-الانتفاضة- ضرورة ولكن..


جواد البشيتي
الحوار المتمدن - العدد: 4506 - 2014 / 7 / 8 - 13:41
المحور: القضية الفلسطينية     

جواد البشيتي
هذا الانتظار الفلسطيني المُمِض، والذي يبدو "حالة الوجود السياسي" للسلطة الفلسطينية الآن، متى ينتهي؟!
"وسيط السلام" بين إسرائيل والفلسطينيين، وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري، والذي كانت له مقترحات للتَّقْريب بين طرفيِّ النزاع والتَّفاوض، يَئِس وقنط من جدوى استمراره في بذل جهوده ومساعيه، أو هكذا أراد أنْ يبدو، مُعْلِناً ما يشبه النَّعي لمفاوضات السلام؛ لكنَّ "المفاوِض" الفلسطيني ظلَّ (على ما بدا) متشبِّثاً بخيار الحل من طريق التفاوض، ولو فُقِدَ "الشريك" و"الوسيط"، ومعهما "المرجعية"!
كم مرَّة خاضت السلطة الفلسطينية، مع مفاوضها، التَّجربة نفسها، تجربة التفاوض نفسها، مع إسرائيل، بالرجال أنفسهم، وبالأساليب والوسائل و"الأسلحة" نفسها، معلِّلةً الشعب بالوهم نفسه، ألا وهو تَوقُّعها أنْ تتمخض "هذه المرَّة"، أيْ كل مرَّة، عن نتائج مختلفة؛ وكان ينبغي لها أنْ تتعلَّم من فشلها أنَّها لا يكفي أنْ تتمنَّى السلام، وتريده، حتى تدركه؛ فالسلام نِعْمَة يستحقها القوي، لا الضعيف؛ وهذا السلام، الذي شاخَت السلطة الفلسطينية وهي تبحث عنه كالبحث عن إبرة في كومة من القش، لن تناله إلاَّ إذا خَرَجَت حكومة نتنياهو من جلدها السياسي التلمودي؛ فإنَّ "المرونة (السياسية والتفاوضية) القصوى" للسلطة الفلسطينية لا تكفي لجَعْل حكومة نتنياهو تميل، ولو قليلاً، عن "تَصَلُّبها (السياسي والتفاوضي) الأقصى"!
مفاوضات السلام هي الآن في حُكْم الميتة؛ الاستيطان (في القدس الشرقية وسائر الضفة الغربية) مستمر متعاظِم؛ "المقاوَمة الفلسطينية الشعبية السلمية (وغير السلمية) المستمرة المنظَّمة" ما زالت "خياراً يُصارِع من اجل كَسْر قيوده الفلسطينية أوَّلاً. ولملء هذا "الفراغ" الممتلئ بمخاطِر شتَّى، كان لا بدَّ من "حِراكٍ"، تُشَدُّ إليه أنظار الفلسطينيين، ويبدو "الانتظار" معه "سياسة واعِدة"؛ فَرُحِّلَت الجهود والمساعي السياسية الفلسطينية من "خيار السلام (مع إسرائيل)" إلى "خيار المصالحة (بين الفلسطينيين)"؛ وهذه "المصالحة"، التي تَزْحَف في حقلٍ من الألغام، هي، مع المقاوَمة، ما يُمْكِنه أنْ يَشْحَن "خيار السلام (مع إسرائيل)" بواقعيةٍ، ما زال يخلو منها تماماً حتى الآن؛ وهذه الخشية الإسرائيلية من نَقْل مفاوضات السلام إلى عالَم السياسة الواقعي هي ما يُفسِّر الحرب التي تشنها عليها حكومة نتنياهو؛ مع أنَّ هذه الحكومة ما زالت تَنْظُر إلى "تَفْعيل" السلطة الفلسطينية و"حماس" لـ "جهود ومساعي المصالحة" على أنَّه خيارٌ أَقْرَب (في حيثياته وأسبابه ودوافعه ومآربه) إلى التكتيك منه إلى الاستراتيجية (حتى الآن).
"خيار المقاوَمة"، على أهميته وضرورته، ما زال ضعيفاً، ولأسباب عِدَّة، أهمها: تبعية قسم كبير من الفلسطينيين إلى السلطة الفلسطينية، بصفة كونها (أيضاً) هيئة للتشغيل والإعالة، مع بقاء إسرائيل متَحَكِّمَة في أموال الرواتب الفلسطينية؛ تَحَكُّم إسرائيل في "الاتِّصال" بين الضفة الغربية وقطاع غزة؛ افتقار قطاع غزة إلى ما يُمْكِنه أنْ يردع إسرائيل عن شَنِّ حرب تدميرية عليه؛ افتقار المقاوَمة في الضفة الغربية إلى "حاضنة آمنة"؛ خشية الفلسطينيين من عواقب انفصال إسرائيل عن الضفة الغربية (أيْ عن بعض مناطقها) كما انفصلت مِنْ قَبْل عن قطاع غزة؛ انهيار ثقة الفلسطينيين بقدرة العرب على أنْ يكونوا (والآن على وجه الخصوص) قوَّة دَعْم حقيقية لهم.