هي أيضاً في صراع بالحديد والنار بين جيش حفتر والميليشيات الإسلامية (الإخوانية). أمَّا السودان، فجنوبه الغني نفطياً منفصلٌ عنه في دولة مستقلة؛ وشماله (أيْ دولة السودان) فعلى صفيحٍ ساخِنٍ.
إنَّها "حرب إسرائيلية ثالثة" على قطاع غزة يخوضها الطَّرفان في لحظة موت "العالَم العربي"!