نايف حواتمة: حكومة التوافق نعتبرها خطوة أولية


نايف حواتمة
الحوار المتمدن - العدد: 4500 - 2014 / 7 / 2 - 08:35
المحور: مقابلات و حوارات     

لأنها أنهت حكومة حماس في غزة.. وأنهت حكومة فتح في رام الله
1/5
حاوره: عبد النبي مصلوحي

المغرب- الرباط- المنعطف:
الدكتور نايف حواتمة، الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، واحد من أبرز قادة الرعيل الأول في الثورة الفلسطينية المعاصرة، وفي منظمة التحرير الفلسطينية.
يعتبر من قبل المتابعين للشأن الفلسطيني وقضايا الصراع العربي الإسرائيلي، حالة مبادرة، كارزمية، تقدم الحلول العملية والواقعية الجديدة للقضايا الجديدة على جدول أعمال الثورة الفلسطينية وحركة الشعب الوطنية... فهو أول من قدم لمنظمة التحرير برنامجها الوطني الواقعي المرحلي عام 1973، وخاض في إطار الشعب الفلسطيني والمنظمة والجبهة الديمقراطية معركة البرنامج الوطني؛ الذي أصبح بعد سنوات من طرحه برنامج الشعب والثورة والمنظمة، في الدورات المتتالية للمجلس الوطني منذ يونيو 1974، وأدخل مجموعة التطورات اللاحقة على الفكر السياسي الفلسطيني المعاصر.
كما أن حواتمة كان أول قائد فلسطيني دعا بوضوح إلى حل يقوم على أساس قرارات الأمم المتحدة والتسوية السياسية والتفاوض مع الإسرائيليين، عملا بقرارات ومرجعية الشرعية الدولية، ووجه بهذا الصدد النداء الأول من مسؤول فلسطيني لمجموع الإسرائيليين على صفحات عدد من الصحف الدولية، دعا فيه إلى الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني بالعودة وتقرير المصير والاستقلال، وذلك في إطار سلام شامل متوازن يقوم بالاعتراف بحق الشعب الفلسطيني بدولة مستقلة عاصمتها القدس، وتقرير المصير وحل مشكلة اللاجئين بموجب القرار الأممي 194.
انتهزنا فرصة تواجده بالمغرب مطلع الشهر الجاري وأجرينا معه حوارا مطولا حول القضية الفلسطينية وما يرتبط لها من قضايا داخلية وخارجية، إلى جانب قضايا أخرى تهم الحِراكات العربية وتداعياتها على القضية الفلسطينية.. حيث تحدث عن حكومة رامي حمد الله التي تشكلت قبل أيام لإنهاء الانقسام في الصف الفلسطيني، والإكراهات التي يمكن أن تعترضها، مع تحليل عميق لعدد من القضايا ذات الأبعاد الفلسطينية والإقليمية والدولية، نقدمه في حلقات:
عبد النبي مصلوحي

س1: بعد 8 سنوات من الانقسام جاءت حكومة الوفاق الفلسطيني برئاسة رامي حمد الله، غير أن إسرائيل لم يعجبها أن يتصالح الفلسطينيون، فعارضت قيام هذه الحكومة التي تجسد المصالحة، في وقت أيدتها كل الدول والمنظمات الفاعلة في السياسة الدولية... كيف تقرؤون هذا الموقف الإسرائيلي الذي هو على كل حال ليس جديداً؟
ج1: طبيعي أن تتخذ حكومة الاحتلال الإسرائيلي خطوة ضد أي خطوة إلى الأمام باتجاه إسقاط الانقسام، لان المستفيد الأكبر من الانقسام الذي دام ثمان سنوات عجاف هي إسرائيل، والخاسر الأكبر هو شعبنا الفلسطيني أولاً، والشعوب العربية ثانياً، لذا من المعلوم مسبقا أن دولة إسرائيل هي ضد كل خطوة باتجاه إنهاء هذا الانقسام، ودائما كانت تضع هذا الانقسام. ودائما كانت تضع هذا، ضغطاً مشروطاً على عباس وزملائه، من اجل ألا يتم الإقدام على أي خطوة بإسقاط الانقسام الآن، لأن الحكومة الأخيرة التي انتهى إليها التوافق، تشكلت بناءً على برنامج وطني موحد. كنا قد وقعنا عليه بالإجماع في الحوار الوطني الشامل الذي انعقد بالقاهرة في 4 ماي 2011، أي بعد ثورة 25 يناير في مصر التي أسقطت نظام الاستبداد والفساد، ووقعنا جميعاً حواتمة، أبو مازن، مشعل والآخرين.. ثلاثة عشر فصيلاً، كما وقع بجانبنا ائتلاف منظمة التحرير الفلسطينية، ممثلاً باللجنة التنفيذية وعدد من الشخصيات المستقلة، ولكن برنامج 4 ماي نص نصاً واضحاً على أن تكون حكومة التوافق الوطني حكومة من شخصيات مستقلة قولاً وعملاً، لأنها ستشرف على حل مشكلات الانقسام بين فتح وحماس، والتي أدت إلى أزمة مدمرة وطاحنة في الصف الفلسطيني، أدت إلى انقسام في الجغرافيا بفصل قطاع غزة عن الضفة الفلسطينية، وانقسام في الديموغرافية بالتركيبة السكانية ووحدة الشعب، ولكن بعد ثلاث سنوات كاملة جاء التنصيص على حكومة التوافق الوطني من شخصيات مستقلة لمعالجة قضايا الانقسام والإشراف على إجراء انتخابات تمثيلية نزيهة، وهذا يتطلب بالضرورة حكومة من شخصيات مستقلة وحيادية، ما تم الآن، نعتبره نحن في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين خطوة أولية باتجاه إنهاء الانقسام، لأنه أدى إلى رحيل حكومتين، حكومة حماس في غزة، وحكومة السلطة الفلسطينية في رام الله... نعم أنهى حكومتين، ونحن أمام حكومة واحدة..

س2: وأنتم في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين. ماذا ترون هل فعلا تتشكل هذه الحكومة من شخصيات مستقلة؟
ج2: أقول بوضوح للرأي العام المغربي والعربي بان هذه الحكومة لا تتشكل فعلياً من شخصيات مستقلة وحيادية، حتى تشرف على إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية للسلطة الفلسطينية، وانتخابات لمؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية التشريعية ممثلة بالمجلس الوطني لمنظمة التحرير، وما ينبثق عنه من مؤسسات تنفيذية، لذا نقول أن هذه الحكومة، هي حكومة توافق بين الفصيلين اللذين زرعا الانقسام في الأراضي المحتلة، فتح وحماس، لأن الكثير من عناصر هذه الحكومة، إما من فتح علناً، ومعروف هذا لدى الرأي العام الفلسطيني، أو من حماس، مثلاً رئيس الحكومة من فتح، ورئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية من فتح، ويوجد هكذا، عناصر معروفة من حماس، والعناصر الأخرى غير المعروفة لدى الرأي العام، إما أنها موالية لهذا الفصيل، أو ذاك، وهذا ينسجم مع مصالح انظمة عربية عملت وموّلت مالياً الانقسام في صراعها على النفوذ داخل الحركة الوطنية الفلسطينية، وبالتالي تفتقد هذه الحكومة لكونها حكومة توافق وطني كما وقعنا واجمعنا عليه في أربعة ماي بالقاهرة، حيث قلنا يجب أن تتشكل بالتشاور بين جميع الفصائل الفلسطينية واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وعدد من الشخصيات المستقلة.. ولكن مع ذلك نعتبرها نحن في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين خطوة أولية مفيدة لأنها أنهت حكومة حماس في غزة، وأنهت حكومة فتح في رام الله، وهذا يفتح الطريق لتصحيح أوضاع لاحقة لهذه الحكومة حتى تكون فعلا ليست حكومة توافق بين فصيلين، بل حكومة توافق وطني من شخصيات مستقلة قولاً وعملاً، وحتى تحل مشكلات الانقسام وتشرف على إجراء انتخابات تمثيلية ديمقراطية بموجب قانون التمثيل النسبي الكامل الذي وقعنا أيضاً عليه بالإجماع ببرنامج 4 ماي 2011.

((المستوطنات وكثافة المستعمرين في الأراضي الفلسطينية تضاعف سبع مرات بين اتفاق اوسلو عام 93 واليوم))

س3: تمر القدس بظروف غير عادية بسبب المستوطنات التي باتت تشكل سرطاناً خطيراً في الجسم الفلسطيني والعربي عموماً.. في رأيكم.. ما المطلوب لإجبار إسرائيل على إيقاف هذا الرياء؟
ج3: قوات الاحتلال هي التي تدير كل العملية التوسعية الإسرائيلية الصهيونية في الأراضي المحتلة، وعلينا أن نرى بوضوح أن بناء هذه المستوطنات وكثافة المعمرين المستعمرين فيها تضاعف سبع مرات بين اتفاق أوسلو عام 93 واليوم، حيث كان مجموع المعمرين المستعمرين في الضفة الفلسطينية والقدس وقطاع غزة 97 ألف، اليوم وبعد 21 سنة من مفاوضات لا تقوم عل الرعاية من دول مجلس الأمن، وخاصةً الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن، ولا تقوم أيضاً على الوقف الكامل للاستيطان، كانت النتيجة، هي أنه يوجد عندنا الآن بالقدس المحتلة وفي الضفة الفلسطينية 750 ألف مستوطن، أي أن هذه المستوطنات تضاعفت سبع مرات خلال 21 سنة من مفاوضات طريق مسدود على الجانب الفلسطيني، لكنه مفتوح للتوسعية الإسرائيلية تحت إدارة وخطط حكومة الاحتلال.

((نعمل من أجل مفاوضات من نوع جديد.. مرجعيتها قرارات الشرعية الدولية وتحت رقابة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة، وشريطة الوقف الكامل للاستيطان))

ولذا، نقول أن هناك مفاوضات تمت بدون شرط وقف الاستيطان، أدت إلى هذه النتيجة الكارثية التي نشهدها اليوم، كذلك مفاوضات الأشهر التسعة الأخيرة بين 30 يوليو 2013 إلى 29 إبريل 2014 تمت على الأسس القديمة أيضاً، ودون وقف الاستيطان، ما سمح لإسرائيل ببناء خلال هذه الأشهر التسعة أكثر من 14 ألف وحدة سكنية للمستعمرين في القدس الشرقية المحتلة عام 67، وفي الضفة الفلسطينية المحتلة كذلك، وهذا يعني أن الاستيطان يتفاقم، يتكاثر مثل السرطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإذا أضفنا سكان هذه الأربعة عشر ألف وحدة سكنية جديدة، سيكون هناك مستعمرون جدد بالقدس والضفة مع نهاية 2014، سيتجاوز عددهم 850 ألف.. حكومة نتنياهو تسعى خلال عامي 2015 و 2016 لإيصال العدد إلى مليون مع مزيد من مصادرة الأراضي لهذه المستوطنات، حتى يصبح غير ممكن بناء دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو 67، عاصمتها القدس الشرقية المحتلة، فضلاً عن قطع الطريق على أي إمكانية لعودة اللاجئين إلى ديارهم وفقاً للقرار الأممي 194، وكذلك الحال، وفقاً لقرار الأمم المتحدة في 29 نوفمبر 2012، حيث قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية مطلقة، وفقط أربع دول عارضت، هي إسرائيل والإدارة الأمريكية وكندا والتشيكيا، اعترفت الجمعية العامة بهذه الأغلبية الواسعة والهائلة بقرار ينص حرفياً على الاعتراف بدولة فلسطين على حدود الرابع من يونيو 67 وعاصمتها القدس الشرقية المحتلة، وحق اللاجئين في العودة وفقاً للقرار الأممي 194، وبذلك أصبحت الأراضي الفلسطينية أراضٍ محتلة، وليست أراضي "متنازع عليها" كما تدعي دولة إسرائيل، وكما تصرفت منذ اتفاق أوسلو عام 93 حتى هذه اللحظة، ولذلك أطلقت غول سرطان الاستيطان في القدس المحتلة وفي الضفة الفلسطينية كما ترى وكما قلت بالأرقام..

((نريد في هذه المرحلة.. قرارات تدعو بلغة واضحة إلى حق تقرير المصير.. إلى دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو عام 67 عاصمتها القدس))

س4: أفهم من هذا أنكم ضد استئناف المفاوضات بصيغة الواحد وعشرين سنة التي خلت؟
ج4: نعم، أقول نحن في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين وبجانبنا قوى وطنية عديدة ضد استئناف المفاوضات بالصيغة التي دامت 21 سنة، بما فيها التسعة أشهر الأخيرة التي ذكرنا، لأنها تركت الباب مفتوحاً لاستعمار الاستيطان، تركت الباب مفتوحاً لمصادرة الأراضي وتحويل الأراضي المحتلة إلى جزر منفصلة عن بعضها البعض، من اجل قطع الطريق على حقوق شعبنا... نريد في هذه المرحلة بموجب قرارات الأمم المتحدة ومن اجل سلام متوازن لحل قضايا الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، قرارات تدعو بلغة واضحة إلى حق تقرير المصير، إلى دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو 67 عاصمتها القدس، عودة اللاجئين، ولذا نقول نحن نعمل من أجل مفاوضات جديدة من نوع جديد مرجعيتها قرارات الشرعية الدولية وتحت رقابة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة، وشريطة أيضاً الوقف الكامل للاستيطان ووضع جداول زمنية لإطلاق سراح أسرانا لان لدينا أكثر من 5 آلاف أسير في السجون الإسرائيلية، وهذا هو الطريق البديل عن مفاوضات طريق مسدود بالنسبة للجانب الفلسطيني، مفتوح للتوسع للجانب الإسرائيلي.. فهذا هو البديل الحقيقي بالنسبة لنا في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين وعدد من القوى الوطنية الذي يؤدي إلى مفاوضات متوازنة، تنتج أيضاً حلاً سياسياً متوازناً... دولة فلسطين على حدود 4 يونيو عاصمتها القدس الشرقية وعودة اللاجئين بجوار دولة إسرائيل هذا هو الحل السياسي المتوازن الذي تقول به قرارات الشرعية الدولية، أما الحل العادل والديمقراطي فيأتي بعد إنجاز هذه المهمات في هذه المرحلة، بعد إنجاز تقرير المصير والدولة المستقلة على حدود 4 يونيو 67 وعاصمتها القدس الشرقية وعودة اللاجئين، عند ذاك سندعو إلى نضال جديد بين الشعب الفلسطيني والإسرائيليين، وإلى عمل جديد بين كل قوى السلام والديمقراطية الحقيقية والعدالة نحو فلسطين ديمقراطية موحدة لكل من يعيش على أرضها التاريخية، أي لكل الفلسطينيين العرب، والإسرائيليين اليهود حتى نجد الحل العادل والشامل والديمقراطي الذي ينهي الأطماع الإسرائيلية التوسعية، وينهي أيضاً النظرات الشوفيية بالأوساط العربية، نحو دولة تكون فيها العدالة والديمقراطية والحريات موحدة على كامل تراب فلسطين التاريخية، التي وقعت تحت هيمنة الكولونيالية البريطانية المتواطئة مع الوكالة اليهودية الصهيونية، من أجل إقامة دولة إسرائيل التي قامت بتاريخ 15 ماي عام 48، وتجاوزت قرار الأمم المتحدة واعتدت عليها، قرار التقسيم لعام 47 الذي أعطى للوكالة اليهودية التي أخذت فيما بعد اسم إسرائيل 55 في المئة من أراضي فلسطين تحت الانتداب البريطاني، معظمها صحراء النقب، حتى تبقى مفتوحة للاستيطان الصهيوني، و45 في المئة للشعب الفلسطيني رغم أن هذا لا ينسجم مع تعداد السكان عام 1947.